المدير برهون حسن 00212661078323
قال محمد الشرقاوي، أستاذ تسوية النزاعات الدولية في جامعة ميسن بواشنطن، إن الدول العربية تعيش سكيزوفرينيا في علاقتها بالديمقراطية والحداثة، إذ تتوفر على مؤسسات تمثيلية، مثل البرلمانات والأحزاب، لكنها لم تتقدم في بناء أنظمة ديمقراطية حقيقية.
واعتبر الشرقاوي، في لقاء نظمته مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة، مساء الأحد، أن الدول العربية لم تتعثر فقط في مسار الديمقراطية والحداثة، بل “عادت إلى جاهلية سياسية بعد 2011”.
وأردف العضو السابق في لجنة الخبراء بالأمم المتحدة، أنه لا يتوقع أن تُرسى أسس أنظمة ديمقراطية في المنطقة خلال الأمد القريب، رغم الانتفاضات الشعبية التي شهدتها خلال السنوات الأخيرة، “لأن الديمقراطية تتطلب عقودا وعقودا، وهذه حتمية كل الانتفاضات والحركات التاريخية”.
وأضاف: “ينبغي أن نصبر لبضعة عقود عربية، حتى تكتمل عملية علاقة جدلية المؤسسات، وتضيق الهوة بين مراكز القوة والسلطة وبين الشعوب”، منتقدا غياب المثقفين عن الصف الأمامي للانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة، وهو ما يُعدّ، بحسبه، أحد العوامل التي أعاقت بلوغ أهدافها، لأن نجاح أي حركة تاريخية يقتضي أن تكون النخبة المثقفة في القيادة.
وتوقف الشرقاوي عند موقف محمد عابد الجابري من العلمانية، مبرزا أن المفكر المغربي الراحل كان يحترس من العلمانية الأوروبية، وكان يقول إنه لا يمكن تطبيق العلمانية بصيغتها الصارمة التي تقضي بالفصل بين الدولة والدين، في المجتمعات العربية والإسلامية، واستبعاد كل ما هو ديني عن الحياة السياسية.
ويرى الشرقاوي أن العلمانية الغربية لم تفْصل الدين عن السياسة بشكل مطلق، بل نظّمت العلاقة بين الكنيسة والدولة، مضيفا: “في الولايات المتحدة الأمريكية، لا تزال خُطب السياسيين تُختم بعبارة: “حفظ الله أمريكا”، وهذا يعني أنه ليس هناك فصْل مطلق، بل تنظيم للعلاقة بين المجالين الديني والسياسي”.
من جهة ثانية، قال الشرقاوي إن محمد عابد الجابري كان يحاول إرساء الكتلة التاريخية كمشروع يتجاوز الحدود الإيديولوجية، بما يفضي إلى رصّ الصفوف بين الدول العربية، وكان يأمل أن ينهض المثقفون بالوحدة الفكرية في رسم هذه الاستراتيجية المنشودة.
وأضاف أن الكتلة التاريخية التي دعا إليها الجابري أصبحت تفرض نفسها، اليوم، بمفهومها الإنساني غير المسيس، على اعتبار أنها هي التي ستعيد الاعتبار للثقافة والمثقفين، والجسرَ الذي سيقرب العلاقة بين رجل السياسة ورجل الفكر، مبرزا أن الواقع الراهن بحاجة إلى الكتلة التاريخية، وأن تكون النخبة في الواجهة، لبلورة أجوبة عن أسئلة المرحلة، للخروج مما سماه بـ”الكهف الكوروني”.
وتعليقا على الانتقادات التي طالت فكر محمد عابد الجابري، قال الشرقاوي إن منتقدي المفكر المغربي الراحل ربما كانت ستكون لهم وجهة نظر أخرى لو أنه أصدر كتبه باللغة الإنجليزية، مضيفا: “الجابري هو مفكر كبقية المفكرين الكبار، وفكره هو جزء من الفكر العالمي”.