المدير برهون حسن 00212661078323
واعتبر العروسي أن الفن الآن دخل في مرحلة الصمت المطلق أو ما يسمى عادة بالفن التجريدي، الذي له امتدادات في السينما والأدب والنقد حيث الابتعاد عن تسمية الأشياء والاكتفاء بالتلميح عوض التصريح، وهو –يضيف العروسي- توجه عالمي منذ صراع الشرق والغرب صرفت فيه أموال كثيرة من بعض المراكز الأمريكية لمحاولة تشجيع هذا النوع من الفن الذي يبتعد كثيرا عن الاهتمام بالنقد الاجتماعي والسؤال المجتمعي أو السياسي.
أما على مستوى المخيال الإبداعي فيرى العروسي أنه لم يكن هناك شيء يذكر، حيث العلاقة بين الفنانين والقضية كانت من خلال المواقف فقط، إذ تجد مثلا معرضا من أجل فلسطين ليس فيه لوحة واحدة عن فلسطين، أي أن الفنان كفرد يدافع عن فلسطين لكن لوحته لا تقول أي شيء.
ولم يعد الفن للاهتمام بالمجتمع والسياسة إلا مع بداية التسعينيات، لعدة أسباب منها الانفتاح السياسي المستوى السياسي الذي توج بملك جديد ونوع جديد من التفكير والعلاقة مع المواطن، لكن مع ذلك غالبا لا نعثر على شيء يتعلق بالفن التشكيليوظل من الصعوبة الحديث عن إدماج فلسطين في نوع من الإشكالية الابداعية التشكيلية. ليخلص في النهاية إلى أنه لا يمكن أن نعتبر بعض النتف الصغيرة من الملصقات الصغيرة أشياء مؤثرة في المخيال، ما يعني أن اللوحات التشكيلية التي تهتم بفلسطين تراجعت منذ نهاية الستينيات للأسباب سالفة الذكر.
وفي مداخلته تناول الأستاذ الجامعي حسن مخافي حضور فلسطين في الشعر المغربي، معتبرا أن هذه الندوة تندرج ضمن هدف أساس هو مقاومة التطبيع الثقافي الذي يعد من أخطر أنواع التطبيع إذ يمس الهوية جملة وتفصيلا ويمس الكيان التاريخي والهوياتي للمجتمعات المغربية.
وذهب إلى الحديث عن القضية الفلسطينية في الشعر المغربي معناه أننا نؤرخ للشعر المغربي بشكل أو بآخر لسبب بسيط هو أن القضية رافقت الشعر المغربي منذ بدايته.
وقسم مخافي المخيال الشعري في علاقته بفلسطين إلى ثلاثة مراحل. الأولى سماها المرحلة الموضوعاتية حيث كانت القضية تشكل موضوعا من مواضيع الشعروهي مرحلة عاطفية لم يكن فيها وعي حاد بالقضية يسمح بالإحاطة بها وتصورها مخياليا بطريقة أدبية. ذلك أن الشعراء المغاربة تابعوا القضية منذ وعد بلفور وكتبوا قصائد في هجاء بلفور والتنبؤ بضياع القضية الفلسطيني، منها قصيدة عبد الله كنون، ومطلعها:
أبناء فلسطين لقد خضتم لج المنيات عيانا ـ واقتحمتم جاحم الموت لم تأتنوا فيه ضرابا وطعانا وهناك شعراء آخرون مثل محمد العربي الآسفي ومحمد بن ابراهيم وغيرهم. أما المرحلة الثانية فأصبحت فيها القضية تشكل قضية شعرية بالذات وهي مرحلة تتسم بأنها مرحلة وجودية على المستوى الشعري والوجودي الفلسطيني، حيث إن الزخم الثوري الذي كان لدى الشعراء ورد الفعل عما تتعرض له فلسطين أدى الى الانحياز إلى شكل حداثي للقضية، كما صارت القضية عاملا من عوامل التجديد في الشعر المغربي. وحسب مخافي فهذا ما يلاحظ في قصائد الستينيات والسبعينيات إذ يندر أن نجد من شعراء هذه المرحلة من لا يتناول القضية الفلسطينية. ونوه بقصيدة القدس لاحمد المجاطي التي يعزها المغاربة ويرتبونها ضمن النماذج الاكثر نضجا في التعاطي شعريا مع القضية الفلسطينية.
وشكلت المرحلة الثالثة المرحلة الرؤيوية أو مرحلة التجربة عندما أصبحت القضية تجربة شعرية يعيشها الشاعر بجوارحه ووجوده، كما سخر لتشخيصها مجموعة آليات تساعد في اكتناه القضية باعتبارها تجربة، من بين ذلك الأسطورة واستدعاء شخصيات التاريخ. واعتبر أن التجربة التي تلخص هذه المرحلة هو ديوان وفاء العمراني”تمطر غيابا”.
واعتبر مخافي أن لكل مرحلة من المراحل الثلاث نمطا من الكتابة مغايرا، فالأولى تبنت القصيدة العمودية والثانية تبنىت القصيدة الموزونة والتفعلية والثالثةتبنت قصيدة النثر ، ما يؤكد أن هناك تفاعلا بين الشعر المغربي والقضية الفلسطيني، إذ لم تكن فلسطين فقط موضوعا للشعر ولا قضية من قضاياه وإنما عاملا مؤثرا في تجديد الخطاب الشعري المغربي.
من جهته تحدث الناقد السينمائي حمادي كيروم عن السينما والقضية الفلسطينية، منطلقا من أن العلاقة بفلسطين أشبه بعلاقة شبيهة بالجرح نتردد الآن كيف نحاول أن نبرأ منها لنعالجها بشكل مختلف.وقال إن بداية التعرف على القضية الفلسطيني فنيا كانت داخل الأندية السينمائية من خلال مجلة نورد الدين الصايل اسمها سينما 3 أي سينما العالم الثالث، وقد كانت تستقي من حركات التحرر في العالم وعيها ورؤيتها للكون، وكانت تبرمج أفلاما عن القضية الفلسطينيةأنتجتها ألمانيا وأمريكا الشمالية والعراقيون والسوريون وغيرهم، منها أفلام:لا للحل السلمي وبالروح بالدم نفديك يا فلسطين.
وأشار كيروم أن هذا الوعي سيصبح وعيا للوعي وسيصبح تل الزعتر هو أي كاريان موجود في المغرب.كما ذكّر بأن هناك علاقة ربطت بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين الجامعة الوطنية للأندية السينمائية وبرمج فيها الاسبوع الوطني للقضية إلى أن تم منع الأسبوع سنة 82، حيث توعد الحسن الثاني كل من سيتحدث عن القضية الفلسطينية.
كما توقف المتدخل عند مستوى الإنتاج السينمائي المتعلق بفلسطين، معتبرا أن “الصورة الغائبة” هي ما تلخص الوضعية التي تعيشها السينما المغربية تجاه القضية الفلسطينية. وقال: “اهتممت بهذا الموضوع ولم أجد إلا صورا قليلا كمحمد الركاب في الثمانينات حيث نجد البطل سكران مع صاحبه وفي الخلفية هناك صور مذبحة صبرا وشتيلا تمر عبر التلفزيون، كما نجد بعض الكلمات التي تتكلم عن القضية في جنة الفقراء لإيمان المصباحي وهي آتية من خلال جيل جيلالة، ليبقى العمل الوحيد الذي عبر عن القضية بالصورة هو عمل لم يتم وهو مذكرات منفى لمحمد الركاب”.
لكن حسب كيروم فإن هذا الجرح المزدوج الذي جعلنا نفقد جزءا من شعبنا الذي هو اليهود وفي نفس الوقت هذا الجزء هو من ذهب ليشكل جزءا من أرضنا فلسطين؛ حاول أن يتناوله محمد إسماعيلي في “وداع الامهات”أو فيلم حسن بنجلون”فين ماشي يا موشي”، مشيرا إلى أعمال أخرى وإن من تصور آخر قام بها كل من نبيل عيوش في فيلمه “ماي لاند”، وكمال هشكار في فيلمه عن صدى الملاح.