لماذا فشلت عصابة العسكر في شحن الجزائريين ضد المغرب؟

عبد الرحيم أريري
أكبر مشكلة تعانيها عصابة العسكر بالجزائر، تتجلى في العجز في تجاوز عقدة المقارنة مع دولة عمرها 60 سنة (الجزائر ولدت عام 1962) ودولة أخرى عمرها أزيد من 1400 سنة (أي المغرب)، لدرجة أن مختلف المسؤولين الذين تعاقبوا على الجزائر، صعب عليهم التخلص من هذه العقدة، وقادتهم هذه المشكلة المرضية إلى تسخير كل الإمكانيات لشحن شعب الجزائر ضد المغرب دون أن يصلوا إلى المبتغى. الدليل على ذلك أن الحدود المغربية الجزائرية لما فتحت بين 1989 و1994، وقع «تسونامي» جزائري نحو المغرب، زكته تلك الأرقام المهولة من تدفق الجزائريين على المغرب للتبضع أو للسياحة أو الاستكشاف، بشكل أظهر فشل عملية التعبئة العدوانية ضد المغرب والمغاربة من طرف عصابة العسكر . وهو الفشل الذي تتخوف سلطات الجزائر من مواجهته مرة ثانية في حالة ما إذا فتحت الحدود من جديد بين الدولتين.
ومما زاد الوضع التباسا أن المغرب أثناء حرب الصحراء، لم يلجأ إلى استعمال ورقة الملاحقة ضد عناصر البوليساريو (le droit de poursuite) داخل التراب الجزائري، بشكل جعل الجزائر تؤول الموقف المغربي وكأنه “ضعف”، فتمادت في تصلبها، خاصة وأن المغرب كان قاب قوسين أو أدنى من «ابتلاع الجزائر» في مناسبتين: الأولى في حرب الرمال عام 1963 لما أمر المرحوم الحسن الثاني الجنود المغاربة بالعودة، علما أنهم كانوا على مشارف دخول تندوف؛ والثانية عام 1976 أثناء حرب أمغالا حينما استجاب الملك الراحل لوساطات دول خليجية، وأمر القوات المسلحة الملكية بإطلاق سراح الفيالق الجزائرية المعتقلة قرب السمارة، كما أمر المرحوم الحسن الثاني بوقف الملاحقة داخل التراب الجزائري. وهذا ما يفسر كيف أن الجزائر منذ ذاك الحين وهي تضع منصب سفيرها في الرباط ليس مطلوبا منه تجسير (من الجسر) العلاقات أو تمتينها مع المغرب، بقدر ما يطلب منه السهر على تنفيذ أدق التعليمات المركزية الصادرة من عصابة عسكر الجزائر لزرع الألغام بالمغرب (وليكن زرع هذه الألغام بالأقاليم الصحراوية أو بالجامعات أو بتمويل شبكات ترويج القرقوبي، أو بتجنيد الخونة والطابور الخامس ضد الأمن القومي للمغرب…).
الآن وقد تم استدعاء سفير الجزائر بالرباط “للتشاور”، بعد أن زلزل المغرب عصابة العسكر بإشهار ورقة “استقلال جمهورية القبائل عن الجزائر المحتلة”، على المغرب أن يزيد من جرعة التأزيم وحسن استعمال الأوراق والضربات الموجعة للعصابة العسكرية هناك، وما أكثر تلك الأوراق: ملف الأزواد وملف الطوارق وملف اختفاء 250 ألف في العشرية السوداء وتورط كبار جنيرالات عصابة الجزائر في هذا العار، ولم لا إعادة فتح ملف استرجاع الصحراء الشرقية.
ولن يستقيم ذلك إلا إذا حافظ المغرب على قنوات الاتصال مع شرفاء الشعب الجزائري، بحكم أن المغرب والشعب الجزائري يواجه عدوا واحدا: ألا وهو عصابة العسكر الظالمة، الدليل على ذلك أنه في السنوات الخمس الأخيرة وقع تفريغ الجزائر من حوالي 30 ألف مواطن جزائري، تقريبا، اختاروا طواعية الهروب من جحيم العسكر والاستقرار بالمغرب، وهذا مؤشر صحي على صدق وصواب طرح المغرب.