النويضي: حكومة التناوب التوافقي كانت مكبلة لكنها خاضت معارك لإصلاح قانون الصحافة والحريات العامة

نور الهدى بوعجاج
قال المحامي عبد العزيز النويضي إن ترأس عبد الرحمان اليوسفي وقبوله المشاركة في حكومة التناوب يدخل ضمن استراتيجية النضال الديمقراطي التي بدأت منذ 1975.
وأشار النويضي خلال مشاركته ضمن برنامج “المغرب في أسبوع” الذي تعرضه منصة “ريف فيزيون” أنه كان هناك تدرج في الانضمام للنظام السياسي، وصولا إلى ما يسمى بالتناوب التوافقي، الذي شكل تطورا سياسيا سوسيولوجيا، فحزب “الاتحاد الاشتراكي” منذ الانتخابات التي بدأت سنة 1976 تكونت طبقة داخله دفعت بقوة نحو الاندماج والتسيير والتدبير.
ولفت إلى أن التناوب في الأصل يعني التداول على السلطة، أما في المغرب عندما دخل اليوسفي إلى الحكومة، الناس يقولون إنها حكومة اليوسفي ولكنها حكومة الملك، خاصة مع وجود وزراء السيادة والدور الحاسم لوزارة الداخلية.
وأكد النويضي الذي كان مستشارا قانونيا لليوسفي، أنه في النظام السياسي للمغرب هناك حقل مقفل ليس فيه تنافس، وهو السلطة الملكية التي تقرر في الداخل والخارج، وهناك حقل مفتوح يتشكل من الأحزاب والنقابات والانتخابات والإعلام، وهذا الحقل يعطي صورة عن الديمقراطية في المغرب لكن طبعا تحت الإشراف المباشر لوزارة الداخلية.
وأضاف ” كل من يتحدى هذا الحقل المغلق لا مكان له، إضافة إلى وجود استراتيجية تمنع قيام أي قوة سياسية أو تحالف يتحدى هذا الحقل المغلق، وهذا يجعلنا نفهم عدة أمور، ومن بينها لماذا تكون وزارة الداخلية المحاور الرئيسي والمشرف على العديد من الملفات وعلى رأسها الانتخابات وكأنها حزب سياسي”.
وشدد النويضي على أن وزارة الداخلية نجحت في إحداث نظام انتخابي لا يعطي لأي حزب أغلبية منسجمة، وبما أن هذا المعطي غير ممكن فإن الانتخابات تنتج دائما حكومة ضعيفة.
وتابع ” في ظل هذه الشروط وفي ظل دستور 1996 تشكلت حكومة التناوب وحتى لو كان هناك دستور 2011 فإن الثقافة السياسية لا تسير في اتجاه الدمقرطة”.
وأبرز النويضي أن تجربة اليوسفي مع حكومة التناوب كانت مكبلة، لكن كان تقدير اليوسفي من البداية هو المشاركة فيها حتى يتحقق التقدم الديمقراطي ولو على مراحل، لهذا كانت معارك لإصلاح قانون الحريات العامة، وقانون الصحافة الذي دخل عليه 15 تعديل.
وزاد ” كثيرون هاجموا قانون الصحافة آنذاك لكن باعتباري كنت في قلب هذه المعمعة يمكن أن أقول إنه كانت هناك معارك كبيرة لتحقيق هذه التعديلات، ونفس الشيء بالنسبة لقانون الحريات العامة الذي حصلت مقاومات شديدة لعدم المساس به، من قبل بعض الوزارات ومنها وزارة الداخلية والعدل والأمانة العامة للحكومة، الذين لم يسهلوا مهمة عبد الرحمان اليوسفي”.
وأوضح النويضي أنه لا يدافع عن إنجازات حكومة اليوسفي ومناقبها لكن معها كانت هناك نية للتأسيس لمزيد من الانفتاح وتوسيع فضاءات الحرية.
وقال إن انتخابات 1997 فعلا كان فيها تزوير لصالح “الاتحاد الاشتراكي” وضده أيضا، واليوسفي حينها قال إنه استجاب لفكرة التناوب وهناك من يريد تخريبه.
وأشار أن الشرط الذاتي للمشاركة في حكومة التناوب لم يكن موجودا، وإلا لكان بإمكان اليوسفي فرض شروطه، ويبقى أن حزب “الاتحاد الاشتراكي” بنفسه تغير وكان فيه ناس متحمسون جدا للدخول للحكومة.
وأبرز أن اليوسفي بنفسه كان يتحدث عن سلطة الدولة وسلطة الحكومة، لكن كانت له حسن النية أن يسير بالدمقرطة نحو بالتدريج دون أن تكون له رغبة أن يندمج مع المخزن.
وأكد النويضي أن وضع الصحافة المغربية اليوم أفظع مما كان عليه الحال في فترة اليوسفي، مع أن هذا الأخير تعرض لانتقادات كثيرة في هذا الباب عندما منعت جرائد في عهده، إبان واقعة رسالة الفقيه البصري.
وأوضح أن قانون الصحافة الذي تمت المصادقة عليه في الحكومة والبرلمان مع تجربة اليوسفي، لم ينشر في الجريدة الرسمية إلا في سنة 2003 لأن الأمين العام للحكومة خبأ هذا القانون، والأدهى من هذا أنه عندما نشر وجد فيه توقيع ادريس جطو.
وتحدث النويضي عن مدونة الشغل أيضا، مشيرا أنه ضدا في اليوسفي لم تخرج في عهده وتم الانتظار إلى أن تولى ادريس جطو رئاسة الحكومة، وذلك يعود إلى خصومة الأموي مع اليوسفي، ولأن نقابة “الاتحاد المغربي للشغل” كانت دائما ضد اليوسفي.