الأوروعربية للصحافة

جمعية “إنصاف” تعيد 550 طفلة مغربية لمقاعد الدراسة من اللواتي تم إجبارهن على العمل مبكرا

تستيقظ زينب، البالغة من العمر 10 سنوات، على الساعة السادسة صباحا يوميا، ليس من أجل الذهاب إلى المدرسة، ولكن لمرافقة والدتها، التي تشتغل عاملة منزلية، ومساعدتها في الأشغال المنزلية. وعلى الرغم من هذه المهام الشاقة المفروضة عليها، والتي لا تناسب سنها، إلا أن زينب تطمح، مع ذلك، لمعانقة حلمها من جديد في الرجوع إلى مقاعد الدراسة.

 

فالعودة إلى المدرسة ليست أمرا مستحيلا بالنسبة لهذه الطفلة التي تدل ملامحها على مدى قوة شخصيتها، وهي التي اضطرت إلى التخلي عن مسارها الدراسي في سن الثامنة لدواعي مالية وأسرية. كما أن والدتها تبدو مستعدة لكل التضحيات من أجل ضمان مستقبل كريم ولائق لابنتها الوحيدة.

ولحسن الحظ أن الحالات المشابهة لما عاشته زينب في انخفاض مستمر، بفضل الوعي المتزايد بقضية تشغيل الأطفال باعتباره انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان الأساسية، وكذا نتيجة للجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة للحد بفعالية من انتشار هذه الظاهرة.

وفي هذا الصدد، نبهت جمعية “إنصاف”، التي تدافع عن حقوق المرأة والطفل، إلى أن “هناك ما بين 60 ألف و80 ألف خادمة صغيرة تقل أعمارهن عن 15 سنة. 30 في المائة من هؤلاء الفتيات لم يذهبن قط إلى المدرسة، و49 في المائة منهن غادروا مقاعد الدراسة”.

وقد ساهمت هذه الجمعية، بحسب رئيستها، مريم العثماني، في إعادة “حوالي 550 طفلة”، من اللواتي تم إجبارهن على العمل مبكرا، إلى حضن عائلاتهن وإلى مقاعد الدراسة، من أجل تمكينهن من بناء مستقبلهن وتحقيق أحلامهن.

وتندرج العديد من البرامج المهمة ضمن هذه الدينامية، مثل برنامج “فرصة للجميع”، الذي يهدف أساسا إلى تعزيز فرص الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لليافعين والشباب في وضعية هشة، أثناء انتقالهم إلى الحياة العملية. كما يروم هذا البرنامج مكافحة الهدر المدرسي والتشجيع على العودة إلى المدرسة من خلال تطوير بيئة مدرسية واقية وتحسين نظام تتبع التلاميذ المعرضين لخطر الهدر المدرسي.

وغالبا ما يتعرض هؤلاء الأطفال الذين حكم عليهم بأن لا تطأ أقدامهم المدرسة أو تركوها في سن مبكرة من أجل العمل، لمخاطر جسدية ونفسية بالنظر لوضعيتهم الهشة.

في هذا الصدد، صرحت الطفلة زينب، بعفوية كبيرة قائلة: “عندما تعود سلمى (ابنة صاحبة المنزل الذي تشتغل فيه والدتها) من المدرسة، لا تسمح لي باللعب معها، وتطردني من غرفتها”. ورغم أن هذا الموقف المؤسف أثر على نفسيتها، إلا أنه زادها إصرارا على العودة إلى المدرسة في أقرب وقت.

ويبدو أن حلم زينب سيتحقق قريبا بعدما اقتنعت والدتها بأن مغادرتها للمدرسة لم تكن لها أية قيمة مضافة على الأسرة. وفي وقت ما يزال فيه المغرب يواجه هذه الظاهرة، على غرار جميع دول العالم، لا تتوان السلطات المختصة عن تكثيف جهودها للحد من انتشارها.

يشار إلى أنه يتم الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في 12 يونيو من كل سنة، والذي اختير له كشعار هذه السنة “تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع. إنهاء عمل الأطفال!”. وهو فرصة للدعوة إلى معالجة هذه الظاهرة، من خلال إرساء إطار قانوني متين يستند إلى معايير العمل الدولية والحوار الاجتماعي، والولوج الشامل إلى التعليم الجيد والحماية الاجتماعية، فضلا عن التدابير المباشرة للحد من الفقر ومظاهر عدم المساواة وانعدام الأمن الاقتصادي، وتعزيز العمل اللائق للعمال البالغين.