جريدة بريس ميديا الأوروعربية للصحافة PRESS Medias Euro Arabe
المدير برهون حسن 00212661078323

دراسة

اسثمارة علم النفس الاعلامي (google.com)

https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLScDNa2f-UodNNqSi-glrfupx1jI9ncaYf213V1_tpBhNQFCOA/viewform

 

الفصل الاول  الضغوط النفسية

Psychological Stresses

شاع استعمال مفهوم الضغط (Stress) في مطلع القرن السابع عشر الذي يعني الضغط أو الإجهاد وكما هو معروف أن هذا اللفظ اشتق من الكلمه اللاتينية(Stringege ) التي تعني الضيق أو الشدة ، والبعض الأخر يشير الى أن اشتقاق  هذا اللفظ من الكلمه الفرنسية  ( Destese) والتي تعني الشعور بالاختناق.

وقد أوضح (Murray,Kluckhain)  أن الضغوط تمثل المحددات الموثرة أو الجوهرية للسلوك في البيئه وإنها صفة أو خاصية لموضوع  بيئي أو شخصي تسير أو تعوق جهود الفرد للوصول الى هدف معين وأنها ترتبط بالأشخاص أو الموضوعات التي لها دلالات مباشرة وتتعلق لمحاولات الفرد لإشباع متطلبات حاجته فضغط الموضوع هو القوه التي تتوافر لدى الموضوع وتؤتر في رفاهية الشخص بطريقة أو بأخرى.

ويرى ميكراف (Mc- G raph ) الضغوط بأنها أدراك الفرد لعدم قدراته على أحداث استجابة مناسبة لمطلب أو مهام ويصاحب هذا الإدراك انفعالات سلبية كالغضب ، والقلق، والاكتئاب وتغيرات فسيولوجية كـرد فعل تنبيهي للضـغوط والتي  يتعرض لهـا  الفـرد .

وقد استعمل مصطلح الضغوط في اغلب العلوم فمثلاً استعمل في العلوم الهندسية              والفيزياء والطب ، وكان يقصد به القوة الخارجية الموجهه نحو عنصر مادي ، وينتج عن هذه القوة تعديل مؤقت أو دائمي على تركيب العنصر ، وقد تبنى هذا الاصطلاح الهندسي الباحثون الفسيولوجيون  فأصبح من اصطلاحاتهم المألوفة للتعبير عن العوامل الخارجية التي تؤثر على صحة الفرد ، وقد تم التركيز على التغيرات الفسيولوجية  الهرمونية وما تسببه من أمراض جسدية نتيجة لاستجابة الفرد للمواقف الضاغطة وإهمال دوره في تفاعله النفسي معه.

وكانت نهاية البحث في مفهوم الضغط النفسي فسيولوجية  بحته الإ أن المفهوم تطور بعد أن ساهم العديد من المهتمين في تعميق دراستهم من جوانب متعدده ، فأصبح الفرد في أبعاده النفسية هو المتفاعل الأساسي مع الضغط النفسي ، ومحصلات الضغط النفسي تتحدد بشخصية الفرد وأسلوبه في تفاعل متبادل.

أما الضغوط (Stress) في علم النفس فيشير هذا المصطلح الى المواقف التي يكون فيها الفرد واقفاً تحت تأثير أجهاد انفعالي أو جسمي فإذا استمرت هذه الضغوط يشعر الفرد بالنفور وعدم التقليل ، وقد تؤدي الى اضطرابات نفسية وجسمية أو ما يطلق عليها بالاضطرابات السايكوسماتية  (Psychosomats ) .

وتعد مرحلة المراهقة من أكثر المراحل العمرية التي تشهد تغيرات نفسية وانفعالية وعقلية لذا فأن هذا التغير يؤدي الى الضغط النفسي.

وبذلك فأن الضغوط النفسية مصطلح يشير الى عدم  التوافق  مع البيئه والذات ، ومحاولة التقليل من عدم التوافق لتجنب التوتر الانفعالي المرافق من اجل المحافظة على الإحساس بالذات.

أن الضغوط النفسية تشير الى تغيرات داخلية أو خارجية من شأنها تؤدي الى استجابه فعاليه حادة ومستمرة   وتمثل الأحداث الخارجية من ظروف عمل أو التلوث البيئي أو السفر أو الإحداث الطارئة مثل مشكلات الطلاق أو وفاة احد أفراد العائلة فهذه الضغوط البيئية من الضغوط المهمة التي تحتل في الآونة الأخيرة مكانها البارز في اعلى قائمه من مسببات الأمراض بشقيها العضوي والنفسي من الإحصائيات الامريكيه تؤكد أن حوالي 80% من الإفراد الذين يعانون من أمراض النفسية سببتها الضغوط التي تؤثر بشكل سلبي على حياتهم، إما الإحداث الداخلية النفسية  أو التغيرات العضوية  فتتمثل  الإصابة بالمرض أو الأرق أو تغيرات هرمونية زيادة أو نقصان عن المعدل الطبيعي.

لذا تعد الضغوط النفسية  حالة يتعرض لها الناس جميعاً لكنها تختلف من شخص  الى أخر ولكنهم لا يتعرضون لها الجميع بالنسبة لمخاطرها بالدرجة نفسها لان تأثير الضغط يختلف من فرد الى أخر ، ولاختلاف الناس في طريقة إدراكهم  لتلك الضغوط .

وبما أن مصادر الضغوط النفسي متنوعة و متعدده فأن الأساليب والطرق التي يلجأ إليها الإفراد للتكيف مع هذه الضغوط والتعامل معها تختلف بأختلاف مصدر الضغط النفسي وطبيعة الفرد وسماته الشخصية فهناك أفراد يميلون الى الانسحاب والانطواء والعزله  في حين أن البعض الأخر يميل الى الثورة والتمرد ولتفريغ ما يعانوه من ضغوط لذلك  فنجد  الكثير من المراهقين يميلون الى إعلان سخطهم على ما يتعرضون لهُ من أوامر ومطالب فيلجأوون الى ممارسة سلوكيات سلبيه تؤدي الى التعب الشديد وبالتالي تدهور الحالة الصحية ويتمثل سلوك المراهقين بالثوره والعدوان والتمرد على الآخرين.

 

  • العوامل المؤثرة في شدة الضغوط النفسية :-
  1. 1. الجنس :- تعتمد مسألة تعرض الجنسين من الذكور والإناث الى ضغوط الحياة على الكيفية التي يدرك كل منهما المنبهات البيئية الدالة عليها ووفقاً لطبيعة التباين في الخصائص الشخصية ، ونوع المهنة والحالة الاجتماعية والمعاشية ، التي يمكن أن تشكل عينه على كلا الجنسين من الذكور والإناث أو احدهما .
  2. مستوى تعليم الفرد :- من المتغيرات التي تؤثر في درجة إحساس الفرد بالضغوط النفسية مستوى تعليمهم . حيث أن أصحاب المؤهلات العلمية العالي أكثر تعرضاً للإحساس بالضغوط من ذوي المؤهلات العلمية الأقل.
  3. عمر الفرد:- تبين أن عمر الفرد يؤثر في مدى إحساسه فالمراهقون أكثر تأثراً بمصادر الضغط عن الراشدين ، واقل تقويماً بأحداث الحياة وتصدياً لضغوطها.
  4. الفروق الفردية :- لكل فرد سمات فردية تميزة عن الآخرين وتؤثر في نظرته وطريقة استجابته للضغط كما تؤثر الفروق الفردية في الحاجات والقيم والقدرات في مستوى إدراك الفرد للمواقف المثيرة للضغط .
  5. مستوى الطموح :- أن طموحات الفرد من العوامل التي لها تأثير في شدة الضغوط النفسية فكلما زاد مستوى طموح الفرد  في أحداث تغيرات اجتماعية في الحياة كلما كان أكثر عرضة للضغط.

 

  • أنواع الضغوط النفسية :-

تعتبر كافة الضغوط النفسية من الظواهر الإنسانية المعقده ،التي تتجلى في كافة المجالات البيولوجية والنفسية الاجتماعية والاقتصادية والمهنية حيث أنها تكون متجسده في الوسط الذي يعشون فيه وهي :

اولاً :- ضغوط البيئه الطبيعية :-وما تحتويه من ضغوط الغلاف الجوي ودرجات الحرارة ، الكوارث الكونيه ، ضيق السكن وضعف الاضاءه والتهوية والتبريد .

ثانياً :-ضغوط البيئه الاجتماعية :- وما تحتويه من ضغوط الشقاقات الأسرية ، والتفاوت الحضاري ، وكثرة الأبناء والإقران ، وصراع الأجيال ، واختلاف الاتجاهات والميول ، وقلة نصيب الفرد من الرفاهية الاجتماعية

ثالثاً :-الضغوط الاقتصادية :- حيث توجد ضغوط البطاله وانخفاض الإنتاج ، وعدم عدالة  توزيع الناتج القومي ، والتفاوت الطبقي ، كذلك تأثير الحرمان والعوز المادي وقلة فرص العمل مما يزيد في حدة الضغوط

رابعاً :- الضغوط المهنية :- الشعور بالتوتر والإجهاد ويكون منشؤها مهنة الفرد ، وما يقوم به من عمل مثل عدم التعامل مع الآخرين في البيئة المهنية ، الشقاق مع الزملاء ، وعدم الرضا عن المركز الوظيفي والمرتب والتميز غير المبرر

خامساً:-الضغوط المدرسية :- وتتمثل بالصعوبات التي تواجه الطالب في مختلف المراحل الدراسية مثل ضغط المناهج والامتحانات والعقوبات والقواعد المدرسية وضغط الزملاء وازدحام الفصول الأخرى

سادساً:- الضغوط النفسية : Psychological Stressors.

ومنها ما يكون أسبابها إدمان الفرد على المخدرات أو إصابته بجروح، أو حادث ،أو تعرض الفرد إلى بتر أحد الأطراف أو تشوه مظهر الفرد الخارجي، أو التعرض لبعض الأمراض والالتهابات ،أو التعب الجسدي.

سابعاً :-الضغوط العاطفية : – وهي من الأنواع السائدة وأكثرها أهمية في تأثيرها على البشر ، والبعض يطلق عليها اسم الضغوط النفسية والاجتماعية (Psychosocial) كما أكدت الدراسات أن الفشل في العلاقات العاطفية والتعرض للهجر والفشل في تحقيق الآمال قد يؤدي الى ضغوط شديدة على الفرد ، وأن المتزوجين أكثر عرضه للضغوط بسبب كثرة الأعباء الملقاة على عاهلهم.

  • مسببات الضغوط النفسية :-

اولاً :- مسببات الضغوط الداخلية :-

الأعضاء الحيوية :-  فقد ترجع تلك المسببات الى طبيعة الجينات الوراثية عند بعض الأفراد مثل هذه الأمراض تؤدي الى اختلال التوازن ، واستنفاذ الطاقة والقوة وتزيد أيضا من صعوبة العمل على المستوى المرغوب به ، فعندما نكون مرضى تحاول أجسامنا أن تستعيد توازنها ويحدث المرض بسبب ضرر أو أذى بالجسم، فلا تبقى لها ما يكفي من الطاقة لأداء مهام ملقاة عليها .

ثانياً :- مسببات الضغوط الخارجية :-

  • علاقات زوجية
  • التربية والأطفال
  • حالات الوفاة
  • حالات الطلاق
  • ضغوط الدراسة
  • مشكلات قانونية

 

ثالثاً : – مسببات خارجية بيئية  وتقسم الى:-

– الضوضاء الشديدة

– درجة الحرارة

-الازدحام

– نقص الاضاءه والإفراط فيها

رابعاً : – مسببات خارجية وظيفية  وتقسم الى :-

– أعباء العمل الأكبر من المعتاد

–   تغيير واجبات وظيفية

–   نقص الدعم من المدير

– تغير المهنة ونقص التدريب والمعلومات

– نقص الراتب والخيارات المهنية الأخرى .

 

  • مصادر الضغط النفسي :-

لا تخلو حياة الإنسان من صعوبات مادية ومعنوية خفيفه وعنيفه تعوق  سير دوافعه نحو أهدافها فعجز الإنسان عن اجتياز العقبة بطريقة سريعة مرضية فالطريق الطبيعي لأزالتها أو التغلب عليها هو أن يضاعف مجهوده وان يكرر محاولاته لإزالتها من طريقه، كأن يحاول الالتفاف حول العقبة أو استبدال الهدف المعوق بأخر أو تأجيل أرضاء الدافع .

أن مصادر الضغط  النفسي المصاحبة لبعض الأعراض لدى المراهقين أهم واشمل من أحداث الحياة الهامة لديهم.

وبالتالي فأن الأزمات تنشأ من إحباط وصول الدافع أو أكثر من  الدوافع القوية وهذا إحباط ينشأ من عقبات مادية أو اجتماعية أو شخصية نتيجة للصراع بين الدوافع ، ولقد ظهرت العديد من الدراسات قد أوضحت أن المصادر الضاغطة اليومية المصاحبة لبعض الإعراض لدى المراهقين أهم واشمل من أحداث الحياة الهامة لديهم .

ويشير كوبر وآخرون ( Cooper) الى وجود سبعة مصادر رئيسة للضغوط ستة منها خارجية ومصدر واحد فقط داخلي :-

اولاً .العوامل الخارجية  وتتضمن :-

  • ضغوط تأتي من العمل
  • ضغوط تأتي من تنظيمات الدور
  • ضغوط تأتي من التنظيمات البيئية
  • العلاقات الداخلية للتنظيمات البيئية
  • ضغوط تنشأ من المصدر والتنظيمات العليا

أما المصدر الداخلي هي الضغوط التي تنشأ من المكونات الشخصية للفرد.

وقد أشار ( هول وليندزي ) الى أن مصادر الضغوط تتمثل في نقص التأثير الأسري أو الضياع الأسري ، والإخطار والكوارث ،والنبذ وعدم الاهتمام،  والتنافس أو العدوان والسيطرة والقسر والمنع ، والخداع ، وضعف تقدير الذات.

كما تؤكد ماركريت لويد (  Loyed Margaret ) أن هناك الكثير من المواقف والإحداث التي تحدث في الحياة اليومية وتكون بمثابة مصادر ضغط على الإنسان مثل الامتحانات والمشاجرات والأزمات المالية وغيرها من المواقف الضاغطة التي يدركها الفرد ويشعر بتهديدها له وقد تؤدي الى حدوث استجابات نفسية أو جسمية أو سلوكية وظهور نتائج سلبية أو ايجابية لدى الفرد بناء على التعرض لهذه المصادر الضاغطة.

أما كينان(Kenan) فقد قسم الضغوط على النحو الأتي :-

  1. الضغوط النفسية الايجابية: وهي الضغوط التي يسعى أليها الفرد للبحث عن النواحي الجيدة والمفيدة التي تكون بمثابة الدافع أو الحائز نحو العمل والانجاز فالضغط النفسي الايجابي لا يعتبر سيئاً خصوصاً أذا تعاملنا معه بطريقة ايجابية ، أن الضغط النفسي الايجابي يساعد على رفع ألقدره الإنتاجية والإبداعية ، الحيوية ، التفاؤل ، النظرة الايجابية للأمور ، مقاومة الأمراض ، التحمل ، اليقظة الفكرية ، العلاقات الشخصية الجيدة.
  2. الضغوط السلبية: وهي عبارة عن الإحداث التي تؤدي بدورها الى الشعور بالتعاسة والإحباط وعدم السرور ، إي عدم الاتزان النفسي.
  3. أن كلاً من الضغوط النفسية الايجابية منها أو السلبية تشعر الفرد بالتوتر ، ولكن مع اختلاف تأثير الموقف على الفرد  بحيث يتوقف ذلك على أسلوب الفرد في تعامله مع المواقف والإحداث المسببة للضغط النفسي ومدى إدراكه و تقييمه للضغط على انه حسن أو سيء ومزعج.

 

الآثار التي تترتب على الضغوط النفسية:-

تشير الدراسات النفسية والطبية المختلفة ، الى أن للضغوط النفسية أثارا فسيولوجية وأخرى نفسية يمكن توضيحها فيما يأتي :

1.الآثار الفسيولوجية.

وتتمثل الآثار الفسيولوجية المرتبطة بالضغوط في اضطرابات الجهاز الهضمي ، والإسهال ، والإمساك المزمن ، واضطرابات الجهاز التنفسي ، وارتفاع ضغط الدم ، والصداع ، وانتشار الأمراض الجلدية، وتضخم الغدة الدرقية ، والبول السكري  والتشنج العضلي ، والتهاب المفاصل الروماتيزمي ، واضطرابات الغذاء كفقدان الشهية ، أو الشره والبدانة والميل للتقيؤ والغثيان ، والنوبات القلبية ، وقرحة المعدة  وارتفاع نسبة الكولسترول .

  1. الآثار النفسية.

تكاد تجمع نتائج البحوث النفسية على أن للضغوط أثارا نفسية تتمثل في اضطراب أدراك الفرد، وعدم وضوح مفهوم الذات لديه، كما أن ذاكرته تضعف وتصاب بالتشتت ، ويصبح أكثر قابلية للمرض النفسي والعقلي والجسمي ، كما أن تكرار الضغوط الشديدة يؤدي بالفرد الى الغضب والخوف والحزن والشعور بالاكتئاب، وكذلك الشعور بالخجل والغيرة.

فالضغوط النفسية يمكن أن تؤدي الى اضطراب النمو ، وعدم الثقة في النفس وتزيد من تشتت الانتباه. وبشكل عام ترتبط الضغوط باضطراب الأداء وضعفه وتشوش السمع  والحركات الزائدة ، وكراهية الذات ، وضعف ألانا ، وتصدع الهوية ، والميل للاغتراب وكثرة الشكوى من المرض ، والرغبة في النعاس .

 

النظريات التي تناولت مفهوم الضغوط النفسية :-

اولاً: النظريات البايولوجية :-

  • نظرية والتر كانون . (1926 Walter Cannon)

نظرية المواجهة أو الهروب(Fight or Flight Thieory):-

وترجع هذه النظرية للعالم الفسيولوجي والتر كانون الذي حاول تفسير الاستجابات الفسيولوجية للضغوط في دراسة عن كيفية استجابة كل من الإنسان والحيوان اتجاه التهديد الخارجي والمواقف الضاغطة لقد وجد أن هناك عدداً من الأنشطة المتتابعة التي تستثير الغدد الكظرية والجهاز العصبي السمبثاوي وزيادة كمية الأدرينالين في الدم ويؤدي الى سرعة التنفس وزيادة حامضية الدم واندفاعه كالأنسجة العضلية وتحرير الدهون المخزونة التي تهيئ الجسم لمواجهة الخطر أو الهروب منه.وحدوث تغيرات فسيولوجية مثل اضطرابات المعدة وزيادة نبضات القلب واضطراب في الكلام .

ويعد كانون أول من استخدم مصطلح الضغوط النفسية ، إذ وصف البشر والحيوانات بأنهم واقعون تحت  تأثير الضغوط وذلك من خلال ربط الضغوط بتجاربه المختبرية في الهروب ورد فعل الهرب وذلك من خلال من ملاحظة رد فعل الغدة الكظرية والجهاز العصبي السمبثاوي في مواقف البرد أو الحاجة الى الأوكسجين .

وقد أطلق عليها أيضا اسم الاستجابة الطارئة حيث يرى أن تلك الاستجابة تجعل الكائن الحي أما أن يواجه الموقف الضاغط ويتصدى له وإما أن يتجنب هذا الموقف                               ويهرب منه .

ويشير كانون الى أن الكائن الحي يستطيع مقاومة الضغوط عندما يتعرض لها بمستوى منخفض ،إلا أن الضغوط الشديدة أو الطويلة الأمد يمكن أن تسبب انهيار الأنظمة البايولوجية التي يستخدمها الكائن الحي في مواجهة تلك الضغوط وبذلك وصف كانون الأسلوب الذي يتم من خلاله محافظة أجهزة الجسم المختلفة للكائن الحي بطريقة آلية على وسط متوازن الى حد بعيد ولأجل البقاء في حالة توازن(Equillibrium)

  • نظرية هانز سيلي (Hans Selye ,1956):-  (متلازمة التكيف العام)

(Syndrom theroy/ GAS  General adaphtation)

تعد نظرية سيلي إحدى النظريات البايلوجية التي اعتمدت على ردود الأفعال البايلوجية والفسيولوجية في تفسيرها ، ويعتبر سيلي الرائد الأول الذي قدم مفهوم الضغوط الى الحياة العملية ووضع أنموذجاً للضغوط النفسية وعلاقتها بالأمراض إذ يرى أن المرض تعبير عن الإحداث النفسية والاجتماعية ، قد أشار أن للضغوط دوراً مهماً في إحداث  معدل عال من الإنهاك والانفعال الذي يصيب الجسم فحدوث أي إصابة جسمية أو انفعالية غير سارة أو الإصابة بالتعب والألم لها علاقة بتلك الضغوط.

ويؤكد سيلي أن الضغوط من العوامل المهمة التي تؤثر في الصحة لأنها تضعف وظائف الإنسان , إذ أن التغيرات الجسمية والانفعالية غير السارة التي تنتج عن الضغط تؤدي الى مجموعة من الإعراض أطلق عليها  إعراض التكيف العــام.

وقد تبين أن التعرض المستمر الى الضغط النفسي يؤدي الى حدوث اضطرابات في إنحاء الجسم المختلفة  مما يؤدي الى ظهور هذه الإعراض التي أطلق عليها اسم زملة أعراض التكيف العام وهذه الزمله تحدث من خلال المراحل وهي :-

-مرحلة الاستجابة الانذارية.( Alarm Stage )  :- وفي هذه المرحلة الأولى  يظهر على الجسم تغيرات واستجابات تتميز بها درجة  التعرض المبدئي للضاغط ونتيجة لهذه التغيرات تقل مقاومة الجسم خصوصاً إذا كان الضغط النفسي شديداً  في هذه المرحلة  يؤدي بالفرد الى الموت.

– مرحلة المقاومة :- ( Resistance Stage ).

فتحدث نتيجة للتعرض المستمر للحدث الضاغط وتختفي الاشارات الجسدية المرتبطة مع ردود الأفعال التنبيهيه وتزيد المقاومة ويبدو الجسم وكأنه عاد الى حالته الطبيعية نتيجة النشاط الزائد للغدة النخامية ،  وتشمل هذه المرحلة الأعراض الجسمية التي يحدثها التعرض المستمر للمنبهات والمواقف الضاغطة التي يكون الكائن الحي فيها قد اكتسب القدره على التكيف معها وتعتبر هذه المرحلة هامه في نشأة أعراض التكيف أو ما يسمى بالأعراض السيكوسماتية مثل ( الربو ، أمراض ضغط الدم ) وتحدث هذه الأعراض عندما تعجز قدرة الإنسان على مواجهة المواقف عن طريق رد الفعل التكيفي ويؤدي التعرض المستمر الى ضغوط اضطراب التوازن الداخلي مما يحدث مزيداً من الإفرازات الهرمونية المسببة الى الاضطرابات العضوية وبالتالي فأن الفرد المتعرض للضغط ينتقل الى مرحلة الإجهاد.

– مرحلة الإنهاك ( .( Exhaustion Stage

وتسمى بمرحلة الإجهاد أو الاستنزاف . فإذا طال تعرض الفرد لضغوط متعدده لفترة أطول ، فأنه سوف يصل الى نقطه يعجز عن الاستمرار في المقاومة ويدخل بمرحلة الإنهاك ويصبح عاجزاً عن التكيف بشكل كامل في هذه المرحلة تنهار الدفعات الهرومنيه وتنقص مقاومة الجسم وتصاب كثير من أجهزة بالعصب حيث يسير المريض نحو الموت بخطى سريعة.

 

 

ثانياً:  النظريات البيئية :-

— نظرية   هنري موراي (,1931  Murray):-

يعتبر موراي أن مفهوم الحاجة ( Need) ومفهوم الضغط ( Stress) مفهومان أساسيان في فهم الشخصية وتفسير السلوك على اعتبار أن مفهوم الحاجة يمثل المحددات للجوهرية للسلوك داخل الشخص ومفهوم الضغط يمثل المحددات المؤثرة والجوهرية للسلوك في البيئه ،    ويعرف الضغط بأنه صفة وخاصية لموضوع بيئي أو لشخص ستيسر أو تعوق جهود الفرد للوصول لهدف معين، ويميز في هذا الصدد بين نوعين من الضغوط هما.

1.ضغط بيتا .( Beta Stress) ويشير الى دلالة الموضوعات البيئية و الأشخاص  كما يدركها سلوك الفرد ويفسرها ذاتياً.

2.ضغط إلفا .( Alpha Stress) ويشير الى خصائص الموضوعات البيئية والأشخاص ودلالتها كما هي في الواقع.

ويوضح موراي أن سلوك الفرد يرتبط بالنوع الأول بيتا ويؤكد أن الفرد بخبرته يصل الى ربط موضوعات معينه بحاجه بعينها ويطلق على هذا المفهوم (تكامل الحاجة ) , أما عندما يحدث التفاعل بين الموقف الحافز والضغط والحاجة النشطة فهذا ما يعبر عنه                                           بمفهوم الثيما (Theme)  .

ويؤكد موراي انه يمكن أن نستنتج  من هذه النظرية وجود الحاجة لدى الفرد من بعض المظاهر التي تتضح في سلوك الشخص إزاء انتقائه واستجابته لنوع معين من المثيرات يصاحبه انفعال خاص حيث يتم إشباع الحاجة يحس  الفرد بالراحة، كما يحس بالضيق أذا لم يتحقق الإشباع  ومن تلك الحاجات الانجاز ، العدوان ، الاستقلال ، المضادة ، السيطرة ، التحقير.

  • نظرية ريتشارد لازاروس (,1966 Richard Lazarus) :-

نظرية التوافق بين الشخص والبيئة (Person Environment fit theory)

يعد ريتشارد لازاروس رائد هذه النظرية التي سميت أيضا نظرية (التقييم المعرفي)                     في الضغوط أو ما يطلق علية (التقييم الابتدائي) الذي يشير الى تقدير العمليات المعرفية لمواجهة متطلبات نمو الفرد.

والتقويم  المعرفي هو مفهوم أساس في هذه النظرية , يعتمد دور الفرد ، إذ أن تقييم  التهديد ليس مجرد أدراك مبسط للعناصر المكونه لذلك ، ولكنها رابطة بين البيئه المحيطة بالفرد وخبراته الشخصية مع الضغوط وبذلك يستطيع الفرد تفسير الموقف . ويعتمد تقييم الفرد على عدة عوامل منها :-

  – العوامل الشخصية :-

  • العوامل الخارجية الخاصة بالبيئة الاجتماعية .
  • العوامل المتصلة بالموقف نفسه .

فيرى أن الضغوط هي مترتبات عملية التقدير لدى الفرد وتقييم ما إذا كانت مصادر الفرد كافية للوفاء بالمتطلبات المفروضة عليه من البيئة أم لا , ومن ثم فأن الضغوط تتحدد بمدى الموائمه بين الشخص والبيئة فعندما تكون مصادر الفرد كافية ومناسبة للتعامل مع الموقف الصعب ، يشعر بقليل من الضغط ، وعندما يدرك الفرد أن المصادر ربما لن تكون كافية للتعامل مع الحدث أو الموقف إلا بشق الأنفس وبذل الجهد الكبير ، فيشعر بمقدار متوسط من الضغط ، أما عندما يدرك الفرد أن مصادره لن تكون كافية لتلبية متطلبات البيئة فيشعر بتعرضه لكم هائل من الضغوط ، وبالتالي فأن الضغوط تنتج عن عملية تقدير الإحداث(كونها ضارة أو تمثل تحديا ) وفحص الاستجابات الممكنة لتلك الإحداث .

وقدا أكد لازاروس على أهمية الفروق الفردية بالاستجابة للضغوط فعليه أن شدة الضغوط تعتمد على إدراك الفرد للموقف الضاغط أو تعامله مع الموقف الذي أدركه لكونه مهدد له ، مما يؤدي الى استثارة أفعاله والى ضغوط محاورات سلوكية للتعامل مع الموقف  الضاغط ومدى تخمين التغيرات النفسية الحاصلة.

والتقييم في نظرية لازاروس هو الفهم الكلي للضغوط إذ تتضمن استراتيجيات التعامل والنشاط المعرفي العصبي والاستجابة الانفعالية والفسيولوجية والنتائج السلوكية ، ويرى لازاروس ان الأفراد يتعرضون الى نوعين من العوامل الضاغطة هما :-

أ . المتطلبات البيئية:- وتتمثل بالأحداث الخارجية (الأسرية والاجتماعية والاقتصادية)  التي يواجهها الفرد بحياته وتتطلب منه التوافق معها كالأزمات العائلية والمرض والوفاة وغيرها .

ب. المتطلبات الشخصية:-  وتشمل طموحات الفرد وأهدافه وقيمته ، والفعاليات التي يسعى لتحقيقها في حياته مثل تحقيق مستوى دراسي مرتفع.

ج . تقويم المواقف الضاغطة:- أكد لازاروس أهمية إدراك الموقف وتقويمها بوصفة موقفاً ضاغطاً من الفرد نفسه.

د. الاستجابة للضغوط:- وهي المرحلة الأخيرة في عملية تعرض الفرد للضغوط وفهمها وفيها يحاول الفرد اختيار احد البدائل المتاحة للاستجابة ، كأن يكون جهداً فسلجياً أو معرفياً أو سلوكياً بهدف التخلص من تأثير الموقف الضاغط  ويقصد بالاستجابة من المواقف الضاغطة أن يكون الفرد واقعاً تحت تأثيره

وأشار لازاروس الى وجود عمليتين متوازنتين :-

أ . التقويم الأولي: وهو إصدار الفرد حكماً معيناً على نوع الضغوط ودرجة تهديده فقد يقيم الفرد الموقف على انه سلبياً أو ايجابياً شديد أو ضعيف ويتأثر التقويم الأولي بعوامل الموقف إذ يتضمن طبيعة الأذى أو التهديد أو أذا كان الحدث مألوفاً أو جديداً أو لم يسبق التعرف عليه من قبل ومدى احتمال حدوثه ومدى وضوحه أو غموضه في توقع النتيجة .

ب .التقويم الثانوي: فيشير الى قدرة الفرد  على تحديد مصادر التعامل مع الموقف الضاغط ، نظرية الاختيار، والتقييم، إذ يتم التقويم بطرق التعامل المتاحة ونتائج اختيار أي منها واحتمال نجاحها.

وعلى الرغم من أهمية التقييم الأولي الى أن التقييم الثانوي يكتسب أهمية كبرى لدى لازاروس .

وقد وضع كل من لازاروس وفولكمان (Lazarus and  Folkman 1984) نموذج لرد الفعل تجاه العوامل والأحداث الضاغطة.

 

 

3.نظرية سبيلبرجر (,1972    Spielberger ):-

تعتبر نظرية سبيلبرجر في القلق مقدمه ضرورية لفهم  نظريته في الضغوط  حيث انه ربط بين كل من القلق ، الضغوط ، التهديد :-

القلق (Anxiete ) هي عملية انفعالية تشير الى تتابع الاستجابات المعرفية السلوكية التي تحدث الى رد فعل   لشكل ما من الضغوط  .

الضغوط (Stress) يشير هذا المصطلح الى التغيرات في الأحوال البيئية التي تتسم بدرجة ما من الخطر الموضوعي .

أما التهديد فيشير هذا المصطلح الى التقدير والتفسير الذاتي لموقف خاص، إذا كان سبيلبيرجر قد اهتم بتحديد خاص وطبيعة المواقف الضاغطة التي تؤدي الى مستويات مختلف لحالة القلق , إلا انه لا يساوي بين المفهومين (الضغط والقلق) وذلك لان الضغط النفسي وقلق الحالة يوضحان الفروق بين خصائص القلق برد فعل انفعالي والمثيرات التي تستدعي هذه الضغوط .

فالقلق كعملية انفعالية تشير الى تتابع الاستجابات المعرفية السلوكية التي تحدث كرد فعل بشكل ما من الضغط وتبدأ هذه العملية بواسطة مثير خارجي ضاغط.

ويميز سبيلبرجر بين مفهوم الضغط ومفهوم التهديد وكلاهما مفهومين مختلفين ، فكلمة ضغط تشير الى الاختلافات في الظروف والأحوال البيئية التي تتسم بدرجة ما من الخطر الموضوعي أما كلمة تهديد فتشير الى التقدير والتفسير الذاتي لموقف خاص على انه خطير أو مخيف أي بمعنى توقع خطر أو إدراك ذاتي للخطر، ولقد اهتم سبيلبرجر في الإطار المرجعي لنظريته لتحديد طبيعة الظروف البيئية المحيطة والتي تكون ضاغطة ، ويميز بين حالات القلق الناتجة عنها (البيئه) ويحدد العلاقة بينها وبين ميكانزيمات الدفاع التي تساعد على تجنب تلك النواحي الضاغطة . فالفرد في هذا الصدد يقدر الظروف  الضاغطة التي أثارت حالة القلق لديه ثم يستخدم الميكانزيمات الدفاعية المناسبة لتخفيف الضغط (كبت ، إنكار ، إسقاط) أو يستدعي سلوك التجنب الذي يسمح بالهرب من الموقف الضاغط  .

وكان لنظرية سبيلرجر قيمة خاصة في فهم طبيعة القلق واستفاد منها كثير من العلماء والباحثين واجري هو نفسه كثير من الدراسات تحقق  خلالها من صدق فروض ومسلمات نظريته.

— نظرية موس وشيفر ,1986) Moss & Schaefer theory)

تقدم هذه النظرية، أنموذجاً للعوامل الأساسية المؤثرة في استجابة الفرد للضغوط، إذ ان عمليات المواجهة والتكيف مع الضغوط تتضمن جهوداً سلوكية ومعرفية يقوم ببذلها الفرد خلال تعامله مع الموقف الضاغط .

وقد حدد “موس وشيفر” استجابة الفرد للموقف الضاغط بثلاث مراحل هي:-

المرحلة الأولى: العوامل الشخصية والديمغرافية للفرد: وتتضمن الجنس والعمر والحالة الاجتماعية والاقتصادية للفرد، والنضج المعرفي والوجداني، وقوة الذات والثقة بالنفس، والخبرات السابقة، في مواجهة الإحداث وتشمل أيضاً العوامل المتصلة بالخبرات الضاغطة مثل نوع الحدث الضاغط سواء كان كوارث على الطبيعة كالزلازل والأعاصير أم على الإنسان كالحروب، وتشمل العوامل البايولوجية مثل الموت والمرض، فضلاً عن مدى تعرض الفرد للحدث الضاغط، وقدرته على مواجهته، والتحكم في إثارة احتمالات وقوعه، كما وتشمل العوامل المتعلقة بالبيئة الاجتماعية والفيزيائية، مثل العلاقات بين الإفراد وأسرهم ومدى تماسك المجتمع وتعاون الأفراد في مواجهة الحدث الضاغط وتحمل الآثار المترتبة عليه .

المرحلة الثانية :- إدراك الحدث الضاغط والتوافق معه ، وتشمل على :

أ- إدراك الفرد للحدث الضاغط :- وهنا يكون الإدراك بعد حدوث الموقف (الحدث) الضاغط . وقد يحدث الإدراك تدريجياً . فقد يكون غامضاً في البداية ، ثم تتضح معالمه وأبعاده ونتائجه المحتملة ، مما قد يسهل على الفرد التوافق معه بأسلوب ملائم .

ب- القيام بأعمال توافقية مع الحدث الضاغط :- وتتمثل في قيام الفرد بعلاقات شخصية متينة وحميمة مع الأفراد الذين يمكنهم تقديم مساعدة في مواجهة الحدث الضاغط مثل أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو غيرهم مع محاولة الفرد الاحتفاظ بتوازنه ، وتحكمه بمشاعره السلبية التي كانت نتيجة للحدث الضاغط ، مما قد يساعده في استعادة ثقته بنفسه وزيادة كفاءته في السيطرة على الموقف الضاغط .

ج- توظيف المهارات أو الاستراتيجيات التوافقية :- وتحدث من خلال التركيز على الحدث الضاغط وفهمه ، واكتشاف الأسلوب الملائم للتعامل معه . بهدف أعادة الفرد لتوازنه

وقد يكون ذلك بمواجهة الحدث الضاغط ، أو التخفيف من شدة تأثيراته ، أو التخلص من هذا الحدث والانفعالات السلبية المرافقة له ، ويشير ” موس وشيفر ” الى أن الفرد يمكنه اعتماد أسـلوب واحد أو أكثر في التعامل مع الحدث الضاغط .

 – المرحلة الثالثة :- نتائج الحدث الضاغط ، وأثاره على الفرد :

وتعد هذه المرحلة محصلة تفاعل العناصر السابقة . وتعبر عن مدى توافق الفرد في مواجهة الحدث أو الموقف الضاغط . وقد يكون ذلك التوافق ناجحاً ، إذ يمكن للفرد الإفادة من الخبرات التي حصل عليها في إثناء الحدث في مواصلة حياته ، أو فشل في تحقيق التوافق فتظهر عليه أعراض الاضطراب النفسي والجسمي.

 

   

 

 

 

 

الإنهاك النفسي

Psychological  Exhaustion

مفــهوم الإنــهاك النفسـي

إن مفهوم الإنهاك النفسي Psychological  Exhaustion قد بدأ الاهتمام به منذ عام 1960 ولذلك فقد مر بمرحلتين .

1- المرحلة التنويرية أو مرحلة الرواد الأوائل من (1960 – 1979) .

2- المرحلة التجريبية (1980) حتى الآن .

وفي ما يلي بيان المرحلتين السابقتين

1- المرحلة التنويرية

في بدايتها لم يعرف مصطلح الإنهاك النفسي Exhaustion Psychological وإنما وجدت مصطلحات بديلة فقد بدأت في بداية الستينات من القـرن العشرين (1960) حين لحظ بعض الباحثين في مجال الصناعة تدني أداء بعض العــاملين ذوي الأداء المرتفع , مع ظهور بعض المتغيرات السلوكية السلبية منها : التغيب المستمر عن العمل لمدد طويلة , وأَطلقت على ذلك مصطلح الوهج المنطفئ Falmeouts  .

وفي بداية السبعينات ظهر فـي الولايات المتحدة الأمريكية عدد من المقالات التي اهتمت بالإنهاك النفسي وركزت على الأفراد الذين يعملون في مجال الخدمات الإنسانية وفي سنة (1974) ظهر مصطلح الإنهاك النفسي على يد الطبيب النفسي (فرويد نبرجر) ووصفه بأنه ظاهـرة سلبية لدى المهنيين الذين يعملون في عيادة لمدمني المخدرات عن طريق الضغط الزائد على الفرد , وأن الإنهاك النفسي يصيب الفرد نتيجة العمل الزائد والضغط المستمر مما يفقده المشاعر العاطفية تجاه العملاء .

وفي بداية الأمر كانت النظرة للإنهاك النفسي أنه يصيب من يعمل في المـهن التي يتـصل الفـرد فـيها بالمرضى كالممرضات . إذ إن الاهتمام بدراسة الإنـهاك النفـسي كـان قاصـراً في البداية على مهن الرعـاية الصحية ثم امتد ليشمل باقـي الفئات الأخرى التي تتطلب التعامل مع الجمهور .

إن الإنهاك النفسي حالة لا يقتصر أثرها على الفرد المصاب بها فقط وإنما يتعداه للمحيطين به . فالإصابة به لا تشترط عمل الفرد في مهنة معينة , حيث إن لأي مهنة ضغوطها التي قد تساهم في زيادة مشكلات هذا الفرد واستمرار تلك المشكلات بالرغم من قلة قدراته على التوافق معها , فإنه يصاب بالإنهاك النفسي , لهذا فعلى كل فرد أن يلحظ سلوكه ويقومه أولاً بأول حتى لا تتفاقم المشكلة .

 

2- المرحلة التجريبية

وفيها تطورت النظرة للإنهاك النفسي وظهرت بعض الدراسات الأكثر منهجية وقومت خلالها أول محاولة جادة لقياس الإنهاك النفسي في مجال الرعاية الصحية , ثم تطورت تلك الأداة سنة (1986) لقيـاس الإنهاك النفسي للعاملين في مجال المهن الاجتماعية ولذلك المقياس ثـلاثة أبعـاد : (الإجهاد النفسي , وتبلد المشاعر , ونقص الشعور بالإنجاز الشخصي) . و لقي ذلك المقياس شهرة واسعة .

 

حاول بعض الباحثين ربط الإنهاك النفسي ببعض المفاهيم والمتغيرات الأخرى مثل : الصلابة النفسية والمناخ المغلق في العمل كما في دراسة كابون وكورتز (1985) (Kayon & Kurtz) والرضا الوظيفي وصراع الأدوار في دراسة بيكو (2006) (Piko) مما يدلنا على أن الإنهاك النفسي ارتبط بأغلب مجالات الحياة ومنها العمل المهني , والشخصية , والنمط الإداري المتبع في العمل . وإذا انتقلنا إلى النتاج الفكـري العربي نجد أن مصطلح الإنهاك النفسي نظر إليه الباحثون على أنه مفهوم ثلاثي الأبعاد : الإجهاد الانفعالي , وضعف الاهتمام بالبعد الإنساني , ونقص الكفاية والإنجاز الشخصي .

في حين نظر يرى باحثين آخرون أن له ثمانية أبعـاد : العـلاقة بالطلاب والمساندة الإدارية من المدرسة , والعلاقة مع الموجهين , وإِعـداد المعلم وتأهيله , والمنهاج وطبيعته , والوسائل التعليمية وتوافرها , والعلاقة بالزمـلاء والآثـار النفسية والجسمية المترتبة على ذلك.

 

مصـادر الإنــهاك النفســي

حاول كثير من الباحثين التعرف على المصدر الأساس للإنهاك النفسي معتمدين على العلاقة الايجابية بين تلك المظاهر وضغوط العمل . فقاموا بتصنيف المداخل النظرية للإنهاك النفسي على وفق طبيعة المصدر الضاغط وآثاره السلبية على المهنية و العمل نفسه وآخرون قسموا عوامل ضغوط المهن إلى أربع مجموعات هي:

1- عوامل ضغوط بيئة العمل المادية : وتشمل الضوء والإزعاج والحرارة وتلوث الهواء .

2- عوامل ضغوط اجتماعية : وتشمل ضعف العلاقة مع الزملاء في العمل والمرؤوسين والمدير.

3- عوامل ضغوط تنظيمية : وتشمـل صـنف تصميم الهيكل التنظيمي وعـدم وجود سياسات محدودة . أن هناك بعض الصفات الذهنية والعاطفية والبيولوجية والديموغرافية تؤثر في التفاعل مع عوامل ضغوط العمل.

 

مكـونات الإنـــهاك النفســـي

هناك ثلاثة مكونات للإنهاك النفسي ؛ هي :

1- الإرهاق الانفعالي :- يشير إلى استنفاذ الفرد للطاقة الانفعالية والنقص في قدرته الجسمية بسبب تعدد المسؤوليات المنوطه به في مجال العمل .

2- تبلد المشاعر :- يُعد هذا البعد أكثر الإبعاد المحفوفة بالأخطار من ضمن الأبعاد الثلاثة لمقياس ماسلاش , حيث يتصف تبلد المشاعر والتجرد من الشخصية بالاستجابة المنعزلة القاسية والمجردة من الصفات أو الإنسانية نحو العملاء , ومع تزايد الانعزال ينشأ اتجاه من اللامبالاة تجاه احتياجات الآخرين والتجاهل والاستخفاف بمشاعرهم بطريقة فيها نوع من القسوة .

3- انخفاض الإنجاز الشخصي :- يشير إلى شعور الفرد بعدم الكفاية والنجاح وعدم القدرة على التأثير الايجابي في الآخرين وفاعلية في التعامل مع مشكلاتهم وعدم الرغبة في بذل المزيد من الجهد للإنجاز .

 

مظاهــر الإنــهاك النفســي :-

هنالك مجموعة من المظاهر الدالة على وجود الإنهاك النفسي لدى الفرد التي تتضمن المظاهر الفسيولوجية والبدنية والمعرفية والنفسية والاجتماعية والسلوكية , والتي تبين خطورة الإنهاك النفسي على الفرد بل المجتمع كله , فما الفرد إلا عضو في المجتمع ، وأن إصابة الفرد بالإنهاك النفسي يمثل خطراً فيصبح مهددة بالدمار عن طريق آثاره السلبية على الفرد التي تجعل الفرد يترك عمله فيخسر جهد هذا الفرد الكفء حيث إن الإنهاك النفسي يصيب الأفراد الأكثر كفاية .

 

وفي ما يلي توضيح تلك المظاهر

1) المظاهر الفسيولوجية والبدنية .

وتشمل العلاقات التي تظهر على البدن مثل الاضطرابات السيكوسوماتية التي تمثل ما هو الآتي:

  • الصراع المستمر والاضطرابات المعدية , والأرق وضيق التنفس .
  • الآم الظهر , وذبحة الصوت وفقدان الشهية .
  • اضطرابات الأكل والاستخدام المفرط للعقاقير والكحوليات .
  • أمراض القلب والقولون العصبي , وضغط الدم .
  • انسداد الشرايين وأمراض الرئة والسرطان .
  • اضطراب النوم مثل المشي أثناء النوم .
  • اضطرابات الهضم والإمساك .
  • توتر العضلات ونقص المقاومة والروماتيزم .
  • الضعف الجنسي وغزارة البول والإسهال .
  • حب الشباب والتهابات الجلد .
  • ضعف الحيوية وقلة النشاط .

 

2) المظاهر المعرفية وتشمل ما هو آت :

  • البلادة الفكرية وفقدان القدرة على الابتكار .
  • التشتت الإدراكي والشرود الذهني .
  • الوسوسة وكثرة الشك والعند .
  • قلة المقدرة على الانتباه والتركيز لمدة طويلة .
  • عدم القدرة على مواجهة المشكلات بكفاية .

3) المظاهر السلوكية وتتمثل بـ :

  • التغيب الطويل عن العمل والتقاعد المبكر .
  • النقد الدائم للآخرين والسخرية منهم .
  • النظرة السلبية للآخرين وضعف الالتزام بالعمل .
  • العدوانية وفقدان الهوية الشخصية .
  • أداء العمل بطريقة روتينية ومقاومة التطوير .
  • الاتكالية . والاعتداء على حقوق الآخرين .
  • البعد عن الموضوعية في الحكم على الأداء الوظيفي .
  • الانسحاب والميل للعمل الإداري أكثر من التعامل مع الزملاء .
  • انتظار أيام العطل والإجازات ليبتعد عن العمل .
  • الانسحاب من الحياة العائلية وتجنب الأصدقاء .
  • تدني القدرة على الإنجاز وعدم الاهتمام بالعمل .
  • نقص دافعية الأداء والتخلي عن المثاليات وزيادة سلبية الفرد .
  • عدم الرغبة في العمل وعدم الرغبة في العمل بطواعية .
  • زيادة العنف لدى الأزواج وحدوث الخلافات الزوجية .

بالرغم مما سبق فإن تلك المظاهر لا تكون بالدرجة نفسها لدى جميع الإفراد بل لا يشترط أن تظهر هذه المظاهر كلها لدى فرد واحد ولا في وقت واحد وذلك يعود لاختلاف الأفراد في ما بينهم . وأن ردود أفعال الأفراد تختلف تجاه المواقف التي تشكل ضغوطاً عليهم ، إذ قد ينجح بعضهم في مواجهتها والتوافق معها فيستمر عطاؤه ، وآخرون تنهكهم وتستنزف قدراتهم ويصابون بالتوتر وتظهر عليهم مظاهر الإنهاك النفسي .

 

مراحـل حـدوث الإنـهاك النفسـي :-

ذكر الباحثون في هذا المجال أن للإنهاك النفسي مراحل يمر بها الفرد وهي عادة أربع مراحل لها دلالاتها الشخصية وهذه الدلالات :

– المرحلة الأولى : تمتاز بالحماس والآمال والطاقة العالية والتوقعات غير الواقعية حيث يعتقد المهني أن بإمكانه مساعدة الجميع والتغلب على جميع الصعوبات في العمل .

– المرحلة الثانية : في هذه المرحلة يشعر المهني بالأهمية الكبيرة التي يضيفها العمل في حياته .

– المرحلة الثالثة : تحدث هذه المرحلة عندما يتساءل المهني عن حقيقة الدور الذي يقوم به وقيمة الوظيفة بالنسبة للآخرين وهنا يبدأ في الانتقاص من قدر نفسه .

– المرحلة الرابعة : في هذه المرحلة يشعر المهني بفقدان الحماس واللامبالاة وفتور الشعور وردة الفعل هذه هي الدفاع الطبيعي عندما يجد المهني نفسه في وظيفة غير مرضية ولا يمكن تركها .

 

مواجـهة الإنـهاك النفسـي والتخفيـف مـن آثـاره :-

بناء على ما سبق فالإنهاك النفسي يمثل حالة لها تبعات تصيب الفرد ولذلك فمن الجدير بنا محاولة تقديم بعض الطرائق لمنع التعرض له ومواجهته والتخفيف من آثاره .

1- بناء الذات الإيجابية

ترتبط الذات الإيجابية بالصحة النفسية ارتباطاً وثيقاً فالفرد الذي يشعر بالثقة في نفسه وأن له ذات إيجابية فانه يتمتع بقدر وفير من الصحة النفسية , وأن الفرد مثل ما يستجيب للعالم الخارجي بما فيه فإنه يستجيب لعالمه الداخلي ولذاته مما يساعد في تشكيل الهوية لديه عن طريق بعض النقاط ومنها : تحديد جوانب القوة لدى الفرد والعمل على زيادتها , وجوانب الضعف والعمل على تحسينها مما يزيد الفرصة لسلامة الصحة النفسية لديه .

 

2- الاسترخاء والتأمل

إن الفرد الذي يعاني من الإنهاك النفسي يجد شداً في أغلب أعضائه لذا من المفيد له أن يسترخي ويتأمل إضـافة لأخذه الراحة المناسبة . وأن الاسترخاء يمكن أن يساعد الفرد في التخلص مـن الضـغوط القوية والتوتر الذي يشعر به ومواجهة الإنهاك النفسي , وذلك شرط يقـوم به الفرد بشكل سليم , إذ إن الاسترخاء يساعد في تقليل الآلام والمعاناة التي يعشيها الفرد نتيجة الضغوط التي تحيط به . شرط أن يكون الاسترخاء والتأمل في المكان و الوقت المناسبين حيث الهدوء والسكينة .

3- المسـاندة الاجـتماعية 

للمســاندة الاجـتماعية نشاط مهم فـي مواجـهة الإنـهاك النفـسي وتعد من مصـادر شـعور الفرد بالأمـن النفـسي فـي بيئة العمل .

ذكر فيلدمان وآخرون (2002) أن المســاندة الاجتماعية بمصادرها المتعددة (الأسرة , والزملاء في العمل , والإدارة والإشـراف الوظيفي ) تعد عاملاً واقياً للفرد بل للمؤسسة كلها من الوقوع في خطـر الضغوط النفسية والإنهاك النفسي .

4- تحليل الوظائف وتوصيفها 

إن الوظائف تسـاعد المـؤسسة في تعـرف درجة الضـغوط المخـتلفة في الأعمال المختلفة ومن ثم تسند العمل المناسب للفرد المناسب الذي يمتلك القدرات التي تمـكنه من القيام به بل التوافق مع تلك الوظائف مع مــراعاة العمل الوظيفي لكل عامل , لهذا نجد بعض المؤسسات تهتم بالتقييم المستمر لعــمالها بغـية معرفة الأعباء الوظيفية التي يتحملها الفرد ومحاولة تخفيفها أو زيادتـها بحسـب حالة الفرد . لذلك تقوم بعملية تحليل لوظائفها وما يوجد بها من عـمال . أي تقـوم بالتحليل على مستوى الوظائف والأفراد حتى تتمكن من وضع الرجل المنـاسب في المكان المناسب , فيقل الضغط الواقع على كل فرد ومن ثم لا يتعرض للإنـهاك النفسي حيث يتحمل الفرد عبئاً مناسباً لقدراته .

5- بعض الاستراتيجيات المعرفية 

إذا كان الإنهاك النفسي يكوّن اختلالا في الجانب المعرفي , إذ يقل الانتباه والتركيز كما يختل الإدراك وأن التعرض لمصدر الضغط في حد ذاته لا يسبب الانزعاج والإنهاك النفسي إنما رد فعل لفعل وإدراكه لذلك الضغط والتصرف نحوه هو الذي يحدد النتيجة النهائية وغالباً ما يكون للاستعداد الذهني نشاط في ذلك . إذ إن الاستراتيجيات والطرائق المعرفية تعتمد على التحليل المنطقي للمشكلة ومحاولة الفرد فهم الموقف وتقييمه من جوانبه كلها مما يساعد في الوقاية من التعرض إلى الإنهاك النفسي .

 

إن الاستراتيجيات المعرفية هي ما يأتي :

  • التحليل المنطقي وإعادة التفسير الإيجابي للموقف .
  • وضع أهداف واقعية بعد فهم قدرات الفرد وظروف واقعه .
  • التفكير الإيجابي في شتى جوانب الحياة (في نفسك والعمل والأسرة) والميل للتفاؤل .
  • استخدام أسلوب حل المشكلات عن طريق تحديد المشكلة وتقسيمها لأجزاء سهلة التعامل واستخدام الإستراتيجية المناسبة للحل .
  • العمل والإفادة من الحدث والموقف حيث يفيد الفرد من المواقف في حياته فيصحح مساره في ما يخص توقعاته المستقبلية فهو ليس مستسلماً للضغط دائماً . وإنما يحاول التخفيف من خلال التفكير المبني على خبراته المتعاقبة . مما يدعم أهمية المواجهة .

 

  النـظريات التي فسـرت الإنـهاك النفسـي

تفاوتت وجهات النظر النفسية في تفسير الإنهاك النفسي  (Psychological Exhaustion) وفي ما يأتي موجز لأهم المدارس والتوجهات النفسية التي تعرضت لمفهوم الإنهاك النفسي .

1- نظرية التـحليل النفسـي

تعد مدرسة التحليل النفسي من المدارس التي اهتمت اهتماماً كبيراً بتفسير العصاب ويرى أصحاب هذه المدرسة أن كل مرض هو نتاج عن بعض الصراعات اللاشعورية .

– فرويد

يرى فرويد أن القلق مصدر جميع الانفعالات والاضطرابات النفسية ومنها الإنهاك النفسي جاءت نظرية فرويد عن القلق لتثبت أن القلق ما هو إلا إشارة الهدف منها تمكين الفرد من تجنب الخطر , وأن الأعراض المرضية مرتبطة بالطاقة النفسية ولولا هذا الربط لأصبحت الطاقة النفسية حدة في الانطلاق على شكل توتر وقلق والأعراض المـرضية تظهر لكي تتمكن الخصائص من الـضابطة والتوافقية (للأنا) مـن الابتعـاد أو النـجاة من موقف خطر وإذا منعت هذه الخصائص من الظهور فإن القلق والإنهاك النفسي سيظهر لا محالة .

 

ويرى في تفسير سـلوك الإنسان أن القوة الدافعة للسلوك هي قوى داخـلية وتسبب الصراع الداخلي بين مكونات الشخصية (ألهو – والأنا – والأنا العليا) الذي يُسبب القلق الاكتئاب والتوتر والإنهاك النفسي وهي مصدر السلوك الظاهري للإنسان مثل تبلد الشعور والإجهاد والانعزال عن الآخرين وفقدان الدافعية .

إن شعور الفرد بالصراع يؤدي إلى تأزم حالته النفسية ومن ثم يُخْلِقُ لديه شيء أو مظهر من مظاهر الإنهاك النفسي الذي قد ينشأ ويدور في وعي منه أو يكون من دون وعي ومن دون الشعور به من جانب وهذا ما يسبب له العصاب أو الإنهاك النفسي .

وركزت نظرية فـرويد علــى أن الإصـابة بالاضطراب ينتج عنه محاولة تقليل التوتر والصـراع وذلك عن طريق الاستعانة بآليات الدفـاع مـثل ( النكوص , والكبت , والإنكار , والإسقاط , والتبرير ) , وهـذه الآلــيات تســاهم بشكل رئيس في تخفيف الصراع أو الإنهاك النفسي الذي قد ينتاب الفرد وهذا يعد ربحاً ذاتياً .

وأضاف فرويد أن رجوع الفرد إلى حالة الطفولة هو حماية (الأنا) من التصدع وأن ما يحدث بعد التعرض للصدمة هو رد فعل طفولي للتخلص من الموقف الحاد والمؤلم وإن كان التصرف لا يتناسب مع سلوك الفرد وشخصيته فهو يخفف من حدة القلق والإنهاك الذي يعانيه .

– أدلر

يؤكد أدلر أن العصاب ينشأ عن طريق خطأ الفرد في إدراك بيئته وتفسيرها وحينما يصعب على الفرد أن يتخذ أسلوباً في الحياة سيؤدي ذلك إلى الإنهاك النفسي وهذا بدوره يستطيع أن يعوض ما يشعر به من نقص فيخاف من الفشل في تحقيق أهـداف الحياة , فيلـجأ إلى آلـيات الدفــاع التي قـد تساعد في التخفيف من حدة التوتر والإنهاك النفسي , ويـرى أن أسـباب العصاب والإنـهاك النفسي ترجـع إلى ضعف أجهزة الجسم وقـد يكون شعوراً بالنقص أو شعوراً بوضاعة ذلك العضو ونقصه وضعف الكـفاية تجاه ظروف قاهرة وأن العـصابين أو المنـهكين نفسياً هم الأشخاص الذي يمـتلكون أسلوبـاً حياتياً خـاطئاً اكـتسبوه خلال الاتصال بوالديهم دللوهم أو أهملوهم خلال مدة الطفولة .

– يونغ

يـرى أن العـصاب اسـتجابة غـير ناضـجة للتـوافـق مع الواقع وأن الأمـراض العـصابية تنشـأ من الإلحاح والاندفاع في تلك الطباع  , ويرى يونغ أن الانبساط هي الطباع المهمة في الإنسان وهي المحور الذي يدور تجاه اللبيدو فهو يتجه إلى الداخل وإلى الذات عند الانطواء وإلى الخارج والعالم عند الانبساط .

 

إذ أكد يونغ أن الفرد يعاني من الإنهاك النفسي وهو مفتاح الاضطرابات النفسية وأن الصراع الذي يعانيه الفرد نفسياً بين نواحي من الشخصية التي لم تنُم نمواً متناسقاً وأن عملية التوافق في الحياة قد يتطلب استعمال أنشطة شعورية وأحاسيس وأفكار وإذا وقع الفرد في موقف لا يستطيع توافق نفسه معه فسبب ذلك أن أداة التوافق اللازمة غير كافية لمجابهة الموقف والنتيجة الأولى لفشل التوافق هذا هو في نكوص الفرد وهي حالة يستدعي فيها الاحتياطي من اللاوعي الجمعي الذي لـه إمـكانيات من الحكمة لا يملكها اللاوعي الشخصي وإن لم يستطع الفرد أن يتوصل بعملية النكوص هذه إلى حل خلاف فإن الفرد يستمر في استعمال صور ومظاهر من الاضطرابات النفسية ومنها القلق والتوتر والإنهاك النفسي .

إن مصـدر الطاقـة النفـسية (الهو) , وإن الإنهاك النفسي هو انهيار الطاقة النفسية و الطاقة البدنية تؤثـر في الطاقة النفسية على أساس أن الحالة الجسم جزء مهم من الصحة العقلية والنفسية وأن الإنهاك النفسي قد يوهن العزيمة من ناحية أخرى فالطاقة النفـسية تـوثر في الطاقة الجسمية وأكدت مدرسة التحليل النفسي أن التوتر النفسي يرتبط بالطاقة النفسية ويحدث الإنهاك النفسي .

– سولفيان

يعد من المنظرين المجددين لنظرية التحليل النفسي الجديدة الذي أعطى نوعين من وحدات بناء الشخصية (الديناميات) و(الأعراض) ويعطي للديناميات أهمية اكبر ويعدها نمطاً ثابتاً نسبياً من الطاقة تعبر عن نفسها بخاصية مميزة من العـلاقات بين الأفراد والطاقة تعبر عن نفسها من خلال العمل ويعني العمل في هـذا السياق السلوك في المواقف التي تتضمن علاقات شخصية متبادلة أي إنها وحـدات سلوكية يقدمها الإنسان للاستجابة للظروف البيولوجية والاجتماعية.

والشخصية لدى سولفيان هي كيان له طاقته الخاصة واهم أهداف هذا الكيان هو التقليل من الشعور بالضيق الناجم عن التعب والإنهاك النفسي الذي قد يتحسس به الفـرد ومـصادره الـتي أمـا أن تـأتي بسـبب عـدم إشباع الحاجات المادية وإما أن تأتي من الأوضاع التي تُثير لديه الشعور بالقلق والخوف وعدم الاطمئنان الناجمة من الخطأ في الصلات الاجتماعية بين الفرد وما يحيط به .

ومن الآليات الدفاعية الانسحاب النفسي الذي يلجأ إليه الفرد بمثابة اعتراف منه باستحالة الوصول إلى حل الأزمة وهذا كحال المنهك الذي فقد كل أمل في تحسين حاله فيهرب المنهك من أزمته ويلتمس الراحة في أحلام اليقظة أو في الإسراف في العمل حد الإنهاك .

– هورني

ترى أن العصاب انحراف عن الأنماط العادية في السلوك البشري وأن الاضـطرابات دفاعات لاشعورية وذات طـبيعة قهرية لأنها تعمل على تحـقيق أهـدافها بطريقـة غير واضـحة وترى هورني أن القلق أساس الاضطرابات النفسية الذي يعبر عنه الفرد بالغـرابة وعـدم الشعور بالأمان والاطمئنان .

وقد أكدت هورني خبرات الطفولة الأولى واعتقدت أن حاجة الرضا أكثر أهـمية من الجنس وقد أعطت هورني اهتمام كبيراً للعوامل والظروف الاجتماعية وخـبرات الطفولة إذا كانت اهتماما متزايدا أو نبذاً أو قسوة الأمر الـذي يؤدي إلى القلق والتـوتر والإنهاك الذي يعد الأسـاس في الاضطرابات النـفسية .

 

2- النظرية السلوكــية

يسلم أصحاب المدرسة السلوكية بان سلوك الإنسان متعلم ومكتسب . وأن لدى الفرد دوافع فيزيولوجية وهذه الدوافع هي الأصل في السلوك الإنساني وعن طريق التعلم يكتسب الفرد دوافع جديدة تقوم على دافع الفيزيولوجية وتسمى بالدوافع الثانوية وهذه الدوافع هي التي توجه الفرد للوصول إلى أهداف تشبع الحاجات المختلفة .

ومن المنظرين السلوكيين الذين فسروا مفهوم الإنهاك النفسي :-

– سكنر

يرى أن التعلم يحدث حينما تكون الاستجابة السلوكية متبوعة بإثابة وتدعيم وأن السلوك الشاذ يستمر بفعل المثيرات البيئية التي تعمل بوصفها أنواعاً من التدعيم ويرى أن دراسة السلوك الظاهر الملاحظ يكفي لفهم الاضطرابات النفسية وعلاجها .

إذ يرى سكنر أن الفرد يكتسب جزءاً كبيراً من سلوكه عن طريق الآثار التي يتركها هذا السلوك على البيئة حيث تنص نظرية سكنر (التشريط الفعل) على أن الاستجابة لتنبيه معين لا تكفي لوصف السلوك وإنما تحدث عند الكائن العضوي عملية التشكيل فحينما يقوم الكائن العضوي استجابة معينة تتبعه استجابة أخرى لتنبيه آخر وبتتابع التنبيهات تتابع الاستجابات فتحدث تعزيزاً وأن احتمالات تقديم تلك الاستجابة تزداد وهذا ما يسميه سكنر (التدعيم الايجابي) وهو يعني أن أي فعل يؤدي إلى زيادة في حدوث استجابة معينة أو تكرارها , فالحوافز والمكافآت تعد دعماً ايجابياً يساعد في تعلم الاستجابة الصحيحة وهناك تدعيم سلبي أي التوقف عن إظهار منبه مزعج عند ظهور الاستجابة المرغوبة حيث إن تقديم سلوك غير مرغوب يؤدي ذلك الإنـهاك النـفسي فالأفـراد يقـومـون بالتخلي عنه بالتدريـب عـلى تـغير هذا السلوك لغرض الحصول على تعزيز والتدعيم السلبي يشبه الإيجابي باشتراكهما في شيوع جوانب مرغوبة من السلوك .

 

– أتكنسون

إن تعرض الفرد لخبرات كثيرة من الفشل يجعله يتعلم توقع الفشل وعدم الثقة بالنفس والشعور بأنه فاشل وعاجز مما يدفعه للقلق والإنهاك الذي هو استجابة سلبية وينتج عن إدراك الفرد عجزه عن تغيير البيئة , وغالباً ما يكون الفرد انطوائياً ويسهل تأسيس منعكس شرطي فيه يصعب إطفاؤه بعد أن تم تثبيته , فالأفراد لا يتعلمون استجابات جديدة لتحل محل الاستجابات القديمة لذا فإن مستوى فعاليتهم ونشاطهم ينخفض تدريجياً , وإن انخفاض المعززات الإيجابية يؤدي إلى تعطيل إنجاز السلوك المناسب وبذلك تنخفض مصادر تعزيزهم الرئيسه كالمشاركة الوجدانية ويصبحون غير فعالين , وربما يساهم ذلك في تعزيز السلوك غير المتوافق لديهم .

– بافلوف

عد توازن المنعكسات والأنظمة العصبية في الدماغ وبخاصة القشرة السنجابية وما تحتها مباشرة هي المعيار الأساس للصحة النفسية ,  والعصاب اضطراب بين استجابة الكف والاستشارة وهي استجابات تعتمد على (تكوين) الفرد , كما يرى أن ظهور العصاب والإنهاك عند الفرد يعتمد على العوامل الوراثية والتكوينية لكل فرد .

– أيزنك

عد أن العصاب مجرد عادة مخطئة تعلمها الفرد نتيجة تجارب و ظروف تركزت عن طريق المنعكسات الشرطية المتعددة , وأن لا علاقة للعصاب باللاشعور والكبت ولذلك فإن العصاب يمكن معالجته بإطفاء العادة المرضية وتأسيس عادة جديدة أو (بناء سلوك طبيعي جديد في محل السلوك الخاطئ .

فقد أكد أن هناك أبعاد ثلاثة تتكون منها الشخصية , هي :

1) بُعد الانفتاح (Extrversion Dimension)

الذي يعني به السلوك النابع من الفرد يتمثل في توجيه اهتماماته بما يحيط به في البيئة الخارجية بدلاً من الاهتمام بأفكاره ومشاعره وأحاسيسه ويستمتع بصحبة الآخرين ومعاشرتهم وبحب العالم المادي وتتمثل العوامل الفرع لبعد الانفتاح بالصفات التالية كالنشاط والمجازفة والمخاطرة والفاعلية .

2) بُعد الاضطراب النفسي (Neurotieism Dimetion)

شعور يسيطر على شخصية الفرد حيث يشعر الفرد بالقلق والتوتر والإنهاك وتراوده الأفكار والأحاسيس بأنه يعاني من إنهاك نفسي وفسلجي ، ويتمثل بالصفات( التوتر والقلق وسيطرة الأوهام والاكتئاب والاضطراب وتقلباتها)

 

3) بُعد الانطواء (Inroversion Dimetion )

سلوك نابع من الفرد ويتمثل بتوجيه اهتماماته بأفكاره ومشاعره وأحاسيسه بـدلا من الاهـتمام بما يحـيط به مـن الـبيئة ويستمتع بالوحدة والعمل بعيداً عـن الآخـرين وتتمثل العوامـل الفـرعية لـبعد الانطواء بالصفات (حب الوحدة) عدم الاهتمام بالآخرين , والابتعاد عن النشاطات الاجتماعية .

 

3- النظرية الإنسـانيـة

– نظرية الحاجات – إبراهام ماسلو

يرى إبراهام ماسلو أن الحاجات توجه السلوك البشري  وهي التي تدفعه وتقوده إلى وجهة معينة وطبقاً لهذه النظرية فإن الإنسان مدفوع بعدد من الحاجات الأساس التي تكون على الأغلب نفسية أكثر من كونها فسيولوجية وقد ذكر ماسلو أن هذه الحاجات تترتب بشكل هرمي على النحو الآتي ذكره :

  • الحاجات الفسيولوجية (Physidogical Needs)
  • الحاجة إلى الأمن (Safely Need)
  • الحاجة إلى الاحترام (Esteem Need)
  • الحاجة إلى تحقيق الذات (Selfavualization need) .

 

فالإنهاك قد يكون ناتجاً من التناقضات بين المطالب البيئية وقدرات الفرد في مواجهة هذه المطالب أو بين الحاجات الفرد والإيفاء بالمطالب البيئية لمواجهة حاجات الفرد  ، فإذا حقق الإنسان حاجات وما يتطلع إليه في عمله فإنه سيكون بحسب رأي ماسلو مستقراً نفسياً واجتماعياً.

ولمـا كـانت هـذه الحـاجات محددات مهمة للسلوك والإنهاك والإدراك والخبرة فإن اضطرابات نفسية واجتماعية وكل هذا يؤدي إلى الإنهاك النفسي.

 

4- النظرية المعرفيــة

– نظرية التقدير المعرفي للازاروس :-

يعد ريتشارد لازاروس رائد هذه النظرية التي سميت أيضاً نظرية (التقدير المعرفي) أو (التقديم المعرفي) في الضغوط أو ما يطلق عليه (التقويم الابتدائي) الذي يشير إلى العمليات المعرفية لتقديم الحال إلى مواجهة الفرد لمتطلبات النمو والتطوير .

 

فالضغط على وفق أنموذج لازاروس هو أية قوة أو متغير يشكل عبئاً على الجسم (سواء كان هذا المتغير فسلجياً أم اجتماعياً أم نفسياً) والاستجابة له , وأن ردود الفعل لهذا الضغط تعتمد على كيفية تفسير الفرد أو تقييمه لمدى الأذى أو التهديد الذي يواجهه , ويرى لازاروس أن الضغوط تنشأ من التعامل بين الفرد –  البيئة  عندما يفسر الفرد الموقف بأنه تهديد أو أذى وتحد , وتدرك المتطلبات في المواقف الضاغطة العامة بأنها عبء تتجاوز الوسائل المتاحة التي يمتلكها الفرد وأن هذه المتطلبات التي تفرض على الفرد تكون بأنماط مختلفة , كأن تكون حضارية أو نفسية أو فسيولوجية ولكن أساس أي تغيير في التوازن يتطلب وسائل للتعامل معها , وتختلف المواقف أو المنبهات التي تنتج الضغوط في نوعيتها وشدتها من فرد لآخر ويمكن أن تعمل معاً لزيادة شدة التأثير العام .

إذ يؤكد (لازاروس) أهمية الفروق الفردية والخبرات السابقة في حالات الإنهاك النفسي ولكي يكون منهكاً يجب على الفرد أن يدرك أنه كذلك بمعنى أن الاستجابة للإنهاك النفسي تحدث فقط عندما يدرك الفرد موقفه الحالي بأنه منهك .

والتقويم في نظرية لازاروس هو الفهم الكلي للضغوط إذ تتضمن استراتجيات التعامل والنشاط المعرفي العصبي والاستجابة الانفعالية والفسيولوجية والنتائج السلوكية , ويرى لازاروس أن عملية تعرض الفرد للعوامل الضاغطة تمر بـ :

1) التعرض للعوامل الضاغطة : إن الأفراد يتعرضون إلى نوعين من العوامل الضاغطة هما :

  • المتطلبات البيئية : وتتمثل بالإحداث الخارجية (الأسرية والاجتماعية والاقتصادية) التي يواجهها الفرد في حياته وتتطلب منه التوافق معها كالأزمات العائلية والمرض والوفاة وغيرها من الضغوط .

ب- المتطلبات الشخصية : وتشمل طموحات الفرد وأهدافه وقيمته , والفعاليات التي يسعى لتحقيقها في حياته مثل تحقيق مستوى دراسي مرتفع .

2) تقويم المواقف الضاغطة : أكد لازاروس أهمية إدراك المواقف وتقويمها بوصفه موقفاً ضاغطاً من الفرد نفسه .

3) الاستجابة للضغوط : و تعـد من المراحل الأخيرة في العرض للضغوط وفهمها يحاول اختيار أحد بدائـل الاسـتجابة (السـلوكية , الفسيولوجية , المعرفية) والهـدف هـو التخلص من تأثير العامل الضاغط , ويقصد بالاسـتجابة للمواقف الضـاغطة أن يكـون الفرد واقعا تحت تأثيرها .

إذاً يتفق لازاروس وفولكمان (Lazarus & Folkman) على أن مواجهة الضغوط عملية مستمرة وليست نشاطاً أو  موقفاً منفرداً وأشارا إلى أن الأفراد يقومون باستمرار بإعادة تقديم الوسائل والطرائق المختارة لمساعدتهم في التوافق مع الضغوط التي تهدد سلامتهم , فعندما تحدث التغيرات في الطريقة التي اختارها الفرد للتعامل مع  المواقف الضاغط أو المشكلة فإنه يغير الموقف الضاغط وأسلوب المواجهة .

وأشار لازاروس إلى وجود عمليتين متوازنتين للتقويم هما :-

أ- التقييم الأولي  Primary appraisal  

تسمى أيضاً بالتقويم المبدئي وهو حكم الفرد حكماً على نوع الضغوط ودرجة تهديده فقد يقيم الموقف الذي يتعرض له على أنه (موقف سلبي أو إيجابي , شديد أو ضعيف , ضار أو غير ضار … إلخ ) ويتأثر التقديم الأولي بعوامل الموقف إذ يتضمن طبيعة الأذى أو التهديد أو إذا كان الحدث مألوفاً, أو جديدا أو لم يسبق التعرف عليه من قبل ومدى احتمال حدوثه ومدى وضوحه أو غموضه في توقع النتيجة .

ب- التقييم الثانوي : Secondary appraisal

يحاول الفرد التخلص من الصراعات التي تسببها الضغوط ويحدد مصادرها التعامل مع الموقف الضاغط وحرية الاختيار والتقويم , فبهذا يتم تقويم طرائق التعامل واختيار الطرائق الأكثر فائدة

 

5- نظرية الضغوط لهانز سيلي

قدم هذه النظرية عالم الفسيولوجية (هانز سيلي) الذي يُعد الأب الحقيقي لنظرية الضغط النفسي الحديث , إذ قام بإجراء العديد من البحوث في موضوع الضغوط إذ تجلت أهمية الدراسة العلمية لهذه الضغوط على يده يُعد من الرواد الأوائل الذي قدم مفهوم الضغط إلى الحياة العملية ووضع أنموذجاً للضغوط وعلاقتها بالمرضى إذ يرى أن المرض تعبيراً عن الأهداف النفسية والاجتماعية حيث أشار إلى أن للضغوط نشاطا مهماً في إحداث معدل عالٍ من الإنهاك والانفعال الذي يصيب الجسم , فأية إصابة جسمية انفعالية غير سارة كالقلق أو الإصابة بالتعب أو الألم لها علاقة بتلك الضغوط .

ويؤمـن بـأن درجـة معتدلـة أو متـوسطة مـن الضغوط النفسية تـؤدي إلى اضـطراب التـوازنات الجسمية . ويؤكد في هذه النظرية أن التعرض المستمر أو المتكرر للضغوط يؤدي إلى تأثيرات سالبة في حياة الفرد .

وقد وصف سيلي نظريته في ثلاث مراحل هي :-

المرحلة الأولى : مرحلة رد الفعل التحذيرية (التنبيه للإخطار)

وتمثل هذه المرحلة الخط الدفاعي الأول لضبط الضغط النفسي , فعندما يتعرض الفرد للخطر أو التهديد الجسمي فإن ردة فعل الجسم تكون واحدة حيث تبدأ من الإشارات العصبية والهرمونية في الجسم لتعبئة الطاقة اللازمة للطوارئ فتزداد دقات القلب ويرتفع ضغط الدم ويزداد إفراز الأدرينالين وسرعة التنفس وزيادة تدفق الدم لعضلات الجسم لذا يحاول الفرد مواجهة مصدر الضغط النفسي.

المرحلة الثانية : مرحلة المقاومة :

هذه المرحلة مرحلة مواجهة الضغط النفسي من الفرد فُيهيئ الفرد نفسه للمواجهة وعند انشغال الفرد بمصدر الضغط النفسي فإنه يتعرض لاضطرابات نفسية مثل التقرحات في جهاز الهضم وضغط الدم والربو التي تنشأ حينما تكون طرائق تعامله فاشلة مع مصادر الضغوط مما يؤدي إلى نتائج سلبية إذا ما استمرت هذه الحالة لمدة طويلة , إذا لم تستطع القوى الفاعلة التعامل معها خلال مدة المقاومة فإن الفرد المتعرض للضغوط ينتقل إلى مرحلة الإنهاك .

 

المرحلة الثالثة : مرحلة الإنهاك

في هذه المرحلة تنخفض قدرة الفرد على التعامل مع الضغط النفسي فيصبح مصدر الضغط مسيطراً , مما يجعل الفرد غير قادر على حماية وجوده تحت المستويات العالية والمستمرة من الضغط النفسي وتضعف المقاومة وقد تتكرر المراحل الثلاث للضغط عند سيلي مرات عديدة في اليوم الواحد كلما واجه الفرد موقفاً ضاغطاً فمن الواضح أن هذه النظرية تفسر بشكل واضح الأثر الناشئ عن الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأفراد ودرجة مقاومة المواقف المسببة .

 

 

الاحتراق النفسي

 تطور مفهوم الاحتراق النفسي :

تعود الجذور التاريخية لمفهوم الاحتراق النفسي إلى بدايات القرن الثامن عشر تقريبا، إذ أشارت أحد التعريفات له إلى أن الاحتراق النفسي هو الخروج الإجباري للفرد من منزله بسبب الهيجان والانفعال ، لكن هذا المفهوم لم يتم تناوله بالبحث والدراسة إلا في أواسط السبعينات من القرن العشرين.

وخلال الحرب العالمية الأولى والثانية استعمل مصطلح ( تعب المعارك ) للدلالة على الإعراض المشابهة لإعراض الاحتراق النفسي المتعارف عليها حاليا ، ونظرا للخصوصية التي تميز أعراض الاحتراق النفسي ، فقد أخذت تجد من الاهتمام والدراسة والبحث ، فأول من تطرق إلى المعنى العام للاحتراق النفسي جراهم سين Crahem Ceen) ) في قصته الصادرة سنة 1960 التي عرض فيها حالة مهندس معماري يعاني من الاحتراق النفسي.

وفي سنة 1960 قام برادلي Bradley  بأول بحث علمي تطرق إلى الاحتراق النفسي بوصفه ناتج عن ضغوط العمل .

وبحلول سنة 1974 اخذ موضوع الاحتراق النفسي يؤخذ قيمته العلمية على وجه التحديد في الدراسات الطبية بفضل الطبيب فرويد نبرجر Freudenberger  وفريقه في عيادته بالولايات المتحدة الأمريكية.

ثم استخدم اصطلاح الاحتراق النفسي عام 1975 من قبل هربرت فرنك Herbert Frank  واصفا تطوره والآثار التي خلفها لدى مجموعة من الهيئات التدريسية في المعاهد العالية .

كما استخدم الباحثون والمختصون أيضا بالصحة النفسية الاحتراق النفسي على أثر المشكلات التي شخصت عند مجموعة من المدرسين ، والمهن العاملة الأخرى في المجال الطبي ، إذ وجد أنهم ليسوا الوحيدين في المجتمع قد تعرضوا للاحتراق النفسي ، وإنما هناك مهن أخرى تجارية وإدارية ، فضلا عن ما ظهر عند بعض أولئك الأشخاص ممن يعرضون أنفسهم للاحتراق نتيجة تمسكهم الزائد بالروح الإدارية والحرص الشديد وعملهم الإضافي في أوقات الراحة.

وينظر باردوBardo) )  إلى ظاهرة الفرد المحترق من خلال خدمته الطويلة ، فالعامل الأكثر تفاعلا في عمله ، وأكثر إخلاصا هو الذي يعرف بحماسه والتحكم في رغباته ومرونة تعامله مع ضغوط العمل ، ولكن بعد سنوات من الوظيفة قد يفقد حماسه وطموحه ، وعدم اهتمامه بالمهنة ، وبذلك يتفق باردو مع سارسونSarason)  ) الذي أوضح أن العامل كلما طال عهده بممارسة مهنته ، كلما أصبح اقل تأثيرا وحيوية واستجابة لما يحيط به من مؤثرات ، فيما يتعلق بالدور الذي يقوم به ، وقد ارجع ذلك إلى أن زيادة الخبرة ربما تؤدي إلى الإحساس بالسأم ومن ثم فزيادة الخبرة قد تؤدي إلى انخفاض الدافعية للعمل، وتؤدي إلى زيادة مستوى الضغط .

ويرى هوك (Hook) أن هناك عوامل متعددة تؤدي إلى الشعور بالاحتراق النفسي منها العبء الزائد في العمل والحاجة إلى المكافئات فضلاً عن النظام المدرسي غير الملائم والعزلة عن الأصدقاء والحاجة إلى المساندة الإدارية .

ومهما يكن من أمر أن بروز استخدام الاحتراق النفسي عام (1982) في علم النفس بدلالة على الحالة التي يكون فيها الفرد واقعاً تحت تأثير إجهاد انفعالي أو جسمي ، فإذا استمرت هذه الحالة وجد فيها الفرد اللامبالاة وقد يؤدي إلى اضطرابات مختلفة سواء كانت جسمية أو سلوكية أو انفعال.

وأشار فرويد نبرجر إلى بعض مظاهر الاحتراق النفسي فسماها بالمظاهر الفيزياوية، وبعضها  بالمظاهر أو التصرفات النفسية ،وقد رأى بعض الأشخاص يعرضون أنفسهم للاحتراق كالتمسك بالروح الإدارية الزائدة حيث يعمل بعضهم في أوقات راحتهم.

ولقد جرت محاولات عدة لتوضيح مفهوم الاحتراق النفسي ، فقد قامت ماسلاك Maslach وزملاؤها ببحوث عدة ودراسات مختلفة تتعلق بعوامل الاحتراق النفسي التي تظهر مترابطة مع تطوره، حيث استخدمت بعض الأدوات البحثية لهذا الغرض للحصول على المعلومات ، من هذه الدراسات أيضا دراسة (فاين وماسلاك 1978 Van and Maslach  )على عدد من العاملين في الصحة العقلية فقد اكتشفوا ظاهرة رد فعل مشتركة حيث تبين أن كثير من هؤلاء قد مروا بمستوى من الاحتراق النفسي  ، واستعلموا تقنيات مترابطة لمواجهة ذلك وهذه التقنيات تتضمن :

1ـ فصل الاهتمام : حيث فضل المختصون البقاء بعيدين عن زملائهم ومشاكلهم.

2ـ التخلي : والتي تتضمن قضاء وقت مع المسترشد وإبقاء علاقة غير حميمة .

3ـ فلسفة هذه التقنيات : إهمال المسترشد كلياً .

4ـ ازدواجية الحالة العقلية : وهو أن الشخص يحافظ على مسافة بين المسترشد والحالة الشخصية.

5ـ الاستراحة :وهي تعني خروجهم نفسياً من الظرف الشخصي.

وقد توصل توبيسنج 1982 Tubesing في دراسته أن هناك محددات في الغالب تؤدي بالفرد إلى اتخاذ مواقف سلبية اتجاه الأصدقاء وأفراد العائلة وإلى نشوء صراع وتدهور في العلاقات الشخصية فضلاً عن أن طبيعة العمل الذي يؤديه المحترق نفسياً لم يعد يلبي احتياجاته كما يؤثر على طبيعة الشخص ويصبح هذا التأثير أكثر وضوحاً على الصحة النفسية وطبيعة الأداء في العمل .

وأن ضغوط العمل تسهم اسهاماً فاعلاً الأكبر في حدوث ظاهرة الاحتراق النفسي ، ويتوقف ذلك على مجموعة العوامل التي تتداخل مع بعضها البعض والتي تتمثل في ثلاث جوانب هي :

أ ـ العوامل الذاتية :

والتي تتمثل في مدى واقعية الفرد في توقعاته وطموحاته، ومدى التزامه المهني الذي يجعله أكثر عرضة للاحتراق النفسي ،خاصة حينما يواجه عقبات تحول دون تحقيق أهدافه بأعلى درجة من النجاح ، مثل كثرة عدد التلاميذ أو قلة الإمكانيات المتاحة له وأيضاً مستوى الطموح لدى الفرد المهني في إحداث تغيرات اجتماعية في بيئة العمل ،قد يجعله أكثر عرضة للاحتراق بسبب العقبات التي تقف إمام تحقيق أهدافه .

ب ـ العوامل الاجتماعية :

حيث يتوقع المجتمع من المربي أن يقوم بدور اكبر في تربية النشء دون النظر إلى أن هناك مدخلات متعددة تلعب دورها في تكوين شخصية الطفل ، فضلاً عن الواقع الوظيفي في ظل المؤسسات البيروقراطية والتي تحول دون تحقيق التوقعات الاجتماعية من جانب الفرد ، وهذا من شأنه توليد ضغط عصبي عليه مما يجعله أكثر عرضة للاحتراق النفسي .

جـ ـ العوامل الوظيفية :

وهي الأكثر وزناً في إيجابية أو سلبية الفرد المهني نظراً لما يمثله العمل من دور هام في حياة الفرد فالعمل يحقق للفرد حاجات تتراوح بين حاجات نسبية لها أهميتها في تكوين الشخصية السوية مثل التقدير والاستقلالية والنمو واحترام الذات.

كما أكدت أبحاث هير 1988 Herr من وصف الاحتراق على أنه أزمة طاقة إذ العديد من الأعراض التي ترافقه تدل على فقدان هذه الطاقة ، وغالبا ما تظهر ظاهرة الاحتراق من خلال ترك التدريسي وظيفته خاسراً تعليمه وخبرته التي حصل عليها أما من بقي من المحترقين نفسياً في الخدمة فهم أقل عطاء .

 

  العوامل والأسباب التي تؤدي إلى حدوث ظاهرة الاحتراق النفسي :

لقد عَدّ علماء النفس الضغوط النفسية والمهنية سبباً مباشراً وراء حدوث ظاهرة الاحتراق النفسي ، نظراً لوجود العلاقة بين الضغوط النفسية وضغوط العمل من جهة وبين الاحتراق النفسي من جهة أخرى ، وقد اسشارت الدراسات الميدانية التي أجريت في بيئات مختلفة إلى عدد كبير من العوامل التي لها دوراً بارزاً في حدوث هذه الظاهرة منها :

أ ـ العوامل المتعلقة بالبعد الفردي ( الشخصي ) :

اتفقت معظم الدراسات على أن الإنسان الأكثر انتماءاً والتزاماً بعمله هو الأكثر تعرضاً للاحتراق النفسي من غيره من العاملين ، وذلك لأن هذا الفرد يقع تحت تأثير ضغوط العمل الذي يعمل فيه ، مثال ذلك معلم المدرسة الذي يفني وقته من أجل مستقبل تلامذته ، ويسعى إلى إيصال المفاهيم والمعلومات إلى أذهانهم وإلى تحقيق الأهداف العامة والخاصة للمواد التي يدرسها يجد نفسه معرض للاحتراق النفسي بتأثير مشكلات العمل التي تواجهه وتسعى إلى إحباط عطائه واندفاعه  ، ومن بعض الأسباب الفردية الشخصية :

1ـ مدى واقعية الفرد في توقعاته وآماله فزيادة عدم الواقعية تتضمن في طباعها الوهم والاحتراق.

2ـ مدى الإشباع الفردي في نطاق العمل ، فزيادة حصر الاهتمام بالعمل يزيد من الاحتراق.

3ـ الأهداف المهنية ، إذ وجد أن المصلحين الاجتماعيين هم أكثر عرضة لهذه الظاهرة.

4- مهارات التكيف العامة .

5ـ درجة تقييم الفرد لنفسه .

6ـ الوعي والتبصر بمشكلة الاحتراق النفسي.

ب ـ العوامل المتعلقة بالجانب الاجتماعي وتتمثل فيما يأتي :

1ـ تزايد الاعتماد من طرف أفراد المجتمع على المؤسسات الاجتماعية ، الأمر الذي يسهم في زيادة العبء الوظيفي الذي يكون سبباً في تقديم خدمات في المستوى المطلوب ، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى شعور بالإحباط وبالتالي زيادة الضغط .

2ـ الهالة المحيطة ببعض المهن الاجتماعية ، ومنها مهنة التعليم ويذكر بيلنجسلي وآخرون (Billingsley and others 1993) أن عدم رغبة معلمي التربية الخاصة في البقاء كمعلمين تنبع من عدة أسباب أهمها عوامل مرتبطة بالدور ، وعدم المساعدة من قبل الإدارة ، وظروف العمل ، وعوامل تتعلق بالتلاميذ وعدم جواز الحوافز الأمر الذي يؤدي إلى زيادة معدل الاحتراق النفسي ، ويعطي إلى قرار المعلم ترك مهنة التدريس في مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل كمعلم مع التلاميذ الأسوياء.

وهناك عدد من العوامل الاجتماعية التي تعد مصادراً للاحتراق النفسي منها :

1ـ التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت في المجتمع ، وما ترتب عليها من مشكلات قد تؤدي إلى هذه الظاهرة .

2ـ طبيعة التطور الاجتماعي والثقافي والحضاري في المجتمع ، التي تساعد على أيجاد بعض المؤسسات الهامشية التي لا تمتلك دعماً جيداً من المجتمع ، فيصبح العاملون فيها أكثر عرضة للاحتراق .

جـ ـ العوامل الخاصة بالجانب الوظيفي :

وهذا الجانب الأكثر وزناً في إيجابية الموظف نظراً لما يمثله العمل في حياة الفرد في العصر الحديث فالعمل يحقق حاجات الفرد التي تتراوح بين حاجات أساسية مثل السكن وغيرها ، وحاجات نفسية لها أهميتها في تكوين الشخصية مثل التقدير  واحترام الذات والنمو والاستقلالية وتبرز بهذا الخصوص ثلاث مفاهيم تفسر إلى حد كبير بيئة العمل ودورها في حدوث التغيرات السلبية في سلوك الموظف ويمكن تلخيصها فيما يأتي:

1ـ مفهوم العجز المتعلم : Helplessness Learned وهو يعبر عن الحالة التي يصل أليها الفرد الذي يفقد فيها القدرة على التحكم في بيئة العمل الأمر الذي يؤدي إلى شعوره بالقلق والكآبة والضغوط العصبية وتزداد الحالة سوءاً عندما ينتابه اليأس نتيجة لاستمرار هذه الحالة وبناء على ذلك فانه يمكن اعتبار أي بيئة عمل يفقد فيها المهني القدرة على التحكم في قراراته الخاصة بعمله ، وعلى حل المشكلات المتعلقة به من العوامل المساهمة في الضغط الذي يصب فيه .

2ـ مفهوم قلة الإثارة : يستند هذا المفهوم إلى نتائج الدراسات التي تشير إلى أن حرمان الحواس من مثيراتها يؤدي إلى القلق والمشكلات النفسية الأخرى واستناد إلى ذلك فأن الأعمال التي تفقد التحدي والتنويع في الإعمال الرقيبة والمتكررة ،تؤدي إلى الضغط وبالتالي إلى الاحتراق .

3ـ مفهوم الفشل في تحقيق الحاجات الشخصية : عدم تحقيق الحاجات الشخصية التي يتوقعها الفرد في عمله يساهم في حدوث عدم الرضا الوظيفي والضغط وبالتالي الاحتراق.

 

أعراض الاحتراق النفسي :

لقد صنف بعض الباحثين أمثال بيك وجراجويل   Beck and Garguil , 1983)) أعراض الاحتراق النفسي في أربع فئات هي :

أ ـ الأعراض الفسيولوجية الجسمية وتشمل :

ارتفاع ضغط الدم ، ارتفاع معدل ضربات القلب ، اضطرابات في المعدة ، جفاف في الحلق ، ضيق في التنفس ، والألم في الظهر ، الإنهاك الشديد ، بحيث يفقد الفرد نشاطه وحماسه ، وقد يتحول الشعور بالإنهاك إلى مرض حقيقي كما في الإحساس بالتعب الذي يؤدي إلى صداع مستمر وشديد ، وضعف عام في الجسم ، مما ينتج عنها خلل في بعض أجهزة الجسم ومن ثم التأثر على سير حياته.

ب ـ الأعراض المعرفية و الإدراكية وتتمثل في :

عدم القدرة على التركيز ، المزاج الساخر، ضعف القدرة على التذكر ، تهويل الإحداث ، ضعف القدرة على حل المشكلات وتظهر هذه الأعراض بوضوح على شكل تغيير في نمط أدراك الفرد ، حيث يتحول الفرد في كونه شخص متفاهم ومتساهل إلى شخص عنيد ذو تفكير متصلب ومتشدد.

جـ ـ الأعراض الانفعالية :

وتتمثل في : القلق ، الغضب ، والاكتئاب ، الحزن ، والوحدة النفسية وفي هذا الصدد يشير كننجهام إلى انه إذا كان الموقف مستمر فأن انفعالات الفرد تزداد اضطرابا.

د ـ الأعراض السلوكية :

وتبدأ من الشكوى من العمل والبطء في الأداء وعدم الرضا ، والإنجاز المتدني والتغيب المستمر في العمل ، وترك المهنة ، والانسحاب من حياة الأشخاص الذين يتعامل معهم.

وقد صنفت إعراض الاحتراق النفسي في ثلاث مستويات هي :

أ ـ المستوى الأول : تظهر حالة الاحتراق النفسي في هذا المستوى بشكل قصير ومتقطع يمكن السيطرة عليه بسهولة ، وأن علاجه ذلك يكمن في القيام ببعض الممارسات والتمارين الرياضية التي تقود إلى الاسترخاء ، وممارسة بعض الهوايات المحببة ،بحيث تنخفض معها مظاهر الاحتراق هذه .

ب ـ المستوى الثاني : أن ظاهرة الاحتراق النفسي عند هذا المستوى تأخذ مستوى خاصاً من الحدة والوضوح ، وتستغرق وقتاً أطول من حيث ديمومتها إلى درجة يصعب معها علاجها ، أو العمل على إزالة إعراضها بالطرق التي ذكرت في المستوى الأول وهنا يمكن بوضوح قياس درجة الانفعال عند المحترق نفسياً على الرغم من استرخائه أو نومه ، كما يلاحظ بوضوح مدى سخريته بالقائمين على العمل الذي يقوم به ، ويكون مزاجه متقلباً واهتمامه بالمستفيدين من العمل منخفضاً.

جـ ـ المستوى الثالث : وعند هذا المستوى تدوم الأعراض ، وتنشأ مشكلات صحية ونفسية لا يمكن لها أن تنتهي بسرعة بالعلاج الطبي أو النفسي ونلاحظ من الشخص شكوك دائمة حول قدرته ، كما أن الاكتئاب والمشاعر النفسية السلبية تصبح متفشية.

ويمكن أجمال إعراض المحترق نفسياً بـ : إجهاد و استنزاف بدني ألم الرأس واضطرابات معدية ومعوية ، انخفاض الوزن ، عدم النوم ، ضعف وكآبة ، ضيق التنفس ، المزاج المتغير ، التهيج المتزايد ، فقدان الاهتمام بالناس ، انخفاض القدرة على تحمل الفشل ، الشك والريبة بالآخرين ، والشعور بالفخر ، وفقدان السيطرة ، فقدان الهدف ، اتخاذ الفرد موقفاً سلبياً نحو نفسه وتجاه الآخرين والحياة بصورة عامة فقدان الأمل ، ضعف الحماس للعمل ، فقدان معنى الحياة عموماً تناقض العطاء ،النسيان وكثرة الغياب ، وترك المهنة.

وقد وصفت ماسلاك المحترق نفسياً أنه لمن السهل على الناس أن يعرفوا ما يعذبه الاحتراق النفسي حتى أن لم يكونوا متخصصين في الميدان، إذ يمكن أن يفهموه على أساس خبراتهم الشخصية ،فبا مكان المرء أن يتصور تحول الحطب إلى رماد أو ذوبان شمعة مشتعلة .

 

  مصادر الاحتراق النفسي :

أن أهم مصادر الاحتراق النفسي هي :

الأول : مصادر تتعلق بالفرد نفسه : مثل توقعات الفرد والمهنة ، تحميل الفرد نفسه مسؤوليات تفوق قدراته ، المشاكل الذاتية للفرد ( فالبيئة الخاصة بالفرد قد تكون السبب المباشر في خلق التوتر لديه ) مركز التحكم في الأحداث ( داخلي خارجي ) : وهذا يعني ماهية اعتقاد الفرد في أسباب وعوامل ما يحدث وهل له القدرة على التحكم بالأمور أو أن ذلك خارج عن أرادته وقدرته ويتحدد بالمصادفة والحظ.

الثانية : مصادر متعلقة بالعلاقة مع الآخرين : مثل العلاقة مع الرئيس والزملاء ، والمجتمع المحلي والطلاب .

الثالثة : مصادر تتعلق بالنواحي المادية : تدني الرواتب ، عدم اعتماد الحوافز المادية .

الرابعة : مصادر تتعلق بظروف العمل مثل : العبء الوظيفي الزائد عن طاقة الفرد ، غموض الدور ، صراع الدور والتعارض والتنافس بين متطلباته كالتناقض بين قيم العمل وقيم الفرد ومبادئه .

الخامسة : ظروف ومناخ العمل : وتشمل مجالين هي ظروف العمل ،ومناخ العمل ،ويقصد بظروف العمل الظروف الطبيعية والمادية المحيطة بالفرد في مكان عمله كالتهوية والإضاءة أي ظروف الفيزيائية .

إما مناخ العمل فقد شمل بتعارض المبادئ والقوانين، والشعارات المؤسسة مع ما يحمله الفرد من مبادئ وما يتبناه من فلسفة خاصة به ، وكذلك عدم فاعلية الحماية القانونية التي تحمي الموظف  من المخالفات التي يرتكبها صاحب العمل .

 

  مراحل الاحتراق النفسي :-

أن ظاهرة الاحتراق النفسي لا تحدث فجأة و إنما تتضمن المراحل الآتية :

1ـ مرحلة الاستغراق Involvement  : وفيها يكون مستوى الرضا عن العمل مرتفعاً ، ولكن إذا حدث عدم تناسق بين ما هو متوقع من العمل وما يحدث في الواقع يبدأ مستوى الرضا في الانخفاض .

2ـ مرحلة التبلد Stagnation : هذه المرحلة تنمو ببطء وينخفض فيها مستوى الرضا عن العمل تدريجياً وتقل الكفاءة وينخفض مستوى الأداء في العمل ، ويشعر الفرد باعتلال صحته البدنية وينقل اهتمامه إلى مظاهر أخرى في الحياة كالهوايات والاتصالات الاجتماعية وذلك لشغل أوقات فراغه

3ـ مرحلة الانفصال Detachmant :وفيها يدرك الفرد ما حدث ، ويبدأ في الانسحاب النفسي ، واعتلال الصحة البدنية والنفسية مع ارتفاع مستوى الإجهاد النفسي .

4ـ المرحلة الحرجة Jnncture : وهي أقصى مرحلة : ـ وهي سلسلة الاحتراق النفسي وفيها تتزايد الأعراض البدنية والنفسية والسلوكية ، سوأً وخطراً ، ويختل تفكير الفرد ، نتيجة شكوك الذات Self – Doubts ويصل الفرد إلى مرحلة الاجتياح ( الانفجار) ويفكر الفرد في ترك العمل وقد يفكر في الانتحار.

 

  أبعاد الاحتراق النفسي :

طبقا لماسلاك وزملائها فأن صِدامُ المهن الضاغطة يسبب مشاعر التوتر الشديد والدائم مع الناس ، والذي يقود إلى فقدان الاهتمام ، وعدم الالتزام وهما عكس اتجاهات العامل ، وتظهر هذه المشاعر في صورة ثلاثة أبعاد هي :

1ـ الإجهاد الانفعالي Emotional Exhaustion : بما أن المشاعر الانفعالية قد استنزفت فأن الأشخاص لا يستطيعون أن يقدموا العطاء  ، كما كانوا من قبل وتتمثل هذه المشاعر في شدة التوتر والإجهاد وشعور العامل بأنه ليس لديه شيء يعطيه للآخرين على المستوى النفسي .

2ـ تبلد الشعور Depersonalization : ويوضح الاتجاهات السلبية تجاه من يتعامل معهم الشخص المحترق نفسياً وهذه الاتجاهات السلبية والتي تكون أحيانا تهكميه ( ساخرة ) لا تمثل الخصائص المميزة للشخص وتعرف كلاً من ماسلاك وبينز Maslach and pines)  ) هذا البعد من الاحتراق النفسي بأنه : أحساس بالإنسانية والسخرية من العملاء   (الآخرين ) والذي يظهر في صورة تحقير أثناء المعاملة .

3ـ نقص الشعور بالإنجاز الشخصي Lack of Personal Achievement: وهذا البعد يحدث حينما يبدأ الأفراد في تقييم أنفسهم تقييماً سالباً وحينما يفقدون الحماس للإنجاز ، وعندما يشعر العامل أو الشخص بأنه لم يعد كفء في العمل مع عملائه وبعدم قدرته على الوفاء بمسؤولياته الأخرى.

 

  علاقة الضغوط بالاحتراق النفسي:

نظراً لارتباط الاحتراق النفسي بالضغوط النفسية ارتباط تكاملي باعتبار أن الاحتراق النفسي هو الصورة القائمة للضغوط النفسية في مجال العمل وهذا ما دفع بعض الباحثين إلى إيضاح العلاقة الرابطة بين الضغوط النفسية والاحتراق النفسي ومن بين هؤلاء نيهاس (Niehas)، الذي يرى أن الاحتراق النفسي هو انعكاس للضغوط النفسية الذي لا يقتصر عليها دون سواها ومن أبرز الخصائص للاحتراق النفسي التي توصل لها هي:

أـ أن الاحتراق النفسي يحدث نتيجة لضغوط العمل النفسية المتمثلة في تضارب الأدوار وغموضها وازدياد حجم العمل وظروف العمل وأحواله التي تنطوي غلى بعضها المخاطر

ب ـ أن الاحتراق النفسي يحدث في معظم الأحيان لدى العاملين الذين يلتحقون بالمهنة برؤية مثالية مؤداها أنهم لابد أن ينجحوا في مهنتهم .

ج ـ هناك صلة وثيقة وعلاقة تناسبية متبادلة بين الاحتراق النفسي والسعي إلى تحقيق المهام التي يتعذر تحقيقها.

في حين يرى (فاربر) أن الضغوط النفسية يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية ويضيف أن الاحتراق النفسي في أحوال كثيرة لا يكون نتيجة للضغوط النفسية المحضة ،إي لمجرد حدوث الضغوط وإنما يكون نتيجة للضغوط النفسية التي لا تحضى بالاهتمام، ولا تجد المساندة الضرورية على الوجه الذي يؤدي إلى تلطيف آثارها والحد من مضاعفاتها.

وهناك مجموعة نقاط الاختلاف بين الاحتراق النفسي وحالات أخرى مشابهة له والمتمثلة في :

أ ـ على الرغم من أن التعب أو التوتر المؤقت قد يشكل العلامات الأولية لهذه الحالة إلا أن ذلك ليس كافيا للدلالة عليها وبخاصة إذا كانت قصيرة الأجل فالاحتراق النفسي يتصف بحالة من الثبات النسبي فيما يتعلق بالتغيرات السلبية.

ب ـ يختلف الاحتراق النفسي عن التطبيع الاجتماعي حيث يغير الفرد سلوكه واتجاهاته نتيجة إلى التفاعل مع الآخرين الذين يمكن أن تترتب عليه مظاهر سلوكية سلبية إذا كان الوسط الاجتماعي الذي يحدث فيه ذلك التفاعل يدعم التصرفات غير البناءه أما بالنسبة للاحتراق النفسي فان سلوك الفرد هو محصلة ردود الفعل المباشر للتعرض لمصادر الضغوط في بيئة العمل .

ج ـ حالة عدم الرضا وما قد يصاحبها من غياب للدافعية في عمل لا تعتبر احتراقا نفسيا   ومع ذلك ينبغي النظر أليها بعين الاعتبار لان استمرارها يؤدي إلى الاحتراق النفسي.

دـ الاستمرار في العمل لا يعد مؤشرا يعتمد عليه في إصدار حكم بغياب الاحتراق النفسي ، فالفرد،ربما يستمر في عمله على الرغم مما يعانيه من احتراق نفسي لأسباب متعددة منها على سبيل المثال عدم توفر فرص للالتحاق بإعمال أخرى.

 

  النظريات والنماذج المفسرة للاحتراق النفسي:

أ ـ النظريات : يبدو أن نظريات علم النفس حاولت بشكل أو بأخر تفسير ظاهرة الاحتراق النفسي على الرغم من أنها لم تحدث عنها بشكل مباشر من خلال كونها حالة داخلية نفسية حالها حال القلق التوتر ، ومن هذه النظريات .

النظرية السلوكية :

لما كانت النظرية السلوكية تؤكد أن السلوك هو نتاح الظروف البيئية إلى درجة كبيرة ، فأن مشاعر الفرد وأحاسيسه ، وادراكاته تتأثر إلى حد كبير بهذه العوامل البيئية ، وحسب نظرة أصحاب هذه النظرية فأن الاحتراق النفسي حالة داخلية شأنه شأن القلق والغضب ، ولهذا نجد أن النظرية السلوكية ترى أن الاحتراق هو نتيجة لعوامل بيئية وإذا ما تم ضبط تلك العوامل  فأنه من السهولة التحكم بالاحتراق النفسي ، وهذا ما تؤمن به الكثير من النظريات والدراسات العلمية حالياً في أهمية وضرورة وتعديل السلوك لضمان درجة عالية من الأداء والإنتاجية في مختلف مجالات العمل.

2ـ النظرية المعرفية :

ترى النظرية المعرفية إن السلوك الإنساني ليس محدداً بموقف مباشر يحدث فيه إذ أن المعرفة عامل يتوسط بين الموقف والسلوك ، فالإنسان يفكر فقط في الموقف الذي يتواجد فيه ويسعى إلى الاستجابة من اجل الوصول إلى أهداف يحددها، وعليه أذا أدرك الإنسان الموقف إدراكا إيجابيا فأن ذلك يقود بالضرورة إلى حالة من الرضا والمعنوية العالية ، والتكيف الإيجابي معه أما الإدراك السلبي فيؤدي إلى ظهور أعراض للاحتراق النفسي ، وعليه فأن النظرية المعرفية تعطي الشخص درجة كبيرة من الاستقلالية في البيئة في سلوكه أو في طرق تفكيره ، لكن هذه النظرية لم تقتصر على الإدراك في تفسير السلوك فقط بل أضافت إليه أثر محددات السلوك وبشكل خاص الدافعية ، وعليه فأن الاحتراق النفسي يحدث لدى الفرد في ضوء أراء هذه النظرية ، إذا كان إدراكه للموقف سلبياً وكانت دافعيته منخفضة .

3ـ نظرية التحليل النفسي :

تؤكد هذه النظرية ولاسيما رائدها ( سيجموند فرويد ) على الحتمية البيولوجية في تفسير السلوك على وفق قوانين محددة إذ يرى أن الشخصية تتكون من ثلاثة منظومات هي ( الهو ) و ( ألانا ) ( وألانا الأعلى ) فالهو تقود إلى السلوك الغريزي ، وينجم عن ( ألانا ) السلوك المنطقي من حيث يترتب على  ( ألانا الأعلى ) السلوك الأخلاقي ، لذا فأن السلوك يمر بثلاث مراحل مترابطة أو متصلة هي أن حدثاً بيئياً ما ( خبرة ما ) يؤدي إلى حالة عقلية داخلية ، انفعال أو فكرة أو صراع ينجم عنها سلوك ظاهر ، وعليه فأن مصدر السلوك الظاهري كالتبلد ونقص الشعور والإجهاد التي تمثل الاحتراق النفسي هو العمليات النفسية الداخلية فالانفعالات والتوتر والقلق وليس الأحداث البيئية.

 4- نظرية متلازمة التكيف العام: Seyle

 syndrome (G. A. S)  The general adaption

قدم سيلي Seyle نظريته هذه عام 1956 ثم عاد صياغتها عام 1976 وأطلق عليها نظرية متلازمة التكيف العام وفيها يقرر أن التعرض المتكرر للاحتراق يترتب عليه تأثيرات سلبية على حياة الفرد ، حيث يعرض للاحتراق النفسي على الفرد متطلبات قد تكون فسيولوجية أو اجتماعية أو نفسية أو تجمع بينهما جميعاً ورغم أن الاستجابة لتلك الضغوط قد تبدو ناجحة ، فأن حشد الفرد لطاقاته لمواجهة تلك الاحتراقات قد يدفع ثمنها في شكل أعراض نفسية وفسيولوجية ، وقد وصف سيلي هذه الأعراض على أساس ثلاثة مراحل للاستجابة لتلك الاحتراقات والتي تتضح في الشكل

 

مراحل الاستجابة للاحتراقات النفسية ومظاهرها في نظرية سيلي

المرحلة الأولى ( الإنذار ) :

الاستجابة بالهلع ( رد الفعل ) تحدث عند التعرض المفاجئ كمنبهات مزعجة أو مؤذية ولم يكن باستطاعة الكائن العضوي التكيف لها ، وتحدث له استجابات فسيولوجية معقدة ومن إعراض هذه المرحلة الشد العضلي ، ارتفاع معدل نبضات القلب ، سرعة التنفس زيادة إفراز الحوامض .

المرحلة الثانية ( المقاومة ) : تتميز بالتكيف العام للموقف الضاغط من خلال تحسس الأعراض وهي مرحلة المقاومة Restanice stage وفي هذه المرحلة تختفي مؤشرات المرحلة الأولى ويبدأ الجسم وكأنه قد عاد لحالته الطبيعية .

المرحلة الثالثة : ( الإنهاك أو الاستنزاف Exhanstion ): وهنا يظهر الجسم ثانية أعراض مشابهة للتي ظهرت في المرحلة الأولى ، والشيء المهم في هذه المرحلة هي أن الجسم يكون قابلاً للإصابة بدرجة كبيرة وفي هذه المرحلة تحدث الأمراض المتعلقة بالضغوط والشكل الأتي يوضح مراحل استجابة الجسم للضغوط في هذه النظرية

 

إما كيفية حدوث الاحتراق النفسي من خلال المراحل الثلاثة ففي المرحلة الأولى:

الإنذار : لرد الفعل والتي يظهر فيها بالجسم تغيرات في خصائصه في أول مواجهة للاحتراق من هنا يبدأ التكيف الحقيقي أي أن الكائن الحي عند مواجهته للتهديد أو الخطر بهدف إعداده للتعامل مع التهديد أو الخطر ، سواء بمواجهته أو بتجنبه ثم تأتي بعد ذلك مرحلة المقاومة التي تنشأ بوصفها نتيجة للمرحلة السابقة ، وذلك إذا استمرت مواجهة الجسم للموقف الضاغط ، وفي هذه المرحلة تختفي التغيرات التي حدثت في الخصائص الجسمية ، حيث تكون قدرة الجسم غير كافية لمواجهة العوامل الخارجية المسببة للاحتراق عن طريق أحداث رد فعل تكيفي ، لذا يبدأ الفرد في هذه المرحلة في تنمية مقاومة نوعية لعوامل الاحتراق التي تتطلب استخداما قوياً لآليات التكيف مع التحمل والمكابرة في سبيل ذلك مما يؤدي إلى نشأة بعض الاضطرابات النفسجمية   (السيكوسوماتية ) وبعد ذلك يصل الفرد إلى مرحلة الإنهاك والتي تحدث إذا استمرت المواجهة بين الجسم والموقف الضاغط لمدة طويلة ، عندئذ تصبح طاقة التكيف منهكة (متدهورة) مما يؤدي إلى ظهور التغيرات الجسمية التي حدثت في المرحلة الأولى ولكنها تكون بصورة أشد وأصعب وقد تؤدي بالفرد إلى المرض النفسي أو الوفاة .

وقد أوضح سيلي أن تكوين الاضطراب السيكوسوماتي يمر بمراحل إذ يبدأ بمثير حسي بعقبه إدراك وتقدير معرفي للموقف ، مما يؤدي إلى استثارة انفعالية ، وعندئذ يحدث اتصال للجسم بالعقل ، وينتج عن ذلك استثارة جسمية ثم أثار بدنية تؤدي إلى المرض .

2ـ نظرية التوافق للضغوط

لقد وجد كير (Kerr ) بعض الاستفسارات التي لها علاقة بتكرار الحادثة التي تعرض الفرد للخطر فقد وجد أن الحوادث التي تعرض لها الإنسان للخطر علاقة بالضغوط التي ترتبط بمتغيرات مثل معدل الرضا في المؤسسة ، مكان العمل ، درجة الحرارة ، الإضاءة ، درجة الازدحام  وما يتضمن من جهود يدوية في العمل أو الضيق الذي يعانيه الفرد في حياته  الشخصية مع الآخرين المجاورين له

كما أن هذه النظرية تعتقد أن الضغوط هي أمر غير اعتيادي وسلبي بتشتت ذهن الكائن العضوي ، وان زيادة الضغوط قد تعرضه الى ارتكاب الحوادث أو أنها قد تؤدي إلى سلوك ذات كفاءة واطئة كما تسمى  هذه النظرية بالنظرية المناخية.

وتشير هذه النظرية على أن الضغوط قد تكون مشروطة على الفرد بفعل البيئة الداخلية وقد تكون مفروضة على الفرد بفعل البيئة الخارجية ( زيادة درجة الحرارة زيادة مستوى الضوضاء زيادة الجهاد في العمل ) وتختلف الظروف عند   أولئك الذين تعرضوا لها للاستهداف للحوادث كما أنها تنجم عن عدم الكفاية الجسمية أو العقلية ومن ناحية أخرى إن التوافق للضواغط لا يكون ناجماً عن عدم الكفاية الجسمية أو العقلية بل من الظروف المؤقتة كما إن الخط البياني لتصاعد الضغوط يبين أن المعدلات العالية قد كانت بين (40 ـ 45) وهذه الفترات العمرية هي أيضاً فترات ضغوط كبيرة في الحياة العملية.

 

3ـ نظرية الاحتراق النفسي ذات الأساس الاجتماعي النفسي ( جوزيف بلاس):

تقدم هذه النظرية نموذجاً نفسياً اجتماعياً للاحتراق النفسي للمعلم ،والذي يؤكد على أهمية متغيرات أداء العمل ودورات تفاعل المعلم ـ الطالب ، وقد استمدت هذه النظرية إطارها من نظرية الدافعية لأداء المعلم وقد أشارت النظرية إلى آن هناك علاقة دينامية موجودة بين المعلمين والطلاب ، وان هذه العلاقة هامة لفهم الإبعاد الرئيسة لأداء المعلم من منظور نظرية الدافعية ، ونجد أن نقص الوضوح في فهم الاحتراق النفسي للمعلم ، يرتبط جزئياً بحقيقة أن الدراسات السابقة لم تميز بين استجابات المعلمين الطويلة والقصيرة المدى للاحتراق النفسي ، ولكنها أشارت الى أن استجابة المعلمين للضغوط هي حالة من الاحتراق النفسي ، وقد أشارت هذه النظرية إلى انه بالرغم من أن العوامل الضاغطة الوظيفية تتجه إلى استنزاف طاقة المعلم في المدى القصير فأن عمليات الاحتراق النفسي وان هذه المصادر نبعت في المقابل من خبرة العمل المكثف مع الطلاب ، وقد اتضح أن المعلمين ذوي الخبرة قد تعايشوا مع المشكلات الأولية  المرتبطة بضغوط العمل واكتسبوا مصادر  التكيف الاجتماعية والنفسية والفنية اللازمة للعمل الفعال مع الطلاب .

فقد وجد أن الاحتراق النفس يحدث بالتدريج للمعلمين عبر فترات زمنية متعددة وهي أكثر ارتباطا بتعرض المعلمين للضغوط المرتبطة بالعمل لفترة زمنية طويلة ولذلك فأن الاحتراق النفسي للمعلمين يشير إلى التآكل التدريجي للكفاءات الفنية النفسية والاجتماعية الهامة ، ولكن حقيقة الأمر أن الاحتراق النفسي هو نهاية الاستنزاف الحقيقي للكفاءات المهنية الهامة ونقص القدرة على الداء الفعال مع الطلاب . وتعتمد نظرية الدافعية -الداء للمعلم على إدراك المعلمين لحاجات الطلاب وجهود المعلمين ومصادر التكيف ،لتحقيق نتائج جيدة مع الطلاب ، أن دورة الاحتراق النفسي تشير إلى مجموعة من الظروف تفشل فيها جهود المعلم ( تهدر  طاقته ) ومصادر التكيف في التغلب على العوامل الضاغطة المرتبطة بالعمل أو المتطلبات والعوائق وفي هذه الحالة فإن المعلم في وجهة نظره لم ينجز ما يعده أهداف رئيسة هامة لم يتلق المكافأت المرتبطة بعمله .

4ـ نظرية التوافق بين الفرد والبيئة :

Adjustment Person environment

ظهرت هذه النظرية لكي تلائم بين خصائص الفرد وخصائص البيئة وتنبئ أن الإفراد الذين يشعرون بالاستقرار سوف يختزل لديهم هذا الشعور عندما يكون هناك سوء توافق بين خصائص الفرد والخصائص المرتبطة بالعمل في حين يحدث التوافق الجيد بين الفرد والبيئة عندما تهيأ البيئة على سبيل المثال ( الأموال ، الدعم الذي يلقاه الفرد في الآخرين ، فرص الإنجاز ) وهذا يعد كافياً  لإشباع دوافع الفرد.

وأشار هارسون Harrison إلى أن النظرية طرحت نوعين من التوافق بين الفرد والبيئة ، النوع الأول من التوافق هو المدى الذي تكون فيه مهارات الفرد وقدراته تواكب أعباء العمل ومتطلباته والنوع الآخر هو المدى التي تعمل في بيئة العمل على إشباع حاجات الفرد .

ويتضح من هذا عندما لا تشبع بيئة العمل حاجات الفرد الذي يمتلك مهارات وقدرات فأن ذلك يسبب التوافق وهو ضغط من الضغوط المهنية ، وتشير النظرية على أن الإجهاد هو انحراف عن الاستجابات  الطبيعية لدى الفرد ، وهذه الانحرافات عن الاستجابة الطبيعية تكون بالشكل الأتي :

1ـ استجابات نفسية مثل عدم الرضا عن العمل الاكتئاب ، تقدير واطئ للذات ، عدم القدرة على حل المشكلات وغيرها.

2- استجابات فسلجية مثل زيادة ضغط الدم.

 

ب ـ النماذج المفسرة للاحتراق النفسي

1ـ نموذج شيرنس للاحتراق النفسيCherniss Model    قدم شيرنس Cherniss 1985 الأنموذج الشامل من الاحتراق النفسي وقد قابل مع معاونيه ثمانية وعشرون مهنياً مبتدئاً في أربعة مجالات ، هي مجال الصحة ، ومجال القانون ، ومجال التمريض في المستشفيات العامة ، ومجال التدريس في المدارس الثانوية ، وتم مقابلة كل المفحوصين عدم مرات خلال فترة تتراوح من سنة إلى سنتين ويوضح الشكل الأتي نموذج شيرنس كما في الشكل

 

1ـ خصائص محيط العمل : تتفاعل هذه الخصائص مع الأفراد الذين يدخلون الوظيفة لأول مرة  مثل توجهات مستقبلية معينة ، ومطالب عمل زائدة ، ويحتاجون إلى مساندات اجتماعية ، كل هذه العوامل تعد مصادر معينة من الضغط الذي يتعرض له الأفراد بدرجات متفاوتة ويتواءم الإفراد مع هذه العوامل الضاغطة بطرق مختلفة فيلجا البعض إلى أساليب واستراتيجيات منحرفة ، بينما يتواءم آخرون عن طريق اللجوء إلى الاتجاهات السالبة ، وعد شيرنس خصائص محيط العمل الثمانية منبئات لمتغيرات الاتجاهات السالبة والتي تشكل الاحتراق النفسي وهذه الخصائص هي ( التوجه إلى العمل عبء العمل ، الاستثارة ، الاتصال بالعملاء ، الاستقلالية ، أهداف القيادة والأشراف ، العزلة الاجتماعية ).

2ـ المتغيرات الشخصية : وهي تضم الخصائص الديموغرافية ، فضلاً عن التأييد الاجتماعي خارج محيط العمل.

3ـ مصادر الضغط : وضع شيرنس خمسة مصادر للضغط كمقدمات للاحتراق النفسي هي :

عدم الثقة بالذات ونقص الكفاءة ، المشاكل مع العملاء ، التدخل البيروقراطي ، نقص الإثارة  والإنجاز ، عدم مساندة الزملاء.

4ـ متغيرات الاتجاهات السالبة: حدد شيرنس اتجاهات سالبة تنتج عن الضغوط السالبة وتتمثل في : عدم وضوح أهداف العمل ، نقص المسؤولية الشخصية ، التناقض بين المثالية والواقعية، الاغتراب النفسي ، الاغتراب الوظيفي ، نقص الاهتمام بالذات .

5ـ متغيرات المرتبطة بالعمل : وأضيفت بعض المتغيرات الأخرى مثل المتغيرات المرتبطة بالعمل وهي :

الرضا الوظيفي ، الغياب عن العمل ، الاتجاه نحو ترك المهنة ، الأعراض السيكوسوماتية،الرضا الزواجي صراع الدور الصحة الجسمانية ،استخدام العقاقير .

إما الاحتراق النفسي كما أوضح ألأنموذج أن الأشخاص الذين يحصلون على درجات عالية في الاحتراق النفسي هم الذين يلتقون مساندة اجتماعية ضعيفة ، ويوضح هذا ألأنموذج العوامل الديموغرافية مثل الجنس والسن سنوات الخبرة ضعيفة الارتباط بالاحتراق النفسي.

بنا ء عليه طبقاً لانموذج شيرنس فأن من يحصلون على درجات احتراق مرتفعة هم العاملون الذين يشعرون بأعراض سيكوسوماتية ، وهم الذين يستخدمون الأدوية بشكل متزايد ، ويعانون من عدم الرضا الزواجي ، ومن صراع الدور ، وقلة الرضا الوظيفي ، وترتفع حسب غيابهم ، كما أنهم يميلون إلى ترك المهنة.

أنموذج شفاف و آخرون للاحتراق النفسي 1986:

يشير هذا الأنموذج إلى المصادر والمظاهر والمصاحبات السلوكية للاحتراق النفسي وذلك كما هو موضح في الشكل الأتي :

 

يتضح من الشكل   :

أولا : أن الأنموذج يشير إلى نوعين من مصادر الاحتراق النفسي ولهما ما يرتبط بالمؤسسة وبالمدرسة أو الأسرة ، والذي يمثل صراع الدور وغموضه وعدم مشاركة الفرد في اتخاذ القرارات والتأثير الاجتماعي الرديء ، وثانيهما بالشخص نفسه مثل توقعات الشخص نحو دوره المهني ، فضلاً عن المتغيرات الشخصية الأخرى الخاصة بالشخص مثل سنه وجنسه وسنوات الخبرة والمستوى التعليمي.

 

ثانياً : أشار الأنموذج أيضاً إلى مظاهر أو مكونات او أبعاد الاحتراق النفسي والتي تتمثل في الاستنزاف الانفعالي وفقدان الهوية الشخصية والشعور بالإنجاز الشخصي المنخفض .

ثالثاً : أشار ألا نموذج إلى المصاحبات السلوكية للاحتراق النفسي والتي تتمثل في رغبة الشخص في ترك المهنة والتعب لأقل مجهود والتمارض وزيادة معدل التغيب عن العمل.

 

 المحور الاول / مفهوم اقتصاديات الاعلام ،خصائصه ، مراحله.

تعرف اقتصاديات الاعلام لى انها “فرع من فروع الاقتصاد التطبيقي الذي يدرس عمليات الانتاج والتوزيع والاستهلاك لمحتويات وسائل الاعلام (المنتوج الاعلامي)”.

خصوصية المؤسسة الاعلامية :-

المؤسسات الاعلامية عبارة عن تنظيمات يحكمها قانون خاص بها سواء كان قانونا داخلياً او خارجياً وتخضع المؤسسة للقانون العام في المجتمع واذا ما تجاوز على القانون فيتم سحب ترخيص انشاء مؤسسة من صاحبها (الكل يخضع للقانون) .

و تتميز المؤسسة الاعلامية بمجموعة من الخصائص و تتشابه بخصاص المؤسسات الاخرى بالاتي (رأس المال , و المقر, و التجهيزات التقنية والبشرية , و القوانين ) .

الهيكل التنظيمي للمؤسسة الاعلامية

تختلف المؤسسات الاعلامية من ناحية هيكلها التنظيمي عن باقي المؤسسات نتيجة لطبيعة المنتوج الصحفي للفكرة الاعلامية واهمية عامل الزمن (السبق الصحفي ) في العملية الاخبارية تضمنان ان يكون البناء التنظيمي للمؤسسة الاعلامية بكل قطاعتها مرن وافقي على عكس المؤسسات الاخرى والتي يكون بنائها شكليا ورسميا صارما وراسياً والهدف من ذلك هو امكانية انتاج وسائل بشكل منظم  تمكن من مواجهة متطلبات مواعيد الطبع الصارمة وان تكون هذه الوسائل او المنتجات طازجة ومستكملة تتسم بالإبداعية.

المنتوج الاعلامي في المؤسسة الاعلامية

و من خلاله ينطلق مفهوم المنتوج الاعلامي على انه “كل المواد الصادرة في الصحافة والمكتوبة او الاذاعة والتلفزيون وتكون قوالب متعدده تحددها طبيعة الوسيلة الناشرة لهذة المواد”

و يمتاز المنتوج الاعلامي بخصائص تميزه عن باقي المنتوجات سواء كانت صناعية أو تجارية أو زراعية ،تتمثل هذه الخصائص بالاتي:-

1-ـــ منتوج وسائل الاعلام الثقافي .

2ـــ مؤسسات الاعلام مؤسسات ثقافية اي انها ايدلوجية .

3ـــ مؤسسات الاعلام تجارية تتميز بالعرض والطلب .

4ــ هي مؤسسة تجارية  اي انها تسعى لتحقيق الربح والفائدة لمادية.

5ـــ العامل في المؤسسة الصحفية ينبغي ان يتميز بصفات معينة حيث القدرات المهنية والحرفية والرتب وان يكون ذا ثقافة واسعة .

6ـــ الطبيعة المزدوجة التي تتميز بها وسائل الاعلام انها تجارية وثقافية في نفس الوقت .

خصائص المنتوج الاعلامي لانجاح المنتوج الاعلامي الصادر عن المؤسسة الاعلامية للجمهور المستقبل لابد ان يمتاز بعدة خصائص :-

1ـــ الدقه .

ـ2ــ الموضوعية .

3ـــ المصداقية .

4ـــ مواضيع تتناول جميع مجالات الحياة .

5ـــ تحقيق الفائدة والربح .

6ـــ منتوج وسائل الاعلام بدون مخزون سريع الاستهلاك .

7ـــ منتوج وسائل الاعلام يباع مرتين مرة للمعلن ومرة للقارئ.

 

شروط نجاح المنتوج الاعلامي الصادر من المؤسسة الاعلامية الى الجمهور المستهدف

1ـــ ان يتضمن البرنامج او الرسالة الاعلامية معلومات لها مغزى ومعلومات تهم الجمهور المتلقي وتشبع رغباته بحيث تحتوي على الجديد والمهم وتتناول الحقائق التي تؤدي الى تشكيل وجهة نظر للجمهور تجاه المضمون .

2ـــ ان يكون للبرنامج او المادة الاعلامية مؤثر من حيث العبارات والصورة وغيرها من المؤثرات .

3ـــ اختيار وسائل مناسبة لنقل المنتوج الاعلامي الى الجمهور ويتوقف هذا على طبيعة وخصائص الجمهور وعلى طبيعة الرسالة  الاعلامية من حيث البساطة والوقت المناسب والنفقات المالية .

اهم عناصر منتوج الاعلامي

  1. اسم البرنامج .
  2. الهدف من البرنامج.
  3. توقيت البرنامج .
  4. مقر تنفيذه.
  5. الجمهور المستهدف.
  6. منفذ البرنامج .
  7. تمويل البرنامج .
  8. مضمون البرنامج.
  9. الاساليب المستخدمة لتنفيذ البرنامج (قراء ، مشاهدون ومستمعون).

مراحل اعداد منتوج الاعلامي:-

  • التحضير المسبق : فيما يهم الجمهور وعادة من المحيط اذ يعمل التلفاز يعمل على مواصلة الفكرة احسن من جدتها .
  • التحضير المتوقع: تحديد رغبات الجمهور .
  • مرحلة البحث على الموضوعات ، الاخذ بعين الاعتبار اذواق الجمهور ,طبيعة الجمهور , البيئة التشريعية التي يعمل في اطارها المؤسسة .
  • النتاج البرامج :وهي كثرة التكلف

العمليات التي يمر بها المنتوج الاعلامي

1-المقصود بالإنتاج هو عملية تنظيم العمل في البرنامج ، والتنسيق بين العناصر الفنية المشاركة في التنفيذ وتسهيل كل المعوقات والصعوبات في حدود الميزانية المقررة . ويدخل ضمن هذا المفهوم كل النفقات المادية والفنية والتقنية والبشرية .
والإمكانيات تتفاوت حسب طبيعة الوسائل وفق ما يتوفر لها من موارد وبيئة عمل .

2- والاستهلاك يعني مدى قبول الجمهور لمحتوى وسائل الإعلام ، وشكل الرسائل المقدمة . وهذا ما يتطلب جهداً كبيراً ، يختلف باختلاف طبيعة الوسائل ، وهذا هو الموضوع الأهم الذي يصعب اختزاله في مثل هذه الورقـة ، فلكي يقبل الجمهور محتوى ما تقدمه الوسائل علينا الكثير من العمل ليس فيما يختص بالمضمون فحسب ، إنما بالنسبة لشكل وقالب المادة أيضاً ، وهذان هما قطبا المادة الإعلامية التي تتطلب فهماً واسعاً للوسائل والجمهور يرتقي إلى مستوى الدراسة والتمحيص.

3-توزيع وعرض المنتوج الاعلامي

تعريف التوزيع: وهو مجموعة التقنيات المستعملة من اجل توصيل المنتوج الاعلامي وجعله في متناول الافراد

وهناك من يعرفه على انه قدرة القائم بالاتصال على توصيل المادة الإعلامية للجمهور . ويدخل ضمن ذلك توصيل الصحف للقارئ عن طريق استخدام الوسائل التي تتمثل في السيارات والطائرات وغيرها ، وتوصيل الخدمة الإذاعية عن طريق الموجات الأثيرية ، والخدمة التلفزيونية عن طريق الأقمار الاصطناعية ، وإتاحة خدمة الإنترنت .

هدف التوزيع :

هدف مالي واقتصادي: تفير مبالف مادية تغطي النفقات وتزيد عليها

هدف سياسي: يوجه الراي العام في الدول النامية وير معلن في الدول المتطورة ولكن تحسه

هدف ثقافي : نشر الوعي ,العادات والتقاليد ,التثقيف , نشر المعلومات

طرق التوزيع:

أـــ في الصحافة المكتوبة

1-التوزيع بالاشتراك: البريد, نقل الصحيفة الى المنازل

2- التوزيع بالعدد بيع الصحف في نقاط بيع مخصصة

3 ـــ التوزيع عن طريق الانترنيت : فتح مواقع لنشر الصحف

ب ــ في الاذاعة والتلفزيون

  1. البث الهيرتزي : وهو اقدم انواع البث التي ظهرت في الاذاعة عن طريق الموجات الهيرتزية fm والتلفزيون بدأ البث عن طريق الموجات الهيرتزية (uhf) vhf))
  2. البث الكبلي : توزيع البرامج من المحطة الى المستهلك الذي يربط مباشرة بمحطة البث عن طريق لكابل مثلما هو الحال في مجال توزيع الكهرباء وهناك نوعان الكوابل (كابل يتكون من الياف بصرية له القدرة على نقل عدد لا محدود من البرامج , كابل من النحاس , ويتميز هذا النوع بقدر من التحكم في التكنولوجيا)
  3. البث عن طريق الاقمار الصناعية:ويسمى بالتوابع واو الساتيليت ولها عدة وضائف , التجسس , النشرات الجوية .

انواع الاقمار الصناعية:

ثابتة: تاخذ مسارها على خط الاستواء تبعد حوالي 360 كلم

غير ثابتة: تاخذ مسار بيضاوي حول الارض والاقمار الصناعية تحتاج الى محطات ارضية لتوزيع المادة الاعلامية

المحور الثاني:- خصوصيات اقتصاديات وسائل الاعلام

  • ادارة المؤسسة الاعلامية :

تعد الادارة : هي اهم عوامل نجاح اي منظمة سواء كانت صغيرة او كبيرة لكن طبيعة النشاط هو الذي يحدد جوهر عمل هذه الادارة لذلك يجب ان يتلاءم بالنشاط الاداري مع طبيعة هذه المؤسسة والادارة هي الجهة التي تعمل وتسهر على تحقيق اهداف المؤسسة من خلال اختيار للاطار البشري من جهة من جهة اخرى اشرافها على تسير الجانب المادي للمؤسسة الاعلامية لذلك يجب ان تكون معزولة عن البيئة الخارجية لانها تؤثر وتتأثر بها .

2-وظائف الادارة :

  • التخطيط واتخاذ القرار :تتضمن هذه العملية تحديد اهداف المنظمة وكذلك تحدد الاسلوب الامثل لتحقيقها مثلا توصيل المنتوج لا بد من توفير اساليب مثلا شركة للتوزيع قد يتطلب الامر التنبؤ بالمستقبل والاستعداد للمواجهة او بالتالي فهي تهدف الى امداد المنفذين  بمخطط ناجح .
  • التنظيم:ويقصد بالتنظيم تجمع الانشطة اللازمة والموارد الخاصة بالمنظمة في وحدات ادارية ثم توزع المهام وتحديد العلاقات بين الافراد وبين الوحدات الادارية امدادها بالوسائل المادية والبشرية اللازمة لتحقيق الاهداف المرجوة.
  • التوجيه : تعليمات وتعني مجموعة من العمليات المطلوبة لارشاد وتوجيه وتوجيه جميع العاملين بالمنظمة تجاه انجاز الاهداف.
  • الرقابة :تشير الى عملية متابعة وتعديل الانشطة التنظيمية بالشكل الذي يودي الى انجاز اهداف المنظمة او هي التأكيد من مدى التزام بالتنفيذالخطط الموضوعية ومدى بالكفاءة في تحقيق الاهداف المرجوة.

 

3-ادوات الادارة :

  • التحفيز: زيادة الاجور جوائز هدايا تقديم رحلات تهتم الادارة بالاستمرار بما يؤدي لتحفيز الفرد بفص نحقيق افضل النتائج.
  • هي ضرورة في كل المؤسسات وهي عملية التأثير على انشطة الافراد من اجل تحريكهم باتجاه تحقيق هدف مشترك.
  • الاتصال :وهي عملية تبادل المعلومات بين فردين او اكثر وبين وحدة او اكثر بغرض تحقيق هدف معين خلال فترة معينة ويتم التبادل بين الافراد والمؤسسة والمحيط فهو عملية تجمع البيانات والمعلومات الضرورية لاستمرار العملية الاتصالية مابين المرسل والجمهور.

4ـــ المستويات الادارية : تنقسم مستويات الادارة الى ثلاثة اقسام تتمثل بالاتي:-

أ-الادارة العليا: وتمثل مجموعة الافراد المتواجدين في قمة الجهاز الاداري ويشكلون وضائف متعددة منها ,رئيس مجلس الادارة ,المدير العام ,رئيس القطاع ,مدير دائرة مركزية , مستشارين .

ب- الادارة الوسطى :ويمثلون غالبية الهيئة الادارية ويتولون مسؤوليات ووظائف تاتي مباشرة من مديري الادارات العليا ومنهم مدير الدائرة ,مدير مستويات والمبيعات ,مدير التسويق ,مدير التسويق ,مدير التمويل,وتقع على عاتق هؤلاء مسؤولية تنفيذ السياسات والاستراتيجيات التي تضعها الادارة العليا وايضا تنسق العمل على المستويات الادنى منهم .

ث-الادارة الدنيا (الاشرافية ):يتولون الاشراف على الاعمال التنفيذ ويقضون معظم وقتهم في متابعة المهام الموكلة اليهم رؤساء الاقسام المصالح , المهارةالادارية ,والمهرات الفنية .

وهناك عدة اختلافات ما بين ادارة المؤسسات الاعلامية والمؤسسات الاخرى تتمثل بالاتي:

  • طبيعة المنتوج المواد الاعلامية تتميز بانتهاء مدة صلاحيتها في وقت قصير.
  • طبيعة التشريعات التي تعمل بها المؤسسات الاعلامية تختلف عن المؤسسات الاخرى عن طريق الضغوط السياسية الخارجية ويجب ان تاخذ ادارات وسائل الاعلام الخارجية وان تمس العالقات التي تربط الدولة بالدولة الاخرى
  • المؤشرات الاجتماعية وطبيعة النظام الاجتماعي (الادارة تأخذ بعين الاعتبار الجمهور المتلقي)
  • الادراة الانتقالية هي التي تتطور من مستوى ادنى الى الاعلى.

 العوامل التي توثر في عمل المؤسسة الاعلامية

  • حق الدولة في منح الترخيص او التصريح وسحبه والاشراف المباشر في حالة التجاوز (في اي نظام حكومي فان مؤسسات الاعلام تعمل تحت رقابة مهما كان نوعها).
  • السيطرة الاقتصادية من خلال التمويل .
  • المؤسسات الاعلامية تتأثر بمصادر تمويلها ذلك ان هذه الأخيرة لا يمكنها الاستمرار دون تمويل.
  • القوانين واللوائح التي تنظم الاعلام : اي مؤسسة يجب ان تكون على علم بالقوانين واللوائح التي تحكم انشاء مؤسسات الاعلام وطبيعة عملها.
  • الضغوطات السياسية الخارجية والداخلي هو وسائل الاعلام تضع بعين الاعتبار سياسة الدولة التي توجهها.
  • المؤثرات الاجتماعية وطبيعة النظام الاجتماعية: القنوات , الاذاعة والتلفزيونية تسعى لكسب  الجمهور من خلال بث برامج و اخبار تتناسب مع اذواق الجمهور اي الخضوع لذوق العام والحاجيات المتجددة .

 

 

 

وظائف الادارة في المؤسسة الاعلامية :-

1:الوظيفة التحريرية : تتميز المؤسسات الاعلامية عن الاخرى في ان القائم بالاتصال في المؤسسة الاعلامية يقوم بوظيفتين : وظيفة ادارية ,  و وظيفة تحريرية في ان واحد ويمكن حصر هذه الوظائف بالاتي:

  • المشاركة
  • التخطيط
  • التنظيم
  • اتخاذ القرار
  • الرقابة
  • اعداد الميزانية

 

 

2- وظيفة القائم بالاتصال : يمكن حصر وظيفة القائم بالاتصال تتمثل وظائف المشاركة التنظيم اتخاذ القرار

3-وظيفة التخطيط : تهتم المؤسسات الاعلامية  كثيراً بالتخطيط لانه عنصر هام يجب توفره في المؤسسة ونجاح التخطيط مرهون بنجاح الادارة وتشمل الخطة على مجموعة من التقاط :

  • تحديد الاهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها
  • تحقيق الامكانيات البشرية والمادية المتاحة
  • تحديد الاساليب التي يحب اتخاذها للتخطيط

4-وظيفة ابحاث السوق وتحليلها : ويوجد نوعان في دراسة السوق لاجراء اختبار مدى صلاحية المنتوج الاعلامي بالنسبة للجمهور:-

  • الدراسات الوصفية : وهي عبارة عن استشارات تقدم للقائمين على المؤسسة الاعلامية من طرف خبراء ومستشارين ومهتمين بالميادين الاعلامية .
  • الدراسات الكمية: ويكون ذلك من خلال الاستطلاعات والاستبيانات التي تستهدف الجمهور التي تستهدف الجمهور المتلقي (انماط المشاهدة والاستماع او القراءة , معرفة طبيعة الجمهور ).

 

مراحل التخطيط

1ــ وضع الاهداف: تعتبر وضع مهمة المؤسسة واهدافها هي الخطوة الاولى في التخطيط وهي تقوم بتحديد الاهداف التي تتمثل فيما يلي : حماية المؤسسة من الزوال والعمل على استمراريتها/وضع المؤسسه من خلال الزيادة او المحافظة على ارباح /معرفة السوق وانتاج ما يهم الجمهور .

2- الخلفية: تتمثل في جمع المعلومات ذات الصلة بالموقف الذي تواجهه المؤسسة كتحليل السوق .

  • الاستراتيجية: تدرس المعلومات التي جمعناها خلال فترة ما برنامج واسع يهتم بتحليل المعلومات التي توصلنا اليها في المرحلة السابقة.
  • خطة العمل : تقوم بتحليل الاستراتيجيات الى واقع ملموس وذلك عن طريق وضع قيد التنفيد وخطة العمل تأخذ بنضر الاعتبار الموارد البشرية والمادية والادارية المتوفرة في المؤسسة.

خصائص الخطة الناجحة :

  • بالمؤسسة فيجب ان تكون الموارد المخصصة للاستخدام تحصل على اقصى قدر من الانتاج
  • التوافق لمنطقها: تطابق الاهداف المنشودة والوسائل المستخدمة لتحقيقها مع امكانيات المؤسسة
  • المرونة: بمعنى ايجاد الوسائل اللازمة لمواجهة ما تقتضية الظروف مع اعادة النظر في الاهداف المنشودة والاساليب والسياسات المقررة لتحقيقها لتنجب تحقيق ازمات
  • اعداد الخطة قبل بداية المدة الزمنية لتنفيذ المنتوج الاعلامي مع مراعاة الاقتصاد في التكاليف.
  • توفر درجة من الديمقراطية :في اعداد الخطط ومناقشة اهدافها والتدابير والسياسات واللازمة لتحقيقها.

انواع التخطيط لابد مراعاة الاتي عند وضع الخطة :-

ا-البعد الزمني

2-الشمولية

3- البعد الجغرافي

4-من حيث درجة المركزي

اهداف التخطيط:

  • مواجهة التطور التكنولوجي المستمر بتوفير كل ما يتعلق بالأجهزة و الآلات والمعدات التكنولوجية التي تحتاجها المؤسسة الاعلامية في مجال الارسال والاستقبال ومعالجة المعلومات والتطورات الحاصلة جعلت من المؤسسة الاعلامية تسعى لتقديم الانتاج الاعلامي دون مضمون.
  • تنمية الموارد الاقتصادية للمؤسسة الاعلامية ويتم ذلك من خلال توسيع اماكن التوزيع والبث في تحقيق اكبر قدر ممكن من الارباح المادية
  • تنمية الموارد البشرية من خلال التدريب المهني والاكاديمي ومن خلال البعثات التكوينية في اماكن مختلفة للتعرف على كل ما يتعلق بجانب التحرير الاعلامي
  • مواجهة المنافسة القائمة بين المؤسسات الاعلامية خاصة والمتشابهة.
  • تنمية ومواجهة التغير غير المنتظر داخل المؤسسة وكذلك التخطيط لتحسين وترقية الانتاج الاعلامي عن طريق التحرير الجيد لجذب اكبر عدد ممكن من الجمهور المتلقي.

 

 

تحديات تمويل وسائل الإعلام في البلاد العربية :
شهدت الساحة العربية تطوراً كبيراً في قطاع الإعلام خلال العقدين الأخيـرين ( منذ بداية تسعينيات القرن العشرين ) بسبب تزايد القنوات الفضائية التي تبث برامجها لجمهور في الخارج ، وتطورت تبعاً لذلك البرامج من حيث الشكل والمضمون ، بالإضافة إلى ذلك برز القطاع الخاص كشريك مهم للقطاع الحكومي في تشغيل وامتلاك وإدارة المؤسسات التلفزيونية التي ظلت ردحاً من الزمن حكراً على القطاع الحكومي ، ويظهر هذا بوضوح أكثر في دول الخليج العربية عنه لدى رصيفاتها الدول العربية الأخرى ، ورغم هذا التطور الذي شهدته الساحة الإعلامية الفضائية في دول الخليج العربية ، إلا أن هناك تحديات كثيرة ظلت تواجه هذه المؤسسات في كافة المجالات وعلى رأسها المجال السياسي حيث لا تزال العلاقة مع السلطات الحكومية المالكة أو المراقبة مشوبة بالكثير من الضبابية وعدم الوضوح . غير أن أبرز تحدي يواجه القنوات الفضائية ظل مركزاً في مصادر تمويلها ، ومدى قدرة تلك المصادر على تحقيق مشاريع فضائية مستدامة وسط تزاحم إعلامي لم تشهد المنطقة مثله في تاريخها الحديث .
ولكي تحافظ على البقاء في عالم مشوب بهذا التنافس الشديد سعت القنوات الفضائية وبصرف النظر عن تبعيتها المؤسسية ( قطاع خاص أو عام ) إلى تأمين مصادر تمويل متنوعة ، ولا يوجد دليل قاطع على أن القنوات الفضائية بكافة أشكالها قادرة على سد تكاليف تشغيلها ، ولعل المراقب سيصاب بالدهشة حينما يدرك أن الغالبية العظمى من هذه القنوات غير قادرة حتى على تغطية تكاليف تشغيلها ، وبالتالي فهي بعيدة كل البعد عن حالة الربحية التي تتمتع بها مثيلاتها في القطاع الخاص في المجتمعات الغربية ، وربما يحاول المراقب التساؤل عن اسباب هذه الحالة وعن الأسباب التي تدعو المحطات الفضائية الخاصة بالذات للعمل في بيئة تعد الخسارة المالية أهم معالمها .
مقومات اقتصاديات الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية :
إن نجاح الإعلام التلفزيوني في المجتمع الأمريكي منذ انطلاقه في أوائل القرن العشرين لم يأت من فراغ ، بل جاء نتيجة طبيعية لتضافر عدة عوامل تتعلق بالترابط الوثيق بين المؤسسات الإعلامية التلفزيونية ممثلة في شبكات التلفزيون الأمريكية الثلاث والمؤسسات الاقتصادية العاملة في المجتمع نفسه . فقد أثبتت الدراسات المتتالية التي أجريت حول التلفزيون في الولايات المتحدة أن هذه الشبكات إما أن تكون مملوكة للقطاع الخاص أو أن هناك مصالح مشتركة مع تلك الشركات ، وهذا الترابط الوثيق يسهم بشكل أو آخر في توفير التمويل الكافي للشبكات التلفزيونية من خلال الإعلان ، ورعاية البرامج ، أو حتى من خلال الدعم المباشر ، ولعل معدلات الإعلان العالية التي تظهر على شاشات التلفزيون في الولايات المتحدة تشير بشكل لا يقبل الشك إلى حجم تدفق التمويل الذي تتلقاه تلك الشبكات العملاقة التي ترتبط بها .

وهناك سبب ثان يتعلق بكون عملية البرمجة في الشبكات التلفزيونية الأمريكية تتم بالتناغم مع العملية الإعلانية التي تستند إلى بث الإعلانات خلال البرامج الأكثر شعبية لدى الجماهير ، وهذا يعني أن موضوعات البرامج وصيغها تخضع لأذواق الجماهير وذلك بناءً على نتائج دراسات ميدانية تقوم بها شركات أبحاث السوق لصالح المؤسسات الإعلانية لمعرفة مدى تغلغل برامج التلفزيون في أوساط الجماهيـر. .
أما السبب الثالث فيتعلق بالاتساع الهائل لسوق الإعلان الأمريكية حيث أن قوة الاقتصاد الأمريكي المستند إلى السوق الحرة في التعاملات التجارية ارتبطت تقليدياً بصناعة الإعلان التي هي جزء لا يتجزأ عن الصناعة الإعلامية .
ومن هنا فقد غدا هذا الثالوث ( الإعلام ،و الإعلان ،و الاقتصاد ) يشكل بنية صلبة تستند إليها القنوات التلفزيونية المختلفة في عملها
وعليه تظهر لنا ضخامة الإيرادات التي تحصل عليها وسائل الإعلام وما تحدثه من تأثيرات عميقة من قبل الشركات المنتجة في توجهات ومواقف وسائل الإعلام ، وذلك لما تشكله من مورد مهم لتلك الوسائل وبالشكل الذي يؤثر في حياديتها في نقل الأحداث وتناول القضايا المختلفة ، فأفرغت الكثير من وسائل الإعلام من المضامين التي تحمل الحقيقة وتنهض بواقع الجمهور وتخدم قضاياه ، وأصبحت أداة في خدمة الممولين والمعلنين والترويج لأهدافهم الربحية ، مما أثر سلباً في مصداقية الكثير من هذه الوسائل بعد أن تحولت إلى أمبراطوريات اقتصادية ضخمة

 

 

 

 

 

 

دراسة تحليل مضمون في علاقة الصحافة بالسلطة

  • علي بن شويل القرني

أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود

 

 

مقدمة

 

منذ  اختراع  المطبعة  على  يد  يوحنا جوتنبرج منتصف القرن الخامس عشر الميلادي والتي ولدت معها الطباعة والصحافة وما تلاها من وسائل إعلام جماهيري، والعالم في جدلية مستمرة تأسست حول علاقة الصحافة بالمجتمع وعلاقة السلطة بالصحافة.  وعلى الرغم من التغيرات الهيكلية في بناء الدولة ومؤسسات المجتمع خلال الخمسة قرون الماضية، إلا أن السؤال يظل محوريا حول موضوع حرية الصحافة. والمفهوم الأساسي لحرية الصحافة  freedom of the press  يعني إمكانية النشر بدون رقابة قبلية أو ترخيص مسبق أو تهديد بعقوبات متوقعة.

 

وتعرضت الصحافة لتنظير فكري ورؤى فلسفية ونقد اجتماعي على مر القرون الماضية، ساهمت في وضع تصورات معيارية عن الدور المتوقع للصحافة والإعلام في المجتمعات الإنسانية. ومن أهم ما نشر في هذا الموضوع كتاب “النظريات الأربع” للصحافة في الخمسينيات الميلادية، وفه تم تقسيم الإعلام في العالم وفق نظريات سياسية/أيديولوجية،هي السلطوية والشيوعية، والحرية والمسئولية الاجتماعية.  وخلال العقود الماضية أضيفت نظريتان هما النظرية التنموية ونظرية المشاركة الديموقراطية.  وتعرض هذه الدراسة لنقاش عن الأسس النظرية والتطبيقات العملية لهذه النظريات.  كما تبني الدراسة الحالية على الأدبيات التي تستعرضها في اقتراح نموذج  لعلاقة الإعلام (وخاصة الصحافة)  بالمؤسسات الاجتماعية من ناحية، والجمهور من ناحية أخرى.

 

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة الى التعرف على جانبين أحدهما نظري والآخر تطبيقي:

  1. الهدف الأول للدراسة يتمثل في نقطتين، هما:
    1. التعرف على العلاقة بين السلطة والصحافة في ضوء النظريات الإعلامية.
    2. اقترح نموذج للعلاقة بين الصحافة والمجتمع.
  2. الهدف الثاني للدراسة يتمثل في ثلاث نقاط:
    1. التعرف على حجم التغطية الصحافية لمختلف القطاعات الحكومية والخاصة في المملكة العربية السعودية، وخاصة تلك المعنية بالقطاعات الخدمية في المجتمع.
    2. التعرف على اتجاهات التغطية الصحافية للقطاعات الحكومية والخاصة.
    3. التعرف على اختلاف التغطية في فترتين زمنيتين، قبل وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

 

وتعرض هذه الدراسة لنتائج تحليل مضمون عن الصحافة السعودية ممثلة في صحيفتي الرياض والجزيرة، للتعرف على طرق معالجتها للقضايا والموضوعات المحلية، وخاصة ذات العلاقة بالأجهزة الخدمية في المجتمع السعودي.  وقد تم اختيار فترتين زمنيتين قبل وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر للتعرف على الاختلافات التي قد تعزى إلى تحولات نوعية في توجهات ومعالجات الصحافة والإعلام السعودي بعد هذه الأحداث.

 

وفي دراسة أخرى عن الصحافة السعودية (القرني، 2003)، كشفت نتائج هذه الدراسة نموذجا جديدا في مفهوم الصحافة النقدية بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث وجدت  أن معظم مساحات الرأي في الصحافة السعودية مثلت توجها نقديا عاما في الصحافة، وبنسبة تقترب من  70%.  وهذه نتيجة مرضية جدا تأتي على عكس ما يراه البعض ان الصحافة السعودية هي صحافة دعائية بالدرجة الأولى.  وإذا نظرنا بعين المقارنة بين وسائل الإعلام المطبوع الذي يعد إعلاما خاصا، ووسائل الإعلام المرئي والمسموع والذي يعد إعلاما رسميا، ستختلف النتيجة، حيث إن الاتجاه العام في الإعلام الرسمي هو إلى الجانب الدعائي، أكثر منه في الجانب النقدي (ص 27).

 

وبناء عليه فإن الهدف الأساسي للدراسة الحالية يصب في اختبار فرضية التغير المتوقع  في المعالجات الصحافية بين فترة ما قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما بعد هذه الأحداث.  ولهذا سيتم مقارنة الفترتين للتعرف على حجم التغطيات، واتجاهاتها، وطرق معالجتها.  وقد تم تحديدا اختيار عدد من الأجهزة والإدارات الحكومية والخاصة التي تندرج إجمالا تحت القطاعات الخدمية في المجتمع السعودي، لاستقاء صورة تعامل الصحافة السعودية مع هذه الأجهزة.

 

 

الإطار النظري للدراسة

 

النظريات المعيارية هي نظريات تصف وضعا مثاليا لنظام إعلامي تتحدد فيه الهيكلة والعمليات، وهي لا تصف واقع الإعلام، بل تؤكد على مثالية الإعلام وما ينبغى أن يكون عليه (Baran & Davis, 2003, p. 93).  وتنطلق عادة هذه النظريات من الفلسفة والقيم والإيديولوجيا السائدة في المجتمع، وهي التي تؤسس لنشأة المؤسسات الإعلامية، وتعطيها الشرعية المطلوبة، وتنعكس الملامح الخاصة بهذه النظريات في القوانين والسياسات الإعلامية، ومواثيق الشرف، وأخلاقيات المهنة (McQuail, 2000, p. 8)   .  وقد ساهم إعلاميون وأكاديميون ونقاد اجتماعيون في صياغة هذه النظريات على مر السنوات والعقود.  ومن أشهر الكتب الإعلامية التي صدرت خلال العقود الماضية، كتاب “النظريات الأربع في الصحافة”، والذي شارك في كتابته ثلاثة  من علماء الاتصال الكلاسيكيين بعيد الحرب العالمية الثانية (1956م)، وهم سيبرت، بيترسون، وشرام،  (Siebert, Peterson & Schramm, 1956) حيث كتبوا عن النظرية السلطوية، والنظرية الشيوعية، والنظرية الليبرالية، ونظرية المسئولية الاجتماعية.  وقد أضاف اليها دينيس مكويل  (McQuail, 1983) نظريتين، هما: النظرية التنموية، ونظرية المشاركة الديموقراطية.

 

النظرية السلطوية:

تمثل السلطوية أول نظرية جسدت العلاقة بين الصحافة والمجتمع، وقد نشأت خلال القرون الوسطى بعد أن ظهرت الصحافة كوسيلة إعلامية في المجتمعات الأوربية.  وحيث إن الريبة والشك كان هو أساس هذه العلاقة، حيث ان الحكومات الأوربية والكنيسة المسيحية وضعت القيود، وعرقلت مساعي الصحافيين والناشرين في ان يمارسوا دورهم الصحافي في النشر والحصول على المعلومات التي تقتضيها مهنة الصحافة والنشر.  وبعكس النظرية الليبرالية، لم تكن هناك أعمال فكرية مؤثرة في أسس هذه النظرية، سوا حالات محدودة.  وقد ذكر سيبرت  (Siebert, Peterson & Schramm, 1956)   اقتباسا عن الكاتب الإنجليزي سامويل  جونسون في القرن الثامن عشر الذي برر النزعة السلطوية في قوله :إن كل مجتمع يمتلك الحق في المحافظة على السلام والأمن والنظام العام، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يحق للحكومات أن تمنع الآراء التي تمثل خطر على سلامة المجتمع.

وقد عاشت أوروبا لقرنين كاملين تحت هيمنة الحكومات السلطوية إلى أن تحررت من هذا الاستبداد بفعل الفكر التنويري الذي تأسست عليه بناءات وهياكل مؤسسية جديدة.  ولكن الفكر والممارسة السلطوية كانت الأساس الذي اعتمدته الدول النامية، وبالذات حديثة العهد بالاستقلال من الاستعمار الأوربي. وتبنت هذه النظرية كثير من الأنظمة السياسية في دول العالم النامي، التي حرصت على أن السيطرة  والتحكم في وسائل الإعلام من خلال إما فرد أو نخبة سلطوية.

 

النظرية الشيوعية:

بعد تفكك الإتحاد السوفيتي وانهيار الكتلة الاشتراكية في أوروبا، لم تعد هناك امتداد لهذه النظرية سوى في ثلاث دول من دول العالم، هي الصين، وكوريا الشمالية، وكوبا.  وتحمل هذه النظرية أسسا فكرية مبنية على كتابات كل من ماركس وإنجلز على المستوى النظري، وعلى لينن على المستوى التطبيقي.  وتتأسس النظرية الشيوعية (إحدى النظريات الأربع في الصحافة وكانت تسمى بالنظرية السوفيتية الشيوعية) على فكرة أن تكون الصحافة والإعلام أداة من أدوات الحزب الشيوعي الحاكم. ولهذا فان الحزب هو الذي يتحكم تحكما كاملا في مجريات الشأن الإعلامي في الدول الشيوعية.  وتعمل وسائل الإعلام الشيوعية على تربية الشعب على المسار الاشتراكي، وتقوية القناعات الشعبية بالفكر الشيوعي السائد، ومحاربة الفكر المضاد الذي تمثله الرأسمالية الغربية.

وتتفق النظريتان السلطوية والشيوعية في محورية المجتمع – وليس الفرد – كأساس لتبرير السيطرة والتحكم في وسائل الإعلام. فمصلحة الجماعة وهيمنة الدولة تتجاوز مصلحة الفرد، لكن الاختلاف بينهما يأتي في جانب ملكية وسائل الإعلام، فالنظرية السلطوية  تتيح الملكية الخاصة لوسائل الإعلام، بينما ملكية وسائل الإعلام في المجتمع الشيوعي هي من اختصاص الحزب الشيوعي الحاكم.

 

نظرية الحرية:

تنطلق الفكرة الجوهرية لهذه النظرية من كونها تسعى إلى إيصال الحقيقة إلى الناس، والى كونها لا تخدم أحدا أو مؤسسة في إطار عملها الإعلامي.  ولا تخضع لأي شكل من أشكال الرقابة سواء داخليا أو خارجيا.  وتبني هذه النظرية على وجود حرية صحافة حقيقة. والمفهوم الأساسي هنا   freedom of the press  يعني إمكانية البث والنشر بدون أي رقابة قبلية أو متطلبات قانونية لترخيص مسبق أو تهديد وخوف من عقوبات متوقعة.   وتقوم الصحافة ووسائل الإعلام بدور ووظيفة “كلب المراقبة”   watchdog  مما يعني مراقبتها لما يدور في المجتمع ومتابعة أداء ووظائف المؤسسات الاجتماعية الأخرى.  ومع هذا المفهوم، نشأ مصطلح آخر يصف الصحافة بالسلطة الرابعة  Fourth Estate  مما يعني ان سلطة الصحافة تتنافس مع باقي السلطات في المجتمع.  وكان إدموند بريك  Edmund Burke  أول من طرح هذا المصطلح في نهاية القرن الثامن عشر، قاصدا بذلك تنامي دور الصحافة في انجلترا ليواكب الدور الذي تلعبه السلطات الثلاث الأخرى: مجلس اللوردات، الكنيسة، ومجلس العموم.

وقد تتبدل السلطات من مجتمع إلى مجتمع، ومن وقت إلى آخر.. فمثلا تقلص وضعف دور الكنيسة في المجتمع الأمريكي – على سبيل المثال – أدى لأن تتجسد السلطات الثلاث في السلطة القضائية، والسلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية التي تمثلها الحكومة.  وفي كل هذه الحالات، يبرز سؤال حرية الصحافة الذي يجسد طبيعة وشكل العلاقة بين الصحافة من جهة والمؤسسات الاجتماعية بما فيها الحكومات من جهة أخرى.

 

وقد ارتبطت حرية الصحافة بالفلسفات الغربية التي نادت بحرية الفرد، وقمع الاستبداد، وعارضت تفرد الآراء. ومن أشهر الفلاسفة الذين كتبوا في هذا المجال جون ستيورت ميل  John Stuart Mill  الذي أوضح في كتابه “عن الحرية” أن تخريس الرأي هو سطو على البشرية جمعاء.. ويضيف أن الرأي الذي يتم خنقه إذا كان صائبا نكون قد خسرنا هذا الرأي، وإذا كان هذا الرأي خاطئا نكون قد خسرنا معركة وميكانيزمات الصراع بين الخطأ والصواب، والتي تولد بالضرورة الرأي الصواب..  وهذا ما عناه  جون ميلتون   John Milton بميكانزمات “التصحيح الذاتي”  self-righting  والتي تعني أن الفكرة  الصائبة هي التي تتفوق وتتجاوز الفكرة الخاطئة عندما تتاح الفرصة للفكرتين  بالتداول والانتشار.   أ ي أنه يطرح فكرة “السوق الحرة للأفكار”  كآلية لتدوال وصراع الأفكار  ((McQuail, 2000, p.  147.

إن حرية الصحافة أول ما نشأت تمثلت في صراع بين الصحافة وشكل من أشكال السلطة، كان في القرون الوسطى هو الكنيسة، ثم تحولت الى الحكومات.  وباختصار فان حرية الصحافة هي الحرية من القيود، وهذا ما عبر عنه التعديل الأول  First Amendment  في الدستور الأمريكي عام 1791م، والذي يؤكد على أن الكونجرس – وهو المؤسسة التشريعية – لا يجب أن يصدر قوانين تتعارض مع حرية التعبير أو حرية الصحافة.

 

وقد لخص جان كين  (Keane, 1991)  في كتابه “الإعلام والديموقراطية” الجدل حول حرية الصحافة في أربعة اتجاهات تاريخية تناولت هذا الموضوع:

1.   الاتجاه الديني، الذي مثله جون ميلتون في منتصف القرن السابع عشر،  وفيه عارض القيود على حرية التعبير من منطلق أن الفرد – رجلا او امرأة – قد باركه الله بنعمة العقل، ومكنه من القراءة والحكم المبني على الضمير.  ومن هنا فحرية الصحافة ضرورية لكونها تساعد على تطوير نوازع الخير لدى الأفراد، وينبغي أن تتعرض للاختبار بصفة منتظمة بتعريضها على آراء متباينة وخبرات منوعة..
2.   الاتجاه السياسي، ومثله جون لوك  John Locke  مطلع القرن الثامن عشر، وفيه رأي أن حرية الصحافة ينبغى أن تنطلق من مبادئ حقوق الفرد الطبيعية المتمثلة في حقه أن يقرر ويختار في كل مناحي الحياة الدينية والسياسية وغيرها.. ومن حق الفرد أن ينشر ويعبر عن آرائه بدون أي قيود تفرضها الحكومات.
3.   الاتجاه النفعي،  ويمثله كل من بينثام وميل  Bentham,  Mill ، وكلاهما يعتقدان أنه من أجل أن يعمل النظام السياسي بشكل اعتيادي، يجب أن تكون في المجتمع ميكانيزمات تفعيل للتعبير عن الرأي العام.  ويرى كل منهما أن الرأي العام هو الضمانة الرئيسة لعدم إساءة استخدام الحكم، أو إساءة استخدام التشريع في المجتمع.  وهكذا فان حرية الصحافة  تهيئ وتخدم التعبير عن الرأي العام.  ويضيف ميل أن الشعب لا يستطيع أن ينتقد حكومته إذا لم تقدم له المعلومات كاملة عن الشخصيات التي تدير الشأن العام في المجتمع، وهذه مهمة الصحافة الحرة.
4.   ومثل الاتجاه الرابع جون ستيورت ميل  John Stuart Mill  الذي انتقد المذهب النفعي، الذي جعل من حرية الصحافة ضرورة براجماتية، ويرى ميل أن التداول الحر للأفكار من خلال الرأي العام هو مطلب أساسي لمجرد الوصول إلى الحقيقة.  وقد تبنى المؤسسون الأمريكيون – على وجه الخصوص – أفكار ستيورت ميل وجعلوها منطلقا لفهمهم عن دور الصحافة في المجتمع، ونادوا بالتالي بحرية الصحافة.  ويعتقد الكثير ان الفكر الذي طرحه ميل في هذا الخصوص يعطيه الأبوة الشرعية للصحافة الليبرالية في العالم  (Williams, 2003).

وقد أشار ثومبسون  (Thompson, 1995, p. 238)  إلى أن هؤلاء المفكرين الكلاسيكيين قد رأوا أن حرية التعبير عن الآراء  من خلال صحافة مستقلة هو الضمان الأساسي لتنوع وجهات النظر، وما يتبع ذلك من تنوير لآفاق الرأي العام. وتلعب الصحافة الحرة والمستقلة دورا محوريا في حراسة المجتمع ومؤسسات الدولة.

نظرية المسئولية الاجتماعية:

تنطلق هذه النظرية من محاول إيجاد توازن بين مفهومي الحرية والمسئولية.  ونظرا لتزايد النقد ضد الصحافة مع مطلع القرن العشرين وخلال العقود الأولى منه نتيجة اعتماده على الإثارة والمنطق التجاري، ونتيجة الاحتكارات و الإنحيازات السياسية لهذه المؤسسات في الولايات المتحدة، تكونت لجنة خاصة للنظر في هذه الأمور بشكل عام ،عام 1942م تحت رئاسة هتشنز  Huchins  رئيس جامعة شيكاغو.  وقد وضعت هذه اللجنة نصب عينيها مهمة التحقيق في هل أخفقت أو نجحت الصحافة الأمريكية في أداء دورها الاجتماعي، وتحديد أين مواقع الحرية التي ينبغي على الصحافة أن تتوقف عندها، وما تأثير الضغوط الحكومية او الإعلان التجاري على حرية العمل الصحافي.

وقد أعدت اللجنة تقريرها عام 1947م، وفيه عكست نقدا لأداء الصحافة في عدم تهيئة الفرصة لأصوات أخرى غير تلك المؤثرة والمرتبطة بالقوى الفاعلة في المجتمع.  وفي هذا التقرير تم استخدام مصطلح “المسئولية الاجتماعية” لأول مرة وانعكس في تحديد مسئوليات واضحة ينبغى أن تعمل عليها الصحافة، بما في ذلك إتاحة المجال أمام مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية للتعبير عن رأيها واتجاهاتها حول القضايا العامة في المجتمع.  وقد أيقظت هذه اللجنة الحاجة في دول غربية أخرى (المملكة المتحدة والسويد) الى تأسيس لجان للنظر أوضاع الإعلام واقتراح حلول عملية في هذا الاتجاه.  وعلى سبيل المثال طرح بيكارد  (Picard, 1985)   مفهوم نظرية جديدة أسماها النظرية الديموقراطية الاشتراكية للإعلام   democratic-socialism theory  وحاول من خلالها تحسس التحولات في المجتمع الأوربي بخصوص دور وسائل الإعلام في المجتمع.

 

النظرية التنموية:

ترتبط هذه النظرية بأوضاع الدول النامية، وتعكس الدور المتوقع من وسائل الإعلام في المجتمعات النامية.  ويرى مكويل McQuail, 1983)) أن هناك تقاربا بين الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام وفق النظرية الشيوعية والدور الذي يقوم به الإعلام في الدول النامية في كون النظريتين تسعيان إلى تأكيد قيام الإعلام بواجبات سياسية واجتماعية لخدمة المصلحة العليا في المجتمع.  وبعكس ما تشير إليه النظرية الليبرالية، فان النظرية التنموية تتوخى المعالجة المتأنية للأخبار المثيرة، وترى أن نشرها وبثها ربما يأتي بنتائج سلبية على المجتمع أو على الأوضاع السياسية والاقتصادية بشكل خاص.  ولا يؤمن الإعلام التنموي بمقولة إن الأخبار السيئة هي أخبار جيدة من وجهة النظر الإعلام bad news is good news  لأنه يستدعي عناوين كبيرة ومساحات وصفحات كثيرة من التغطية الإعلامية.  وفي المقابل، تتجه وسائل الإعلام التنموية إلى مفهوم التغطيات الإيجابية، أو ما يسمى بالإخبار الجيدة  good news  نظرا لكونها تدعم الأوضاع الداخلية في تلك المجتمعات، وتعطي أولويات رئيسة للثقافات المحلية.  وقد تعرضت النظرية التنموية للنقد من أنصار النظريات الليبرالية على خلفية أن كل ما تقوم به وسائل الإعلام في الدول النامية طبقا لهذه النظرية ليس إلا رقابة مباشرة وتشويشا على مصداقية وسائل الإعلام  (Watson, 2003) .  وهذا ما حدا بوكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام الدولية إلى إهمال الأخبار والتقارير التي تأتي من وسائل الإعلام في الدول النامية، بحجة أنها مواد دعائية لا تستحق النشر أو البث.

 

نظرية المشاركة الديموقراطية:

عتبر هذه النظرية امتداد في المفاهيم والتطبيق للنظرية الليبرالية، وكما أشار إليها مكويل McQuail, 1983))، فان اتجاه النظرية هو في إعطائها قيمة عالية للأفقية الهيكلية لوسائل الإعلام، بدلا من الهيكلية الرأسية (المركزية) المعتادة في الإدارة الإعلامية لوسائل الإعلام في المجتمعات الغربية. كما أن هذه النظرية تعطي أهمية قصوى لبدائل إعلامية جديدة بعيدة عن الوجه التجاري والاحتكاري البحت الذي تفيض به وسائل الإعلام الكبرى.  وتؤكد هذه النظرية دور المستقبل الإعلامي في صناعة المادة الإعلامية – على عكس ما تقوم به وسائل الإعلام التقليدية في دور محوري للمرسل الإعلامي- .  وتسعى النظرية إلى كسر الاحتكار الذي تؤسسه المنظمات الإعلامية الكبرى بإيجاد بدائل من وسائل الإعلام المحلية باستخدام الكيبل التلفزيوني ومحطات إذاعية وتلفزيونية وصحف محلية.

ولتعزيز هذا الدور تعطى الجماعات المحلية والثقافات الفرعية أدوات إعلامية ليمارسوا  دورهم في تعزيز ثقافتهم وحضورهم الاجتماعي، وهذا الدور موجود في حالات عديدة في الولايات المتحدة، ولكنه ممارسة معروفة بشكل خاص في الدول الإسكندنافية  (Baran & Davis, p. 118).   وتؤسس نظرية المشاركة الديموقراطية لحقوق المستقبل في الرد وإبداء الرأي  وصناعة الموضوعات ، وهي خليط من الليبرالية والمثالية والاشتراكية والمحلية(Watson, 2003)، حيث أن تطبيقاتها في البيئة الليبرالية من المجتمعات الغربية، وهي نزعة نحو الوضع المثالي للتطبيقات الخاطئة في النظرية الليبرالية، كما أنها ذات تركيز أكبر على القضايا المحلية للبيئات التي توجد فيها وسائل الإعلام.

 

 

 

 

 

الحرية الإعلامية

 

هناك علاقة ترابطية بين طبيعة النظام السياسي وبين طبيعة النظام الإعلامي، فالنظام السياسي يهيئ المناخ ويتيح الفرص لنشوء نظام إعلامي مناسب.  ولهذا فان النظام السياسي والاجتماعي هو الذي يعرف الإعلام ويحدد شكله ومضمونه.  وعندما تختلف الأنظمة السياسية تختلف معها – عادة – الأنظمة الإعلامية.  وحرية الصحافة أو الإعلام في أي مجتمع هي امتداد للفلسفة والرؤية الاجتماعية التي تولدت في ذلك المجتمع.  ويمكن إجمالا وضع عدد من المعايير التي تحدد طبيعة ومفهوم حرية الإعلام (Silverblatt & Zlobin, 2004) :

1.   انفتاح المجتمع من خلال تدفق حر للمعلومات.

2.   تمكن ووصول الجمهور إلى معلومات داخلية وطنية وخارجية عالمية.

3.   وصول وسائل الإعلام إلى المصادر والمعلومات التي تحتاجها، بما فيها معلومات عن/ ومن الحكومة.

4.   توفر كافة أنواع المعلومات إلى الإعلام، والى الجمهور.

5.   الأهمية التي تحظى بها وسائل الإعلام، والاهتمام بحرية الوسائل.

 

وتعد فريدم هاوس   Freedom House  سنويا تقارير عن مستوى الحرية التي تتمتع بها وسائل الإعلام في مختلف دول العالم.  وفي تحليل عن تقرير عام 2006م، اتضح أن 24% من دول العالم أعتبرها التقرير دولا غير حرة،  و 30% تمتلك حرية جزئية، والباقي (46%) اعتبرها التقرير دولا حرة.  وأوضح التقرير السنوي لفريدم هاوس أن الحريات تقع تحت تهديد من معظم دول العالم.. وخاصة الدول النامية، وبشكل خاص الدول الأسيوية.  وقد تصدرت فيلندا دول العالم على مر عدد من السنوات، ولكن في تقرير عام 2006 تساوت معها في المرتبة الأولى كل من ايسلندا والسويد، ثم تلتها الدنمرك والنرويج..  ومن الملفت للنظر أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن بين الدول العشر الأكثر حرية في العام، بل جاء ترتيبها الرابعة والعشرين، وجاءت المملكة المتحدة الثلاثين بين دول العالم.  وإذا تفحصنا الجدول التالي ( جدول رقم 1) الذي اقتصر على الدول العشر الأولى الأكثر حرية في العام، لوجدنا أن معظم هذه الدول هي دول اسكندنافية، ودول تقع شمال أوروبا، حيث تمتلك هذه الدول تقاليد عريقة في حرية الصحافة على مر العقود الماضية.

 

جدول 1

الدول العشر الأولى الأكثر حرية إعلامية في العالم

الدولة

الترتيب

فيلندا

1

ايسلندا 1
السويد 1
الدنمرك 4
النرويج 4
بلجيكا 6
لكسونمبرج 6
هولندا 6
سويسرا 6
نيوزيلندا 10

 

ويوضح الجدول التالي ( جدول رقم 2) ترتيب الدول العربية بين دول العالم حسب مقياس حرية الصحافة،  وقد تصدرت الكويت الدول العربية في امتلاكها لحريات أكثر ومساحات أرحب من الدول العربية الأخرى في مجال حرية الصحافة والإعلام،  وتلتها لبنان ثم  كل من الأردن وقطر والمغرب..  وقد احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 173 بين دول العالم، مما يشير إلى تأخرها في سلم الحريات الصحافية والإعلامية.  كما أنها جاءت بين الدول العربية الخامسة عشرة، مما يعكس كذلك تأخرها إعلاميا مقارنة مع الدول العربية الأخرى.

 

 

 

جدول  2

ترتيب الدول العربية بين دول العالم حسب مقياس حرية الصحافة

 

الدولة

الترتيب

الكويت

119

لبنان 125
الأردن 128
قطر 128 م
المغرب 131
الجزائر 134
موريتانيا 136
جيبوتي 144
مصر 145
العراق 155
البحرين 156
عمان 158
الإمارات 158م
اليمن 171
السعودية 173
تونس 173م
الصومال 179
سوريا 179م
السلطة الفلسطينية 182

 

الإعلام  والمجتمع: نموذج مقترح

أشار دانهيو  وتتشنر  واولين (Donohue, Tichenor and Olien, 1995)   الى ثلاث حالات يمكن وصف وسائل الإعلام ودورها في المجتمعات من خلالها.  وقام هولاء الباحثون باستخدام تشبيهات واستعارات مبنية على أساس العلاقة بين الانسان والكلب، لتوضيح هذا الدور والوظيفة الإعلامية:

  1. وظيفة كلب المراقبة watchdog ..  وتعد هذه الوظيفة امتدادا لمفهوم السلطة الرابعة، أي وسائل الإعلام تسعى لأن تكون رقيبا على كل ما يدور في المجتمع من مدخلات ومخرجات، بما في ذلك مراقبة المؤسسات الإجتماعية النافذة في المجتمع.
  2. وظيفة كلب الحراسة guarddog .. وتعني هذه الوظيفة أن وسائل الإعلام تقوم بحراسة فقط للمؤسسات النافذة في المجتمع، وتكون أشد الحرص على متابعة العناصر الطفيلية التي تدخل الى المجتمع وتعكر صفو ونقاء العلاقة القائمة.
  3. وظيفة الكلب الأليف lapdog … وتعني أن وسائل الإعلام ترتمي في حضن المؤسسات الإجتماعية، دون أن تكون إدة مستقلة، ودون إبداء أي  مساءلة للسلطة، ودون الإلتفات الى الآراء والإتجاهات الأخرى في المجتمع وبالذات التي لا تتفق مع مصالح المؤسسات النافذة في المجتمع.

ويحدد النموذج التالي طبيعة العلاقة بين السلطة والإعلام، وبين الإعلام والجمهور. ويمكن توضيح النقاط التالية في هذا النموذج على النحو التالي:

  1. تقع وسائل الإعلام بين السلطة، التي تمثلها المؤسسات الاجتماعية، وبين المواطن، الذي يمثله جمهور وسائل الإعلام.
  2. العلاقة بين كل من السلطة والإعلام ، والجمهور والإعلام هي علاقة ثنائية فتعكس هذه العلاقة خطي تواصل (ذهابا وإيابا)، ويعكس كل خط وظيفة مختلفة عن باقي الوظائف الأخرى. وفي هذا النموذج، توجد أربع وظائف تعكسها هذه العلاقات، هي وظيفة الصحافة كسلطة رابعة، ووظيفة للإعلام التوجيهي، ووظيفة الإعلام المدني، ووظيفة الإعلام الإقناعي.
  3. في الإجمال، يمكن الحكم على أن الصحافة أو الإعلام تندرج تحت مظلة من مظلتين رئيستين، هما : إعلام السلطة ، سلطة الإعلام، وإعلام السلطة يعني أن الإعلام هو أداة في يد السلطة تحركه لتحقيق سياساتها وبرامجها.. وسلطة الإعلام تعني أن الإعلام يمتلك سلطة فاعلة في المجتمع تهيئه لدور يعكس صوت المواطن ويحقق في الشأن العام باستقلال وشفافية بعيدا عن تأثير وضغط المؤسسات الاجتماعية.

ومن خلال المراجعات العلمية للأفكار العامة، والدراسات المتخصصة، يمكن الاستنتاج بأن المؤسسات الإعلامية تقوم بوظائف عديدة ومتنوعة، حسب طبيعة الدور المعطى لهذه الوسائل في المجتمع. وقد تبنت هذه الدراسة اربع حالات او تصنيفات يمكن من خلالها تحديد علاقة وسائل الإعلام بالمؤسسات الإجتماعية، وهذه الحالات، هي السطلة الرابعة، والإعلام الموجه، والإعلام الإقناعي، والإعلام المدني.

السلطة الرابعة:

من الأدوار التي تم تناولها منذ القرن الثامن عشر مفهوم السلطة الرابعة للصحافة Fourth Estate  ، وتعني أن سلطة الصحافة تتنافس مع باقي السلطات في المجتمع. ويشكل هذا المفهوم أساسا لمفهوم أكثر حداثة منه نما خلال العقود الماضية وهو وظيفة “كلب الحراسة”  watchdog  والذي يضع للصحافة والإعلام دورا محوريا للنيابة عن الشعب في متابعة وحراسة المؤسسات الاجتماعية الأخرى.  وعلى مستوى الواقع يتجسد هذا الدور في المساءلات المستمرة لأداء الحكومات والمجالس القضائية والتشريعية في المجتمعات، وتعريف المواطنين بطبيعة العمل والنشاط التي تمارسه هذه الأجهزة.

الإعلام الموجه:

كما أوضحت الأدبيات السابقة، فان مفهوم الصحافة والإعلام في النظريتين السلطوية والشيوعية يتمثل في أن تعمل وسائل الإعلام في إطار دور ناقل لكل ما تتوجه به الحكومات والأحزاب الحاكمة إلى مواطنيها من إيديولوجيا وسياسات وبرامج وتعليمات، وهذا ما يمكن أن نصفه بالإعلام الموجه من السلطة.   وكان وليام رو  (Rugh, 1987)   قد أشار إلى أن من بين أنواع الصحافة العربية الصحافة الموالية  Loyalist prees   وقد حدد بعض معالم هذه الصحافة في عدد من النقاط:

  • تدرك الصحافة ووسائل الإعلام ما ترغبه الحكومات من خلال الخبرات المتراكمة من العمل الإعلامي.
  • التأثير والنفوذ الحكومي وارد من خلال التعيينات الرسمية لرئاسات التحرير ومسئولي الإعلام الذين يقومون بدور إدارة العمل الإعلامي وفق الخط الرسمي.
  • تعمل وكالة الأنباء الرسمية على إرسال إشارات معينة تعكس الرأي الرسمي للدولة، وتقوم وسائل الإعلام الأخرى بتبني هذا الدور.
  • تنظم الحكومات اجتماعات دورية مع القيادات الإعلامية بصفة خاصة او معلنة لتمرير السياسات الحكومية وتبنيها من خلال وسائل الإعلام.

الإعلام الإقناعي:

تسعى وسائل الإعلام – على اختلاف اتجاهاتها – إلى أن تنجح في الدور الإقناعي المناط بها.  وتتساوى في هذا الدور مختلف الوسائل الإعلامية سواء كانت تحت مظلة سلطوية او ليبرالية.  وتعتمد الوسائل على استراتيجيات متنوعة في الإقناع حسب  المنهجيات المتاحة لهذه الوسائل.. ويمكن إجمالا تصنيف هذه الوسائل الإقناعية إلى قسمين، قسم يتعامل مع الإقناع المباشر، وقسم آخر يتعامل مع الإقناع غير المباشر.  ولكن الاختلاف يكمن في مضمون الحملات الإقناعية، فبينما تسعى وسائل الإعلام في المجتمعات الشمولية (السلطوية، الشيوعية، التنموية) إلى تفعيل دور الإعلام كأداة إقناعية لسياسات وبرامج الحكومات والمؤسسات الاجتماعية، تجد وسائل الإعلام الليبرالية أنها تتوجه إلى درجة أقل في تبني هذه الوظيفة، وتتجه ألا تكون ضمن أدوات السلطة التي تسعى إليها لتمرير سياساتها وبرامجها.

الإعلام المدني:

تمثل الصحافة المدنية civic journalism  تطورا جديدا في وظائف الصحافة، وتأتي كردة فعل للنقد الذي توجه ضدها من مختلف الجماعات والثقافات،  وهذه الوظيفة بشكل أساسي تصب في إطار الدور الاجتماعي لوسائل الإعلام، وتحديدا الأفكار الرئيسة التي طرحتها نظرية المسئولية الاجتماعية  (Baran & Davis, p. 118).   وقد راجع جوناراتن  (Gunaratne, 1998) الأدبيات العامة في هذا الموضوع، ولخصها في النقاط التالية:

  • محاولة وصول الصحافة ووسائل الإعلام إلى الجمهور بشكل مكثف عبر الأخبار والتقارير والتحقيقات، ومحاولة إعطاء فرص مستمرة للمواطنين كي يعبروا عن آرائهم واتجاهاتهم ومطالبهم واحتياجاتهم عبر هذه الوسائل.
  • تعزيز الوظيفية التفاعلية للإعلام مع الجمهور، بإتاحة الفرصة لأن تكون وسائل الإعلام صوتهم الذي يعبر عنهم.
  • حركة داخل الإعلام للتحقيق وإعادة التحقيق في الحياة العامة، بمختلف مستوياتها ومجالاتها، وهذا يتم من خلال إشراك المواطن في عمل جماعي لتنمية وتطوير أداء المؤسسات الاجتماعية.

 

نموذج “تعددية الدور الاجتماعي للصحافة”

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ش

 

 

منهج الدراسة

وظفت هذه الدراسة المنهج العلمي الكمي المتمثل في تحليل المضمون، وذلك  وفق إجراءات وأسلوب تحليل المضمون المتبع في الدراسات الإعلامية.  . ويعد التحليل الكمي من ابرز سمات تحليل المضمون حيث يتيح هذا المنهج للباحث استخدام الطرق والأساليب الإحصائية التي تهيئ وجود تبويب وتصنيف للفئات وجدولة للوحدات وقياسها والتعبير عن نتائجها بقيم عددية، تهدف إلى التحقق من الموضوعية والتقليل من أخطاء التحيز.  وقد عرف برلسون  (Berelson)تحليل المضمون على انه ” أسلوب البحث الذي يهدف إلى الوصف الكمي والموضوعي والمنهجي للمحتوى الظاهر في العملية الاتصالية والإعلامية”. ومن خلال هذا التعريف يمكن اشتقاق عدة عناصر يعتمد عليها هذا الأسلوب المنهجي ، وحددها ستمبل , (Stempel, 1982)  في الأسس التالية:

1 – الموضوعية : ويقصد بها التجرد من الدوافع الذاتية للباحث ، بحيث يمكن إعادة تطبيق الدراسة مرات أخرى من قبل باحثين آخرين وتصل إلى نفس النتائج .

2 – التنظيم : ويشمل التطبيق الكامل لعدد من الخطوات العلمية المنهجية الدقيقة ، وتحديد فئات الدراسة ، بحيث يمكن أن يندرج تحتها كل أصناف المادة المطلوب تحليلها.

3 – الاستخدام الكمي  : ويقصد به تسجيل التكرار أو القيمة الرقمية لحدوث أي نوع من تصنيفات المحتوى.

4 – المحتوى الظاهر  : ويعني بذلك أن أسلوب تحليل المضمون يعتمد على تحليل المعنى الظاهر في المحتوى الإعلامي دون الالتفات إلى معاني كامنة وغير ظاهرة في الرسالة الإعلامية (ص 120-121  ).

 

العينة الزمنية:

تم اختيار عينة زمنية لصحف الدراسة  تمثلت  في فترتين زمنيتين، هما فترة ما قبل أحداث 11 سبتمبر، وما بعد أحداث 11 سبتمبر.   الأولى خلال الفترة ا(الأشهر  السبعة الأولى من عام 2001م) التي سبقت الأحداث الحادي عشر من سبتمبر،  والفترة الثانية هي السبعة الأشهر الأولى الموازية لها من  العام 2004م.  وتم لكل فترة اختيار أسبوع صناعي، تمثل في الأشهر من يناير الى أغسطس من كل عام من عامي الدراسة، بحيث تم اختيار كامل أيام الأسبوع (من السبت إلى الجمعة). وهذا إجراء متبع في اختيار عينات الأسبوع الصناعي في دراسات تحليل المضمون (عبدا لحميد، 1983).

 

اختيار الصحف:

تم اختيار صحيفتين من  أهم الصحف السعودية الأكثر انتشارا في منطقة الرياض، وهما صحيفتا الرياض والجزيرة، نظرا لكون هاتين الصحيفتين تصدران من الرياض، العاصمة ومقر الوزارات والهيئات الحكومية في الدولة والقطاع الخاص.   وتوجد صحف ذات مقرات رئيسة خارج الرياض، وتوزع في منطقة الرياض، الا أن الدراسة اقتصرت على الرياض والجزيرة لأهمتها المكانية في العاصمة السعودية، ولانتشار مندوبيها في مختلف الوزارات والأجهزة الحكومية والخاصة.  كما أن هاتين الصحيفتين تمثلا أهمية خاصة بالنسبة للمصادر الإخبارية، حيث عادة ما يتم أخذها في الاعتبار عند وجود حملات إعلامية صادرة من الأجهزة الرسمية لقطاعات الدولة الرسمية.

 

فئات التحليل :

اعتمدت هذه الدراسة  المادة الصحافية  كوحدة أساسية للتحليل سواء أكانت مقالا، أو خبرا، أو تقريرا، أو تحقيقا، أو كاريكاتيرا. ولهذا الغرض تم تحليل كل وحدة حسب تصنيفات الدراسة ، المرتبطة بالمتغيرات الأساسية لها.  وقد تم حصر التحليل في الإخبار والموضوعات والمقالات ذات العلاقة بالشأن المحلي السعودي فقط.

 

ثبات التحليل:

تم التأكد من ثبات التحليل في هذه الدراسة من خلال تدريب اثنين من  مساعدي باحثين (المحللين   coder ) من أصحاب الخبرة الصحافية.  وتم اختيار عينة عشوائية من المادة الصحافية بغرض مقارنتها بين الباحثين.  وباستخدام معادلة اقترحها هولستى  (Holsti) لتحديد درجة الثبات في دراسات تحليل المضمون  أفضت هذه المعادلة إلى نسبة توافق وصلت إلى (     89%    )  مما يعنى درجة عالية من التوافق في التحليل والثبات في النتائج.

 

 

النتائج والمناقشة

 

يعرض الجدول (3) توزيع المادة الصحافية حسب الصحيفة، وقد تم تقسيم المادة إلى خمسة أنواع، هي الأخبار، التقارير والتحقيقات والأحاديث، والمقالات، ورسائل القراء، والكاريكاتير.  وقد ضمت الدراسة التقسيمات الرئيسة للمادة التحريرية، حيث تم تقسيم المادة الخبرية الى قسمين، هماالأخبار، والمادة غير الخبرية المتمثلة في التحقيقات والتقارير والأحاديث. وتم تقسيم مادة الرأي الى قسمين، هما  المقالات التي تمثل استكتابات الصحيفة، والمقالات التي تمثل رسائل القراء. وأخيرا تم إفراد الكاريكاتير في قسم خاص به. وتشير نتائج الجدول إلى مقارنات بين صحيفتي الرياض والجزيرة في تكرار ونسب هذه الأنواع الصحافية، حيث اتضح أن النسبة الخبرية تصل إلى ثلثي المادة الصحافية في صحيفة الرياض، في حين تصل المواد الإخبارية في صحيفة الجزيرة إلى حوالي 45%.  كما يوضح الجدول أن نسبة التقارير والتحقيقات والأحاديث في صحيفة الجزيرة تزيد بنسبة عشرة في المائة، وزيادة  كذلك في نسبة رسائل القراء بضعف النسبة الموجودة في الرياض، وكذلك في إعداد الرسوم الكاريكاتيرية.

 

جدول 3

توزيع المادة الصحافية حسب الصحيفة

 

المادة الرياض الجزيرة
التكرار النسبة التكرار النسبة
الأخبار 1135 67.4 851 45.7
التقارير والتحقيقات والأحاديث 247 14,7 439 23.6
المقالات 222 13.2 355 19
رسائل القراء 63 3.7 177 9.5
الكاريكاتير 16 1.0 41 2.2
المجموع 1683 100% 1863 100%

يوضح الجدول (4) توزيع المادة الصحافية حسب المصادر الصحافية، وهي الجهة التي تم الاعتماد عليها في استقاء الأخبار.. وتم اختصارها الى ثلاث تصنيفات: ذاتية من خلال مصادر الصحيفة (مندوبين، محررين، كتاب)، ووكالة الأنباء السعودية، وهي مصدر رسمي للأخبار الرسمية في المملكة العربية السعودية، ووكالات أنباء أخرى، وأخيرا اذا لم يتم الإشارة الى أي من هذه المصادر الثلاث، تم تصنيفها على أساس “غير محدد”.  وفي هذا الجدول بلغت المصادر الذاتية في كلا الصحيفتين نسبة التسعين في المائة، بينما بلغت نسبة اعتماد الصحيفتين على أخبار وتغطيات وكالة الأنباء السعودية إلى حوالي 6% فقط، مما يعكس الإمكانيات التي تمتلكها الصحيفتان من مكاتب ومراسلين ومندوبين في الداخل والخارج.  وهذا ربما ما عكسته نسبة الاعتماد على الوكالات الدولية في التغطيات المحلية التي قلت عن نسبة واحد في المائة.

 

 

جدول 4

توزيع المادة الصحافية حسب المصدر الصحافي

 

المصدر الرياض الجزيرة
ذاتي 88.5 91.5
وكالة الأنباء السعودية 6.0 5.6
وكالات خارجية 0.5 0.4
غير محدد 5.0 2.5
المجموع 100% 100%

 

يتبين من جدول رقم (5) توزيع المادة الصحافية حسب الفترة الزمنية، حيث إن الفترة الأولى كانت قبل أحداث 11 سبتمبر عام 2001م، والفترة الثانية بعد هذه الأحداث خلال عام 2004م.  ويبين الجدول أن نسبة المواد الصحافية في صحيفة الرياض زادت في الفترة الثانية للدراسة، بينما انخفضت النسبة في صحيفة الجزيرة.

 

 

 

جدول 5

توزيع المادة الصحافية حسب الفترة الزمنية

السنة الرياض الجزيرة المجموع
2001 47.4 54.4 51.1
2004 52.6 45.6 48.9
المجموع 100% 100% 100%

 

حددت الدراسة الموضوعات التي تندرج تحتها المضامين التحريرية حسبما أشارت إليها أدبيات تحليل المضمون في الدراسات الإعلامية.  ويوضح الجدول (6) توزيع المضامين  الإثني عشر حسب في كل من صحيفتي الرياض والجزيرة.  ويتضح من النتائج أن النسبة الكبرى في صحيفة الرياض خصصت للمضامين الاقتصادية بنسبة 22%، بينما كانت نسبة الاقتصاد والرياضة في صحيفة الجزيرة متقاربتين بنسبة تصل لحوالي 17% لكل منهما.  أما بخصوص المواد في موضوعات التعليم والثقافة مجتمعة، نجد أن النسبة وصلت إلى 25% في الجزيرة والى نسبة أقل من ذلك (20%) في صحيفة الرياض.

 

 

جدول 6

توزيع المادة الصحافية حسب الموضوع وحسب الصحيفة

 

الموضوعات الرياض الجزيرة
التكرار النسبة التكرار النسبة
سياسية 53 3.1 64 3.4
اقتصادية 370 22.0 322 17.3
عسكرية 15 1.0 24 1.3
أمنية 178 10.6 164 8.8
دينية 103 6.1 96 5.2
تعليمية 177 10.5 245 13.2
ثقافية 151 9.0 226 12.1
صحية 191 11.3 112 6.0
رياضية 263 15.6 329 17.7
فنية 9 0.5 35 1.9
اجتماعية 143 8.5 213 11.4
إنسانية 30 1.8 32 1.7
المجموع 1683 100% 1862 100%

 

قسمت الدراسة المناطق الجغرافية للتغطيات الصحافية حسب المناطق الإدارية للمملكة، والتي تبلغ ثلاث عشرة منطقة إدارية.  ويشير الجدول (7) إلى وجود تغطية مكثفة لمنطقة الرياض، بحكم وجود العاصمة، وبحكم وجود مركز الصحيفتين في مدينة الرياض.  وقد وصلت النسبة الى 47% في الجزيرة، في مقابل نسبة 36% في الرياض.  وتليها ذلك منطقة مكة المكرمة بنسبة 15% لصحيفة الرياض، وحوالي عشرة في المائة في صحيفة الجزيرة.  وتختلف الصحيفتان في المنطقة الثالثة، حيت تأتي الشرقية ثالثا في صحيفة الرياض، ومنطقة القصيم ثالثا في صحيفة الجزيرة.

 

جدول 7

توزيع المادة الصحافية المنطقة الإدارية وحسب الصحيفة

المنطقة الرياض الجزيرة
الرياض 36.0 47.5
مكة المكرمة 15.0 10.0
المدينة المنورة 3.7 1.0
الشرقية 6.8 4.6
عسير 4.2 2.4
جازان 2.5 0.8
نجران 1.1 0.5
تبوك 1.0 0.6
الحدود الشمالية 1.0 1.0
حائل 2.1 3.3
الجوف 0.7 0.9
القصيم 4.2 5.6
الباحة 1.0 0.5
عام 20.7 21.4
المجموع 100% 100%

 

وضعت الدراسة ضمن متغيراتها التعرف على طبيعة المصادر الإخبارية التي تشير إلى المرجعية عن هذه الموضوعات.  وقد تم تقسيم المصادر المرجعية إلى مصادر ملكية، وتعني المرجعيات الصحافية إلى شخصيات الملك فهد وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني .  ومصادر أميرية، ويقصد بها الأمراء من أصحاب المناصب الوزارية وأمراء المناطق، وأمراء في مناصب عليا في الدولة.  ومصادر وزارية، ويقصد بها الوزراء من خارج الأسرة الحاكمة.  ومصادر إدارات عليا ويقصد بها وكلاء الوزارات ومدراء العموم والمحافظين، ومصادر وسطى ويقصد بها مدراء وعمداء ومن في حكمهم، ومصادر إدارات دنيا ويقصد بها رؤساء الأقسام والوحدات الإدارية، ومصادر حكومية مشتركة إذا اشتركت فيها أكثر من شخصية من الفئات المختلفة، ومصادر قطاع خاص، ومصادر مواطنين يكون المواطن هو المصدر الأساسي للمعلومة أو الخبر أو الحدث أو الموضوع.   ويوضح الجدول (8)أن أكثر تعامل الصحافة السعودية ممثلة بصحيفتي الرياض والجزيرة هو مع الإدارات الوسطى، حيث وصلت هذه التعاملات إلى حوالي 20%  في الجزيرة، وحوالي 17% في الرياض.  وتلى ذلك مصادر أميرية بنسبة حوالي 12% في كلا  الصحيفتين.  ويتبين من الجدول أن صحيفة الجزيرة تعطي أهمية اكبر من صحيفة الرياض في التعاملات مع الإدارات الدنيا، حيث وصلت إلى أكثر من عشرة في المائة، أي ضعف التعاملات من قبل صحيفة الرياض.  ويتبين من الجدول أن صحيفة الرياض أكثر ارتباطا بالمواطن كمرجعية إعلامية، حيث وصلت النسبة إلى حوالي 15%، بينما النسبة في الجزيرة حوالي عشرة في المائة.

 

 

جدول 8

توزيع المادة الصحافية حسب المصادر المرجعية وحسب الصحيفة

 

مرجعية المصدر الرياض الجزيرة
مصادر ملكية 4.2 3.4
مصادر أميرية 12.7 11.2
مصادر وزارية 5.5 7.4
إدارات عليا 10.1 9.5
إدارات وسطى 16.6 19.2
إدارات دنيا 4.5 10.4
مصادر حكومية مشتركة 2.4 1.9
قطاع خاص 4.3 2.0
مواطنون 15.2 9.4
مصادر مشتركة 4.2 3.3
غير ذلك 20.3 22.3
المجموع 100% 100%

 

 

يوضح الجدول (9) توزيع المواد الصحافية حسب المعالجات التحريرية في كلا الصحيفتين.  وتسعى الدراسة الى معرفة كيفية تناول ومعالجة الموضوعات والقضايا المحلية. حيث من المعتاد أن كل مقال او موضوع او خبر يتوجه الى تحقيق هدف معين تسعى اليه الصحيفة او يهدف اليه الكاتب.  والمعالجة هي الطريقة التي يتم من خلالها تناول الصحيفة لموضوع او قضية حول جهة من الجهات، والتي  تتمثل في طرح طريقة معالجة وإطار تعامل مع ذلك الوضع او تلك المشكلة.. وقد قسمت الدراسة متغير المعالجة إلى تصنيفات إدارية ومالية وقانونية(نظامية)  وفنية (تخصصية) وخدمية.  وتشير نتائج الجدول إلى أن كلا الصحيفتين تقدمان معالجات كبيرة بنسبة الثلث تقريبا في مجال الخدمات.  وتتوزع باقي النسب في المجالات الأخرى.

 

 

جدول 9

توزيع المادة الصحافية حسب المعالجة التحريرية وحسب الصحيفة

طبيعة المعالجة الرياض الجزيرة المجموع
معالجات إدارية 14.0 19.7 17.0
معالجات مالية 5.6 8.2 7.0
معالجات قانونية 10.9 8.7 9.7
معالجات فنية (تخصصية) 12.5 14.7 13.7
معالجات خدمية/عامة 32.7 34.8 33.8
بدون معالجة 13.8 9.7 11.7
غير منطبق 10.5 4.2 7.1
المجموع 100% 100% 100%

 

ومن أجل التعرف على طبيعة التغطيات الصحافية لبعض الأجهزة والقطاعات الحكومية والخاصة، فقد حددت الدراسة عددا من هذه القطاعات التي تم اختيارها للتكرار المكثف لها في التغطيات الصحافية، ولطبيعتها الخدمية للمواطنين، وقد بلغت اثنتين وعشرين جهة حكومية وخاصة.  ويوضح الجدول (10) توزيع المادة الصحافية حسب هذه الجهات.   ويتصدر التعليم في وزارة التربية والتعليم (المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات سابقا)  هذه القطاعات بنسبة تصل إلى عشرة في المائة. وتلي ذلك القطاعات الصحية، بنسبة عامة حوالي الثمانية في المائة.   وتتوالى قطاعات أخرى أمنية وبلدية وغيرها في حجم متناقص من التغطيات الصحافية في الصحيفتين.

 

 

 

جدول 10

توزيع المادة الصحافية حسب القطاع الإداري وحسب الصحيفة

الجهة الرياض % الجزيرة %  المجموع  %
التعليم 8.4 11.5 10.0
الصحة 9.7 5.8 7.8
الأمنية 4.2 4.7 4.4
البلديات 4.7 4.0 4.4
شئون إسلامية 3.4 3.7 3.5
التعليم العالي 2.7 3.3 3.0
السياحة 2.9 3.0 2.9
التجارة 1.7 3.3 2.5
الشئون الإجتماعية 2.0 3.0 2.5
المرور 2.1 2.6 2.4
الجمعيات الخيرية 2.2 2.0 2.1
الإتصالات 2.3 1.6 2.0
المياه والكهرباء 1.5 1.5 1.5
البنوك 1.1 1.9 1.5
الدفاع المدني 1.2 1.2 1.2
النقل 1.6 0.7 1.2
الشورى 0.3 0.9 0.6
الجوازات 0.8 0.4 0.6
هيئة الأمر 0.2 0.4 0.3
الخطوط السعودية 0.4 0.3 0.3
مركز الحوار 0.2 0.2 0.2
الأحوال المدنية 0.1 0.2 0.1
غير ذلك 46.3 43.8 46.2
المجموع 100% 100% 100%

 

 

يوضح الجدول (11) توزيع المادة الصحافية حسب توجه الموضوع إلى الشخصية والمؤسسة في القطاع المعني بالتغطية.  ويبين الجدول أن نسبة التغطيات الموجهة للمؤسسات تصل إلى حوالي ضعف التغطيات الموجهة للأشخاص.

جدول 11

توزيع المادة الصحافية حسب الاتجاه الشخصي/ المؤسسي وحسب الصحيفة

 

الاتجاه الشخصي/المؤسسي الرياض الجزيرة  المجموع
شخصي 20.8 20.7 20.7
مؤسسي 27.7 47.7 38.2
مشترك 51.5 31.6 41.1
المجموع 100% 100% 100%

 

يشير الجدول (12) إلى توزيع المادة الصحافية حسب اتجاه التغطية، بما يمثله ذلك من تغطيات ايجابية، ومحايدة وسلبية.  ويتبين أن نسبة الإيجابي في صحيفة الرياض وصل إلى 66%، بيمنا النسبة حوالي 63% في صحيفة الجزيرة، وبالتالي تزداد نسبة التغطيات السلبية من وجهة نظر مصدر القطاع الإداري إلى أكثر من 15% في الجزيرة، والى حوالي 13% في الرياض.

 

جدول 12

توزيع المادة الصحافية حسب إتجاه التغطية وحسب الصحيفة

إتجاه التغطية الرياض الجزيرة المجموع
ايجابي 66.0 62.9 64.4
حيادي 20.7 21.6 21.2
سلبي 13.3 15.5 14.4
المجموع 100% 100% 100%

 

 

 

يوضح الجدول (13) توزيع المادة الصحافية حسب القطاع الإداري وحسب اتجاه التغطية كونها ايجابية أو محايدة أو سلبية.  ويوضح الجدول (13)  أن معظم التغطيات عن هذه الإدارات تصب في توجهات ايجابية، بينما نسبة التغطيات السلبية تعد محدودة.  وإذا نظرنا لقطاع التعليم لوجدنا ان حوالي ثلاثة أرباع التغطيات هي ايجابية، بينما نسبة التغطية المحايدة والسلبية حوالي 11% لكل منهما.  ويتبين من الجدول أن القطاعات الصحية قد حظيت بحوالي 67% من التغطيات الإيجابية، وتصل التغطيات السلبية إلى أكثر من 16%.  ومن الملاحظات العامة على الجدول أن معظم التغطيات الإيجابية حظيت بها المؤسسات والموضوعات الدينية، حيث وصلت نسبة التغطيات الإيجابية إلى 95% للجمعيات الخيرية،  و80%  لوزارة الشئون الإسلامية.   كما حظيت وزارة التعليم العالي بنسبة عالية من التغطية الإيجابية وصلت إلى أكثر من ثمانين في المائة.  وفي الجانب الآخر، حصلت القطاعات الأمنية على تغطيات سلبية أكثر من غيرها من القطاعات الأخرى، فعلى سبيل المثال، حصلت  إدارة الدفاع المدني على نسبة 60%، وإدارة المرور على نسبة وصلت إلى حوالي 33%،  والدفاع المدني نسبة 27%، والأجهزة ا لأمنية المتمثلة في الشرط بنسبة 20%.

 

 

جدول  13

توزيع المادة الصحافية حسب القطاع الإداري وحسب اتجاهات التغطية

 

الجهة الاتجاه الإيجابي الاتجاه المحايد الاتجاه السلبي المجموع
التعليم 76.7 11.4 11.9 100%
الصحة 67.6 16.0 16.4 100%
الأمنية 55.0 25.0 20.0 100%
البلديات 64.6 12.3 23.1 100%
شئون إسلامية 80.7 10.9 8.4 100%
التعليم العالي 81.4 9.8 8.8 100%
السياحة 76.5 14.3 9.2 100%
الغرف التجارية 69.0 19.0 12.0 100%
الشئون الاجتماعية 56.6 20.5 22.9 100%
المرور 51.3 16.2 32.5 100%
الجمعيات الخيرية 95.7 4.3 0.0 100%
الاتصالات 59.1 18.2 22.7 100%
المياه والكهرباء 72.5 15.7 11.8 100%
البنوك 49.0 47.1 3.9 100%
الدفاع المدني 60.0 12.5 27.5 100%
النقل 61.5 18.0 20.5 100%
الشورى 70.0 30.0 0.0 100%
الجوازات 75.0 15.0 10,0 100%
هيئة الأمر 77.8 22.2 0.0 100%
الخطوط السعودية 72.7 9.1 18.2 100%
مركز الحوار 28.6 42.8 28.6 100%
الأحوال المدنية 40.0 0.0 60.0 100%
غير ذلك 62.6 24.0 13.4 100%

 

 

يوضح الجدول (14) توزيع المصادر الإخبارية حسب الاتجاهات، حيث وصلت  نسبة المصادر الملكية إلى حوالي 93%، والمتبقي نسبة محايدة، ونسبة ضئيلة جدا في التغطيات النقدية. ووصلت التغطيات الإيجابية من خلال المصادر الأميرية إلى حوالي 85%، كما وصلت التغطيات الوزارية إلى حوالي 78%، بينما كانت التغطيات النقدية (السلبية)  5% للمصادر الأميرية  و10% للمصادر الوزارية. ومن الملفت للنظر أن معظم التغطيات السلبية من كلا الصحيفتين انصبت على المواطن، حيث بلغت أكثر من ثلاثين في المائة.

جدول  14

توزيع المادة الصحافية حسب المصادر الإخبارية وحسب اتجاهات التغطية

الجهة الاتجاه الإيجابي الاتجاه المحايد الاتجاه السلبي المجموع
مصادر ملكية 92.5 6.0 1.5 100%
مصادر أميرية 85.3 10.2 4.5 100%
مصادر وزارية 77.6 12.3 10.1 100%
إدارات عليا 82.8 10.2 7.0 100%
إدارات وسطى 69.3 20.6 10.1 100%
إدارات دنيا 56.6 22.8 20.6 100%
مصادر حكومية مشتركة 69.3 21.4 9.3 100%
قطاع خاص 77.1 17.4 5.5 100%
مواطنون 41.1 28.4 30.5 100%
مصادر مشتركة 48.9 42.0 9.1 100%
غير ذلك 48.1 19.8 32.1 100%
المجموع 64.5 21.2 14.3 100%

 

توزيع المادة الصحافية حسب اتجاهات التغطية يوضحه الجدول (15).  ويتبين أن معظم الأخبار التي ظهرت في صحيفتي الرياض والجزيرة هي أخبار ايجابية بنسبة حوالي 73%، وكذلك التقارير والتحقيقات.  أما المقالات فقد ارتفعت نسبة المحايد منها إلى حوالي 37%، ونسبة السلبي إلى 22%.  كما اتضح من الجدول أن رسائل القراء تعادلت نسبة الإيجابي والسلبي منها إلى نسبة قريبة من أربعين في المائة. أما الكاريكاتير، فكما هو متوقع، فقد ارتفعت نسبة الاتجاه السلبي فيه إلى أكثر من  ثمانين في المائة.

 

يوضح الجدول (15) توزيع المادة الصحافية حسب اتجاهات التغطية. وقد تم تقسيم الاتجاهات إلى ثلاثة أنواع: اتجاهات ايجابية، اتجاهات سلبية، واتجاهات محايدة.  وقد تم تصنيف القيم الاتجاهية حسب ايجابيتها أو سلبيتها أو حياديتها للجهة التي تم النشر عنها،  أي ما مدى التأثير على الجهة من خلال المادة الصحافية، هل تضيف ايجابيات أو سلبيات، أو انه لا يمكن تصنيفها إلى أي الاتجاهين، فيمكن إذن أن تكون حيادية.  وقد تمت التصنيفات على مجمل المنشور للمادة الصحافية.

جدول  15

توزيع المادة الصحافية حسب اتجاهات التغطية

الجهة الاتجاه الإيجابي الاتجاه المحايد الاتجاه السلبي المجموع
الأخبار 73.5 18.7 7.8 100%
التقارير والتحقيقات والأحاديث 71.0 16.3 12.7 100%
المقالات 40.7 37.1 22.2 100%
القراء 40.8 19.6 39.6 100%
الكاريكاتير 5.4 10.7 83.9 100%

يوضح الجدول (16)  تحديد الاتجاهات النقدية حسب طبيعة المعالجة الصحافية.  ويتبين أن معظم المعالجات الصحافية الإيجابية هي في الجانب الإداري بنسبة 60%، ومعظم الاتجاهات المحايدة تمثلت في المعالجات الفنية، أما المعالجة التي حصلت على نسبة أعلى من غيرها فهي المعالجات الإدارية، حيث تمثلت النسبة السلبية لها حوالي العشرين في المائة.

جدول 16

توزيع المادة الصحافية حسب المعالجة الصحافية وحسب اتجاهات التغطية

طبيعة المعالجات الاتجاه الإيجابي الاتجاه المحايد الاتجاه السلبي المجموع
معالجات إدارية 60.0 20.3 19.7 100%
معالجات مالية 56.9 26.6 16.5 100%
معالجات قانونية 44.1 26.4 16.5 100%
معالجات فنية (تخصصية) 57.9 32.8 9.3 100%
معالجات خدمية/عامة 73.3 13.2 13.5 100%

 

يتبين من الجدول (17) توزيع القطاعات الإدارية حسب نوع المعالجة الصحافية.  ونلاحظ أن معظم المعالجات تصب في النوع الخدمي بحكم طبيعة معظم هذه المصالح والإدارات.  ومن الملاحظ أن الجوانب الأكثر معالجة في الشئون الإدارية من قبل الصحافة تمثلت في قطاعات التعليم العام  والتعليم العالي والشئون الاجتماعية.. وفي الشئون المالية قطاعات البنوك والغرف التجارية والجمعيات الخيرية والمياه والكهرباء.. وفي الشئون النظامية والقانونية قطاعات الأمن والمرور.. وفي الشئون الفنية قطاعات التعليم العالي والاتصالات.. وفي الشئون الخدمية البلديات والصحة والمياه والكهرباء والدفاع المدني والسياحة.. وتوجد قطاعات بنسب أعلى ، إلا أن تكرارها لا يتعدى حالات بسيطة، مما لا يعتد إحصائيا بالنسب في مثل هذا الحالات..

 

 

جدول 17

توزيع المادة الصحافية حسب القطاع الإداري وحسب المعالجة الصحافية

 

الجهة المعالجات
إدارية مالية نظامية فنية خدمية غير ذلك المجموع
التعليم 27.2 4.5 4.2 11.6 35.8 16.7 100%
الصحة 11.0 3.4 5.0 10.3 64.9 5.4 100%
الأمنية 12.1 0.7 58.4 1.3 22.8 4.7 100%
البلديات 10.2 8.8 7.5 69.4 4.1 100%
شئون إسلامية 10.9 1.7 10.1 48.7 28.6 100%
التعليم العالي 26.5 3.9 2.9 23.5 25.5 17.7 100%
السياحة 9.2 2.0 2.0 7.1 61.2 18.5 100%
الغرف التجارية 20.2 19.0 4.8 13.1 27.4 15.5 100%
الشئون الاجتماعية 26.5 7.2 14.5 4.8 37.3 9.7 100%
المرور 7.5 51.3 2.5 27.5 11.2 100%
الجمعيات الخيرية 12.9 15.7 62.9 8.5 100%
الاتصالات 10.6 10.6 3.0 25.8 45.5 4.5 100%
المياه والكهرباء 5.9 15.7 3.9 64.7 9.8 100%
البنوك 11.8 64.7 2.0 17.5 4.0 100%
الدفاع المدني 10.0 12.5 5.0 62.5 10.0 100%
النقل 12.8 7.7 5.1 10.3 51.3 12.8 100%
الشورى 5.0 15.0 35.0 20.0 25.0 100%
الجوازات 25.0 50.0 25.0 100%
هيئة الأمر 33.3 33.3 22.2 11.2 100%
الخطوط السعودية 9.1 9.1 9.1 54.5 18.2 100%
مركز الحوار 57.1 14.3 28.6 100%
الأحوال المدنية 80.0 20.0 100%

يوضح الجدول (18)  توزيع المادة الصحافية حسب المنطقة الإدارية وحسب الاتجاه في التغطية.  ونلاحظ أن كثيرا من المناطق الإدارية حظيت بتغطيات ايجابية عالية، وتتصدر هذه المناطق الإدارية مناطق بعيدة عن الرياض، مثل المدينة المنورة والباحة وتبوك ونجران، بينما حظيت مناطق أخرى بتغطيات نقدية أكثر من غيرها من المناطق مثل جازان وحائل.

جدول 18

توزيع المادة الصحافية حسب المنطقة الإدارية وحسب اتجاهات التغطية

المنطقة الاتجاه الإيجابي الاتجاه المحايد الاتجاه السلبي المجموع
الرياض 67.0 21.7 11.3 100%
مكة المكرمة 78.1 14.3 7.6 100%
المدينة المنورة 86.4 9.9 3.7 100%
الشرقية 67.2 18.4 14.4 100%
عسير 72.2 13.0 14.8 100%
جازان 66.1 8.9 25.0 100%
نجران 78.6 7.1 14.3 100%
تبوك 78.6 10.7 10.7 100%
الحدود الشمالية 75.0 8.3 16.7 100%
حائل 57.7 23.7 18.6 100%
الجوف 69.0 17.2 13.8 100%
القصيم 68.4 17.8 13.8 100%
الباحة 84.6 7.7 7.7 100%
عام 44.2 30.7 25.1 100%
المجموع 64.4 21.1 14.5 100%

 

يوضح الجدول (19) توزيع المادة الصحافية حسب الفترة الزمنية وحسب اتجاهات التغطية.  ونلاحظ أن نسبة التغطيات الإيجابية انخفضت في الفترة الزمنية الثانية (2004م) بعشر نقاط، حيث وصلت إلى حوالي 59%. وانخفضت كذلك نسبة التغطيات السلبية بحوالي نقطيتين، بينما زادت النسبة من التغطيات المحايدة لترتفع من 15%  إلى أكثر من 27%.

جدول 19

توزيع المادة الصحافية حسب الفترة الزمنية وحسب اتجاهات التغطية

الجهة الاتجاه الإيجابي الاتجاه المحايد الاتجاه السلبي المجموع
2001م 69.3 15.4 15.3 100%
2004م 59.3 27.3 13.4 100%

 

المناقشة

 

عرض النموذج المقترح في هذه الدراسة لأربعة توجهات إجتماعية تؤسس لدور إعلامي متوقع من وسائل الإعلام في المجتمعات.  وهذه التوجهات هي:السلطة الرابعة، الإعلام المدني، الإعلام الموجه، والإعلام الإقناعي.  ومن خلال التطبيقات العملية لهذه الدراسة، وبناء على ما أفرزته أدبيات الدراسات الإعلامية عامة، وما أشارت اليه أدبيات الدراسات الصحافية عن الإعلام السعودي، تضع هذه الدراسة بعض الملاحظات عن الاعلام والصحافة السعودية، يمكن اجمالها على النحو التالي:

  1. تشير تطبيقات هذه الدراسة الى أن معظم التغطيات الخبرية والتقريرية والمقالية تنضوي تحت مظلة الإتجاهات الإيجابية نحو القطاعات الخدمية في المجتمع، وقد وصلت هذه النسبة الى حوالي 65%.  وهذا يعكس موقفا متوقعا كون الصحافة تسعى الى تبني مواقف ايجابية نحو السلطة التي تمثلها القطاعات والإدارات المختلفة في الدولة.  وهذا الموقف ينتظم مع فكرة الإعلام الموجه.
  2. هناك تحول تدرجي في تخلي الصحافة عن التوجهات الإيجابية نحو القطاعات الإدارية الخدمية في المجتمع، فقد وصل مجمل التغطيات الإيجابية قبل أحداث 11 سبتمبر  أي عام 2001م الى حوالي سبعين في المائة، ولكنها انخفضت عام 2004م الى اقل من ستين في المائة، وهذا يعكس ربما تحولا نوعيا تدرجيا في سياسات الصحافة والإعلام السعودي.  ويظل التأكيد هنا على أن هذا التحول لم يعني تحولا نحو التغطيات النقدية (السلبية)، بل صب في زيادة مضاعفة من التغطيات المحايدة.
  3. لا يزال ظهور الصحافة السعودية كصحافة تنموية واضحا، اكثر من غيره من المجالات، وتحديدا التنمية الخدمية في المجتمع، وكما تشير الى ذلك نتائج هذه الدراسة فان نسبة ثلث التغطيات تصب في إطار التغطية والمعالجة الخدمية في المجتمع.
  4. بالنسبة الى المرجعيات الإعلامية من المصادر والشخصيات العامة في المجتمع، تشير هذه الدراسة الى أن المصادر العليا في الدولة من ملكية وأميرية ووزارية وصلت الى نسبة حوالي عشرين في المائة، بينما كانت نسبة مصادر الإدارات العليا والوسطى والدنيا حوالي اربعين في المائة، مما يعكس ان القطاع الرسمي في الدولة يحتل ستين في المائة من المرجعيات الإعلامية، وهذه نسبة عالية تأتي في إطار التوجه الرسمي للصحافة والإعلام السعودي.
  5. لاحظت الدراسة الحالية أن الصحافة أتاحت الفرصة للمواطنين ان يعبروا عن آرائهم ومواقفهم من القطاعات الإدارية في الدولة، وقد وصلت هذه النسبة الى أكثر من ثلاثين في المائة من مقالات ورسائل المواطنين.  وهذه النسبة تعكس جانبين، اولهما: أن معظم التغطيات السلبية التي تنشرها الصحافة تأتي من المواطنين ولا تأتي بمبادرات من الصحف في تغطياتها الإخبارية، ولم تزد نسبة الإتجاه السلبي في الأخبار عن 8%، والتقارير والتحقيقات عن 13%.. وهذه الإسهامات تصب في إطار فكرة سلطة الصحافة في المجتمع.. وكلما زادت هذه النسبة كلما فعلت الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى دورا كسلطة رابعة مؤثرة في المجتمع.
  6. تعكس الصحافة السعودية توجهين فيما يتعلق بالدور النقدي لها، فبينما تتجه المحتويات التي تتضمنها الصحيفة من أخبار وتقارير وتحقيقات في جانب ايجابي، تتبنى المقالات ورسائل الجمهور والكاريكاتير جوانب أكثر نقدية من غيرها..  وهذه ربما تكون استراتيجية صحافية، تحاول أن ترضي طرفي المعادلة الوطنية في مشروع التنمية، المسئول والمواطن.

 

 

 

المراجع

 

عبدالحميد، محمد (1983)، تحليل المحتوى في البحوث الإعلامية، جدة: دار الشروق.

 

القرني، علي شويل (2003)، الخطاب الإعلامي السعودي دراسة تحليلية لتعددية الرؤية الاجتماعية، بحث مقدم للقاء الوطني الثاني للحوار الفكري بمكة المكرمة، مركز الملك عبدا لعزيز للحور الوطني.

 

 

Baran, Stanley and Dennis Davis (2003), Mass Communication Theory: Foundations, Ferment and Future (3rd edition), Canada: Thomson-Wadsworth.

 

Donohue, George, Phillip Tichenor & Clarice Olien (1995) “A Guard dog perspective on the role of media”,  Journal of Communication, 45:2, pp.115-132.

 

Gunaratne, S.A. (1998). “Old wine in A new bottle: public journalism, development Journalism, and socail responsibility.” In M. E. Roloff (ed.), Communication Yearbook 21.  Thousand Oaks, CA: Sage.

 

Holsti, Ole (1969) Content Analysis for Social Science and Hamanities,  Wesley Publishing, Co.

 

 

Keane, J.  (1991) The Media and Democracy.  Cambridge, UK: Polity Press.

 

McQuail, Denis (2000), Mass Communication Theory (4th edition), London: Sage Publications.

 

——————-  (1983), Mass Communication Theory: An Introduction, London: Sage Publications.

 

Picard, R.G. (1985) The Press and the Decline of Democracy. Westport, CT: Greenwood.

 

Press Freedom Index, “Reporters without Borders”  www.rsf.fr

 

Rugh, William, A. (1987)  The Arab Press, Syracuse, New York: Syracuse University Press.

 

Siebert, F.,  T. Peterson and W. Schramm (1956) Four Theories of the Press, Urbana, IL.: University of Illinois Press.

 

Silverblatt, Art and Nikolai Zlobin (2004) International Communications: A Media Literacy Approach. London: M.E. Sharpe.

 

Stemple, Guido (1982) “Content Analysis” in Stemple, G. & B. Westley (eds.). Research Methods in Mass Communication, Cliff, N.J.: Prentice – Hall.

 

The Annual Survey of Press Freedom, “Freedom House, www.freedomhouse.org

 

Thompson, J. (1995), The Media and Modernity. London: Polity Press.

 

Wtson, James (2003) Media Communication: An Introduction to Theory and Process (2nd edition). New York: Palgrave Macmillan.

Williams, Kevin (2003) Understanding Media Theory, London: Oxford University Press.