جريدة بريس ميديا الأوروعربية للصحافة PRESS Medias Euro Arabe
المدير برهون حسن 00212661078323

“لوموند”: المغرب بوابة الصين نحو أوروبا.. شراكة استراتيجية تتجاوز التجارة

ذكرت صحيفة “لوموند” أن المغرب قد أصبح في السنوات الأخيرة محورا رئيسيًا للصين في تحقيق أهدافها التجارية مع أوروبا وأمريكا الشمالية. وأوضحت الصحيفة الباريسية أنه على الرغم من أن العلاقات بين البلدين لم تكن دائمًا عميقة، إلا أن الصين بدأت ترى في المغرب بوابة استراتيجية للوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وحسب تصريحات وزير الصناعة المغربي، فإن الشركات الصينية تتواصل معه بشكل يومي، في إشارة إلى الاهتمام المتزايد بالصناعات المحلية المغربية.

وأفاد تقرير “لوموند” أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والصين منذ توقيعها في إطار مبادرة “طرق الحرير الجديدة” في عام 2016، أدت إلى المبادلات التجارية بين البلدين بشكل كبير. وفي عام 2023، بلغت هذه المبادلات حوالي 8 مليارات دولار، وهو رقم يقارب حجم التبادلات التجارية بين الصين والجزائر، إلا أن الاستثمارات الصينية في المغرب لا تزال منخفضة نسبياً مقارنة بالجزائر، حيث بلغت 3 مليارات دولار فقط بين عامي 2005 و2020، مقارنة بـ24 مليار دولار في الجزائر.

رغم ذلك، تستدرك الصحيفة، بدأ المغرب يشهد اهتماما متزايدًا من الشركات الصينية في قطاعات جديدة، مثل صناعة البطاريات الكهربائية. مجلة الإيكونوميست البريطانية أدرجت المغرب ضمن الدول الخمس الأكثر استهدافًا من قبل استثمارات “الحقول الخضراء” الصينية في عام 2023. هذه الاستثمارات تعززت بإعلان شركات مثل CNGR وGotion عن استثمارات تصل إلى 10 مليارات يورو في المغرب، بالشراكة مع الصندوق الاستثماري “مدى” وشركة سيجر القابضة المملوكة للملك محمد السادس.

ويرى السفير الصيني في الرباط، لي تشانغلين، أن هذه الشراكة تأتي بشكل أساسي بسبب اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط المغرب بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حسب ما صرح به للصحيفة الفرنسية. ويؤكد الباحث كايل تشان من جامعة برينستون أن الشركات الصينية تسعى من خلال هذه الاستثمارات إلى التحايل على القوانين التي تهدف إلى تقليص وجودها في الأسواق الأمريكية والأوروبية، مستفيدة من إعفاءات ضريبية للبطاريات المصنوعة من مكونات قادمة من دول وقعت اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك المغرب.

لكن الشراكة بين الصين والمغرب لا تتوقف عند الصناعة، فالمغرب يمتلك احتياطيات مهمة من المعادن الضرورية لصناعة البطاريات الكهربائية، مثل الكوبالت والنحاس. وتتوقع “لوموند” أن يتم تشغيل مصنع كبريت الكوبالت في كمّاسة بحلول عام 2025، الذي سيلبي الطلب العالمي المتزايد على المعادن النادرة. كما يُتوقع افتتاح مصنع للنحاس في تزنيت خلال نفس الفترة.

وأضاف التقرير أن الاهتمام الصيني بالمغرب يمتد أيضًا إلى صناعة السيارات الكهربائية. فقد أصبح المغرب خلال الخمسة عشر عامًا الماضية المنتج الرائد للسيارات في إفريقيا، وبفضل ميناء طنجة المتوسط وموقعه الاستراتيجي، يبدو إنتاج السيارات الكهربائية للتصدير إلى أوروبا وأمريكا قريب المنال.

ولفت إلى أن العلاقة بين المغرب والصين ليست اقتصادية فقط، بل تشمل أيضًا الجانب السياسي. مؤكدا أن المغرب يدعم سياسة “صين واحدة”، ويتجنب انتقاد سياسات الصين تجاه الأقليات مثل الأويغور. في المقابل، لا تزال قضية الناشط الأويغوري إدريس أيشان عالقة، إذ تم اعتقاله في المغرب بناء على طلب من الإنتربول بطلب من الصين، إلا أن تسليمه لا يزال معلقًا بقرار من السلطات المغربية.

على عكس العديد من الدول الإفريقية المثقلة بالديون الصينية، تتسم العلاقة بين المغرب والصين ببراغماتية، وفقًا للباحث يحيى زبير. وأفادت “لوموند” أن المغرب يسعى لتنويع تحالفاته مع الصين دون المساس بشراكاته التقليدية مع دول مثل فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة، وحتى إسرائيل.