الأوروعربية للصحافة

“هوليود إفريقيا” تجذب الشباب للتكوين في مهن الصناعة السينمائية

يسمونها بهوليود إفريقيا، كونها تستقطب العديد من الأفلام السينمائية العالمية التي يصل صداها إلى جميع ربوع العالم؛ إنها مدينة ورزازات التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى قبلة مفضلة لدى كبار المخرجين العالميين لتصوير أفلام تاريخية وحربية ووثائقية.

شهرة مدينة ورزازات العالمية في المجال السينما دفعت مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل إلى إحداث المعهد المتخصص في مهن السينما، الأول بالمغرب، الذي دشنه الملك محمد السادس سنة 2006، والذي يستقل سنويا مئات الشباب الراغبين في تعلم مهن لها ارتباط بالمجال السينمائي.

وساهم المعهد منذ تدشينه من طرف الملك محمد السادس في خلق مناصب شغل إضافية لفائدة الشباب، كونه يعد الأول على الصعيد الوطني والعربي وإفريقيا، نظرا للإقبال الذي تسجله مدينة ورزازات والمدن المجاورة في مجال الأعمال السينمائية، حسب عدد من المكونين الذين استقت هسبريس آراءهم.

ويضم المعهد المتخصص في مهن السينما بمدينة ورزازات سبع شعب، هي تدبير الإنتاج السينمائي، والمؤثرات الخاصة والتوضيب، وفضاء التصوير والآليات، والحلاقة والتجميل السينمائي، وتصميم الملابس السينمائية، والديكور والإكسسوار، والسمعي البصري “تخصص الصورة”.

ويهدف مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بورزازات من خلال المعهد المتخصص في مهن السينما التابع له إلى “دعم الكفاءات المحلية والوطنية في مجال السينمائي وكل ما له علاقة بالإنتاج السينمائي والتلفزيوني، من أجل تلبية متطلبات سوق الشغل الخاص في هذا المجال والاعتماد على شباب المغرب دون اللجوء إلى الأجانب”، وفق تعبير أحد المكونين في المعهد.

المعهد يرسم مستقبل الشباب

جريدة هسبريس الإلكترونية قامت بزيارة إلى المعهد المتخصص في مهن السينما بورزازات، وحاورت عددا من المتدربين والمتدربات به الذين أجمعوا على أن إحداث هذا المعهد بمدينة ورزازات “ساهم وسياسهم في توفير فرص الشغل”، كاشفين أن عددا من زملائهم بعد تخرجهم “أصبحوا يتشغلون في القنوات التلفزية وشركات الإنتاج”، وفق تعبيرهم.

وقال مولاي مصطفى المساوي، مكون في المعهد المتخصص في مهن السينما بورزازات، وهو يتحدث عن انطلاقة المعهد: “ليس غريبا أن يكون في مدينة ورزازات هذا المعهد الوحيد المتخصص في مهن السينما”، موضحا أن “المعهد يتوفر على تخصصات تقنية تحاول الاستجابة لحاجيات سوق الشغل”.

وأضاف المساوي، في تصريح لهسبريس، أن “المقاربة المعتمدة في البرمجة الخاصة بوحدات التكوين داخل المعهد جاءت بعد عدة جلسات قام بها خبير فرنسي من خلال عقد لقاءات عمل مع المشغلين وإعداد برنامج عمل يستجيب للشروط التي يجب أن تتوفر في المستفيد”.

وشدد المكون ذاته على أن “التكوين في المعهد يضم مستويين؛ تقني يلجه أصحاب مستوى البكالوريا ويضم شعبتين، وتقني متخصص يقبل فيه الحاصلون على شهادة الباكالوريا ويضم أربع شعب”، موضحا أن “البيداغوجية الخاصة بالمعهد تهتم بما هو تقني وتطبيقي أكثر مما هو نظري”.

بدورها، قالت مينة بوبكر، متدربة، إن “المعهد المتخصص في مهن السينما بمدينة ورزازات، ورغم العدد القليل من الشباب الذين يلتجئون إليه من أجل التكوين، فإنه قادر على رسم معالم المستقبل للمتدربين فيه”، مضيفة: “هناك عدد من الشباب الذين سبقونا إلى المعهد يتوفرون حاليا على عمل قار ومحترم، خصوصا أن المدينة تزخر بمؤهلات كثيرة وتستقطب المخرجين العالميين”، وفق تعبيرها.

وأبرزت المتحدثة لهسبريس أن المعهد “يهدف إلى إعداد وتأهيل الشباب لدراسة العلوم السينمائية والتليفزيونية، وتأهيل الخريجين علميا وعمليا للعمل في مجال صناعة السينما ومحطات التلفزة وفقا للتخصصات التي درسوها، والعمل على تنمية القدرات الإبداعية للمتدربين داخله وتأهيلهم للحصول على أعلى الدرجات العلمية والدراسة التخصصية التي تساهم في رقي الفكر والموهبة لمواكبة تكنولوجيا العصر”، وفق تعبيرها.

كفاءات محلية

العديد من المخرجين السينمائيين العالميين يضعون مدينة ورزازات نصب أعينهم من أجل إنتاج أفلامهم السينمائية، نظرا إلى توفر المدينة على أكبر استوديوهات التصوير بإفريقيا، وتقنيين متخصصين في جميع الشعب التي لها علاقة بالسينما، و”كومبارس” متمكنين وقادرين على إنتاج أفلام في المستوى.

وحسب المعطيات التي حصلت عليها جريدة هسبريس من داخل المؤسسة ذاتها، فإن غالبية الأفلام السينمائية التي يتم تصويرها بمدينة ورزازات ونواحيها تشغّل خرجي المعهد، مشيرة على أن عددا من المخرجين أصبحوا يفضلون تشغيل التقنيين المتخرجين في المعهد على نظرائهم الذين يأتون من أوروبا أو أمريكا نظرا إلى الفرق في التكلفة المالية بينهما.

عبد اللطيف عطاش، مكون في المعهد المتخصص في مهن السينما بورزازات، قال في جوابه على سؤال طرحته هسبريس حول وجهة الشباب المتدربين ما بعد حصولهم على الدبلوم: “إن هؤلاء المتخرجين لهم مجموعة من الآفاق”، موضحا أن “المتخرجين المتوفرين على سنتين في تخصص تقني متخصص يستفيدون من نظام الممرات الذي يمكنهم من التسجيل في الإجازة المهنية في حالة رغبتهم في مواصلة التكوين والتعلم”.

وأضاف عطاش: “بالنسبة للمتخرجين الراغبين في العمل، هناك مجموعة من مواقع التصوير التي تشتغل في مدينة ورزازات، بالإضافة إلى أنه يتم تشغيلهم في شركات الإنتاج أو الإذاعات والقنوات، وهناك أيضا شباب يتوفرون قبل تخرجهم على فكرة مشروع ويقومون بتأسيس شركة الإنتاج الخاصة بهم”، وفق تعبيره.

من جهته، قال كمال، أحد المتدربين في المعهد: “على وزارة الثقافة والحكومة المغربية أن تفرضا على الشركات العلمية والمخرجيين السينمائيين الذين يأتون لإنجاز أفلام بالمدينة تشغيل شباب المنطقة، خصوصا الحاصلين على ديبلومات في تخصصات سينمائية عدة”، مشيرا إلى أن “المدينة تتوفر على شباب مؤهلين للإشغال إلى جانب كبار المخرجين”، وفق تعبيره.

وأضاف المتحدث في تصريح لهسبريس أن “ورزازات تعتبر من أهم مدن السينما في العالم، والمعهد المتخصص في مهن السينما قادر على تكوين كفاءات محلية قادرة على توفير جميع الشروط المطلوبة من المخرجين العالميين”، وفق تعبيره.

طموحات المعهد

في الوقت الذي مازال فيه المغرب يعرف حركية مطردة في المجال السينمائي، سواء على مستوى الإنتاج والترويج، يستقبل المعهد المتخصص في مهن السينما بمدينة ورزازات، التابع لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، سنويا، أزيد من 200 متدرب ومتدربة، كلهم أمل في رد الاعتبار لهذا المجال الذي لم ينل نصيبه من الاهتمام بعد.

المعهد المتخصص في مهن السينما، الذي دشنه الملك محمد السادس قبل 13 عاما، يطمح إلى استقطاب عدد أكبر من الشباب، وفق إفادة مولاي إبراهيم آيت موسى، المدير البيداغوجي بالمعهد، الذي أوضح أن الأخير يهدف إلى تكوين المغاربة بصفة عامة، معتبرا أنه “كلما زدنا من استفادة الشباب وصلنا أرقاما أكثر من الرقم الحالي”.

وكشف آيت موسى، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن عدد الطلبة بالمعهد خلال هذه السنة وصل 240 متدربا ومتدربة، موردا أن “معهد ورزازات المتخصص في مهن السينما يعتبر مكسب التكوين المهني بصفة عامة”، وفق تعبيره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.