المدير برهون حسن 00212661078323
حسن برهون : تقرير رسائل الدكتوراه المقدمة من طرف الباحت محمد زعاج
شهدت كلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة يوم الخميس 24 نونبر 2016 على الساعة 09:00 صباحا مناقشة أطروحة في القانون الخاص – مخبر الأنظمة المدنية والمهنية، وحدة البحث في قانون العقود والعقار، تحت إشراف الدكتور الحسين بلحساني.
نال بموجبها الطالب الباحث محمد زعاج شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا.
وقد تطرقت الأطروحة لموضوع من موضوعات الساعة بالموازاة مع المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية، ويتعلق الأمر بـ:
“آثار تعدد التشريعات والأنظمة العقارية والتوثيقية
على السياسة العقارية بالمغرب”
تناول الباحث من خلال 666 صفحة تسليطا للضوء على المشهد العقاري – التوثيقي بالمغرب ومختلف الإكراهات القانونية والميدانية التي تواجهه.
خاصة ما يتعلق بمظاهر خصوصية المنظومة العقارية- التوثيقية بالمغرب، على المستويين الواقعي- المادي- الميداني، والقانوني – التشريعي – الإداري. ومظاهر تأثيرهما وتأثرهما المتبادل، الذي أفرز هياكل عقارية ترتبط بها جملة من التوازنات الإقتصادية والإجتماعية، الأمنية والسياسية، الدينية والديموغرافية..الخ، التي فرضت تنظيما قانونيا معينا، تكريسا لهذه التوازنات التي فرضت نفسها كجزء لا يتجزأ عن نظامه العام، ورقما صعبا في معادلة التنمية بالمغرب، يبدو حضوره أكثر جلاء على مستوى قطاعيين رئيسيين هما الفلاحة والتعمير.
والتي لا تعكس بالضرورة انسجاما، بل كثيرا ما تمثل إكراها يجب على التنمية التكيف معه.
حيث إن الحديث عن البعد العقارية في السياسة التنموية بالمغرب يوحي بمنظومة عقارية توثيقية ميزتها التعدد والازدواجية في نفس الوقت. تعدد على مستوى الأنظمة العقارية التي تشمل ما هو مملوك للدولة، على غرار ملكها العام والخاص بما فيها أملاك الجماعات الترابية، وتلك الخاضعة لرقابتها، على غرار الملك الخاص للأفراد، و أراضي الجماعات السلالية والأملاك الوقفية والملك الغابوي…الخ وإزدواجية على مستوى التنظيم، بين عقار محفظ أو في طور التحفيظ من جهة، وعقار غير محفظ من جهة أخرى، وتوثيق عدلي وآخر عصري، إلى جانب المحررات العرفية.
كما أن الحديث عن البعد العقاري في السياسة التنموية بالمغرب يشير لمجموعة من المظاهر المختلفة – المباشرة وغير المباشر- لتوظيف العقار باختلاف أنظمته هذه على مستوى المخططات التنموية للدولة، كمتدخل رئيسي في تسطير وتفعيل أهداف رؤيتها و(سياستها) العقارية.
بدء بالمخططات التنموية الخاصة، على مستوى القطاع الفلاحي الذي كان البعد العقاري فيه حاضرا بجلاء، بغض النظر عن سلبيته أو ايجابيته، من خلال ما يسمى بنظام المجزءات ومشروع المخطط الخماسي الفلاحي (1960 –1964). ثم بعد ذلك ميثاق الاستثمارات الفلاحية لسنة 1969 الذي شكل نقلة نوعية للتعامل مع التنمية العقارية، رغم اقتصاره على القطاع المسقي أو دوائر الري، دون القطاع غير المسقي. إلى حدود سنة 1995 تاريخ صدور قانون رقم 33.94 المتعلق بدوائر الاستثمار في الأراضي الفلاحية غير المسقية.
أما على مستوى قطاع التعمير فإن حضور العامل العقاري ظل باهتا، بحكم أن مرحلة الاستقلال التي أورثت المغرب وضعا عقاريا ميزته الاختلالات واللاتوازن، كرسته السياسة الاستعمارية، لم تحمل تحولات حقيقة على مستوى توظيف العقار خدمة لتنمية تعميرية واضحة، كما أن مرحلة الاستقلال لم تقدم عمليا رؤيا ومشروعا حقيقيا للتنمية العقارية التعميرية، ما أفرز نموذجا سلبيا على هذا المستوى، ميزته الهوة الشاسعة بين النص القانوني، والواقع العملي، حيث يمكن اعتبار أن هذا القطاع دبر منذ الاستقلال من خلال تغليب الاعتبارات الإدارية المحلية على الأهداف الكبرى للتنمية العقارية على هذا المستوى.
كما توقف الباحث في نفس السياق عند مجموعة من الآليات العامة والتدابير الخاصة التي اعتمدت في سياق تفعيل أهداف المخططات التنموية بالمغرب. خاصة ما يتعلق بتقييم آلية الرقابة العقارية على مستوى قطاعي الفلاحة والتعمير من جهة، ومختلف آليات تعبئة العقار والاحتياط العقاري على هذا الصعيد من جهة أخرى، خاصة ما بظهائر الاسترجاع، والتجربة المغربية في مجال نزع الملكية.
إلى جانب آليات هيكلة البنية العقارية على مستوى قطاعي التعمير والفلاحة، على غرار ضم الأراضي والحد من تجزئة الاستغلالية والتجزئات العشوائية…الخ
قبل أن يعود الباحث من خلال القسم الثاني من خلال عُنوانٍ – سُؤَال ” سياسة عقارية أم تدبير للعقار؟” ليقدم تقييما لهذه المنظومة ويسلط الضوء على الاكراهات الحقيقية التي تواجهها، خاصة ما يتعلق بالافتقاد لمرجعية وطنية فاعلة وملزمة للتخطيط، بالموازاة مع التعقيد الذي ميز البنية العقارية والمجالية، بالإضافة لرداءة ومحدودية المنظومة التشريعية، سواء على مستوى السياسة التشريعية للمملكة ككل، أو بخصوص طبيعة القاعدة القانونية والاجتهاد القضائي الذي أفرزته، على غرار الخصوصية والانفصام على مستوى المرجعيات الفقهية والعرفية و كذا المرجعية الوضغية الغربية، وعدم انطباق معايير الأمن القانوني والقضائي.
قبل أن يختم الباحث أطروحته المنظومة التنموية بالمغرب في جوانبها المرتبطة بتوظيف العقار خدمة للتنمية تعيش أزمة في العمق تؤكدها جملة من المظاهر. رغم بعض التحولات المسجلة على مستوى مصطلحات ومفاهيم التدبير التنموي (حكامة، لاتمركز، تشارك، التقائية، اندماج،…الخ).
كما أن عقد المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية يبعث على تفائل حذر، في غياب آلية للتنفيذ، وفي ظل تأثر هذا المسار بفلسفات عقيمة وسلوكيات عملية عادة ما تفرغ كل مبادرة من قوتها الفاعلة والفعالة.
لأن المشاكل التي نعاني منه لا يمكننا حلها على نفس مستوى التفكير الذي كنا عليه حين صنعناها.
وعندما نقول نفس التفكير، نقول نفس الخطاب ونفس المقاربات ونفس الحلقة المفرغة.