جريدة بريس ميديا الأوروعربية للصحافة PRESS Medias Euro Arabe
المدير برهون حسن 00212661078323

هذه الاختلالات البيداغوجية والتقنية في قطاع التكوين المهني بالمغرب‬

 

مع اقتراب موعد التعديل الحكومي المرتقب، يبدو أن العديد من كتاب الدولة صاروا قاب قوسين أو أدنى من مغادرة “سفينة العثماني”، على رأسهم كاتب الدولة المكلف بالتكوين المهني محمد الغراس، الذي غابت لمسته بشأن تأهيل القطاع الذي بات موضع تساؤلات ملحاحة من قبل العاهل المغربي، لاسيما أن الدولة أصبحت تراهن عليه لكي يكون أحد مرتكزات النموذج التنموي الجديد.

ورغم الخطب الملكية المتوالية بخصوص الإسراع في تأهيل وإعادة هيكلة قطاع التكوين المهني، إلا أن الحكومة لم تستطع بعد إعداد رؤية استشرافية جديدة تجاه هذا القطاع الحيوي، لاسيما ما يتعلق بتأهيل التكوينات الكلاسيكية وتطوير مهن جديدة في المجال، إلى جانب العمل على امتصاص احتقان الشغيلة التي تخرج بين الفينة والأخرى إلى الشارع، احتجاجا على ما تسميه “سوء تدبير القطاع”.

احتقان شغيلة القطاع

نور الدين باهي، رئيس المنتدى الوطني البيداغوجي للتكوين المهني، قال إن “التكوين المهني يعيش احتقانا كبيرا رغم الخطب الملكية التي ركزت على كونه قاطرة للتنمية”، مردفا: “تتفاقم هذه المشاكل داخل أوساط الشغيلة، خصوصا ما يتعلق بالجانب البيداغوجي، على اعتبار أن بعض المسائل لا تتطلب أي ميزانيات بالمطلق، مثل تخفيض ساعات العمل أسوة بالجامعات والتعليم الثانوي، إذ لا يعقل أن يشتغل المُكوِّن ما بين 26 و36 ساعة”.

وأضاف باهي، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الشغيلة تُطالب أيضا بحركة انتقالية شفافة وعادلة عبر اعتماد نظام الكوطا، على أساس أن يُحدد العدد سلفا ويُرتب حسب الأقدمية، فضلا عن الإصلاح البيداغوجي”، مؤكدا أنه “يحب منح المؤطرين الحرية في اختيار المضامين التي تتناسب مع حاجيات كل جهة على حدة، إلى جانب إشكال الحريات النقابية؛ إذ تتعرض الفعاليات النقابية لتنقيلات تعسفية بين الفينة والأخرى”.

وأوضح مهندس الدولة أنه “يجب منح الكفاءات داخل قطاع التكوين المهني القيمة التي تستحقها، من خلال العمل على إشراكها في تقييم مختلف إشكاليات القطاع، بما فيها الترقية التي ينبغي أن تكون عبر الاختيار، وكذلك ما يرتبط بالمعدات”، وزاد مستدركا: “إلا أن ذلك يصطدم بعقليات قديمة داخل دواليب التسيير، لاسيما بعض المدراء. لكن هنالك مجهودات تبذلها المديرة العامة الجديدة، خصوصا إصدار الدبلومات في موعدها وتخفيض فترة الامتحانات”.

لمسة وزارية غائبة

بخصوص لمسة كاتب الدولة، اعتبر سعيد الكمال، عضو المكتب الوطني للجامعة الحرة للتكوين المهني، أنها “غائبة تماما داخل مكتب التكوين المهني، بوصفه الفاعل العمومي الأساسي داخل خارطة الطريق التي تم الإفصاح عنها من أجل تطوير التكوين المهني”، مضيفا: “لا نحس بها داخل القطاع بحكم طبيعة الظهير الشريف المحدث لمكتب التكوين المهني رقم 1.72.183، الذي ينص على الاستقلالية المالية والمعنوية للمكتب”.

وأوضح المتحدث: “جل مذكرات كاتب الدولة لا تُؤخذ بعين الاعتبار؛ فنجد مثلا المذكرة الخاصة بالعطل لا يعمل بها المكتب رغم كونه معنيا بها، ومن ثمة يجب أن تقوم الوزارة بدورها الصارم في تنزيل التوجيهات الملكية على أرض الواقع، لاسيما ما يتعلق بالسياسة الحكومية في مكتب التكوين المهني، ثم القيام بدور المنسق وتوحيد الرؤية بخصوص الخارطة لدى كل الفاعلين بالقطاع”.

وأكد المنسق الوطني للتنسيقية الوطنية المستقلة للموظفين حاملي الشواهد غير المحتسبة بمكتب التكوين المهني أن “مكتب التكوين المهني يحاول مؤخرا أن يقوم ببعض التغييرات، لكنها تبقى طفيفة وسطحية، فموارده البشرية عانت -ومازالت تعاني- من العديد من المشاكل المتراكمة، التي يصعب معها أن تعمل على تنزيل تلك الخريطة دون حلها”.

مشاكل بيداغوجية وتقنية

يرى الكمال أن “المكتب مازال يعمل بقانون أساسي متجاوز، تحاول الإدارة تعديل بعض بنوده دون استشارة النقابات بالقطاع، بينما الموظفون محرومون لما يقارب تسع سنوات من شواهدهم التي حذفوها بدون مبرر قانوني”، وزاد: “هذا فضلا عن التغطية الصحية التي يضطر معها الموظفون إلى التسول من أجل العلاج، رغم وجود القانون 65.00 الذي يؤكد على انخراطنا، في مادته التي تحمل رقم 73، في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي”.

وتابع المتحدث ذاته: “منذ 01 غشت 2001 وموظفو المكتب محرومون من خدمات مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية، رغم أن المادة الثانية من القانون 73.00 تنص صراحة على استفادتهم منها”، مبرزا أنه “لإنجاح هذا الورش لا بد من الابتعاد عن لغة الأرقام وسياسة الكم، مقابل الاعتماد على سياسة الكيف وتوفير الوسائل الديداكتيكية والتقنية والتكنولوجية الحديثة”.

وأورد الفاعل عينه: “تجب إعادة الاعتبار إلى مؤسسة التوجيه والمرافقة والمواكبة المبكرة للتلميذ، عن طريق سياسة توجيهية فعالة، بالإضافة إلى القيام بدراسة دقيقة لحاجيات سوق الشغل الجهوية؛ وذلك من أجل الحسم في الخريطة التكوينية حسب الحاجيات، ومن ثمة محاربة بطالة خريجي المكتب”.