جريدة بريس ميديا الأوروعربية للصحافة PRESS Medias Euro Arabe
المدير برهون حسن 00212661078323

خذوا المناصب والتعويضات والسفريات …

حسن الحداد

ترتب صقور العدالة والتنمية بطنجة أولوياتها وفق قراءة برغماتية، وتطبق المبدأ النفعي القائم على مصلحة الحزب، الحزب أولا وعذريته ورد الاعتبار له ، هي القيمة الأساسية في السياسة والمرحلة الراهنة إلى غاية الانتخابات المقبلة، تحسبا لأي مستجد طارئ في المشهد السياسي المغربي، الحزب أولا لا الواجب كما في الأخلاق، فهي خيرت أن تقدم مصلحتها على محاربة الفساد والاستبداد ، التي جعلته من أولى أولوياتها في البرنامج الانتخابي، ومن شعاراتها التي استنسختها عن حركة 20فبراير .
ما حدث ويحدث في الدورات العادية والاستثنائية للمجلس ومقاطعة بني مكادة مؤخرا إلا خير دليل على أن الحزب أولا، هو الهدف والرسالة والرجوع إلى مرتكزاته المرجعية التي تربط العامة بالتنظيم، الحزب أولا حتى ولو تطلب ذلك خروج القواعد الحزبية والقوى الرديفة عن بكرة أبيها للاحتجاج والدفاع عن الحزب و رموزه بكل الوسائل المشروعة. رسائل متعددة ترسلها الأغلبية إلى السلطة والمعارضة ايمانا منها أن موازين القوى نسبيا لصالحها.
صقور الأغلبية والحزب مركزيا يراهن على تطور الأحداث بطنجة، لما لها من دلالة وتميز. طنجة التاريخ ذات ثقل ضخم، وزخم نضالي منذ الحماية إلى الربيع المغربي، تراهن على تعميم موقفها، وان الصراع وحلحلة الاكراهات التنظيمية الداخلية ومواجهة الحلفاء والشركاء مركزيا و وطنيا أو حتى قوى المعارضة بمختلف أشكالها وأصنافها. طنجة ستعبد الطريق والمسار للتوجه الحزبي. طنجة جعلتها الأغلبية حلبة التدريبات والاستعدادات القبلية للمواجهة وتقوية البيت الحزبي وجمع الشمل وترميم التصدعات بين الدعوي والسياسي لوضع القطيعة مع الهدنة و التهدئة، وأن عهد الإنبطاح و خدمة أجندة الآخر على حساب الحزب قد ولى، لذلك تُفعل الاغلبية إستراتيجية تقسيم الأدوار، من الصم البكم يوم الاربعاء الاسود بمقر الجهة حسب قولهم، إلى التصعيد والمواجهة في الخميس الاسود بالقاعة الكبرى للغرفة، في انتظار الاثنين الاسود بقاعة قصر المدينة موعد دورة مغوغة ونواحيها من جهة، ومن جهة أخرى العمدة يقاضي المحتجين، ونائبه سيجر برلماني المعارضة إلى المحاكم لرد الاعتبار والشرف، والمكتب المسير للمجلس يلجأ إلى المفوض القضائي والمحكمة الإدارية تشبتا بصلاحياته، المعارضة تحتج على الأغلبية، والمتضررون ينتفضون ضد المؤسسة، والديمقراطية التمثيلية والأغلبية تتجه نحو القضاء، مشهد كاريكاتوري لديمقراطيتنا الفتية ، هل هي البداية للخروج من الباب الكبير بشرف؟ أم رسالة أولية في انتظار التطورات والأحداث والسياقات المحددة للمشهد السياسي وطنيا واقليميا؟.
اختيارات العدالة والتنمية، كانت خيبة أمل على قواعدها وعلى جميع المواطنين والمواطنات، أبرزها تهميش و تعطيل وتأجيل و تقليص البناء ومقومات الانتقال الديمقراطي بعد دستور 2011، ونجحت في تيئس المغاربة من اللعبة الديمقراطية ونفورها، وتبخيس المؤسسات المنتخبة،
اما محليا فهي اليوم تكتوي بانتهازيتها السياسية وهرولتها لسلطة الحكم. فالاغلبية ينطبق عليها اليوم المثل المغربي “في زيتها كتقلى” بسياسة الهدنة التي أنتجت و ساهمت في انتاج فئة مؤثرة في المؤسسات المنتخبة من” كاميكاز ” لا تبالي بالاعراف الديمقراطية و لا بالقوانين المنظمة و لا بأخلاق و قيم التواصل و الحوار. تنتحر في الدورات من أجل الماضي و رموزه، و تمركز السلطة خارج اللعبة الديمقراطية، وللعودة إلى ما قبل 2011. توجه ورؤية مترسخة نسبيا بين بعض الأوساط الاجتماعية بطنجة، لمن يخدم هذا المشهد؟؟ علما ان كل مكوناته هي وجوه متعددة لقضية واحدة وَأْد الديمقراطية و الثقافة الانتخابية.
مباشرة بعد الإعلان عن عدم المصادقة على تصميم التهيئة للمرة الثانية، دخلت الأغلبية في معركة كسب رهان الانتخابات المقبلة قبل إجرائها، و الدخول في الحملة الانتخابية لاسترجاع شعبيتها، لانها لا تعول على حصيلتها عبر الانتقال من التبرير إلى الدفاع والتصعيد، بعدما تحولت في نظرهم التماسيح و العفاريت إلى كائنات بشرية بالدورات العادية للمجلس والمقاطعات، وبعد نجاح المفوض القضائي في إبعاد المقدمية و الشيوخ من إطار الصلاحيات المخولة للمجلس. في هذا السياق يبقى السؤال هل نجحت المعارضة السياسية والمدنية في تصدر المشهد السياسي بطنجة؟هل تمكنت من ضم جميع الفئات والقطاعات المتضررة من سياسة اتدبير الشأن المحلي و جمع الصفوف و توحيد المعركة لإنقاذ الديمقراطية التمثيلية و مؤسساتها من ديكتاتورية الأغلبية؟. علما ان دورة الخميس الاسود بقاعة الغرفة تزامن مع الإضراب الوطني لقطاع التعليم الذي دعت إليه المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية بالمغرب، حيث غاب الحدث في دورة بني مكادة.
واهم من يعتبر أن ما يجري في الدورات يعكس حقيقة الرأي العام المحلي في غياب معارضة مهيكلة متجدرة في الأوساط الشعبية، وضعف التواصل و نضال القرب لتقوية ودعم الثقافة الانتخابية في سياق يهيمن عليه النضال المناسباتي والموسمي، تمكنت الأغلبية من استغلال الدورات السوداء بتجييش قوتها الإعلامية وكتائبها وروافدها ومراكزها، وفتحت أبواب الإتصال والتواصل بذريعة التشاركية لترويج لحصيلتها الهزيلة، وأن جهات تدعوا إلى عزل و إسقاط و إبعاد الأغلبية، وأن استهدافها هو استهداف لمرجعيتها، وأن مسببات الأزمة المالية تعود إلى الماضي القريب وتراكم سلبيات سوء التدبير في المجالس السابقة، وأن المجلس الحالي هو ضحية لذلك. وفي هذا السياق لا يهم الأغلبية استهداف اللعبة الديمقراطية، لان فاقد الشيء لا يعطيه، و لقلب موازين القوى لصالحها تعمل بمبدأ الترهيب والترغيب، فكان الاربعاء الاسود النقطة والجرعة التي تحتاج اليها الأغلبية لوضع حد لمرحلة statu quo مع السلطة و مع أغلبية الامس معارضة اليوم، خدمة لمبدأ الحزب أولا، فأصبحت كل مكونات المشهد السياسي بقصر المدينة وخارجه تلتقي فيما بينها ضد الأغلبية حتى حلفائها في التدبير ، محاولات لم ولن تنجح، غير انها ستكون المحدد لأجواء والانتخابات المقبلة التي لن تتم على قاعدة برامج اجتماعية واقتصادية وثقافية، بل ستتمكن الأغلبية إلى جر المنافسة والصراع على قاعدة ايديولوجية، “مرجعية الحزب هي المستهدفة”، “مع الفساد أو ضده”، حسب رؤية الأغلبية لمفهوم الفساد، “مع الحزب أو ضده”، رغم كونها باعت الوهم و أنعمت على الفساد بعفى الله عما سلف، ترهيب الساكنة بالمحسوبية والرشوة والنهب والريع والإقصاء، و مع الحزب ترغبهم في غذ افضل بجعل الواجبات والحقوق واختصاصات المجالس و المقاطعات حصيلتها .
للأغلبية تجربة وخبرة في دغدغة المشاعر والعزف على الأوثار، ما يحدث في الدورات يخدم استراتيجيتها، لأن الأغلبية تعمل بسياسة من لا إستراتيجية له يسقط في إستراتيجية خصمه وهي عازمة على فصل طنجة إلى قسمين مستغلة عقيدة المغاربة “الإسلام”، مع العدالة و التنمية يعني مع المرجعية أو ضدها، مع الأغلبية أو مع الماضي الذي تسامحت معه شكلا و مضمونا. في ظل هذا الصراع المفتعل لاعتبارات متعددة ، هناك جمعيات تمنع، وأنشطة تقمع، و يشتد الخناق على أحزاب بحرمانها من الدعم العمومي، ومكاتب فروع نقابية تطرد، واعلام موجه، و تغلق القاعات العمومية في وجه الجمعيات…….يبقى السؤال هل بسيناريوهي الاربعاء والخميس الاسودين ستهزم العدالة و التنمية؟، أم أن العدالة و التنمية حليف استراتيجي للسلطة المستدامة، و صمام الأمان ضد التطور المؤسساتي والانتقال الديمقراطي الحقيقي؟.