الضَّرْبَةُ الإِسرائِيلِية فِي قَطَر… عِنْدَمَا يُصْبِحُ التَّفَاوُضُ هَدَفاً عَسْكَرِيّاً

يوسف اغويركات
Recover your password.
A password will be e-mailed to you.
في سابقة خطيرة وغير مسبوقة في تاريخ المنطقة، نفذت إسرائيل اليوم غارة جوية دقيقة على العاصمة القطرية الدوحة، استهدفت خلالها قيادات بارزة من حركة حماس كانوا مجتمعين لدراسة مقترح أمريكي جديد بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق الأسرى. هذه العملية التي حملت اسم “قمة النار” لم تكن مجرد ضربة عسكرية، بل رسالة سياسية مفادها أن التفاوض نفسه أصبح هدفا مشروعا للصواريخ.
استهداف التفاوض… لا الأشخاص فقط
لم يكن القصف استهدافا تقليديا لقيادات “ميدانية”، بل ضربا مباشرا لرموز تفاوضية كانت تقود نقاشا حاسما في مسار سياسي حساس. الضربة حملت معنى واضحا، إجهاض أي تقدم نحو تهدئة أو تسوية، وإشعار الوسطاء بأن إسرائيل قادرة على فرض شروطها حتى داخل الأراضي الخليجية.
بهذا التصرف، تعلن إدارة الاحتلال أن التهدئة تحولت إلى تهديد لاستراتيجيتها القائمة على الحسم العسكري والضغط الميداني، وأن أي مسار سياسي قد يحد من نفوذها أو مناوراتها لن يسمح له بأن يرى النور.
قطر… من وسيط إلى ساحة مستهدفة
لطالما لعبت قطر دور الوسيط بين المقاومة الفلسطينية من جهة، والإدارة الأمريكية وإسرائيل من جهة أخرى. غير أن استهداف أراضيها اليوم ينقلها من موقع “الوسيط” إلى موقع “الضحية”. فهو اعتداء صارخ على سيادتها، وتحدٍ مباشر للمنظومة الخليجية برمتها.
ردود الفعل الدولية لم تتأخر: الأمين العام للأمم المتحدة وصف الضربة بأنها “انتهاك صارخ لسيادة دولة عضو”، فيما اعتبرها البابا ليو تصعيدا يهدد الاستقرار العالمي. أما المواقف الخليجية والعربية فقد تراوحت بين الإدانة والتحذير من خطورة فتح جبهة جديدة، لكن السؤال يبقى: هل ستكتفي هذه الدول ببيانات التنديد، أم ستعيد رسم قواعد اللعبة الدبلوماسية؟
تبعات كارثية على غزة
الضربة لا تقف عند حدود سقوط ضحايا، بل تعني:
تعطيل مسار التهدئة وربما انهيار المفاوضات كليا؛
تصعيد جديد في غزة، سيكون المدنيون أول من يدفع ثمنه؛
تفاقم الأزمة الإنسانية مع احتمال إغلاق المعابر وتشديد الحصار؛
تآكل ثقة الشارع الفلسطيني في جدوى أي وساطة إقليمية أو دولية.
بكلمة، لم تستهدف غزة بالقنابل فقط، بل استهدفت فرصها الأخيرة في الحياة.
في الختام…
إذا سمح لإسرائيل باستهداف المفاوضين في لحظة يفترض أنها للحوار، وإذا لم تتجاوز ردود الفعل حدود الإدانة، فإن المنطقة بأسرها تدخل مرحلة جديدة من الفوضى وانعدام الثقة.
لم يعد أحدٌ آمنا من النار، ولا حتى من يبحثون عن إطفائها.
فحين يقصف الساعي إلى السلام، ويستهدف الحوار بالصواريخ، لا يبقى للأفق سوى رماد الحرب.
Recover your password.
A password will be e-mailed to you.