المدير برهون حسن 00212661078323
توجد أزمة وساطة من المؤسسات ومن الصعب تفسير عدم خروج المغاربة للدفاع عن مصالحهم

أكد أحمد البوز أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس وجود أزمة في الوساطة الممارسة من طرف المؤسسات التقليدية، بين الحركات الاجتماعية والدولة.
البوز وخلال مداخلة له في ندوة نظمتها مجلة دراسات بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بعنوان “الحركات الاجتماعية وأزمة آليات الوساطة”، عزا جزءا من أزمة الوساطة للأزمة التي تشهدها هذه المؤسسات نفسها، وعلى رأسها الأحزاب السياسية، إضافة إلى التحولات التي تعيشها المجتمعات حول العالم.
وأعرب أستاذ العلوم السياسية عن تحفظه على كون الحقل الحزبي بالمغرب يعيش “أزمة”، موضحا أننا لم يسبق أن كنا نعيش جنة حزبية، لنقول اليوم بوجود تراجع وضعف وهشاشة.
واعتبر المتحدث أن الحقل الحزبي لم يصل للنضج ولم يعش مراحل النمو والتطور الطبيعية لكي نحاسبه، فالحقل الحزبي لم يكن مخيرا في كل اختياراته وتحركاته، ولم يشتغل في الأريحية اللازمة.
وأبرز المحلل السياسي وجود صورة سلبية مسوقة عن الحقل الحزبي، كما أن الخطاب السياسي الرسمي يساهم أيضا في تكوين هذه الصورة السلبية، مشيرا في هذا الجانب إلى الخطابات الملكية التي كانت تنتقد بشكل لاذع الحقل الحزبي للخروج من الوضعية التي يعيش فيها.
ونبه البوز إلى أن هذه المعيقات الخارجية، لا تنفي وجود مشاكل ذاتية مرتبطة بالأحزاب نفسها، التي يبدو أنها استأنست بالإطار المرسوم لها، وألفت هذه الوضعية التي حشرت فيها منذ السبعينيات.
كما أشار المتحدث إلى عدم إمكانية الحديث عن ديمقراطية تمثيلية، ونحن لم نصل لمرحلة الإشباع، ولا نزال نعيش إشكاليات في هذه الديمقراطية، وفي الانتخابات، متسائلا عن كيف يمكن تفسير هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة.
وتوقف الأستاذ الجامعي على الهوة السحيقة بين الحقل الحزبي والروافد الاجتماعية كالحقل النقابي والجمعوي، والحركات الاحتجاجية التي كانت الأحزاب في طليعة صفوفها.
أزمة وساطة المؤسسات التقليدية وعلى رأسها الأحزاب، حسب المتحدث، لا ترجع فقط لهذا الوضع الذي تعيشه هذه المؤسسات، وإنما أيضا لطبيعة التحول الذي يعرفه العالم.
وأوضح أن هناك عددا من التنظيرات التي تتكلم عن الانتقال من ديمقراطية الأحزاب لديمقراطية العموم، ودون وساطة، كما أن المواطن المغربي أصبح بنفسه جريدة وحزبا، ويؤسس لقنوات خطاب مباشر مع الفاعلين المختلفين بما فيهم المؤسسة الملكية.
وفي الوقت الذي يشتكي فيه المغاربة من الغلاء والبطالة وعدة إشكالات، تساءل البوز عن السبب في عدم خروج الناس للشارع بشكل كبير، وعما إذا كان عدم الخروج هو رضا أم أن المغاربة استأنسوا بهذا الوضع ويعيشون ما يشبه “العبودية الطوعية”.
ولفت البوز إلى أن أدوات التحليل السياسي تكون غير قادرة في بعض الأحيان على تفسير بعض الأشياء والإجابة عن التساؤلات، بما فيها الأسباب الكامنة وراء عدم دفاع الناس على مصالحهم في مستوياتها البسيطة “الميكرو”، دون الحديث عن مستويات “الماكرو” وعلى رأسها الديمقراطية، وحتى الديناميات التي تخرج يكون لها بعد لحظي غير ممتد في الزمن.
وفي ظل هذا الواقع الذي تعيش فيه مؤسسات الوساطة التقليدية والتحولات التي يعرفها العالم ارتباطا بالأنترنيت ووسائل التواصل وبروز حركات جديدة، تساءل البوز عما إذا كان مطلوبا من الأحزاب والمؤسسات التقليدية لعب دور الوساطة بعد، خاصة وأن المواطن بات يمتلك آليات التفاعل في بيته.