كشف منير جوري، وهو خبير في الشأن التربوي بالمغرب، عن “خمسة مبررات تحاصر المقاربة المعتمدة من قبل وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في أنماط التعليم المعتمدة، وتجعلها تواجه الارتجالية والعشوائية، وفق تعبيره.
وأوضح جوري، في تحليل نشره على صفحته الرسمية “فايسبوك”، أن السبب الأول يكمن في أن “التلميذ الملقح يمكن أن يصاب بكورونا وحينها يصبح ناقلا له ويمكن أن يعدي زملاءه وأساتذته. وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية وهو ما تردده اللجنة العلمية في المغرب باستمرار. فلماذا تربط وزارة التعليم بين تلقيح التلاميذ وبين “النمط الحضوري” في المؤسسات التعليمية؟ وما دامت العدوى ثابتة علميا، ماذا سيمنع اللقاح حتى ولو كان جميع تلاميذ مؤسسة ما ملقحين، ثم يجتمعون في أقسام تفتقر لمقومات التباعد، وسينقلون الفيروس بينهم شأنهم شأن التلاميذ غير الملقحين.
وسار جوري إلى التأكيد على أن “كل ما يوفره اللقاح هو التقليل من حدة المرض عند الإصابة به، دائما حسب اللجنة العلمية، وبالتالي هو لا يحل مشكلة انتشاره، وهي المشكلة مربط الفرس في تحديد نمط التعليم”.
وتساءل الخبير التربوي جوري، في مبرره الثاني،: هل الوزارة جادة عندما تتحدث عن شيء اسمه “نمط التعليم الذاتي”؟. وهل تلاميذ الأولى والثانية ابتدائي يمكنهم أن يتعلموا ذاتيا؟ ينضاف إليهم كل تلاميذ الابتدائي والاعدادي وحتى نسبة غالبة جدا من تلاميذ الثانوي التأهيلي.
وزاد موضحا: هل سبق في منظومتنا التعليمية أن علمنا التلاميذ كيف يتعلمون ذاتيا؟ لا أبدا. وهل دربناهم في حصص خاصة أو مدمجة تكسبهم مهارة التعلم الذاتي؟ لا مطلقا. وهل يوجد شيء من هذا في مناهجنا الدراسية؟ لا للأسف، إلا ما كان من واجبات منزلية والتي هي مكملة للأنشطة الفصلية وليست تأسيسية، فمن يؤسس المفاهيم للتلاميذ الذي نحيلهم على التعلم الذاتي؟.
أما المبرر الثالث، بحسب جوري، فيكمن في أن بلاغ الوزارة سيوفر مختلف الصيغ التربوية. فما الذي تقدمه الوزارة في نمط التعليم عن بعد؟؟ الدروس التلفزية؟ هل قومت الوزارة نجاعة هذه الدروس وعدد متابعيها؟. وهل وقفت على أثرها التربوي والتعليمي؟.
ونبه الخبير جوري إلى أن “دراسات كمية أصدرها باحثون أثبتت أن التعليم عن بعد بعيد كل البعد عن الرهانات التي وضعت عليه، في وقت لم تصدر فيه الوزارة أي إحصائيات في الموضوع، ولم تقم بأي دراسة كيفية، وهذا هو الأهم، رغم أننا في الموسم الثالث من الجائحة. فلماذا تصر على اعتماده وبطرقه الابتدائية؟”.
وبخصوص المبرر الرابع، فيتساءل جوري: أين حرص الوزارة على الإنصاف وهو شعار الرؤية الاستراتيجية وشعار الدخول المدرسي الحالي؟؟. في وقت اعتمدت الوزارة أنماطا تعليمية يؤسس للتفاوتات في أجلى صورها. ولماذا تجتر الوزارة نفس التدابير التي اتخذتها منذ انطلاق الجائحة، ولم تبدع رغم أنه كان لديها وقتا كافيا جدا لتضع خيارا تربويا موحدا ومتكافئا ومنصفا لكل أبناء المغاربة.
وأشار إلى أنه “إذا كانت الظروف الصحية غير ملائمة لضمان حضور كل الغلاف الزمني ولإنجاز كل المنهاج الدراسي، فيمكن الاشتغال على تخفيف الاثنين بشكل علمي ومنهجي يراعي اختلاف المستويات الدراسية والتخصصات والشعب، ويحافظ على الأهم وحذف الحشو الذي يملأ المقررات الدراسية إلى أن تعود الأوضاع إلى طبيعتها. هذا هو الحل الأسلم والأكثر إنصافا. وهذا ممكن جدا”.
أما المبرر الخامس، فيتمثل ، بحسب الخبير جوري، في أن “المنظومة التعليمية المغربية ما عادت تتحمل التدابير العشوائية، وأن أثر هذا التخبط قد ضرب بعمق في التحصيل الدراسي للمتعلمين لسنتين متتاليتين”، وفق تعبيره.