جريدة بريس ميديا الأوروعربية للصحافة PRESS Medias Euro Arabe
المدير برهون حسن 00212661078323

تخليد الذكرى الـ 64 لمعركة الدشيرة والـ 46 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة

عبد الصمد ادنيدن

قال الدكتور مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أول أمس الثلاثاء، بمناسبة تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالسمارة، إن حاضرة السمارة بحكم إشعاعها الروحي والجهادي قدمت المثال على حضورها الوازن في قلب الأحداث، والقدوة، والنموذج، بعلمائها وصلحائها ومجاهديها ورجالاتها في معارك التحرير، التي سقوا ثراها بدمائهم الزكية، وسطروا خلالها أروع الملاحم والبطولات وروائع الكفاح الوطني ما لا يمكن إجماله وحصره في كلمات وشهادات.

تعلق متين

وتابع الكثيري في كلمته، خلال اليوم الثاني، من برنامج تخليد الذكرى 46 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية والذكرى 64 لمعركة الدشيرة، أن مجاهدي السمارة جسدوا بصدق قوة واستمرارية وعمق تمسكهم بالمقدسات الدينية والثوابت الوطنية، وتشبثهم بالهوية المغربية وتعلقهم المتين بأهداب العرش العلوي المجيد ووفائهم لأصالتهم وثباتهم على المبدأ، مؤكدا أنهم عبروا في كل المحن والمحطات العصيبة عن تجندهم الدائم للذود عن حياض الوطن وحماية بيضته وصيانة حدوده، وانخراطهم الطوعي والتلقائي في طلائع صفوف جيش التحرير بالجنوب المغربي، وفي كافة أشكال المقاومة والنضال الوطني بحاضرة السمارة وباقي أرجاء الصحراء المغربية، في مواجهة قوات الاحتلال الأجنبي رغم قوة وتطور عدتها وعتادها، إذ كان سلاح المجاهدين من أهل الصحراء المغربية وباقي الملتحقين بهم من سائر ربوع المملكة، الإيمان بعدالة القضية الوطنية والتمسك بالشرعية والمشروعية التاريخية والتشبث بالدفاع عن الحق والحرية والكرامة.

تمسك بالثوابت

واعتبر الكثيري أن التمسك بالثوابت الدينية والوطنية كانا دائما عنصرين داعمين ومحفزين لأبناء إقليم السمارة المجاهد ضمن المسار النضالي الطويل ضد الاستعمارين الفرنسي والاسباني، إذ انخرطوا في صفوف جيش التحرير المغربي إلى جانب إخوانهم من المناطق الجنوبية كافة، فشكلوا نواة صلبة تشهد لها صرامة التنظيم السياسي وفاعلية الميدان العسكري وإنسانية الأعمال الاجتماعية التي امتازت بها كل أعمال جيش التحرير بالجنوب المغربي، فوجد فيها المستعمر ندا شرسا ومؤمنا بعدالة قضيته وهو الاستقلال التام ودحر الاستعمار وتحقيق الوحدة الوطنية بين الشمال والجنوب.

وأردف الكثيري: “إنه لشرف موسوم على جبين أبناء الإقليم وإكليل يُتَوِّجُ مكانتهم الوازنة في ملاحم ومكارم المقاومة والمسار التحريري والنضال الوطني، وقد بدأ هذا المسار الحافل بالأمجاد منذ انطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب المغربي ووصول وحداته إلى “أَطَّار” بموريتانيا ومعاركه المختلفة بها، ومنها معركة “وادي الصفا” و”الروضة”، تلك المعارك التي كان على إثرها هجوم استعماري واسع سمي عند الفرنسيين بإيكوفيونECOVILLON وعند الاسبان بعملية أوراغون ORAGON  بدأت في 10 فبراير 1958 بهدف تدمير جيش التحرير المغربي، حيث جندت فرنسا خمسة آلاف جندي وستمائة آلية وسبعين طائرة، وجندت اسبانيا تسعة آلاف جندي.

ملحمة المسيرة الخضراء

كل هذه القوات استهدفت أولا المقاطعة الثامنة بالسمارة، وتصدت لها هذه الأخيرة بقيادة المقاوم المرحوم ناضل الهاشمي وأسفرت عن سقوط العشرات من الشهداء، كما تصدت لها المقاطعة التاسعة بقيادة المناضل صالح بنعسو. هذه الحملة التي دامت أربعة أشهر إلى تاريخ التوقيع على اتفاق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958، لتُتَوَّج هذه الملاحم بالفتح العبقري الذي تجسد في حدث المسيرة الخضراء التي كانت نموذجا يحتدى به، ويدرس في صفحات النضال المعاصرة، ثم جلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية يوم 28 فبراير 1976، هذا الحدث التاريخي الهام الذي نجتمع اليوم لتقليب صفحاته وتذكر رجاله ومدارسة حيثياته وتفاصيله والوقوف على نتائجه من أجل ترسيخه في نفوس الأجيال الناشئة من أجل بناء سليم للوطنية الحقة والصادقة ضدا على مناورات الخصوم للنيل من هذه الوحدة الثابتة التي يحق للمغاربة أن يفخروا بها ويتغنوا بأيامها وأمجادها جيلا بعد جيل”.

تكريم مادي ومعنوي

في سياق متصل، وإلى جانب التكريم المعنوي، وحرصا من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية والمعيشية للمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير خاصة الأسر الأكثر احتياجا في الظروف الاستثنائية التي تجتازها بلادنا مع جائحة كورونا كوفيد 19، عملت على تخصيص إعانات مالية بغلاف مالي إجمالي قدره 120.000.00 درهم، موزعة على النحو التالي: -(03)إعانات مالية على السكن بمبلغ إجمالي قدره 66.000.00 درهم؛ و-(06) إعانات مالية برسم واجب العزاء، بمبلغ إجمالي قدره 20.000.00 درهم؛-(31) إعانة مالية تتعلق بالإسعاف الاجتماعي، بمبلغ إجمالي قدره 31.000.00 درهم؛ ثم -(01) إعانة مالية على إحداث تعاونية، بمبلغ إجمالي قدره 3000.00 درهم.

اعتراف واعتزاز

أعرب الدكتور مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، عن اعتزازه وافتخاره وبروره بجعل الذكرى 46 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية والذكرى 64 لمعركة الدشيرة، مناسبة لمواصلة سلسلة اللقاءات التكريمية التي دأبوا على تنظيمها في المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لاستحضار ما خلفه الآباء والأجداد من مواقف شجاعة وبطولية ودفاع مستميت عن حوزة الوطن وحياضه.

واعتبر الكثيري أن الاحتفال بهاتين الذكريتين المجيدتين، تأكيد متجدد للوفاء الدائم لدماء الشهداء وتضحيات المقاومين والمناضلين، وهو احتفال رمزي يستحضر فيه مآثر شعبنا وأمجاده الناصعة، معتزين بالتاريخ النضالي وبذاكرتنا المجيدة، التي تنهل منها الأجيال المتلاحقة معاني التعلق بالوطن الأبي والولاء له دون سواه.

وأردف الكثيري قائلا: “لقد انعم الله على هذا الوطن برجال أفذاذ من أمثال هذه الصفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الذين نسعد بتكريمهم في هذه اللحظة ويستحقون منا الثناء والتقدير والإشادة لأنهم ابلوا البلاء الحسن في سبيل عزة هذا الوطن وقدموا المثال الحي والقدوة الحسنة للناشئة وللأجيال المتعاقبة في الاستمساك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك”.

وفي هذا الصدد، كرم الكثيري واحتفى خلال المحفل التكريمي بثمانية من صفوة أبناء أرض السمارة الطيبة، التحقوا جلهم بالرفيق الأعلى، وهم واحدا: المقاوم المرحوم عبد لخضر؛ السالك السيد؛ – المقاوم المرحوم، المقاوم المرحوم البلال البطل؛ الديد البخاري؛ – المقاوم المرحوم المقاوم المرحوم لرباص المرى؛  اعبيدي الباه؛ – المقاوم المرحو، المقاوم المرحوم سيدي الشيخ الادريسي، والمقاوم المرحوم ابراهيم العضمي.

واستحضر الكثيري لحظات قوية من تاريخ هؤلاء من رجالات الوطن الأبرار، مقدما في حقهم كلمة تكريمية، كاء نصها كالتالي:

يسعدني أيها الحضور الكريم أن استحضر معكم في البداية، أحد المقاومين الابرار إنه المقاوم المرحوم عبد لخضر، المزداد سنة 1938 بطانطان ، انخرط في الفترة من سنة 1956 الى 1960 بصفوف جيش التحرير بالجنوب المغربي وعمل برتبة جندي مسلح بالمقاطعة الثامنة تحت إمرة المقاوم ناضل الهاشمي. شارك في عدة هجومات ومعارك بطولية ضد قوات الاحتلال الأجنبي منها الزمول1 و2 وأم لعشار. تجمع جل الشهادات كون مكرمنا رحمة الله عليه نموذجا للإخلاص والوفاء للوطنه والدين والعرش .

ومن الأسماء البارزة التي ساهمت في النضال والعمل التحريري المستميت، الذين نسعد اليوم بالتذكير بإنجازاتهم الوطنية المقاوم المرحوم السالك السيد، المزداد سنة 1932 بطانطان. التحق بتنظيم جيش التحرير بالجنوب المغربي ضمن المقاطعة التاسعة وعمل بمركز تافودارت من سنة 1957 إلى سنة 1959 تحت مسؤولية المقاوم صالح بنعسو. خاض بإيمان راسخ العديد من المعارك البطولية نذكر من بينها معارك الدشيرة ولبلايا وطريق الصدرة ولمسيد لكحل وفام لخويات. أبلى فيها البلاء الحسن وكان مثالا للمقاوم نعم المجاهد المتفاني في حب وطنه والدفاع عن ثوابته ومقدساته.

ومن المقاومين الجديرين بكل تكريم وتشريف، المقاوم المرحوم البلال البطل، المزداد سنة 1928 بطانطان. انخرط في صفوف جيش التحرير لجنوب المملكة في الفترة من سنة 1956 الى 1960 وعمل بالمقاطعة الثامنة تحت إمرة المقاوم ناضل الهاشمي. شارك في العديد من المعارك التي خاضها جيش التحرير بالصحراء المغربية ضد المستعمر نذكر منها معركة الساقية الحمراء، خاضها بإيمان راسخ وجرأة وشجاعة تنم عن حسه الوطني وغيرته على استقلال وطنه .

علم آخر من أعلام جيش التحرير نسعد بتكريمه اليوم، إنه المقاوم المرحوم الديد البخاري، المزداد سنة 1923 بالسمارة. التحق سنة 1957 بصفوف جيش التحرير بالجنوب المغربي وعمل بالمقاطعة الثامنة تحت إمرة المقاوم ناضل الهاشمي. شارك في عدد من المعارك البطولية في مواجهة القوات الاستعمارية الفرنسية والإسبانية بالصحراء المغربية منها معركة وادي الصفا التي استشهد فيه أخوه محمد ولد سيدي. كان المقاوم المرحوم نعم المجاهد المتفاني في حب وطنه الغيور عن وحدته واستقلاله.

 مقاوم آخر كان له إسهان وازن في ملحمة التحرير والوحدة ، إنه المقاوم المرحوم لرباص المرى، المزداد سنة 1931 بيكوت . انضم في الفترة ما بين 1958 و1959 لصفوف جيش التحرير بالجنوب المغربي برتبة نائب اتصال وعمل بمركز حوزة ضمن المقاطعة الثامنة تحت إمرة المقاوم السيد ناضل الهاشمي. شارك بعزيمة وطنية واقتدار في مجموعة من المعارك ضد المستعمر الاسباني من بينها معركتي واد الصفا ومعركة واد الزاز فاستحق عن جدارة واستحقاق إشادة وتنويه رؤسائه ورفاقه في الكفاح لما أبان عنه من شجاعة وبسالة في أداء واجبه الوطني ودفاعه المستميت من أجل استكمال الوحدة الترابية للمملكة الشريفة .

ومن ابطال الكفاح المقدس المشمول بعفو الله وكرمه ، أذكر المقاوم المرحوم اعبيدي الباه، المزداد سنة 1938 بطانطان. التحق سنة 1958 بصفوف جيش التحرير لجنوب المملكة وعمل بالمقاطعة التاسعة بالساقية الحمراء تحت إمرة المقاوم صالح بنعسو، خاض بروح وطنية وعزيمة قوية غمار عدد من المعارك ضد الاحتلال الأجنبي كمعركة سيدي احمد العروسي ومعركة الساقية الحمراء، وقد كان رحمه الله مثالا للرجل المخلص والنشيط في عمله وسلوكه النضالي الملتزم ومتحمسا في وطنيته.

مقاوم آخر نعتز بمشاركته الوازنة في مرحلة الكفاح الوطني ،إنه المقاوم المرحوم سيدي الشيخ الادريسي، المزداد سنة 1924 بالعيون. انضم لتنظيم جيش التحرير بالجنوب المغربي وعمل برتبة جندي ضمن المقاطعة الثامنة تحت إمرة المقاوم ناضل الهاشمي. شارك في جل المعارك التي خاضها جيش التحرير ضد المستعمر بالصحراء المغربية نذكر منها معركة ارغيوة ومعركة الروضة ومعركة وادي الصفا. برهن من خلال مشاركته الوازنة عن وطنية صادقة ونضال ملتزم وشجاعة نادرة في أداء واجبه الوطني حسب شهادة رفاقه في الكفاح.

وخير ما اختتم بهذه هذه الكلمة ،المقاوم المرحوم ابراهيم العضمي ، المزداد سنة 1932بدوار اسا. انخرط في خلايا المقاومة وشارك في عدة عمليات ومساعدة المقاومين وتزويدهم بالمعلومات، كان مثالا للرجل المجاهد في سبيل الله والمدافع عن كرامة الوطن، شارك في عدد من المعارك لطرد المستعمر الغاشم من بينها معركة وادي الصفا، وعند انتهاء عمليات جيش التحق بصفوف القوات المساعدة الى ان احيل على التقاعد.

فطوبى لهؤلاء المكرمين بهذا الاقليم المجاهد على حسن صنيعهم وجليل أعمالهم ولن نوفيهم حقهم مهما أطنبنا ومهما اطلنا فهنيئا لهم على الأداء الجيد لتبليغ الرسالة الوطنية النبيلة التي ستظل مفخرة جليلة في تاريخ وطننا الحبيب بفضل حنكتهم وإقدامهم وتضحياتهم وإيثارهم المصلحة العليا فوق كل المصالح بتواضع ونبل .

ولهؤلاء المكرمين وغيرهم من المجاهدين بهذا الإقليم العزيز نتوجه بخالص التحية والتقدير والعرفان سائلا الله عز وجل أن يطيل عمر الأحياء منهم ويمتعهم بموفور الصحة والعافية ويرحم الأموات ويجعلهم في مقعد صدق مع النبيئين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وللأحياء نتقدم بصادق امتناننا وبالغ تقديرنا وخالص برورنا ونرجو لهم الصحة والعافية وطول العمر ولذويهم وأبنائهم البررة بموصول السداد والتوفيق وان يجعلهم دائما خير خلف لخير سلف وأن يديم على بلدنا نعمة الأمن والأمان والرخاء والازدهار تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس.