في سعيه لأن يصبح مركزا عسكريا لصيانة الطائرات بالنسبة للدول الإفريقية المجاورة، أبرم المغرب شراكة استراتيجية مع شركتي “سابكا” و”سابينا ايروسبيس” البلجيكيتين، إلى جانب العملاق الأمريكي ” لوكهيد مارتن”، من أجل صيانة وتطوير طائرات “إف-16″ و”سي-130 هيركوليز”.
ويسفر هذا الاتفاق، الموقع في 14 أبريل 2022، إلى تشييد “مانتوننس إيرو ماروك” وهي منأشة لصيانة الطائرات في مطار بن سليمان العسكري، من أجل “تلبية متطلبات الاستدامة لسلاح الجو الملكي المغربي، وتوفير مناصب شغل للتكنولوجيا عالية الدقة والكفاءات التقنية داخل البلد” وفقا لبلاغ صحفي صادر عن “سابكا”، أشار كذلك إلى أن “الأنشطة الأولى لصيانة طائرات سي-130، سوف تبدأ قبل نهاية العام على مساحة تقدر بحوالي 15 قدم مربع، ما يعادل تقريبا 1994 متر مربع”.
كما ستضمن الشراكة “حصول المملكة المغربية على أفضل منشأة صناعية ممكنة، علاوة على المعدات والتدريب، وشهادة اعتماد لدعم متطلبات الاستدامة لسلاح الجو الملكي المغربي والعملاء الدوليين الآخرين” حسب ما صرحت به دانيا ترينت، نائبة رئيس برامج إف-16، في بيان صحفي لشركة “لوكهيد مارتن”.
ومن جهته أكد الخبير العسكري عبد الحميد حريفي، في تصريح لموقه “بريكينغ ديفينس” ، أن “القوات الجوية الملكية المغربية تنتظر تسليم طائرات جديدة، ضمنها إف-16 بلوك 72، التي تدخل الخدمة في أواخر 2025 و2027″، وأضاف موضحا: “هنا تكمن أهمية المنشاة، لأنها سوف تمكن المغرب من تطوير أسطوله الحالي المتشكل من طائرات إف-16 إلى مستوى إف-16 فيبر بلوك 72 الأكثر تطورا”.
فعليا بدأت القوات الجوية المغربية في تشغيل 23 طائرة مقاتلة من طراز “إف-16″، والتي يتوقع الخبير العسكري حريفي ترقيتها إلى “بلوك 72” داخل المنشاة، حيث يتم تعزيزها بأسطول من مقاتلات إف5، التي تمت ترقيتها محليا، وتستخدم خصيصا لعمليات الدعم الناري للقوات البرية، هذا بالإضافة إلى طائرات “ميراج إف-1″ و”ألفا-جيت” التي يجري صيانتها داخل القاعدة العسكرية بمكناس. وعلاوة على ذلك، يُشغل المغرب أسطولا مكونا من 17 طائرة من طراز سي-130 إتش.
وقال حريفي إن “المغرب يتطلع إلى صيانة طائرات إف-16 و سي-13 هيركوليز، ليس فقط لقواته الجوية، ولكن أيضا لأجل البلدان الإفريقية المجاورة التي تشغل هذه الطائرات”.
تمتلك تونس أسطولا مكونا من ست طائرات “سي-130 بي/إتش هيركوليز” واثنان “سي-130 جي-30 سوبر هيركوليز”، بالإضافة إلى ذلك فهي تنتظر استيلام طائرتين من طراز سي-130 إتش من الولايات المتحدة بعدما طلبتهما عام 2019. أما بلدان مثل ليبيا والنيجر وتشاد ومصر فهي تقوم بتشغيل مقاتلات “سي-130 اتش”، كما وافقت إدارة بايدن على توريد 12 طائرة من طراز “سي-130 جي هيركوليز” إلى مصر، التي تمتلك رابع أكبر أسطول “إف-16” في العالم بقوام 220 طائرة، مما يجعل هذا البلد هدفا واضحا للأعمال التجارية المتحملة للمنشاة.
في عام 2020 ، أصدر المغرب القانون 10.20 الذي يحدد الإطار العام لإنتاج الأنظمة العسكرية المحلية. ووفقا للقانون، يُسمح في المملكة بثلاث فئات من الإنتاج العسكري: الأسلحة والذخائر الدفاعية، بما في ذلك أنظمة المعلومات ذات الصلة ومعدات الاتصال والمراقبة، بالإضافة إلى المعدات الأمنية العسكرية وأنظمة الصيد والقنص.
يوضح حريفي قائلا: “تماشيا مع هذا القانون، يعمل المغرب على تعزيز توطين الإنتاج الحربي، وتعتبر المنشأة الجديدة هي إحدى هذه الخطوات” وأضاف أن المملكة “تطمح إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التصنيع العسكري وأن تكون منصة إقليمية للصناعة العسكرية للسوق المحلي وكذلك للتصدير إلى الدول الأفريقية المجاورة”.
تعمل المملكة أيضا على برنامج تحديث أوسع يشمل 36 طائرة هليكوبتر “أباتشي أي اتش-64إي”، التي من المتوقع أن يتم استلامها بحلول عام 2025، فضلا عن 22 هيلكوبتر تركية الصنع من طراز “تي-129 أطاك” لكن موعد وضولها غير معلوم.
لن تكون عمليات الصيانة وفقا للاتفاقية الجديدة هي أولى أنشطة الصيانة والإصلاح والصيانة التي تتم في المملكة، حسب الخبير العسكري المغربي، فقد تمت صيانة المقاتلات الاعتراضية الفرنسية “ميراج إف1” محليا في أطار شراكة بين القوات الجوية المغربية و”سابينا آيروسبيس”، كما تم تطوير طائرة إف-5 محليا في بداية عام 2022 بالشراكة مع إسرائيل.
لدى المغرب مخاوف أمنية عديدة، بما في ذلك الجزائر التي تمتلك أساطيل جوية متطورة، والتي تتهمها المملكة بتسليح جبهة “البوليساريو” الانفصالية. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال التوترات قائمة مع إسبانيا بشأن سبتة ومليلية، وهما جيبان إسبانيان يعتبرهما المغرب مدنا محتلة.
وأكد حريفي أن المغرب مهتم بتعزيز سلاح الجو الملكي بالتكنلوجيا حتى يكون مستقلا وقادرا على صيانة أساطيله في المواقف الحرجة، واختتم حديثه بالقول: “يُلاحظ أن صيانة طائرات التموين والطائرات المقاتلة وترقيتها إلى المستوى الثالث والرابع تتم محليا في المغرب، على عكس ما لانجده في 80 إلى 90 بالمائة من البلدان العربية”.
ـ المصدر: موقع “بريكينغ ديفونس”