الأوروعربية للصحافة

فضيحة الوالي والعمدة

أثار إبرام صفقة كراء 13 سيارة من نوع “Skoda Superb” لفائدة عمدة الرباط أسماء غلالو ونوابها، بمبلغ سنوي ناهز 134 مليون سنتيم سنويا، وهو ما كشفته وثائق الصفقة المسربة، جدلا واسعا بين مكونات مجلس المدينة المثقل بالديون.

وانتقل النقاش إلى مواقع التواصل الإجتماعي، وتحول إلى قضية رأي عام في أوساط العاصمة الرباط، خاصة وأن كلفة الصفقة تثير الكثير من الانتقادات في وقت يشهد فيه المغرب أزمة اقتصادية حادة أثرت بشكل كبير على مستوى عيش المواطنين.

وفي محاولة للتخفيف من تداعيات الغضب الذي أثارته الصفقة في أوساط المطلعين على خبايا الأمور داخل مجلس الرباط، سارع والي المدينة محمد اليعقوبي، عبر تسريبات للصحافة، منسوبة إلى مصادر من الولاية، إلى الكشف أن الولاية في شخص الوالي عارضت شراء سيارات فخمة من نوع “أودي” كانت العمدة تنوي اقتنائها لنفسها ولنوابها.

وفي تعليق لمصدر مطلع، أسر لموقع “لكم” بأن هذا الأمر غير صحيح البتة، وأن الغرض منه هو امتصاص الغضب، وإخلاء الوالي من تحمل مسؤوليته، بما انه اعترض على صفقة أكبر من تلك الحالية التي وافق عليها، والمتعلقة بسيارات “سكودا”.

وطبقا لنفس المصدر، فإن الوالي كان عليه رفض الصفقة برمتها لأنها لا تحترم إجراءات التقشق التي تفرضها الظرفية الحالية الصعبة التي تعيشها البلاد، واعتبر أن الأمر يدخل في سياق تبادل “مصالح” بين الوالي والعمدة التي تسكت على تطاول الوالي على الكثير من صلاحيات المجلس حتى أصبح مجرد قاعة للتسجيل والتصفيق على قرارات الوالي.

موضوع الصفقة

بدأن قضية هذه الصفقة عندما قررت عمدة المدينة أسماء غلالو، المنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار، إبرام صفقة لاكتراء 13 سيارة فاخرة لنوابها يتراوح سعرها ما بين 360 ألف درهم و 500 ألف درهم، بمبلغ ناهز 134 مليون سنتيم سنويا، 670 مليون سنتيم كقيمة إجمالية للصفقة التي تبلغ مدتها خمس سنوات، في تعارض صارخ مع دوريات وزارة الداخلية، التي دعت رؤساء الجماعات إلى ترشيد النفقات واعتماع سياسة التقشف، بسبب تراجع موارد الجماعات.

وفي الوقت الذي برر فيه مسؤولون بالمجلس الجماعي، صفقة الكراء الضخمة “بكلفتها المنخفضة لعدم تولي الجماعة صيانة السيارات وتغيير قطع الغيار وإصلاحها في حالة أي حادث أو تهالك للسيارة وإخلاء لمسؤولية الجماعة من التكاليف المتعلقة بالحوادث في حال وقوعها”، نفى مسؤول جماعي سابق كان يشغل منصب نائب العمدة السابق، محمد صديقي، في تصريح لـ”لكم“، أن يكون مبرر تخفيض كلفة الصيانة هو سبب إبرام الصفقة، مؤكدا أنه خلال الولاية السابقة تم تخفيض كلفة صيانة أسطول سيارات الجماعة بأكثر من 50 في المائة، حيث انتقل من 18 مليون إلى 7 ملايين درهم.

وشدد المسؤول السابق، على أن إدعاء تخفيض كلفة الصيانة (تأمين، محروقات، زيوت التشحيم، العجلات) غير صحيح، ولا أساس له من الصحة، مشيرا إلى أن الولاية السابقة، تركت وراءها أسطول سيارات، جزء منه متهالك ولكن لا يبرر بأي شكل من الأشكال لجوء العمدة لاكتراء السيارات بأكثر من 670 مليون سنتيم، لتوفير تنقل نواب جماعة جهزتها الولاية السابقة بمحطات شحن كهربائية لشحن السيارات الكهربائية التي كان من المقرر اقتناءها.

وكشف المصدر ذاته، أن الولاية السابقة التي كان يرأسها العمدة السابق محمد صديقي، كانت تمكنت من تخفيض كلفة الصيانة من 18 إلى 7ملايين درهم، وأبرمت اتفاقية مع الوكالة الوطنية للنجاعة الطاقية من أجل اقتناء دراجات وسيارات كهربائية، بالإضافة إلى وضعها محطات كهربائية لشحن السيارات.

وأكد المتحدث، على أن السيارات 14 التي تركها المجلس السابق، والتي يقول المجلس الحالي إنها غير صالحة، ماتزال صالحة وهي التي يتنقل بها نواب غلالو حاليا.

ومن جهته، أكد عمر الحياني مستشار حزب “فدرالية اليسار الديمقراطي” بمجلس جماعة الرباط، أن رئيسة الجماعة أسماء غلالو و نوابها ورؤساء اللجان، أجلوا استلام السيارات إلى حين مرور العاصفة التي خلفها تسريب صفقة اكتراء السيارات بهذا المبلغ الضخم.

تجاهل دوريات الداخلية

وكشف الحياني، في تصريح لـ”لكم“، أن الصفقة المبرمة خصت في بداية الأمر 13سيارات من نوع “بوجو 508” قبل أن تعوض بسيارات “سكودا سيبير ب” بعد توقف بيع الأولى بالمغرب.

وأشار المستشار الجماعي، إلى أن المجلس تجاهل كل دوريات وزارة الداخلية التي دعت رؤساء الجماعات للتقسف وترشيد النفقات، خاصة في ظل تراجع موارد الجماعات بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية، مبرزا أن مصاريف كراء السيارات لوحدها المبرمجة في ميزانية العام 2023 تجاوزت 1،5 مليون درهم.

وسجل الحياني، بذخ وتبذير رئاسة الجماعة للموارد في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، موضحا أن المجلس قام بالرفع من  بند مصاريف تنقل الرئيسة والمستشارين بالخارج أربعة أضعاف، وثلاثة أضعاف بالنسبة لبند مصاريف المهمة بالخارج للرئيسة والمستشارين، وبخمسة أضعاف في بند مصاريف الإقامة والاطعام والاستقبال، في ميزانية العام 2023 مقارنة مع الذي سبقه.

كما جدد المتحدث، استغرابه تأشير سلطة الرقابة ممثلة في عمالة الرباط، على ميزانية 2023 للجماعة، رغم الخروقات القانونية التي تشوبها، ومخالفتها لتوجيهات مذكرة وزير الداخلية، مشددا على أن الميزانية المؤشر عليها من طرف سلطة الرقابة، تتضمن خرقا قانونيا خطيرا يتمثل في تحميل المقاطعات الخمس، عوض جماعة الرباط، لمصاريف الماء والكهرباء خلافا لما تنص عليه المادة 181 من القانون 113.14.

يشار إلى أنه سبق للمعارضة بمجلس مدينة الرباط، أن راسلت والي جهة الرباط سلا القنيطرة بصفته عامل عمالة الرباط، محمد يعقوبي، مطالبة إياه بعدم التأشير على ميزانية جماعة الرباط لسنة 2023 لتضمنها العديد من المبالغ الضخمة التي تتناقض ودورية وزير الداخلية، وهو ما لم تتم مراعاته، حيث تم التأشير على ميزانية الجماعة، ما حرم المقاطعات من أكثر من 60% من ميزانياتها، مما يساهم في إضعاف دورها في المساهمة في خدمات القرب التي يخولها لها القانون، حسب بلاغ سابق لمستشاري فيدرالية اليسار الديموقراطي بمجلس مدينة الرباط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.