“الجشع” وتغييب الشباب يطبعان تعاملات الأبناك في المغرب

سلط انتقاد الملك محمد السادس لقطاع البنوك، الضوء على القطاع الذي يحقق أرباحا يصفها مراقبون بالمرتفعة، ويغلق الباب أمام مشاريع الشباب.

وقال الملك محمد السادس، خلال خطاب أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة، إن “القطاع البنكي ما يزال يعطي أحيانا، انطباعا سلبيا، لعدد من الفئات، وكأنه يبحث فقط عن الربح السريع والمضمون”.

ولفت ملك البلاد، الانتباه إلى “صعوبة حصول أصحاب المشاريع من الشباب على القروض، وضعف مواكبة الخريجين من الجامعات والمعاهد، وإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة”ّ.

وحسب بيانات بنك المغرب، يوجد في البلاد 24 مصرفا محليا ووافدا من بينها 5 بنوك إسلامية، إضافة إلى مؤسسات قروض أخرى مثل جمعيات القروض الصغرى ومؤسسات تحويل الأموال.

وقال البنك، في تقرير له، إن البنوك لديها 6503 فرعا داخل البلاد و45 فرعا بالخارج.

واعتبر أن إجمالي القروض المصرفية الممنوحة بلغت حتى نهاية 2018، نحو 870 مليار درهم، منها 342 مليار درهم (35 مليار دولار) ممنوحة للمشاريع الخاصة، و40 مليار درهم (4.1 مليارات دولار) ممنوحة للمقاولين الأفراد فقط.

تغييب الشباب

وقال الطيب أعيس، الاقتصادي المغربي،، إن البنوك في بلاده تعتمد على تقليل نسبة المخاطر إلى أقصى حد ممكن.

وحسب “أعيس”، فإن البنوك تطلب ضمانات كبيرة من أجل تقديم قروض، مثل الرهن على الأرض أو المنزل؛ “وبالتالي فإن الأغنياء هم الذين يستفيدون من القروض”.

“في حين أن الشباب الحاملين لأفكار مشاريع، لا يستفيدون من القروض، ومستثنون من الاستفادة من التمويل”.

وانتقد تغييب البنوك في لدورها الاجتماعي، رغم أن القانون يمنح المؤسسات البنكية الاحتكار في مجال الإقراض وجمع الأموال، ولكن بالمقابل الأرباح الكبيرة التي تجنيها، لا تساهم بشكل كبير في تمويل الاقتصاد. لافتا إلى أنه “أمام هذا الوضع، جاء الخطاب الملكي، وطالب بشكل مباشر بتغيير العقليات البنكية”.

وقال الملك محمد السادس إنه “من الصعب تغيير بعض العقليات البنكية”، داعيا إلى “ضرورة تغيير العقليات الإدارية، ووضع حد لبعض التصرفات التي تعيق التنمية والاستثمار”.

وتابع أعيس: لا يعقل أن نسبة نمو البلاد لا تتجاوز 3 بالمئة، في الوقت الذي تفوق نسبة نمو البنوك 30 بالمائة.

بدائل

بعد الخطاب الملكي، قررت الحكومة إحداث صندوق لدعم تمويل المقاولات الصغيرة والشباب من حاملي المشاريع؛ من أجل تسهيل الولوج للتمويلات البنكية.

ورصدت الحكومة ملياري درهم، لحساب خاص “صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية”، وهو صندوق مالي تابع للدولة، من أجل ضمان قروض المقاولات الصغرى والشباب من حاملي المشاريع.

من جهته، دعا عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، المؤسسات البنكية ببلاده إلى دعم المقاولين الشباب.

وفي حديث مع الأناضول، قال الكتاني: “البنوك تحقق أرباحا كبيرة من خلال الدعم التي توفره الدولة، إلا أنه يبدو أن العقلية الربحية طغت”.

وتابع: “البنوك لم تلعب دورها في دعم المقاولين الشباب، خصوصا أنها تملك الإمكانيات المالية لذلك”.

وطالب البنوك بمنح قروض الإنتاج، خصوصا للشباب بدل الاقتصار على قروض الاستهلاك التي تثقل كاهل الأسر.

وحسب التقرير السنوي للبنك المركزي، فإن وتيرة نمو القروض البنكية سجلت خلال 2018 شبه استقرار في النمو بنسبة 3.2 بالمئة.

وتباطأ نمو القروض المقدمة للمقاولات الخاصة بقوة؛ إذ انتقل من 3 بالمئة إلى 0.5 بالمئة، بينما نمت القروض المقدمة للإنعاش العقاري بنسبة 6.4 بالمئة مقارنة مع 10.4 بالمئة خلال العام الماضي.

واستقرت نسبة الديون المتعثرة للسنة الثانية على التوالي عند نسبة 7.5 بالمئة.

وخلال منتصف أكتوبر أول الماضي، توقعت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب تباطؤ نمو الاقتصاد إلى 2.6 بالمئة في الربع الرابع من 2019.

وسجل الاقتصاد المغربي معدل نمو 2.8 بالمئة في نفس الفترة المقابلة من 2018.

وفي وقت سابق، قال صندوق النقد الدولي إن نمو الاقتصاد المغربي يواجه مخاطر محلية وخارجية كبيرة بالتزامن مع تباطؤ النمو في 2018 إلى 3 بالمئة من 4.1 بالمئة في 2017.

وذكر الصندوق في بيان أن المخاطر تتمثل في تأخير تنفيذ الإصلاح، وانخفاض النمو في البلدان الشريكة الرئيسية خاصة منطقة اليورو.