الأوروعربية للصحافة

صحافة الانترنت – الجزء الأول – دراسة تحليلية

صحافة الانترنت

دراسة تحليلية للصحف الالكترونيةالمرتبطة بالفضائيات الاخبارية

” العربية. نت نموذجا”

  

رسالة ماجستير في الاعلام والاتصال

 مقدمة الى

مجلس كلية الاداب والتربية. الاكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك

وهي جزء من متطلبات درجة الماجستير في الاعلام والاتصال

تقدم بها

فارس حسن شكر المهداوي

اشراف

 د. حسن السوداني

2007

 

إهداء ……..

إلى محتوى كل العراقيين أينما ذهبوا وكيفما كانوا .. إلى حبي الأول وعشقي الدائم .. إلى الوطن العظيم .. العراق .. ارضا .. وشعبا .. وهوى .. أهدي جهدي المتواضع هذا .. وأرجو أن يكون لنا فيك يا وطني لقاء قريب ..

 

شكر وتقدير …..

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ..فلا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر والتقدير  إلى رئيس وأساتذة الأكاديمية العربية في الدنمارك- وأخص منهم بالذكر الأستاذ الفاضل الدكتور حسن السوداني ، المشرف على الرسالة والذي حرص أن تكون هذه الرسالة أنموذجا لكل الدراسات التي تتابع عن بعد فكانت وكأنها تدرس في جامعة بغداد وتناقش في قاعة الحصري …. وكان بحق أخا وصديقا وأستاذا ، تجاوز بوقته وجهده واجبات الاشراف ليثري الرسالة بعلمه وملاحظاته ، فكانت على ماهي عليه الآن .

 كما أتوجه بالشكر لكل من ، الدكتور عمار عبد الكريم بكار مدير موقع العربية نت والسيد أنس فودة مدير التحرير وجميع العاملين في موقع العربية نت الذين قدموا للباحث كافة المعلومات التي أثرت هذه الدراسة .

كما أتقدم بالشكر إلى جميع الأساتذة الأفاضل الذين منحوا الباحث الوقت والجهد سواء في الأستشارات الأكاديمية أو تقويم وتقييم أستمارة المقابلات التي أعتمدتها الدراسة ، وهم :  الأستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي ، الأستاذ الدكتور لقاء مكي العزاوي ، الأستاذ الدكتور عباس مصطفى صادق ، الأستاذ الدكتور محمد جواد علي ، الدكتور محمد فلحي الموسوي ، الدكتور وفاق حافظ ، الدكتور. ليث بدر والدكتور. فاضل البدراني وآخرين ، لم يترددوا في تقديم العون والنصيحة والمشورة للباحث خلال فترة العمل على إنجاز هذه الدراسة .

فهرس الجداول :

 

رقم الجدول موضوعه الصفحة
1 الخبراء الذين استعان بهم الباحث في اجراءا ت الصدق الظاهري لاسئلة المقابلة المقننة            68
2 اسماء فريق عمل العربية نت 69

 

فهرس الاشكال :

رقم الشكل موضوعه الصفحة
1 الهيكل الإداري لموقع العربية.نت عند تأسيسه 72
2 الهيكل الإداري لموقع العربية.نت عند إجراء الدراسة 78
3 نسب التعرض للموقع خلا ستة اشهر 84
4 نسب التعرض للموقع خلا ستة اشهر 85

 

صفحة الملخص باللغة العربية :

 

تعد الصحافة الإلكترونية إحدى أهم البدائل الأتصالية ألتي أتاحتها شبكة الإنترنت ، وأسهمت هذه الوسيلة في تعظيم الأثر الأتصالي للعملية الإعلامية من خلال ما تتوافر عليه من عناصر مقرؤة ومرئية ومسموعة وتبعا لطبيعة الصحافة الإلكترونية الخاصة والمستفيدة من معطيات شبكة الإنترنت  ، فإن هذه الصحف تتوافر على عدد من السمات الأتصالية المتميزة من أبرزها سهولة تصفحها ، حيث تتم عملية التصفح بسهولة كبيرة وذلك ضمن مداخل متفرعة يمكن أستعراضها في لمحة واحدة من خلال قائمة تعرض على جانبي الصفحة الإلكترونية بحيث تختزل هذه القائمة المحاور الأساسية للصحيفة بالاضافة إلى تضمّن الصفحة الرئيسية لمقدمات متنوعة لأهم الأخبار .

وأتاحت الصحافة الإلكترونية  سهولة التعرض للمضامين المقدمة من خلالها وذلك عبر تعدد الروابط أو النصوص التشعبية Hypertext التي تقوم بنقل المستخدم من موضوع لآخر ، أو من ملف لآخر بكل يسر وسهولة وبسرعة فائقة ، تمكّنه من التعرّف على خلفيات الأحداث والمعلومات المتنوعة التي تتوافر فيها . كما تتحقق سهولة التعرّض ألتي تتيحها الصحف والمواقع الإلكترونية من خلال دعم ألمضامين المقدمة في هذه المواقع بعدد من الوسائط المتعددة Multimedia  ( أصوات ، صور ، مؤثرات ، أفلام .. )  ، فأصبحت هذه المواقع بيئة  ملائمة للعديد من الوسائط المرئية والمسموعة في آن واحد .

وأسهمت شبكة الإنترنت في تعظيم الأثر الأتصالي للعملية الإعلامية من خلال ما تتوافر عليه من عناصر مقرؤة ومسموعة ومرئية بالإضافة إلى تحوّل  معظم  وسائل الإعلام التقليدية من إذاعات ومحطات تلفاز وصحف ومجلات إلى صحافة أو إذاعة أوفضائيات تلفزيونية أو مواقع ، ألكترونية . ولعل مما يزيد من أهمية بعض هذه المواقع وعلى سبيل المثال مثل New York Times و CNN  فإنها تحدّث صفحاتها خلال فترات قصيرة جدا تتراوح بين 5-10 دقائق  ، وهو ما جعلها ذات تأثير أتصالي مباشر على قطاعات واسعة من الجمهور .

ونتيجة التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والدول العربية على وجه الخصوص ونمو القطاع الخاص تهيأت الأجواء لإستقلال العديد من الهيئات الإعلامية عن مؤسسات الدولة فشهدت المنطقة تدفق الصحف والإذاعات والفضائيات المستقلة ذات المصالح التجارية والسياسية حتى بلغت في عام 1997 أكثر من 100 قناة فضائية كان أغلبها ذو طابع ترفيهي ، أما من ناحية مزودي الأخبار فقد ظهرت عدد من الفضائيات المتخصصة بالأخبار ، كانت القناة الرائدة فيها والأكثر تأثيرا في الشارع العربي فيما تقدمه من مناظرات سياسية مفتوحة وطرق للتعبير أكثر حرية ونقل للأحداث غير تقليدي هي قناة الجزيرة القطرية التي تقدم أخبارها على مدار 24 ساعة . وقد أدى نجاح “الجزيرة” كفضائية عربية مزودة للأخبارإلى ظهور فضائيات أخرى مزودة للأخبار لعل أهمها قناة “العربية” التابعة الى MBC والتي بدأت بثها من دبي في الإمارات العربية المتحدة خلال الحرب على العراق عام 2003 م .

ورغم أن الفضائيات ألإخبارية العربية أستقطبت أعداد كبيرة من متابعي الأخبار في العالم العربي إلا أن رغبة المواطن العربي في المشاركة في الإدلاء برأيه سواء في القضايا السياسية أو الإجتماعية أو سواها ،  وحاجة القائمين على هذه الفضائيات لإيصال رسالتهم الإعلامية إلى جميع مناطق العالم وخاصة تلك التي لا يصلها البث الفضائي  ، باتت الحاجة إلى  المواقع الإخبارية التابعة لتلك الفضائيات ضرورة حتمية تفرضها عادات وأنماط التعرض التي شغل الإنترنت فيها حيزا مركزيا من أهتمامات المتلقي في كل مكان .

وبالنسبة إلى  موقع “العربية نت” المرتبط  بالفضائية الإخبارية “العربية” ،فقد أفتتح في يونيو 2004  في مدينة الإعلام في إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة كوسيلة إخبارية عربية على الشبكة العالمية  تدعيما لما تقدمه الفضائية  ، وهو موقع يصدر صفحاته باللغة العربية وتدرس إدارة الموقع حاليا إمكانية توسيع عملياتها ليكون الموقع باللغة الإنكليزية أيضا . ومما يشار في  موضوع نشأة موقع العربية.نت أنها جاءت في وقت كان فيه فضاء الإنترنت العربي قد شغلته أسماء كبيرة اكتسبت عمرا وخبرة في التعامل مع الجماهير وفي استقطابهم، الأمر الذي شكل تحديا أمام القائمين عليه ليجدو للموقع مساحة شاغرة لم يملأها من سبقوه في هذه الوسيلة الأتصالية الرحبة.

وتسعى الدراسة لبيان  مدى أستفادة  كل من موقع العربية.نت والفضائية الإخبارية “العربية”  من بعضهما البعض ، خاصة ان  الموقع قد أخذ من الأسم “العربية” للفضائية ، مميزاته وعيوبه .. وحتى الأن ومن خلال التعليقات ألتي ترد غلى الموقع فإن  هناك الكثير ممن يخلطون بين القناة والموقع ،والكثير يلومون الموقع على تبني القناة لموقف معين قد يرونه منحازا لجهة معينة في صراع ما ، كما في احداث العراق أو التغطية لإحداث الحرب والعدوان على لبنان .

ويمكن حصر أهم ما أخذته العربية كموقع من ال”العربية” كفضائية إخبارية بالفوائد التالية :-

  1. أسم “العربية” الذي سبق الموقع في طبع بصمته لدى الجمهور العربي في كل مكان 2 . تمارس الفضائية “العربية” حملة دعائية يومية للموقع من خلال الإشارة إليها في نشرات الأخبار بعبارة (( ولمزيد من التفاصيل يمكنكم تصفح موقع العربية .نت)).
  2. نشر بعض الأخبار عن الموقع ، وهذا الأمر يأتي من خلال الأجتماع اليومي الذي تحضره إدارة الموقع مع المدير العام للفضائية والموقع .
  3. كانت إلى فترة قريبة ، فقرة خاصة بإخبار الموقع تقدم يوميا بشكل منفصل من خلال برنامج (صباح العربية) . ويقول القائمون على الموقع أن هذه الفقرة سيتم إعادتها بعد أن تعالج بشكل يناسب أمكانات الموقع المتطورة عبر أستضافات احد المحررين في البرامج .

أما عن الذي يقدمه الموقع للفضائية فهو أكثر وأهم ، حيث تتعدد الفوائد التي تجنيها “العربية” من خلال موقع العربية.نت ، ومن هذه الفوائد :

1 . الموقع يقدم نسخة من كل برنامج تلفزيوني يعرض في الفضائية.

2 . يقوم الموقع بأرشفة جميع البرامج التي تقدم من خلال شاشة الفضائية “العربية”.

3 . يقدم الموقع بثا حيا للفضائية فيوصلها  من خلال هذه الخدمة إلى مناطق لايمكن أن يغطيها البث الفضائي كالولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وغيرها .

4 . الترويج للبرامج قبل وأثناء عرضها على الفضائية .

5 . نشر كل الأخبار الخاصة بالفضائية .

6 . نشر الإعلانات الخاصة بإتفاقات الفضائية .

7 . المساهمة في أنشطة خاصة بالفضائية مثل، استطلاعات الرأي التي ترصد موقف الجمهور من قضية معينة تستطلع برامج الفضائية آراء الجمهور من خلالها حول قضية ما .

 

ومع ما توصلت اليه الدراسة من نتائج فإن هذا الأمر ما زال يستدعى المزيد من الدراسة والتحليل من قبل الباحثين والدارسين الإعلاميين لمعرفة طريقة وطبيعة التعامل المثلى بين الفضائيات الإخبارية والمواقع الإٌخبارية ، بما يوازي التطور الهائل في تكنلوجيا الأتصال من جهة ، واقتراب المتلقي وكثرة مصادر الأخبار المتاحة له من جهة ثانية ، وهو ما يعني دراسة النتاج النهائي للمؤسسة الإعلامية في سباق لاينتهي مع مؤسسات أخرى كثيرة مشابهة.

 

فهرس المحتويات :

 

الموضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوع                                      الصفحة

 

          إهداء…………………………………………………………….            6

شكر وتقدير………………………………………… …………………………..7

          فهرس الجداول ………………………………………. ………………………..8

فهرس الأشكال ……………………………………………………………………..9

الملخص باللغة العربية ……………………………………………………..10

فهرس المحتويات …………………………………………………………………. 13

الفصل الأول……………………………………………………. ………………….16

المقدمة المنهجية………………………………………………………………….. ..17

موضوع البحث…………………………………………………………………… ..17

مشكلة البحث……………………………………………………………………… ..18

أهداف البحث……………………………………………………………………… ..19

أهمية البحث ………………………………………………………………………. .20

تحديد المصطلحات………………………………………………………………..  .20

منهج البحث……………………………………………………………. …………. .21

وسائل جمع البيانات…………………………………………………….. ……….. .21

حدود البحث المكانية والزمانية ……………………………………………. ……. .22

الدراسات السابقة …………………………………………………….. ………….. .23

الفصل الثاني : الأطار النظري للدراسة…………………………………… …….. .26

مفهوم شبكة الأنترنت………………………………………………. ……………….27

نشوء وتطور شبكة الأنترنت………………………………………………… ……..28

الخدمات الأتصالية لشبكة الأنترنت…………………………. ………………………32

خدمة البريد الألكتروني ……………………………………… ……………………..33

مجموعة الأخبار……………………………………………… ……………………..34

شبكة الأخباريات……………………………………………………………………..35

خدمة التراسل الفوري………………………………………………………………..35

خدمة جوفر …………………………………………………………………………..36

محركات البحث……………………………………………………………………….36

التلينيت…………………………………………………………………………… ….37

شيكة الويب……………………………………….. …………………………………38

التطبيقات الأعلامية لشبكة الإنترنت………………………….. …. ……………….41

نماذج التطبيقات الأعلامية لشبكة الإنترنت………. ………………………………..44

وكالات الأنباء……………………………………………….. ……………………..44

اذاعة الإنترنت……………………………………………….. …………………….44

البث التلفزيوني عبر الإنترنت………………………………. ……………………..45

خدمة الإخبار بالهاتف المحمول …………………………………………………….45

خدمة الواب…………………………………………………………………………..46

النشر الإلكتروني……………………………………………………………………..46

السمات الشكلية للأتصال عبر شبكة الإنترنت……………………………………….48

التفاعلية……………………………………………………………………………….48

سهولة ألأستخدام……………………………………………………………………..48

الوسائط المتعددة……………………………………………………………………..49

سرعة الحصول على المعلومات…………………………………………………….50

الفضائيات الإخبارية وصحف الإنترنت………………………………  …………….51

نشوء وتطور صحافة ألإنترنت…………… …………………………… .. …………52

أنواع الصحف الألكترونية…………………………………………….. .. . …………55

سمات الصحف الألكترونية………………………………………….. …. …………..56

التعامل الصحفي العربي مع الإنترنت………………………………. …. …………..59

مراحل تطور الصحافة الألترونية العربية………………………..  …………………60

مرحلة النشر من خلال الأقراص المدمجة…………… …………  ………………….60

مرحلة إصدار النسخة الألكترونية ……………………………… …………… ……..61

مرحلة إصدار الصحيفة الألكترونية………………………….. ………….. …………61

مستقبل الصحافة الإلكترونية العربية………………………….. …………………….61

المواقع الإلكترونية المرتبطة بالفضائيات الإخبارية………….. …………………….62

الأخبار عبر الإنترنت………………………………………….. …………………….65

المواقع الأخبارية……………………….. …………………….. …………………….67

الفصل الثالث / البحث التطبيقي……………………………….. ……………………..70

إجراءات البحث………………………………………………… ……………………..71

موقع العربية نت ………………….   …………………………………………….73

نشأة العربية.نت…………………………………………………………………….73

مرحلة التخطيط……………. ………………………………………………………74

بناء الموقع………………… ……………………………………………………….77

الصفحات…………………. ……………………………………………………….77

فريق العربية.نت…….. ……………………………………………………………79

المراسلون…………………………………………………………………………..82

مصادر الأخبار……………………………………………………………………..82

البنية التقنية …………………………………………………………………………84

الجمهور المستهدف ………………………………………………………………..85

المميزات الرئيسية للعربية.نت …………………………………………………….89

تعليقات القراء……………………………………………………………………….89

التفاعلية …………………………………………………………………………….89

منتدى الفيديو………………………………………………………………………..91

التصميم المميز………………………………………………………………………91

الصفحة الأولى ……………………………………………………………………..91

النجاح التجاري ……………………………………………………………………. 92

زوار الموقع ……………………………  ………………………………………….92

الرقابة ……………………………………………………………………………….94

مشاكل الموقع ……………………………………………………………………….96

العلاقة بين الموقع والفضائية………………………. ………………………………97

الفصل الرابع/ الأستنتاجات والتوصيات …………………. ……………………..100

الأستنتاجات …………………………………………………. ……………………..101

التوصيات  ……………………………… ………………………………………….106

المقترحات …………………………………………………… ……………………..108

الملاحق ……………………………………………………… ……………………..109

استمارة الأسئلة……………………………………………………………………….110

المصادر والمراجع……………………………………………………………………113

ملخص باللغة الأنكليزية ……………….. …………………………………………..122

 

الفصل الأول

المقدمة :

شهد آخر القرن العشرين قفزات تكنولوجية هائلة في مجال وسائل الاتصال والمعلومات، ولا شك أن أحدثها وأهمها ظهور شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وانتشارها، وما صاحبها من قفزات في النشر الإلكتروني، واستخدام هذه الشبكة في البحث العلمي ونقل المعلومات، بحيث أصبحت المعلومات متاحة لاستخدام الناس في أي رقعة من الأرض مهما كانت نائية.

وأحدثت ثورة تكنولوجيا المعلومات – التي تفجرت في العقدين الأخيرين من القرن الميلادي الماضي – تحولات ضخمة على مستوى البحث العلمي؛ بما وفرته من سهولة في استخدام الحاسب الآلي للباحثين في العلوم، وبما أتاحته من مصادر متجددة للمعلومات، وبرامج لإدارة البيانات والمعلومات وتحليلها ، فأصبحت بذلك بمثابة مكتبة لكل باحث في أي تخصص.

وكسبت هذه الوسيلة الاتصالية الجديدة جمهورا عريضا من مختلف فئات الجماهير. وأصبحت منافسا قويا لوسائل الإعلام التقليدية.

والإنترنت هي شبكة اتصال جماهيرية ضخمة جداً وغير مركزية وتربط مجموعة كبيرة من شبكات الحاسب الآلي المنتشرة في أنحاء العالم حيث تتبع كل شبكة جهة مستقلة مثل الجامعات، ومراكز البحوث، والشركات . وتتميز الشبكة بعدم وجود جهة مركزية تديرها، أو تحكمها بشكل مباشر. كما تتميز بسرعتها الفائقة، وإتاحتها لقدر كبير من الحرية والتفاعلية .والإنترنت وسيلة اتصال جماهيري حديثة لنقل الأخبار والمعلومات إلكترونياً عن طريق شبكة الحاسب الآلي المتصلة بالهاتف أو الألياف الضوئية، ويمكن من خلالها نشر واستقبال الأخبار والمعلومات والصور بأسلوب سهل وسريع .

وأسهمت شبكة الإنترنت في تعظيم الأثر الأتصالي للعملية الإعلامية من خلال ما تتوافر عليه من عناصر مقرؤة ومسموعة ومرئية بالإضافة إلى تحوّل  معظم  وسائل الإعلام التقليدية من إذاعات ومحطات تلفاز وصحف ومجلات إلى صحافة أو إذاعة أوفضائيات تلفزيونية أو مواقع ، ألكترونية . ولعل مما يؤكد هذه الأهمية على سبيل المثال ما ذكرته الإحصاءات الحديثة في هذا المجال من أن 77 % من الشعب الأمريكي أستخدموا الصحف والمواقع الإلكترونية على الإنترنت للتعرف على المستجدات حول الحرب الأمريكية على العراق[1] ، خاصة وأن هذه المواقع مثل New York Times و CNN  تحدّث صفحاتها خلال فترات قصيرة جدا تتراوح بين 5-10 دقائق .  يمكن الاطلاع عليها وقراءتها، أو الاستماع إليها، أو مشاهدتها من خلال هذه الوسيلة، فصارت من بين اهم  الوسائل الاتصالية الحديثة.

وظهرت نتيجة تطور تقنيات الأتصال وكذلك برامج الإنترنت مواقع إلكترونية ترتبط بشكل أو بآخر بفضائيات وإذاعات إخبارية كموقع CNN و موقع العربية. نت والجزيرة. نت ، وغيرها ، وهذا الأمر استدعى الدراسة والتحليل من قبل الباحثين والدارسين الإعلاميين لمعرفة المغزى من إقامة مثل هذه الفضائيات لمثل هذه المواقع , وقد تناول الباحث خلال هذه الدراسة موقع العربية .نت كنموذج للصحف الالكترونيةالمرتبطة بالفضائيات الاخبارية ومقدار ارتباطه العضوي والوظيفي بقناة العربية ، ومعرفة مجموعة الادوار التي يقوم بها الموقع وهل هي لخدمة اهدافه أم اهداف القناة , وكذلك المشكلات التي تحيط بعمله .

 

موضوع البحث :

أفضت التطورات في استخدام الكومبيوتر وتطور شبكاته المختلفة والظهور العالمي لشبكة الإنترنت , ووصولها إلى اماكن لم يكن احد يتصور وصول وسائط اعلامية اليها ، إلى تحول الشبكة الى نظام  اعلامي غير مسبوق وبخصائص لا تتمتع بها النظم الاعلامية السابقة لها .

وقد نشأت داخل النظام الذي تحمله شبكة الانترنت تطبيقات اعلامية بعضها يحمل تسميات التطبيقات التقليدية ولكن بسمات جديدة كما هو الحال بالنسبة لصحافة الانترنت التي لم تلتزم بنفس تقاليد واساليب الصحف التقليدية .

ومن هذا النوع من الصحافة الالكترونية يبرز منها ما يرتبط  بالمؤسسة الاعلامية التقليدية صحيفة كانت او محطة تلفزيون او إذاعية ، وهو ما اوجد مداخل للدراسة والبحث العلمي  فهذا النوع ليس فقط  مجرد وسيلة اعلام لها عالمها الخاص وجمهورها بل هي امتداد لوسائل إعلامية تقليدية .

ومن جانب آخر , فقد تطورت خلال العقد الماضي  ظاهرة الفضائيات التلفزيونية في المنطقة  العربية , وكانت المحطات الاخبارية هي الاكثر انتشارا من بين هذه الفضائيات على الرغم من قلة عددها قياسا للفضائيات الترفيهية او الدينية او الرياضية او المتخصصة، وقد انشأت الكثير من هذه الفضائيات مواقع الكترونية عبر الانترنت مرتبطة بها مثل فضائية”الجزيرة” و”العربية” وال CNN” ” وغيرها.

مشكلة البحث :

 

نشأت مشكلة البحث لدى الباحث من خلال وجوده وعمله في قناة “العربية” الاخبارية وموقعها على شبكة الانترنت ، وتتلخص مشكلة البحث حول الاشكالات القائمة بين الصحافة الالكترونية المرتبطة بالفضائيات الاخبارية العربية وبين هذه الفضتئيات نفسها. وبالتحديد موقع العربية.نت و مدى ارتباطه العضوي والوظيفي بقناة العربية وماهية الادوار التي يقوم بها لخدمة اهدافه واهداف القناة والمشكلات التي تحيط بعمله  . وبشكل اكثر تحديدا في دراسة الاختلاف التفاعلي بين اسلوب القناة والموقع الالكتروني في عدد من الموضوعات التي تتناولها القناة والموقع في ذات الوقت .

 

أهداف البحث :

يضع الباحث مجموعة من الاهداف التي تتلخص بما يلي:

اولا: ” الكشف عن ” تفاصيل المواقع الصحفية والإخبارية الالكترونية التي ترتبط بالفضائيات .

ثانيا:  الكشف عن الاشكال التحريرية التي تجعل من المواقع الصحفية الالكترونية المرتبطة بالصحف المطبوعة أول الأمر، ثم بقنوات التلفزيون الفضائي في مراحل لاحقة، مكملة أو مرتبطة بأداء الجهة المرتبطة بها والتي تمثل مشكلة مهنية وعلمية تتطلب الدراسة والمتابعة.

ثالثا:  الكشف عن”  تقنيات ألمواقع الصحفية الإخبارية والتي تمكنها من محاكاة القدرات الخاصة المرتبطة بالتلفزيون مثل الصوت والصورة المتحركة( الفلم)،

رابعا : الكشف عن عمليتي الترويج المتقاطع والاحالة المتبادلة مع قناة العربية الاخبارية و استخلاص النتائج العلمية في معرفة مدى التزام موقع “العربية .نت” بالادوار الاعلامية الواجب تحقيقها.

 

اهمية البحث :

 

تكمن أهمية البحث في دراسة واحد من الحقول الاعلامية الحديثة نسبيا، وهي الصحافة عبر الانترنت ، وتركيز الدراسة على نموذج لهذه الصحافة يتسم اولا بكونه اخباري وثانيا بكونه مرتبط اداريا ومهنيا ووظيفيا بقناة فضائية اخبارية عربية.

ولعل نتائج البحث يمكن ان تكون منطلقا لباحثين آخرين للتعمق في دراسة الموضوع افقيا وعموديا ومقارنته بالتجارب العالمية المماثلة. فإن هذه الصحف تتوافر على عدد من السمات الأتصالية المتميزة من أبرزها سهولة تصفحها

تحديد المصطلحات :

 

1/ صحافة : هي المهنة الصحافية , ومجموعة الصحف , وهي حرفة وفن وصناعة تؤدي وظائف مختلفة أهمها الإعلام والتعليم والترفيه والإقناع والتفسير[2]

 

2/ صحافة الإنترنت :   لم يتلبور بعد تعريف متكامل لصحافة الإنترنت حيث يطلق عليها في بعض المصادر صحيفة الوب Web Journalism ويطلق عليها ايضا الصحافة الشبكية على الخط Online  Journalism   وبينما تطبع الصحف التقليدية على الورق فان صحافة الإنترنت تضع مادتها علي الشبكة وسيستخدم البحث تعبير صحافة الإنترنت إلا اذا جاءت بتسمية اخرى مثل الصحافة الالكترونية او غير ذلك في احاديث لباحثين اخرين .

 

3/ المواقع الالكترونية  :  يطلق عليها بالانكليزية  Web Sites , ويتم الوصول اليها عبر محدد موقع المصدر Uniform Resource Locator URL – او عنوان الموقع الذي سيطلبه مُستعرِض الويب ، Web browser  ولها انواع واشكال مختلفة وسيتخدم الباحث تعبير المواقع الالكترونية  للدلالة عليها .

 

4/ الفضائية الاخبارية : وهي نمط من انماط التلفزيون الذي يكرس جل وقته للاخبار والتعليق عليها والبرامج الاخبارية ويستخدم الاقمار الصناعية للوصول الى مشاهديه ، وسيتخدم الباحث تعبير  الفضائية الاخبارية و الفضائيات الاخبارية الا اذا جاءت بتسمية أخرى من قبل باحثين آخرين مثل القناة او القنوات , التلفزيون و التلفزيونات او المحطة والمحطات .

 

5/ العربية نت: موقع ألكتروني يمثل وسيلة إخبارية عربية على شبكة الإنترنت العالمية تدعم الفضائية الإخبارية “العربية” ، وأطلق الموقع  في يونيو عام 2004 مستفيدا من التجارب التي سبقته كمواقع : أيلاف ، والجزيرة ، وبي بي سي العربية ، وغيرها .

 

6/قناة “العربية” :هي قناة تنطق باللغةالعربية وتنطلق من دبي، في الإمارات العربية المتحدة. وهي” إحدى قنوات مجموعة مركز تلفزيون الشرق الأوسط MBC. وتهتم هذه القناة بالأخبار السياسية والرياضية والاقتصادية.تأسست في 3 مارس، 2003 قبيل إندلاع حرب الأميركية على العراق “[3].

منهج البحث:

 

لتحقيق هدف البحث سيستخدم الباحث المنهج التحليلي الوصفي لتقويم موقع العربية نت وفقا لمحكات معيارية Evaluation Criteria تدرس كل ما يتعلق بوظيفة الموقع الاساسية .

 

وسائل جمع البيانات:

استخدم الباحث  الوسائل التالية لجمع البيانات :

 

  1. .المقابلات الشخصية .

وتضمن ذلك اجراء مقابلات مقننة وغير مقننة جرى تقويمها من قبل مجموعة من الخبراء الذين قوموها ثم جرى تعديلها إجرائيا وحسابيا كي تكون صالحة للقياس وحساب درجة الصدق الظاهري فيها بين مجموعة الخبراء

  1. الملاحظة من غير مشاركة :

وتم ذلك من خلال قيام الباحث بالقيام بزيارات متكررة لمبنى العربية نت في  مدينة دبي للإعلام في دبي جرى خلالها مراقبة عمل المحررين والفنيين والتقنيين .

 

حدود البحث المكانية والزمانية :

 

سيقوم الباحث بدراسة موقع “العربية .نت” الالكتروني المرتبط بالفضائية التلفزيونية “العربية”  في مقرها الكائن في مدينة دبي للإعلام ،  الامارات العربية المتحدة ـ إمارة دبي . خلال الفترة الممتدة بين 01/10/2006 وحتى 31/05/2007 كفترة منتخبة للحصول على المعلومات المطلوبة التي تسمح بتحقيق اهداف هذه الدراسة .

 

الدراسات السابقة

بدأت خلال السنوات الأخيرة العديد من الدراسات التي عنيت بشكل عام بالصحافة الإلكترونية ولكن تبقى الدراسات التي تعنى بالأبعاد الأتصالية والإعلامية الدقيقة قليلة . ومن خلال تتبع الباحث لما تيسر من هذه الدراسات سواء من خلال الكتب المطبوعة أو مواقع الإنترنت أو حتى موقع “العربية” ذاته  لاحظ  ، عدم وجود دراسات تخصصت بشكل محدد بموضوع دراسته ، ولم يجد في المكتبة العربية ما يقترب من موضوع دراسته إلا بما يمكن أعتبار بعضها كمقاربات بحثية لا تقترب من الدراسة الحالية إلا من حيث الموضوعة العامة للتناول على حد اطلاع الباحث.

من هنا فإن الباحث يرى أن دراسته الموسومة : صحافة الانترنت / دراسة تحليلية للصحف الالكترونيةالمرتبطة بالفضائيات الاخبارية/” العربية. نت نموذجا” ، هي أول دراسة معنية بموضوعها تحديدا في المكتبة العربية ، وأنها ستشكل قاعدة علمية حقيقة للدارسين مستقبلا ستؤسس لمعرفة أكبر لطبيعة العلاقة بين الصحف الألكترونية والفضائيات المرتبطة بها ، كما أنها ستضيف للقائمين على هذه المواقع والفضائيات المرتبطة بها معرفة علمية أكاديمية تعينهم على تطوير الأداء وتحقيق التفاعلية بما يواكب التطور الهائل في تكنلوجيا الأعلام والأتصالات في العالم .

 

ويرى الباحث ضرورة الاشارة الى عدد من الدراسات التي يمكن أعتبارها كمقاربات بحثية لا تقترب من الدراسة الحالية إلا من حيث الموضوعة العامة للتناول حول موضوع الدراسة بشكله العام و لم تكن من دراسات الماجستير او الدكتوراه الدراسات السابقة

 

  • دراسة نجوى فهمي ” تجربة الصحافة الألكترونية المصرية والعربية:الواقع وآفاق المستقبل[4]“1998. تناولت الدراسة بشكل رئيسي مدى اختلاف الصحف الألكترونية عن النسخ المطبوعة من الجرائد ، ومدى الأستفادة من تكنولوجيا الوسائط المتعددة في الصحافة الألكترونية العربية مقارنة بالصحافة الألكترونية العالمية وأبرز المشكلات الفنية التي تواجه القائمين على أصدار هذه الصحف والتصورات المطروحة للقضاء عليها . وقد توصلت الباحثة إلى جملة من النتائج أبرزها : عدم أستخدام الصحف العربية لأمكانات الوسائط المتعددة ، مع عدم سعي هذه الصحف للأستخدام الوظيفي للتقنيات ؛ حيث أكتفت الصحف العربية في أستخدامها للنص التشعبي على البرط بين الأيقونات الموجودة في صفحة الأستقبال والموضوعات المرتبطة بها دون ربط هذه الموضوعات بأرشيف الجريدة ، أو بمواقع أخرى تضيف للقارىء تفاصيل أعمق عن الحدث .
  • دراسة دانيا أسماعيل “التطورات وحدود الأخبار المباشرة على الإنترنت في العالم العربي.”[5]. لبنان 2004 .. وقد ركزت الدراسة على التحديات التي تواجه تطبيقات الأعلام الجديد في الوطن العربي ومن ضمن نماذج هذا الأعلام الجديد ( موقع العربية.نت) وحجم مساهمته في خدمة المجتمع العربي . أما التطبيقات التي أستخدمتها الباحثة في هذه الدراسة فكانت عبارة عن تحاليل نوعية مستخلصة من مقابلات مطولة أجرتها مع الكادر الأداري لموقع العربية نت أستطلعت من خلالها النظريات المختلفة المحيطة بتكنلوجيا الأعلام الجديد والمجتمع وتأثيرات شبكة الأنترنت وتكنلوجيا الأتصال على العلاقات الأجتماعية والمجتمع المدني .  وقد أستنتجت الباحثة في ختام دراستها أن العربية نت جزءا واحدا فقط مما تمثله    الأخبار العربية للجماهير العربية ، ومع ذلك فإن التنوع الذي تقدمه من حيث المحتوى والتركيز ، يعتبر قيمّا جدا لتنمية سوق الأعلام في المنطقة وللتعاون مع المجموعات السابقة في المجتمع في مجال الأعلام الجديد .
  • دراسة فايز عبد الله الشهري “الصحف العربية على شبكة الإنترنت”[6] للباحث 27 إصدارا إلكترونيا عربيا أنتقى منها الإصدارات الإلكترونية لجريديت الرياض والجزيرة السعوديتين كنماذج . وقد أتبعت الدراسة لتحقيق أهدافها مدخلين : مسح أساليب الممارسة الإعلامية الإلكترونية إضافة إلى مسح طبيعة تعرض الجمهور لهذه الصحف . وقد تضمنت الدراسة أستطلاعا لآراء القائمين على الصحف العربية الإلكترونية حول عمليات إنتاج هذه الصحف ، ومصادر تمويله ، ومدى الرضا عما تقدمه هذه الصحف من خدمات للجمهور .
  • دراسة تحليلية مقارنة للدكتورة آمال سعد المتولي ” المواقع الإلكترونية للفضائيات العربية والصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية” ، هدفها تقديم نظري لظاهرة الأتصال الإلكتروني وطبيعة الرسالة من خلال هذا الوسيط ، بالإضافة إلى توصيف دور القائم بالأتصال وحارس البوابة وفقا لها ، ومدى إمكانية إتاحة الفرصة للأستقلال والتنوع الثقافي والفكري ، مقابل أحادية التدفق الإعلامي ، أم أن هذه الوسائل من قبيل فكرة الطفرة أو الموضة التي تصاحب دائما ظهور أية وسيلة أتصالية حديثة قبل تعرضها للتقنين . وتوصلت الباحثة إلى نتيجيتين أولها : أن تعدد المواقع الإلكترونية لم ينعكس في أستقلالية إخبارية وأن كانت إمكانات الإنترنت التي تتعامل مع الفضاء الإلكتروني المفتوح على مدار الساعة فرضت على هذه المواقع أن تملأ هذا الفراغ إستجابة لدوافع المنافسة على جذب المتلقي مما دفع ببعض القنوات التي لا تستطيع المنافسة إلى الألتزام بما جاء في وكالات الأنباء العالمية الغربية (دون تصريف) وإعادة إنتاج ما جاء في هذه الوسائل بما يعني أستمرار التدفق الإخباري في أتجاه واحد ودون أن تكون وسيلة أخرى لعرض وجهة النظر الأخرى ، كما تميزت التغطية الإخبارية بالتلون إلى حد ما  ، أما النتيجة الثانية فهي أن المواقع الإخبارية من حيث طبيعة وسيلة العرض تعتمد على الإيجاز وتجزئة الحقيقة وترك الإبحار والتجوال داخل الشبكة على المتلقي وفقا لحاجته . وقد أوصت الباحثة في نهاية دراستها بالبحث عن توصيف أتصالي لهذا النوع من   الأتصال وتأثيره على مجتمعاتنا ، وكذلك البحث عن أطر منهجية جديدة للبحث والتحليل ، كما أوصت بضرورة التأكيد على وضع ضوابط لإقامة المواقع الإلكترونية وتحديد جهة الأصدار ومصادر التمويل والألتزام بإخلاقيات النشر كعدم تجهيل المصادر على سبيل المثال .

 

الفصل الثاني

 

الأطار النظري

 

1 : نشوء وتطـور شبـكة الانترنت

2 : الخدمات الأتصالية لشبكة الإنترنت

3 : التطبيقات الإعلامية لشـبكة الانترنت

 

 

  1. نشوء وتطـور شبـكة الانترنت :

 

مفهوم شبكة الأنترنت:

 

يعد الإنترنيت أحدث التقنيات الأتصالية التي عرفها العالم خلال العقدين الماضيين ، حيث إستطاعت الشبكة بما تمتلكه من سمات إتصالية وتقنية متميزة ، أن تقلب المفاهيم المكانية والزمانية للإنتاج والتطبيقات الإعلامية في العالم ، سمحت من خلالها لمستخدميها الأختيار بحرية مايريدون من خدمات إتصالية تتلائم وحاجاتهم .

ونتيجة الأعتماد المتزايد على شبكة الإنترنت بإعتبارها الأداة الأحدث والأكثر تناميا في مجال الأتصال ، ونتيجة لصعوبة معرفة المتلقي العادي تفاصيل هذا النمو المضطرد ، فقد أهتم الباحثين والمختصين في مجال الأتصال الجماهيري الأهتمام بدراسة الإنترنت ، ويرى البعض “حقق الإنترنت ثورة معلوماتية وأتصالية ، وذلك من خلال تقديمها شكلا جديدا من أشكال التواصل البشري فيما يسمونه (التواصل الجماهيري الثنائي الأتجاه غير الخاضع للرقابة)”[7]. كما يرى الشهري أن ألإنترنت قناة معلومات عالمية حققت التكامل والإندماج التقني بين العديد من وسائل الأتصال .[8]

ولقد أدت الأنعكاسات الإيجابية لشبكة الإنترنت إلى زيادة مستخدميها بصورة تفوق أعداد مستخدمي أية وسيلة أعلامية أخرى خلال الفترة نفسها ، ويقول الدكتور لقاء مكي “لقد أحتاج الإنترنت إلى أربع سنوات فقط ليصل إلى خمسين مليون مستخدم ، في حين أن تقنية الهاتف وصلت إلى نفس العدد خلال 74 سنة ،واحتاج التلفزيون إلى 13 سنة ليحصل على النتيجة ذاتها “[9]، ويشير التقرير ألذي أصدرته هيئة الأمم المتحدة حول (أزدهار أستخدام الأنترنت في جميع العالم) ، أنه رغم التراجع الأقتصادي العالمي ، والأزمة التي تشهدها صناعة تكنلوجيا المعلومات ، إل أن نسبة الزيادة السنوية في عدد مستخدمي الشبكة بلغت نهاية عام 2002 – 30 % “، [10] كما تشير إحدى الدراسات المتخصصة بالإنترنت إلى أن عدد مستخدمي الشبكة في العالم أرتفع في عام 2005 إلى أكثر من مليار شخص .[11]

وفي الوطن العربي “بلغ عدد مستخدمي الشبكة حتى نهاية عام 2003 ما يقارب ال13 مليون مستخدم وهو ما يمثل ما نسبته 0.7 % من أجمالي عدد السكان البالغ 280 مليون نسمة “.[12] ومع أستمرار تزايد أستخدام الإنترنت في الوطن العربي “بما يفوق إمكانات البنى التحتية لشبكات الأتصالات ، فقد حذرت دراسة متخصصة من أحتمال تعرض البنى التحتية لشبكات الأتصالات في الدول العربية لأزمة شديدة خلال العامين المقبلين ستفضي إلى حدوث أختناقات على الشبكة قد يترتب عليها إعاقة إنتشار الخدمة في الكثير من الدول العربية”.[13]

 

نشوء وتطور شبة الإنترنت :

 

ظهرت شبكة الإترنت بشكل جماهيري في العقد الأخير من القرن العشرين ، ونظرا لحداثتها وارتباطها بشكل وثيق بالتقنيات المستحدثة ، والمتلاحقة ، فقد أختلف الباحثون حول مفهومها الحقيقي ، وقد أقتصرت أغلب التعريفات والمفاهيم التي اوردها الباحثون لشبكة الإنترنت على الوصف دون أن يتعدى ذلك إلى أخلاقيات أو ضوابط الممارسة أو حتى طبيعة مستخدمي الشبكة ، إضافة إلى كون الباحثين الذين حاولوا وضع تعريفات للإنترنت تناولوا الشبكة حسب طبيعة استخدامهم لها أو حسب المجال الذي تتم دراسته .

بناء على ذلك يمكن القول أن تعريف الإنترنت يرتبط بالمستخدمين لها والخدمات التي تقدم من خلال هذه الشبكة والتقنيات المستخدمة لتأمين هذه الخدمات ، ويذكر الدناني “إن تشعب الإنترنت وأتساع دائرة أستخدامها أسهم في تعدد تعريفاتها ، ويرى ريتشارد ج.سميث ومارك جيتس أن تعريف الإنترنت يعتمد على عمل ، وحاجة الشخص الذي يريد تعريفها ، حيث يرى المستخدم العادي الإنترنت بشكل مختلف عن مايراه المهني أو المهندس .”[14]ويقول تيم بيرنيرز وهو مؤسس الإنترنت في مقال نشره عام 1993 ( إن وضع تعريف للإنترنت يعد عملية تشبه الفرق بين الدماغ والعقل ، فبإكتشاف الإنترنت تجد أسلاكا وكمبيوترات ، أما بإستعراض الشبكة نفسها فستجد شتى المعلومات “[15]

ومسمى الإنترنت Internet مشتق من مسمى شبكة المعلومات الدولية ألتي يطلق عليها في اللغة الانكليزية International Net Work  ، كما “يطلق على الإنترنت عدة تسميات منها The Net أو الشبكة العالمية World Net أو الشبكة العنكبوتية The Web ، أو الطريق الألكتروني السريع للمعلومات Electronic Super High Way  “[16].

والانترنت “شبكة كومبيوتر عالمية تربط ملايين من أجهزة الكومبيوتر في العالم”[17]

، و يتكون الانترنت من شبكات أصغر تمكّن اي شخص متصل بها من التجول في رحابها الواسعة والمفتوحة بلا حدود حيث  يتم فيها ربط مجموعة شبكات بعضها مع بعض في جميع دول العالم عن طريق جميع وسائل الاتصال المعروفة .

وفي ظل التطورات الاتصالية الهائلة التي يعيشها العالم اصبحت شبكة الانترنت ظاهرة واسعة الانتشار ووسيلة أتصال وإعلام تكنولوجية عالية الجودة جديدة ومؤثرة تتميز بالاستقلالية واللامركزية ، تربط سكان العالم بعضهم البعض بسرعة فائقة وقدرة أستيعابية واسعة حتى باتت جزءا مهما من حياة الافراد والمؤسسات .

واستطاع الانترنيت خلال بضعة عقود من الزمن أن تساهم في تغيير الثقافات والمواقف في شتى مجالات الحياة وخاصة على وسائل الاعلام التقليدية ومناهج دراستها وطرق تحليلها مما استدعى دراسة موضوع “الاتصال والانترنت” من خلال تأثيراته الانسانية والاجتماعية باعتبارها أهم من الوسيلة ذاتها. “وبعودة الى مقولة مارشال ماكلوهان الاتصالية الشهيرة ( The Medium is The Message) التي جوهرها نظرية اتصالية تتمحور حول مفهوم ان المجتمع يتشكل ثقافيا بفعل طبيعة الوسيلة التي يتواصل الناس بواسطتها اكثر مما يتشكل بفعل مضمون وسيلة الاتصال ذاتها “.[18]. والانترنت الذي بدأ أولا كمشروع حكومي في الولايات المتحدة بحدود عام 1960 حيث طلبت الحكومة الاميركية من مؤسسة Rand Corporation بانشاء نظام اتصال متطور لتبادل المعلومات والاتصال يربط القواعد العسكرية الاميركية في العالم بعضها ببعض لتحقيق اكبر قدر من السهولة في العمل ويمنح هذه الشبكات قوة الوجود في أحنك الظروف ، وهو في الحقيقة ترجمة لأمر الرئيس الاميركي دويت أيزنهاور بضرورة بناء قاعدة بيانات وتأمين القدرة على عدم إتلافها إذا ما قامت حرب نووية، وكان أول استعمال لها عام 1972 ، ثم مالبث ان انتقل للاستعمال الى مصالح أخرى ، وفي عام 1983 تم السماح لدول صديقة للولايات المتحدة مثل النرويج وبريطانيا للاستفادة من خدمات الشبكة ثم أصبح الشبكة الوحيدة التي تستطيع ربط المستخدمين الى عدد غير محدود من مصادر المعلومات والاتصالات وبتكلفة مالية رخيصة وعملية .

وكل التطورات التي يشهدها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات تمهد السبل أمام أعداد كبيرة من الناس ليتحولوا الى البيئة الالكترونية ( الانترنت ) للحصول على المعلومات التي قد تكون متوفرة في أوعية أخرى تقليدية ورقية كانت أم تقليدية .”وهو ماجعل الانترنت وسيلة وأداة ضرورية في الاتصالات بكافة أشكالها في القرن الحادي والعشرين تنافس وسائل الاعلام التقليدية في أهدافها سواء تعلق الامر بالكم الهائل من المعلومات أم التثقيف او التسلية والامتاع مكنها من ذلك أيضا قدرتها على الجمع بين أمكانات التلفزيون والراديو والصحيفة والهاتف في وقت واحد “. .[19]

وكنتيجة منطقية لهذا التحول اعتبر منتجوا تكنولوجيا الاتصالات الحديثة العالم اجمع سوقا طبيعيا لهم وهو “ما أفضى بدوره الى سيل هائل في إنتاج الادوات التكنولوجية اللازمة مما أدى الى هبوط في أسعار وسائل التقنية المتعلقة بالانترنت خلال أعوام قليلة ، كما اصبح المجال مفتوحا أمام الجميع ، دول ومؤسسات وأفراد ليتواجدوا على الانترنت لتحقيق أهدافهم باقل التكاليف السنوية الممكنة لاتتجاوز بضعة دولارات في العام الواحد . وحقق هذا التواجد على الشبكة الدولية نفس الغرض المعلوماتي الذي تنتجه وسائل إعلامية أخرى تكون في الغالب عالية التكلفة المالية .”[20].

ويمكن القول الآن بأن الانترنت يقف على قمة الهرم بالنسبة لوسائل الاتصال الاخرى ، إذ ان البعد الاتصالي للانترنت يتوفر على خصائص متقدمة واستثنائية في أختلافها وتميزها عن بقية وسائل الاتصال لعل من أبرزها : تخطي الحواجز الزمنية والمكانية ،وفتح الباب المعلوماتي والاتصالي امام الجميع . وهذه الخصائص ساهمت في ترسيخ مقولة “أن العالم تحول الى قرية الكترونية صغيرة ” يستطيع قاطنها ان يقوم باي عمل من الاعمال في اي مكان في العالم وهو ثابت مستقر في مكانه  عبر إستخدامات الأنترنت المتعددة .

ويجدر الإشارة إلى أن شبكة الانترنت مقارنة بوسائل اتصالية اخرى حطمت في زمن وظرف قياسي جميع الحواجز التي عطلّت وصول الوسائل الاتصالية الأخرى الى اكبر عدد من المشتركين ، فقد ويجدر الإشارة إلى أن شبكة الانترنت مقارنة بوسائل اتصالية اخرى حطمت في زمن وظرف قياسي جميع الحواجز التي عطلّت وصول الوسائل الاتصالية الأخرى الى اكبر عدد من المشتركين ، فقد “احتاج على سبيل المثال المذياع إلى 83 سنة حتى أصبح لديه 50 مليون مشترك ، بينما أحتاج التلفاز إلى 51 سنة لنفس العدد ، في حين أن شبكة الانترنت لم تحتاج سوى بضعة سنوات لتجمع العالم كله أشتراكا في خدماتها “.[21] وهي ارقام قد تختلف مع ما ذكر في الصفحة 27 من هذه الدراسة الا انها تبين عدد السنون التي تطلبتها كل وسيلة للوصل الى جمهورها.

 

وإذا كانت فكرة هذه النظرية الاتصالية قد انطلقت من التلفزيون فإنها اليوم أكثر إنطباقا على الانترنت بوصفها وسيلة الاتصال الاكثر تأثيرا في الافراد والمجتمع والافكار والممارسات عبر ما تحمله من خصائص ومميزات وما تحتويه من مضمون ثقافي ومعرفي بجميع التخصصات والاتجاهات . “ولاشك ان المحتوى الرقمي Online Digital  لثقافة الانترنت جعلها جزءا مهما وأساسيا من الثقافة المعلوماتية أو الالكترونية العامة ، بل يمكن القول ان ثقافة الانترنت اصبحت المكون الاساس والاكبر لثقافة الكومبيوتر والمعلوماتية والاتصالات الالكترونية وذلك بسبب الاستخدام الانساني الرسمي والشعبي المتزايد للانترنت منذ بداية استخدامها في تسعينات القرن الماضي وحتى اليوم .”[22]

ومن أهم ما يميز الأنترنت بنيتها اللامركزية حيث يقف المستثمرون العاديون على قدم المساواة مع أكبر الشركات العالمية ، إذ يحصل الجميع على حق نشر ما يريدونه على الشبكة وبكافة الموضوعات والمجالات ، ولعل ذلك كان أحد الأسباب الرئيسة للانتشار الهائل لشبكة إنترنت ، أما السبب الثاني فهو انخفاض كلفة تبادل المعلومات الذي لا يتعدى أجرة المكالمة المحلية يضاف إليها بدل اشتراك شهري ثابت ومنخفض نسبياً . [23]

ويمكن أجمال العناصر الرئيسة التي تشتمل عليها شبكة الإنترنت كما يلي :

 

  1. مستخدمو الشبكة :بإختلاف مشاربهم وأذواقهم وآرائهم وحاجاتهم الأتصالية والإعلامية التي تدفعهم لأستخدام الشبكة .
  2. الخدمات المقدمة من الشبكة : وهي تتنوع بتنوع المعارف والعلوم وحاجات مستخدمي الشبكة والحاجات الإنسانية ، مثل البريد الألكتروني ، المجموعات الإخبارية ، المنتديات ، الدردشة .
  3. التقنيات المستخدمة في الشبكة : وهي “تنقسم إلى قسمين هما : القسم الأول الأجهزة الحاسوبية المستخدمة للأرتباط بالشبكة Hardware وما يتصل بهذه الأجهزة الحاسوبية مثل الفاكس مودوم ، والبطاقات المساعدة مثل بطاقات الصوت ، والشاشة ، وغيرها . اما القسم الثاني فيتكون من البرامج اللازمة للأرتباط بالشبكة Software كبرامج الوسائط المتعددة Multimedia مثل Real Player وبرامج التصفح مثل Internet Explorer وغيرها “[24]

 

  1. الخدمات الأتصالية لشبكة الإنترنت:

 

يقصد بالأتصال “أي عملية يتم التفاعل من خلالها بين طرفين أو أكثر ،بهدف تحقيق قدر من التفاهم عن طريق تبادل المعلومات والآراء ، والأفكار ، والرموز ذات العلاقة بالثقافة الخاصة وفي المحيط الذي تتم فيه تلك العملية .”[25] وللإتصال أشكال مختلفة بحسب عدد المشاركين في الموقف الأتصالي والوسائل المستخدمة لتحقيق الأتصال والهدف الذي من أجله تتم عملية الأتصال ، وتبدا مستويات الأتصال بالأتصال الشخصي ، وهو المستوى الأقل من حيث عدد المشاركين في العملية الأتصالية ، ويكون بين فردين ، يليه الأتصال الجمعي الذي يتم في أوساط أجتماعية ذات أعداد محدودة . أما الأتصال الجماهيري فهو النمط الأتصالي ألذي يتم على نطاق جماهيري وتستخدم فيه وسائل الأعلام : الصحافة ، الإذاعة ، التلفزيون ، إضافة إلى المواقع الإلكترونية على الأنترنت .”[26]

والإعلام جزء من العملية الأتصالية ، وهو نشاط يتم لتحقيق أهداف معينة ، وتستخدم فيه وسائل الأتصال الجماهيري ، ويسعى الأعلام لإيصال المعارف إلى الأفراد والجماعات بهدف التأثير في عقولهم ، ومشاعرهم ، ونشاطاتهم ، كما يهدف الإعلام إلى إيصال المعارف والعلوم حول أحداث وقعت أو ستقع . وفي شبكة الإنترنت التي تعتبر وسيطا أتصاليا جديدا بالنسبة لوسائل الإعلام الأخرى ، فإنها تعتبر تقنية أتصالات مهجنة تضم اكثر من نمط أتصالي :شخصي وجمعي وجماهيري ، دون حدود واضحة تفصل بين هذه الأشكال . تبعا لذلك فقد أختلت الكثير من المفاهيم السائدة حول الدور الأتصالي للإنترنت مع عدم وضوح الحدود الفاصلة بين أنماط الأتصال وطبيعتها .ونتيجة هذا المدى الواسع من الأمكانات الأتصالية للإنترنت فإن الشبكة تقدم عددا من الخدمات الأتصالية التي تتوافق وتدعم التواصل الإنساني من جهة وتحقق قدرا كبيرا من الأندماج بين المجتمعات وذلك من خلال التفاعل بين الأشخاص سواء عن طريق البرامج الحوارية أو من خلال المنتديات وغرف الدردشة .

كما يبرز دور شبكة الإنترنت الأتصالي في “مجال الأتصال الشخصي من خلال المواقع الشخصية التي يديرها ويشرف عليها أفراد يقومون بنشر أخبارهم ومعلوماتهم الشخصية ، إضافة إلى ما يضعونه من روابط لمواقع أخرى . كما تقدم الشبكة خدمة البريد الألكتروني التي تتميز إلى جانب سرعتها الفائقة في كونها مجانية لمستخدمي شبكة الإنترنت بالأضافة إلى أحتوائها على أخبار متنوعة تصل إلى البريد اللكتروني الخاص بالمشترك بشكل يومي وحسب التخصصات التي يرغب بها .”[27]

وتقدم شبكة ألأنترنت كذلك خدمات ومزايا عديدة وخاصة بعد تطوير برامج تخاطبية جديدة ، واستخدام نظم الوسائط المتعددة التي توفر إمكانية الاتصال والتخاطب بين الأجهزة الحاسوبية بالصوت والصورة والنص المكتوب ، كل ذلك حوَّل الشبكة الدولية إلى فضاء يعج بالحركة والصوت والصورة والنصوص المكتوبة . ويتمثل أهم الخدمات الأتصالية بما يلي :

 

خدمة البريد الالكتروني  Electronic mail:

 

وهو ابرز مايميز الأتصال عبر شبكة الأنترنت ، ويستمد البريد الالكتروني تعريفه من تعريف الوسائل الالكترونية وهي ” تكنولوجيا تفاعلية تعمل من خلال أجهزة الكومبيوتر وتسهل الاتصال الشخصي بنوعيه الفردي والجماعي سواء للمعلومات النصية Text أو الصوتية Voice أو الصور المرئية  Photos”. [28] وهو نظام يمكن بموجبه لمستخدم الإنترنت تبادل الرسائل مع مستخدم آخر أو مجموعة مستخدمين من خلال تخصيص مساحة على الخادم الخاص بهم لتكون مخصصة للبريد الألكتروني وبالتالي يكون لكل مشترك مع هذا المزود مساحة فرعية خاصة به ، ويعطى المشترك عنوانا خاصا به يمكن من خلاله أستقبال الرسائل الألكترونية والتواصل مع الآخرين. “[29]

ويعد البريد الألكتروني “الخدمة الأكثر شعبية من الخدمات الأتصالية الأخرى التي تقدمها شبكة الإنترنت ، ووفقا لدراسة توصلت اليها مجلة( إنترنت العالم العربي) فإن وظيفة البريد الألكتروني تعد أهم أهداف مستخدمي الإنترنت ، حيث بلغت نسبة متصفحي البريد الألكتروني 71% من إجمالي مستخدمي الشبكة “[30]

ويتمتع البريد الإلكتروني بعدة مزايا أهمها :

 

– إنخفاض التلكلفة المادية .

– السرعة الفائقة حيث يتم الإرسال خلال مدة وجيزة من الزمن .

– يتم استلام الرد خلال زمن قياسي .

– يستطيع المستفيد أن يستلم رسائله في أي مكان في العالم مما يفيد رجال الأعمال الذين يسافرون كثيراً بحكم عملهم ، كما يفيد الناس جميعاً ، حيث يمكنهم أثناءإجازاتهم الاطلاع على الرسائل الواردة إليهم .

– يستطيع المستفيد أن يحصل على رسائله في الوقت الذي يناسبه، فهو غير ملتزم بتلقي البريد في لحظة الإرسال نفسها .

– يستطيع المستفيد إرسال عدة الرسائل إلى جهات مختلفة في الوقت نفسه، وهذا ما يمكن أن يسهل عمل المؤسسة التي ترغب بدعوة جهات عديدة إلى ندوة أو مؤتمر أو معرض .

– يمكن ربط ملفات إضافية بالبريد الإلكتروني .

 

ومن أشهر الشركات التي تؤمن خدمة البريد الألكتروني على مواقعها الخاصة ، “مايكروسوفت التي تؤمن خدمة بريد hotmail، وشركة yahoo، وgmail.com التابع لشركة google  ، ونتيجة الإقبال الكبير لجمهور الإنترنت تنافست الشركات الكبرى في الشبكة التي تقدم خدمة البريد الألكتروني ،فقدمت  google خدمة البريد الألكتروني بمساحة 1 جيجا بايت  ، بينما رفعت yahoo مساحة البريد الألكتروني من 100 ميجا بايت إلى 1 جيجا بايت ، هذا بالإضافة إلى تطوير الخدمات الملحقة بخدمة البريد الألكتروني كتحويل الرسائل Forwarding . “[31]

 

 

مجموعات الأخبار Newsgroups      :

 

وهي عبارة عن مجموعة من الأشخاص ذوي اهتمامات مشتركة ترتبط ببعضها ، ويمكن وصف مجموعة الأخبار” بالمائدة المستديرة التي تضم عددا من الأفراد بحيث يمكن لأي شخص أن يطلع على الرسائل الموجهة من شخص لآخر .”[32]ويمكن من خلال المجموعة الإخبارية تبادل النصوص في شكلها الأولي ، والصور الثابتة والمتحركة . ويمكن للمشترك الدخول إلى مجموعات الأخبار عن طريق البريد الألكتروني الخاص به وبعد ذلك يتلقى كل ما يصدر من هذه المجموعة من معلومات ، وأخبار ، وبيانات ونحوها في إطار اهتماماته ، عبر البريد الألكتروني .

وتتميز بعض المجموعات بإنها “تخضع للرقابة في حين تتيح معظم المجموعات للمشتركين حرية الرأي والتعليق على ما ينشر . وبعض المجموعات الإخبارية تكون على شكل نشرة توزع  على المشتركين عبر البريد الألكتروني . ولعل التفاعلية من أهم السمات التي ساعدت على إنتشار المجموعات الأخبارية التي جعلت التواصل الألكتروني يقترب من الأتصال الشخصي البالغ التأثير .”[33]

وتعود المعرفة بالمجموعات الإخبارية غلى عام 1979 حيث بدأت الخدمة كمنتديات جماعية يمكن للمشتركين فيها الأتصال ببعضهم البعض ، وازدادت شعبية هذه الخدمة عام 1985 نتيجة إنشاء الجامعات والمؤسسات العلمية الأخرى مجموعات إخبارية بإعداد كبيرة على الشبكة .”[34]

 

شبكة الإخباريات  S NEW :

 

تعد شبكة الإخباريات (Usenet News) أحد أكثر استخدامات الأنترنت شعبية، وتستخدم هذه الشبكة بروتوكول نقل إخباريات الشبكة(Network News Transfer Protocol NNTP) الذي ينظم طريقة توزيع المقالات الإخبارية واسترجاعها وإرسالها والاستعلام عنها .

و تقدم الشبكة “لوحة الإعلانات Bulletin Board وغرف الحوار Chatting Rooms ، كما تتألف شبكة الإخباريات Net News من نظام ضخم يشتمل على عدد كبير من ندوات الحوار المفتوح والمستمر والتي تسمى مجموعات الإخباريات News Groups ، وتستمر هذه المجموعات بالعمل على مدار الساعة وعلى مدى أيام السنة، وتسمح قوائم الاستعراض التجارية Browsers بالنفاذ إلى مجموعات الإخباريات ، حيث يستطيع المستخدم أن يتابع حواراً مفتوحاً دون أن يشترك فيه ، وهذا ما يسمى الترصد Lurking ، وهو ما يشجع الوافدين إلى مجموعات الإخباريات للدخول في الحوار وإرسال مقالة إلى المجموعة التي يختارها الوافد وتعمل شبكة الإخباريات Usenet بسرعة كبيرة جداً ، إذ يحدد مديرو المجموعات المدة الزمنية التي تبقى فيها رسائل الأعضاء منشورة قبل أن يقوم النظام بإلغائها ، ولا تحتفظ المجموعات برسائلها منشورة عادةً أكثر من أسبوع واحد .”[35]

وتعد مجموعات النقاش مصادر معلومات ممتازة فهي تقدم المساعدة في المجالات الفنية والهوايات والسفر … الخ ، ويمكن أن تكون منبعاً للحوارات الحية وفرصة لاجتماع أشخاص مختلفين لديهم اهتمامات مشتركة .

 

خدمة التراسل الفوري Instsnt Messaging :

 

وهي الخدمة التي تساعد على تبادل البيانات والمعلومات والتحاور عبر الإنترنت بين شخص وآخر ، وتتعدد خدمات التراسل الفوري التي تقدمها الشبكة بتعدد البرامج التي تقوم بتوفير هذه الخدمة عبر الإنترنت ؛ “ويمكن تقسيم هذه البرامج إلى برامج حوارية متعددة المهام وأخرى غير متعددة المهام . فالخدمات التي تقدمها البرامج متعددة المهام هي تلك الخدمات التي يمكن أستخدام بعض البرامج الخاصة في التراسل الفوري في تبادل المهعلومات بإشكال متعددة ، مثل الصوت والصورة إلى جانب النصوص . أما الخدمات التي توفرها البرامج الحوارية ذات المهام المحدودة ، فهي تلك التي تقدم من خلال برامج تقتصر على أشكال محدودة في نقل البيانات مثل الصوت فقط أو النصوص فقط أو بهما معا دون أستخدام الصورة” [36]

ومن البرامج التي توفر خدمات التراسل الفوري ، برنامج بال توك Pal talk الذي يمكن من خلاله التواصل مع الآخرين عبر الصوت والصورة والنصوص المكتوبة ، وهناك بالطبع خدمة التراسل الفوري عن طريق برنامج MSN Messenger و Yahoo Messenger  ، وهي تتميز جميعا بسهولة الأستخدام وإمكانية إنشاء غرف خاصة لإجراء الحوارات وغيرها .

 

خدمة جوفر   Gopher:

 

 نظام طورته جامعة مينيسوتا الأمريكية عام 1991بهدف تسهييل عملية استخدام الانترنت وهو يعتمد على عملية البحث من خلال القوائم لقراءة الوثائق ونقل الملفات يمكنه الإشارة الى الملفات ومواقع Telnet ومراكز معلومات WAIS وغيرها. وهو “برنامج لتسهيل عمليات التخاطب والبحث عن المعلومات يستخدم على نطاق واسع في الأنترنت ، إذ يستطيع المستفيد من خلالها القيام باستعراض المعلومات ، دون أن يتوجب عليه أن يحدد سلفاً أين توجد هذه المعلومات .وتسمح خدمة غوفر بالبحث في قوائم مصادر المعلومات وتساعد في إرسال المعلومات التي يختارها المستخدم ، وتعد الخدمة من أكثر قوائم الاستعراض شمولية وتكاملاً ، إذ تسمح بالنفاذ إلى النفاذ إلى قوائم المكتبات ، وإلى الملفات، وإلى قواعد البيانات وغيرها .”[37]

 

محركات البحث Search Engines :

 

هي برامج تتيح للمستخدمين البحث عن كلمات محددة ضمن مصادر الإنترنت المختلفة ، وتتألف محركات البحث من عدد من البرمجيات التي تستخدم لإيجاد صفحات جديدة على الويب لإضافتها ، ومن هذه البرامج ، “برنامج العنكبوت Spider Program ألذي لا يقتصر على الوصول للصفحة الولى من الموقع المستهدف بل يتابع البرنامج الروابط Links الموجودة في أي موقع للوصول إلى صفحات أخرى . ومن البرامج الأخرى المستخدمة في محركات البحث برنامج المفهرس Index Program الذي يعد قاعدة بيانات Database ضخمة تصف صفحات الويب”[38] .

ومع التطور والتحديث المستمر للمواقع فإن محركات البحث تقوم بزيارات دورية للمواقع الموجودة في الفهرس للتأكد من التعديلات التي تطرأ على المواقع المفهرسة ، وبدأت الكثير من محركات البحث بتطوير نشاطها وخدماتها ، واتخذ البعض منها منحى التخصص في مجال معين يتجه إليه من يريد البحث المتخصص .

وهناك العشرات من محركات البحث التي تختلف فيما بينها في الأسلوب ، وحجم التغطية التي تقدمها ، كما تتفاوت المحركات في مدى قدرتها على تحديث قواعد بياناتها . وأسهمت محركات البحث على الإنترنت في التعرف على الكثير من المواقع الإلكترونية ، كما ساهمت في زيادة الوعي المعرفي في جميع المجالات ، وقد” أشارت الإحصاءات في هذا الأتجاه إلى أن 85 % من زوار المواقع الإلكترونية يتعرفون على هذه المواقع عبر محركات البحث الأساسية ، وأن 10 % فقط عن طريق الأصدقاء ، و 5 % من وصلات مواقع أخرى.” [39]

ومن أشهر محركات البحث الرئيسية على شبكة الإنترنت MSN  و Yahoo  و    Google و Allta Vista  . وأعلنت شركة مايكروسوفت في أواخر عام 2004 ,و إطلاقها محرك بحث جديد بشكل تجريبي يبحث في خمسة بلايين وثيقة على الانترنيت ويدعم 11 لغة . وتقدم بعض الشركات المهتمة في مجال البحث وفي مقدمتها Yahoo ثم Google  شريط أدوات من خواصه إمكانية إجراء عملية البحث دون الدخول إلى الموقع نفسه ، وخاصية الإكمال التلقائي ، وخاصية منع النوافذ التطفلية وغيرها .

 

التلينيت  Telnet :

 

هي بروتوكول انترنت معياري لخدمات الربط عن بعد ويسمح للمستخدم بربط جهازه على كمبيوتر مضيف جاعلاً جهازه وكأنه جزء من ذلك الكمبيوتر البعيد. وهي طريقة أخرى للنفاذ إلى المعلومات المحملة على المخدمات ، من خلال الدخول الفعلي إلى الحاسوب عن بعد واستخدامه بصورة عادية . ، فعندما يتصل المستخدم بواسطة تلنت يستطيع استخدام حاسوبه عن بعد كما لو أن لوحة المفاتيح مربوطة فعلاً على حاسوبه عن بعد ، وبإمكانه استخدام الخدمات نفسها المتاحة لأي مستثمر محلي ، وهذا يعني أنه يستطيع تشغيل برنامج معين على الحاسوب الذي يقع في النصف الآخر من الكرة الأرضية ، كما لو كان يجلس أمامه تماماً .ويمكن استخدام تلنت لمشاهدة قائمة البطاقات الإلكترونية في مكتبة الكونجرس أو المكتبة البريطانية في لندن ، كما يمكن استخدامها لاستعراض قواعد بيانات حكومية .

والشرط الوحيد لاستخدام تلنت بنجاح هو” أن يعرف المستفيد كيف يستخدم الحاسوب الذي دخل إليه عن بعد ، كما يجب أن يسمح له هذا الحاسوب بالنفاذ إلى ملفاته . وهنالك عدد كبير من المؤسسات التي قامت بتحميل برمجيات خاصة ضمن نظمها لكي يتمكن مستخدمو إنترنت من النفاذ الفوري إلى المعلومات “[40].

 

شبكة  الويب Web

شهد العام 1991 تطورا مهما في مسرة الأنترنت تمثلّ في ظهور الشبكة العنكبوتية الدولية  World Wide Web  “ألذي أبتكره بعد تجارب كثيرة من قبل الفيزيائي البريطاني تيم بيرنرز لي Tim Berners-Lee في  المعمل الاوربي لفيزياء الجزئيات في جنيف ، وفي حدود عام 1945 عندما كتب المستشار العلمي للرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت ،فانفر بوش Vannevar Bush   مذكرات حول نظام أسماه الميمكس  Memex  وهو جهاز قائم على نظام الميروفيلم بإمكانه حفظ كمية ضخمة من الوثائق في مكتب واحد . وفي الستينات قاد دوغلاس انغلبيرت Douglas Engelbart بإبتكار نموذج بإسم Online System والذي أعتمد على تكنلوجيا النص التشعبي Hypertext  بما يسمح بالاستعراض وتحرير النصوص التشعبية والملفات والصور والرسوم والأصوات على الشبكة .”[41] ، وكانت الخدمات السابقة للويب منذ تأسيس شبكة الانترنت “حكرا على الجامعيين والباحثين في المؤسسة العلمية ومطوري أنظمة الكومبيوتر ، وكان هؤلاء يتبادلون عبرها رسائلهم الألكترونية ويحصلون على المعلومات المفهرسة التي تساهم في تغذية بحوثهم ومحاضراتهم التي يقدمونها لطلابهم في الجامعات وغيرها ، بجانب المهام التي يضطلع بها باحثون آخرون في خدمة المؤسسة العسكرية الاميركية ، ولكن بعد نشوء الويب تغير هذا الوضع ولم تعد الإنترنت حكرا على هؤلاء “.[42]

وتعددت تعريفات الويب تبعا لخلفيات المعرّفين ، فذوي الخلفيات التقنية من مطوري الشبكات والمبرمجين يركزون على الوصف التقني للموقع ، مثل طبيعة اللغة البرمجية المستخدمة في كتابة الوثائق والبروتوكولات التي تنظم التواصل ، بينما يركز مستخدموا الويب على المضمون والتطبيقات اللازمة لتصفح المواقع والوصول إلى الوثائق . ومن خلال البحث في تعريفات الويب وجد الباحث أن هناك 26 تعريفا أبرزها وأكثرها شمولا هو ” مجموعة من ملفات الويب المرتبطة فيما بينها والمتضمنة لملف أفتتاحي يسمى الصفحة الرئيسية Home page والتي يمكن الولوج من خلالها إلى بقية الوثائق المتضمنة في الموقع ، ويتم الوصول إلى الموقع عبر كتابة أسم الموقع على المتصفح”[43]. وفي تعريف آخر أكثر تفصيلا يعرف الويب بإنه ” ملف (صفحة) أو مجموعة ملفات يتم تخزينها في حاسوب (خادم Server)يمكن الولوج إليها عبر شبكة الأنترنت . ولكل موقع صفحة رئيسية تصمم غالبا لكي لكي تكون الملف الأول الذي يزوره المتصفح ليأخذ فكرة عامة عن مضامين الموقع . تتضمن الملفات الموجودة بالموقع وصلات نصية أو رسومية يتم النقر عليها باستخدام جهاز مدخلات مثل ألفأرة قصد الأنتقال من ملف إلى آخر داخل الموقع أو خارجه”[44].

 

ويعرف د.حسني محمد نصر الويب على أنه ” نظام من خادمات الكومبيوتر يدعم الوثائق المكتوبة بلغة النص الفائق ويقوم بالربط بين الوثائق بعضها البعض سواء كانت وثائق نصية أو جرافيكية أو صوتية أو ملفات فيديو ، وهو مجموعة من المعلومات المترابطة والمخزنة في أجهزة كومبيوتر عديدة في جميع أنحاء العالم يتم تسليمها عبر الانترنت بشكل صفحة أو صفحات يطلق عليها صفحة الويب Web Page والذي قد يحوي نصا أو يشير إلى ملفات أخرى ، وهذه الملفات قد تحوي صورا أو لقطات فيديو أو مقاطع سمعية”[45].

ويقول الدكتور عباس مصطفى ” لقد نشأت الوب على الانترنت وهي تستفيد من آليات الانترنت وأجهزتها وبنيتها التحتية التي هي مجموعة من الشبكات والملقمات والأجهزة في جميع أنحاء العالم ، والعناصر الأساسية للإنترنت هي الحواسيب والشبكات وهي تسمح للمستخدم بالأتصال بالحواسيب حول العالم ، بينما الوب هي مجموعة أدوات غير مادية تسمح بتبادل المعلومات بين المستخدمين أينما كانوا “.[46]

إن ظهور وتطور المستعرضات نيتتسكيب Netscape ، ومايكروسوفت إكسبلورر بعد سلسلة من المستعرضات التي صممها طلاب الجامعات مثل مستعرض غوفر ومستعرض فيولاـ فيولا ، ومستعرض ميداس وغيرها، بعد المستعرض الذي صممه بيرنرز لي جعل من الانترنت سهل الاستخدام ومكّن مستخدميه من الوصول إلى المعلومات المستخدمة فيها وبإي لغة كانت ، حيث مكنت المستعرضات من عرض صفحات الويب بالصورة وبالوسائط المتعددة ، وأضاف الويب فن جديد هو تصميم وإنشاء الصفحات التي تخدم أغراضا مختلفة ، ومكنت الأفراد والمؤسسات من وضع أنفسهم على الشبكة.

وتتميز صفحات الويب “بالتفاعلية Interactivity  فهي نظام متكامل يميز صفحات الويب يشمل النصوص ، الصور ، الأصوات ، الإطارات ، والاشكال المتحركة Animations  وهي حالة المشاركة والأخذ والعطاء وتستفاد من ميزات الوصلات التشعبية Hyperlink  التي تنقل المستخدم من صفحة إلى صفحة أخرى ومن موقع إلى آخر “.[47] ويقول ملفين ديفلير وساندرا روكيش” يشير التفاعل التبادلي بوجه عام إلى عمليات الاتصال التي تتخذ خصائص الاتصالات بين الاشخاص ، ففي الاتصالات الشخصية يشترك المرسل والمستقبل في أداء دور رجل الإعلام بالتناوب ، ويستقبل كل شريك التغذية المرتدة فورا وبصورة كاملة في شكل رسائل شفهية وغير شفهية “[48]

إعلاميا يمكن تعريف الويب على أنه ” رسائل تواصلية مخزنة في جهاز حاسوب خادم يتم الوصول إليها بالولوج إلى شبكة الأنترنت وعبر إحدى متصفحات شبكة الويب . ويتخذ موقع الويب شكل صفحات أو وثائق مكتوبة بلغة النص التشعبي المترابط HTML تتخذ من الصفحة الرئيسة واجهة لها ويتم التنقل بينها بواسطة وصلات عادية أو تفاعلية، وتقدم الرسائل التواصلية في شكل منفرد (نص أو صورة أو صوت فيديو …) أو وسائط متعددة Multimedia . وغالبا ما تقدم مواقع الويب خدمات تهدف إلى تعزيز التواصل والتفاعل مع المتلقي”[49].

مما تقدم ووفقا للتعريف الإعلامي للويب فإن على من يسعى لممارسة مهنة النشر عبر شبكة الويب أن يتعامل معها كوسيلة أتصال جماهيري فعالة تتكامل فيها الرسالة (شكلا ومضمونا) مع الوسيلة والمتلقي . وعلى الناشر أن يكون على قدر كبير من المعرفة بالأمكانيات التواصلية من حيث التفاعلية والتغذية الراجعة التي يتيحها الويب ، والخدمات الإضافية التي يمكن تقديمها من خلال الموقع كخدمة البحث والأرشفة والوصول إلى مواقع أخرى .

 

  1. التطبــيقات الإعلامية لشـبكة الانترنت :

عند ظهور أية وسيلة إعلامية حديثة تكثر التنبؤات حول مصير الوسائل الأقدم منها ، فعندما ظهرت الإذاعة كوسيلة إعلامية على سبيل المثال ذات خصائص وميزات مبهرة للمستقبلين أعتقد الكثير أن هذا إعلان لأفول الصحافة الورقية ، كما إن ظهور التلفزيون جدد التبوءات بمستقبل الصحافة والإذاعة ، نفس الإحساس والتوقعات حدثت عندما ظهرت شبكة الإنترنت لما تملكه هذه الشبكة من سمات أتصالية ذات طبيعة تفوق الوسائل الإعلامية الأخرى.

ورغم كل تلك التنبؤات فإن جميع الوسائل الإعلامية حافظت على وجودها كون كل وسيلة إعلامية لها سماتها الخاصة التي تكونت نتيجة الحاجة اليها ، وأن ظهور أية وسيلة إعلامية جديدة يدفع بقية الوسائل إلى تطوير قدراتها وأساليب عملها لتبقى في الميدان الإعلامي بكفاءة عالية ، على هذا كان لظهور شبكة الإنترنت الدور الكبير في تطور الوسائل الإعلامية الأخرى من حيث المضمون الإعلامي والشكل الفني حيث ساعدت الشبكة في تدعيم الأثر الأتصالي لكثير من الوسائل الإعلامية التقليدية وذلك من خلال الخدمات المباشرة ، وكذلك من خلال الأختصار والدقة التي تقدم بها المواد الإعلامية ، وأسهمت منتديات الإنترنت في تلمس حاجات جماهير وسائل الإعلام وساعد البريد الإلكتروني في أختصار المسافة الأتصالية بين القائمين بالأتصال في الوسائل الإعلامية ، وجمهور هذه الوسائل وهو ما يطلق عليه الأتصال التفاعلي بعدما كانت العملية الإعلامية تسير باتجاه أحادي  من الوسيلة الإعلامية إلى جمهورها .

واستفادت جميع الوسائل التقليدية للإعلام من  ألإنترنت لزيادة إنتشارها ووصولها إلى كل مكان في العالم دون تكلفة تذكر، بعدما كان الكثير منها يوزع في نطاق محدود . كما “ساعد الإنترنت من خلال سهولة الأتصال بالشبكة وسرعته من قبل الجميع أينما وجدوا ، هذا بالإضافة الى تميّز المواد المقدمة من قبل الشبكة بتعدد أساليبها من خلال الوسائط المتعددة .”[50]

لأجل هذا تغيرّت صور الوسائل الاعلامية كثيرا بعد ظهور وانتشار شبكة الانترنت عالميا ، حيث باتت هذه الشبكة كوسيط أتصالي جديد بالاضافة الى التطبيقات التقليدية كالاذاعة والتلفزيون والصحف التقليدية . ويعلل الدكتور عباس مصطفى صادق هذا التغيير بالقول ” لقد تجمعت في الانترنت خبرات الوسائل المادية للاتصالات السلكية واللاسلكية ، وهي تجمع بين خصائص الاتصال الجماهيري والتخصيص وحق الفرد في تلبية حاجاته إعلاميا بمعزل عن الجماعة . وبجانب كون الشبكة نفسها وسيلة أتصالية ، تصنف بعض الخدمات من خلال شبكات ومواقع داخلها على انها محطات إذاعية أو شبكات تلفزيونية أو صحف أو وكالات أنباء أو خليط من هذا وذاك “[51].

أما الدكتور الصادق رابح فيقول ” شهد العالم منذ ربع قرن الكثير من روائع التكنولوجيات الحديثة؛ فكانت أشرطة الفديو والكابل سنوات السبعينات ، ثم القنوات الإذاعية المحلية( FM) ، والتليماتيك ( الاستعمال المقترن لتكنلوجيا المعلوماتية ووسائل الاتصال في إنتاج وبث وتوزيع ومراقبة المعلومات ) ، والمعلوماتية ، والتلفزيون عالي الأداء(نقاء الصورة)، ثم التلفزيون التفاعلي ، وأخيرا الانترنت والطرق السيارة للمعلومات”. ويضيف ” نتيجة ظهور الانترنت فإن الشبكات الجديدة للاتصال تغير بعمق في طرائق البحث عن الاخبار وإنتاجها وتوزيعها ، والواقع أن الثورة الرقمية قد أعادت تشكيل الواقع ورؤيتنا له ، لكن المفارقة أن العالم ، وهو يعيش هذه المرحلة الحاسمة في تاريخه ، يبدو عاجزا عن توقع نتائج وآثار الهزات التي تعرفها كل الفضاءات الجماعية “.[52]

ومع تدفق التقنيات الإعلامية الجديدة فإن المفاهيم الإعلامية ونظم الاتصال الجماهيري أخذت أشكالا جديدة وأجبرت الوسائل التقليدية على التكيف مع المتغيرات التي فرضتها شبكة الانترنت والتي اصبحت من خلالها معايير عالمية جديدة للاتصال الجماهيري . وهنا يقول بودي ” بينما يستمر التلفزيون بدوره كنافذة على العالم فإن ألاعلام الرقمي استطاع أن يوصل المستخدم بالعالم طالما هو متصل بالانترنت “.[53]

ويرى الدكتورالسيد بخيت ان ” الانترنت أضاف وظائف أخرى للأتصال الجماهيري من حيث تقديم الخدمة المباشرة للجمهور المستقبل ، كما قللت من أهمية وظيفة المراقبة التي تقوم بها وسائل الاعلام ، فعندما تقع أحداث إخبارية ما فإن المهتمين بها يبثون رسائل عبر الانترنت مباشرة للآخرين لكي يقرءوها ، وتمثل هذه الوظيفة تحولا مهما عن وسائل الاعلام التقليدية “[54].  ويضيف ايضا ” افرزت الثورة الاتصالية ، ظاهرة التفاعلية في العملية الاتصالية ، أي بين المستقبل والمرسل ، حيث لم يعد الاتصال عملية أحادية الاتجاه بل عملية تفاعلية ، ولم يعد المستقبل متلقيا سلبيا بل يلعب دورا إيجابيا ومؤثرا في الفعل الأتصالي ، كما أصبح بمقدوره التحكم في العملية الاتصالية ، ومن خلال عمليات الانتقاء والاختيار ، مما يعطيه سيطرة أكبر على عملية الأتصال ، وهو ما يمكن أن يساعده على التكيف مع أنفجار المعلومات والسيطرة عليه ، كما وكيفا ، كما أثرت هذه التكنولوجيا الحديثة في زيادة مساحة المشاركة والتبادل ، والقابلية للتحرك ، والتوصيل ، والشيوع ، والانتشار ، والقابلية للتحويل “[55].

 

ويقول الدكتور محمد الأمين موسى أحمد أن ” الأنترنت أحدث ثورة في التواصل الجماهيري من حيث الإنتشار والصفة الدورية وأحتكار النشر والمضامين والشكل والوسائط التعبيرية ، فبالإضافة إلى كون التواصل عبر شبكة الويب يتم من خلال وسيلة جماهيرية جديدة ألا وهي الموقع Site ، جذبت هذه الشبكة العديد من وسائل الإعلام التقليدية Conventional Media إليها وأجبرتها على التكيف مع طبيعة تكنولوجيا المعلومات وقلصت الفروق بين أشكالها المختلفة ( كتاب ـ صحيفة ـ مجلة ـ وكالة أنباء ـ سينما ـ إذاعة ـ تلفزة) ، وشجعت هذه الأشكال على التواجد عبر الشبكة فقط دون المرور من تجربة التواجد التقليدي (الورق ـ الشاشة ـ المذياع ـ التلفاز).[56]

وقبل أنطلاقة الانترنت كان “الفيديوتكس أحد التطبيقات الشائعة لوسائل الاعلام التفاعلية ، وسمح هذا التطبيق لمستخدميه بارسال بيانات وأستقبال بيانات من أجهزة الكومبيوتر أو مستخدمين آخرين للفيديو تكس بواسطة نهاية طرفية قادرة على عرض النصوص والصورة”[57].

ومع تطور أنتشار شبكة الانترنت ظهرت تطبيقات جديدة لا هي صحف ولا وكالات أنباء توفرها جهات مختلفة مثل المستعرضات وآلات البحث التي تقدم خدمات إخبارية بالنص والصورة والصوت ،كمستعرضي نتسكيب Netscape ومايكروسوفت إكسبلورر  Microsoft Explorer اللذان يقدمان خدمة إعلامية تغطي أهتمامات مختلفة . كما أن هناك مواقع إعلامية تجمع كل أشكال الاعلام بنفس القوة مثل فوكس نيوز Fox news الذي يعتبر هجين من كل التطبيقات الاتصالية فلا هو صحيفة ولا هو وكالة أنباء ولا هو قناة تلفزيونية بل هو موقع إخباري أستفاد من خصائص ومزايا النشر في الانترنت .

وتأثرت وسائل الاعلام بالانترنت حيث قد جذب النشر عبر الشبكة نسبة كبيرة من جماهير هذه الوسائل ، ففي استطلاع أجرته شركة الابحاث البريطانية المعروفة باسم الاستراتيجيات التحليلية Strategies Analyses تبين أن القنوات التلفزيونية تخسر ملايين المشاهدين لصالح الانترنت ، ويقول دافيد مارسر مدير الشركة أن ” التلفزيون هو الوسيط الاعلامي الذي يعاني بشكل أكبر جراء تزايد عدد مستخدمي الانترنت السريع ، فعدد كبير من المشاهدين يختارون قضاء اوقات فراغهم في تصفح شبكة الانترنت ويفضلون البحث عن مضامين ترفيهية لم يجدوها في السابق في التلفاز”[58].

 

نماذج التطبيقات الاعلامية لشبكة الانترنت :

 

تتطور تكنلوجيات شبكة الانترنت وتطبيقاتها بسرعة كبيرة فلا يكاد يمضي يوم إلا ويضاف إلى عالم الشبكة العنكبوتية تطويرات لتطبيقات اعلامية موجودة في الشبكة أو تضاف لها ، ومن نماذج التطبيقات الموجودة في شبكة الانترنت :

 

  1. وكالات الأنباء ، حيث لا تتخلف أية وكالة أنباء عالمية كانت أم محلية عن حجز مواقع لها على شبكة الانترنت ، فأسماء الوكالات الكبيرة كرويترز والاسيوشيتدبرس ووكالة الانباء الفرنسية وشينغوا ويونايتد برس توفر جبنا إلى جنب مع وكالات إقليمية وقومية ومحلية خدمات إخبارية بمختلف انواعها شاملة على النصوص والصور، بعضها مجانا وبعضها بالمقابل . وتقدم بعض الوكالات خدماتها الإخبارية السياسية والإقتصادية والرياضية ، بلغات عالمية مختلفة كوكالة الصحافة الفرنسية ورويترز وشينغوا ، كما تمتاز خدمات هذه الوكالات بتقديم منتجات شبكية من خدمات الصور والرسوم بالاضافة إلى خدمة تلفزيونية تقدم نماذج للقطات تلفزيونية .

 

  1. إذاعة الأنترنت ، وهي عبارة عن تطبيقات برامج صوتية كومبيوترية يتم أستخدامها للبث عبر الشبكة أعتمادا على تكنولوجيا تدفق المعلومات Streamig لتشغيل المواد الصوتية Audio أو الفيديو Video ، فلم تعد الإذاعة عملية مركبة تحتاج إلى شغل قناة محددة في أوقات محددة ؛ ويقول محمد عارف ” إن راديو الأنترنت متعدد الوظائف وهو راديو تفاعلي يمكن أن ينقل التحكم في الوسيلة الإعلامية من الدولة ومؤسسات الإذاعة والتلفزيون إلى جمهور المستمعين والمشاهدين وموردي المعلومات وسيتحول الجمهور من الاستهلاك السلبي للراديو والتلفزيون إلى أستخدام قوة التسجيلات الصوتية والمرئية وذكاء الكومبيوتر والمعلومات الضخمة المعروضة في شبكة الأنترنت. وتتيح الشبكة الرقمية لكل فرد أن يبث برامج إذاعية أو تلفزيونية .”[59]

 

  1. البث التلفزيوني عبر الأنترنت ، ويستخدم البث التلفزيوني عبر الانترنت تكنولوجيا التدفق المتزامن للإشارات الصوتية والمرئية لتظهر على شكل بث حي يمكن مشاهدته بأستخدام عدة برامج تبعا لحزمة الملفات المستخدمة في عملية البث ، ويتم تغذية محطة ألتقاط البث الخاصة بالإشارات الصوتية والمرئية التي تكوّن مجتمعة الملف المراد بثه . ويقلص حجم الملفات بعد الالتقاط وتحول إلى هيئة العرض ، وترسل هذه الملفات عبر أتصال شبكة رقمية إلى أحد ملقمات الانترنت المحلية والمزودة بتسهيلات تدفق البث الفوري “[60]. ويقول بهاء عيسى “مع كل التقدم الحاصل في شبكة الانترنت إلا أن البث التلفزيوني في الشبكة لم يصل الى النضج التكنولوجي الذي يضعه في خانة الاعتمادية ، حيث أن تنزيل الصورة يأخذ زمنا طويلا وهي نفسها مازالت ضعيفة في مستواها الفني الذي ينبغي أن تكون عليه “[61]. وتشبه مواقع بعض الشبكات التلفزيونية المواقع الإعلامية والمعلوماتية الكاملة حيث يتم من خلالها تقديم المواد الإخبارية والمعلومات التي يوفرها التلفزيون ، مثال ذلك شبكة سي إن إن CABLE NEWS NETWORK . كما أستفاد البث التلفزيوني عبر الانترنت من كافة المواد الفلمية التي لايمكن عرضها على شبكات التلفزيون الرسمية او المملوكة لجهة معينة سواء تلك التي ترتبط بعمليات عسكرية كما حدث في العراق ودول اخرى في العالم أو الجرائم التي يصورها هواة عرضيا أو حتى التي تصور من خلال كاميرا اجهزة الهاتف المحمول .
  2. خدمة الإخبار بالهاتف المحمول ، وبالنظر لأشتراك الهاتف المحمول بالكومبيوتر وكذلك الانترنت لذلك فقد تم الاستفادة من المشترك بين الهاتف المحمول والأنترنت فتم توفير ميزة تلقي البريد الالكتروني .ويتم عبر خدمة الرسائل الهاتفية SHORT MESSAGE SERVICE تقديم للمشتركين طيفا واسعا من الخدمات الاخبارية تشمل خدمات وكالات الانباء وبعض الصحف اليومية والمواقع الإخبارية في شكل نصوص أو وسائط متعددة  تستقبل بواسطة الهاتف المحمول . هذا بالاضافة إلى إرسال وأستقبال وعرض الصور الملونة والرسوم المتحركة والمقاطع الصوتية والبصرية ، كل ذلك عبر شبكة الهاتف المحمول من هاتف إلى آخر أو من هاتف إلى بريد ألكتروني على شبكة الانترنت .
  3. خدمة الواب ، وهو نظام كومبيوتري يحول صفحات الانترنت المصممة للكومبيوتر ليجعلها صغيرة بشكل يناسب شاشات الهواتف المحمولة أو الاجهزة الالكترونية المحمولة الأخرى ، ويقول د. رميح بم محمد الرميح ” تم تطوير بروتوكول الواب في العام 1997 عندا أجتمعت بعض الشركات المصنعة للهاتف المحمول وعلى رأسها نوكيا وموتورولا وأريكسون بلإضافة إلى شركة فون دوت كوم التي كانت تسمى في ذلك الحين UNWIRED PLANET بغرض ربط أهم شبكتين في العالم ؛شبكة الهاتف المحمول وشبكة الأنترنت فيستفيد المستخدم من خاصية المحمول ومما تقدمه الانترنت من خدمات ومعلومات “[62] . أما التطبيقات التي يمكن توفيرها عبر الواب فتتضمن الرسائل الصوتية والألكترونية ،الحوار ، التصفح ، أو الحصول على المعلومات الضرورية للمستخدم كأسعار العملات والأسهم وحركة الطيران والتجارة المتنقلة ، الدخول على الشبكات المحلية وغيرها.
  4. النشر الألكتروني ، مع أنتشار الأنترنت وخروجها من إطار الأستخدامات الحكومية والجامعية المحدودة برزت ظاهرة ما يسمى بالنشر الألكتروني Electronic Publishing (للصحف والمجلات والمدونات ومواقع المعلومات..وغيرها) . وبدءا من تسعينات القرن العشرين بدأت الصحف في الخروج إلى الأنترنت بدوافع عديدة لعل من أهمها محاولة الأستفادة من التكنلوجيا الجديدة لتعويض الانخفاض المتزايد في عدد قرائها وفي عائدات الإعلان”[63]. ويقول الدكتورحسني محمد نصر ” قبل عام 1995 وتحديدا في عام 1993 كان هناك عشرون صحيفة وعدد قليل من المجلات والنشرات الالكترونية ، وكان عدد الصحف التي استطاعت أن تقيم لها مواقع ألكترونية على الشبكة لا يتعدى ست صحف كبرى وعدد من الصحف الصغيرة. وبمرور الوقت وبحلول منتصف التسعينات أصبحت غالبية الصحف لها مواقع على الشبكة بعضها يضم النسخة الكاملة من الصحيفة المطبوعة ومنتجات معلوماتية أخرى ، وفي بداية 1996 كان على الشبكة 154 صحيفة ألكترونية ، وفي أكتوبر من نفس السنة بلغ عدد الصحف على الشبكة 1562 صحيفة . وقد أرتفع هذا الرقم في منتصف عام 1997 إلى نحو 3622 صحيفة أرتفع مرة أخرى في نهاية ذلك العام إلى 4000 صحيفة”[64]. ويوفر النشر الإلكتروني سهولة كبيرة في تحديث المعطيات .

وساعد التوسع في استخدام النشر الإلكتروني في تحديد التوجه نحو عدد أقل من النظم وتعزيز التوجه نحو الربط بين هذه النظم لتصبح قادرة على التخاطب وتبادل المعطيات فيما بينها .

ويوفر استخدام النشر الإلكتروني ميزة فريدة لا يمكن الحصول عليها بالوسائط التقليدية الورقية ، “حيث يمكن استخدام نظم النص الممنهل HYPERTEXT التي تتضمن الوصلات البرمجية التي تستخدم للانتقال من كلمة محددة في النص إلى ملف صوتي يشرح هذه الكلمة أو إلى صورة تتعلق بهذه الكلمة أو إلى شرح تفصيلي بنص مطول يوضح مدلولاتها . والعنوان أو الكلمة التي تستخدم لهذا التطبيق تظهر عادة بلون أخضر أو أي لون آخر مختلف عن لون النص الأصلي ، ويكفي الضغط عليها بالفأرة للانتقال إليها ضمن دليل الاستخدام مما يتجاوز كثيراً مما يمكن أن تقدمه الوثائق المطبوعة أو من سرعة النفاذ إلى المعلومة المطلوبة . “[65].

ويرى محمد محمد أنه بات “من المألوف لجوء عدد كبير من المؤسسات العاملة في مجال النشر الإلكتروني إلى استخدام الأقراص الضوئية المدمجة CD-ROM ، فلقد أصبح بالإمكان استخدام تقانة الأقراص المدمجة لتخزين كميات هائلة من المعلومات وعندما يحتاج المستفيد إلى استرجاع هذه المعلومات ، يستطيع أن يبحث ويقرأ ويقتبس أي جزء من المعلومات في وقت قصير جداً بواسطة برامج حاسوبية مصممة بالطريقة الملائمة . و يستطيع القرص المدمج العادي أن يختزن 600 ميجا بايت أي ما يعادل 200.000 صفحة مطبوعة “.[66]

لقد امكن للصحف الألكترونية من خلال النشر الألكتروني تحديث صفحاتها في فترات متقاربة نظرا للسرعة التي تتمتع بها الشبكة ، وفيما كانت تنتظر الصحف الورقية يوما كاملا لصدور طبعة جديدة لتحديث أخبارها فإن الصحف الألكترونية تقوم بتحديث صفحاتها بشكل مستمر كما” تفعل بعض كبريات الصحف الأميركية New York Times ألتي تقوم بتحديث موقعها كل 20 دقيقة وتصل في بعض الأحيان إلى خمس دقائق “[67].

وباتجاه الإفادة من النشر الألكتروني أقبل العديد من المؤلفين ودور النشر على نشر إصداراتهم عبر الشبكة من خلال تقنية الكتاب الألكتروني  E-Books الذي يشهد زيادة مضطردة في أعداد الراغبين بإقتناء الكتب من خلاله نتيجة الصعوبات التي تواجه الكتاب التقليدي والقائمين على دور النشر التقليدية وبخاصة الصغيرة منها .

 

السمات الشكلية للاتصال عبر شبكة الإنترنت :

 

من خلال الاشكال الاتصالية التي تتم عبر شبكة الانترنت كوسيلة إعلامية متعدد الوجوه والتي تتضمن مجموعة مختلفة من الاشكال الاتصالية ، هي ؛ من طرف واحد الى طرف آخر، ومن طرف إلى عدة أطراف ، ومن عدة أطراف إلى أطراف  اخرى، فإن مفاهيم إتصالية جديدة ظهرت وأرتبطت بشكل كبير بدراسة الانترنت ، وتبعا لسماتها الرئيسة استطاعت شبكة الإنترنت ان تجمع الخصائص التي تتميز بها الوسائل الأتصالية العلامية التقليدية ، فقد تم دمج العناصر الطباعية المميزة لوسائل الإعلام المطبوعة والحروف ، والصور ، مع العناصر المميزة للوسائل المرشية ،الصور المتحركة والألوان . ومن هذه المفاهيم :

 

  • التفاعلية Interactivity :

وهي تعني رجع الصدى ، وقد عرف Durlak التفاعلية بإنها “العملية التي يتوافر فيها التحكم في وسيلة الأتصال من خلال قدرة المتلقي على إدارة عملية الأتصال عن بعد . كما عرفها Refaeli  التفاعلية بإنها أحد القنوات التي يمكنها نقل رد فعل الجمهور إلى المرسل ووصفها بالأستجابة .”[68] ، وقد ساعدت التفاعلية على تخصيص المواقع اللكترونية صفحات للاهتمامات الخاصة للمستخدمين بحيث يمكن لصحاب الهتمامات المشتركة من خلال الصفحات تبادل الخبرات والانشطة ، كما يمكن من خلال التفاعلية الإفادة من آراء الجمهور في إعداد المواد الصحفية للصحف المطبوعة أو البرامج التلفزيونية أو الإذاعة التقليدية إلى جانب تلك التي تتوفر عند الإنترنت .

 

  • سهولة الأستخدام Accessiblity :

 

تعد خاصية سهولة الأستخدام أحد أهم عوامل تفضيل مستخدمي الإنترنت وزيادة إقبال الجماهير لهذه الشبكة، حيث لا تتطلب الإفادة من الشبكة بذل جهد جسدي وعقلي كبير لفهم أو أستيعاب ما تتوافر من مواد خاصة مع أستخدام بعض البرمجيات التي تسهم في تسهيل الموضوعات المعقدة مثل الوسائط المتعددة وغيرها.

وتشمل سهولة الأستخدام جوانب كثيرة من أهمها سهولة الحصول على المعلومات ، إلى جانب تفعيل الشبكة لعملية الاتصال الشخصي بين الجماهير الأمر الذي هيأ الأتصال بين عدد كبير من الأشخاص ، وتبادل الرسائل فيما بينهم في وقت كان من الصعب حدوث ذلك قبل ظهور هذه التقنية . ولتدعيم هذه السمة فقد عملت بعض شركات البرمجيات على إنتاج برامج تمكن من استخدام شبكة الانترنت بسهولة ، حتى لذوي الأحتياجات الخاصة* بحيث بات من السهل أمام الفئات المختلفة الدخول على البريد الألكتروني والمواقع المختلفة على الشبكة ، والأستفادة من معطياتها الحديثة ومتابعة الأخبار والتطورات الأخيرة .

ومن سهولة الأستخدام للشبكة تعرض مستخدميها للمواقع المتاحة والحصول على أعداد كبيرة من مصادر المعلومات مع امكانية ربط القصص الإخبارية بسياقاتها المختلفة وبالأرشيف الخاص بهذه المواقع ، وكذلك من خلال” الأستفادة من تقنية النص التشعبي Hypertext التي تتيح الوصول الى مواقع أخرى عبر الشبكة . ولا تقتصر تقنية النص التشعبي على النصوص والكلمات فقط بل على الصور والرسوم التوضيحية Hyper Links “[69]. هذا بالإضافة إلى التفاعلية الميسرة بسهولة للمستخدمين والكم الجمعي الذي يتوافق مع سهولة الأستخدام حيث يمكن للمرسل ارسال رسالته إلى ملايين المستقبلين في وقت واحد دون عناء .

 

  • الوسائط المتعددة Multimedia :

تستهدف الوسائط المتعددة المساعدة المساعدة في إيضاح المعاني ، وتقوم على دمج النصوص والرسوم والصور الثابتة والمتحركة بالأصوات والتأثيرات المختلفة ، لتوصيل الأفكار والمعاني . ويرى Gibbs “أنه يمكن للوسائط المتعددة وبفضل ما تتوافر عليه من سمات ، تحسين الأتصال ، وإثراء المواد المقدمة عبرها”[70] . وأسهمت الوسائط المتعددة بتوفير بيئة متميزة تساعد مستخدمي الإنترنت على أكتساب المهارات والخبرات والمعرفة ، كما ساعدت الجمهور للتفاعل مع النثصوص الجامدة من خلال تضمين النصوص لقطات مسموعة ومرئية ، وصورا ورسوما كاركاتورية .

“ويعد موقع ال CNN على الإنترنت أول المواقع الإخبارية ألتي أستفادت من الوسائط المتعددة ح حيث تم وضع إعلانات بواسطة الوسائط المتعددة على الموقع بقدرات كبيرة مستتفيدة من تقنيات الصوت ، والصورة التلفزيونية .” [71]، و”في أبريل 2003 خطت BBC العربية خطوة مهمة في مجال نقل المعلومات الى المتلقين العرب وذلك عبر استخدام الوسائط المتعددة التي تجمع الصوت والصورة مما حفز الجمهور على المشاركة الفعالة والفورية “[72]. وبالطبع فإن الوسائط المتعددة الآن هي سمة غالبية المواقع الإخبارية التي أستفادت من مزاياها لنقل الصورة والصوت والكلمة في آن واحد.

 

  • سرعة الحصول على المعلومات :

توصف شبكة الأنترنت بالطريق الإلكتروني السريع للمعلومات نتيجة التقنيات المتوفرة فيها والتي مكنت العالم أجمع من الوصول إلى المعلومات المتاحة على الشبكة في الوقت نفسه . وفي كل يوم تظهر من البرامج والنظم الأتصالية ما يزيد من سرعة تناول المعلومات عبر الشبكة مثل تقنية حزمة الإنترنت فائقة السرعة Broadband Internet . وفي المجال الإعلامي سعت الكثير من المواقع الإخبارية لتفعيل خاصية سهولة الحصول على المعلومات التي توفرها الإنترنت ، حيث طورت العديد من الصحف الألكترونية نظامها التحريري ليوافق السرعة المذهلة التي تتمتع بها الشبكة” فاعتمدت بعض تلك الصحف والمواقع الإلكترونية على تقنيات عالية السرعة لمواكبة الأحداث وبما يمكنها من التحديث المستمر للمعلومات والأخبار كتقنية جافا المتطورة للنشر الإلكتروني Rapid Publish التي تقوم بربط غرف التحرير الصحفية بالشبكة مما يسمح بعرض الأخبار فور حدوثها مع تحديث هذه الأخبار بشكل مستمر .”[73]

ألفضائيات الاخبارية وصحف الانترنت

 

  1. نشوء وتطور صحافة الانترنت:

ظهرت صحافة الانترنت وتطورت كنتاج لشبكة الانترنت العالمية التي جاءت أيضا نتيجة المزج بين ثورة تكنولوجيا الاتصالات وثورة تكنولوجيا الحاسبات بما يعرف بالتقنية الرقمية. وكانت البدايات الفعلية نتيجة لما أحدثته ثورتا الأتصال والمعلومات وما نجم عنها من تقنيات وتطورات ألقت بظلالها على الصحافة المطبوعة كجزء من منظومة وسائل الإعلام التقليدية (الراديو ، التلفزيون ، والصحف ) وبدأت تتكون حول نظم الحاسبات المرتبطة ببعضها البعض من خلال شبكة الكومبيوتر سواء المحلية أو الدولية وما تضمنته هذه الشبكات من بث إعلامي يعتمد وسائل تعبير متعددة كالصوت والنص والصورة واللون وغيرها . فلم لم تكد تمضي سنوات على ظهور الإنترنت حتى امتلأت الشبكة الدولية للمعلومات بالعشرات من المواقع التي تعتبر نسخاً إليكترونية لصحف ورقية أو مواقع كبيرة تنشر المواد الإعلامية التي تقدمها الصحيفة الورقية .

وتطورت الصحافة الالكترونية عبر تجارب التليكست والفيديوتكس في هيئة الإذاعة البريطانية والتجارب التفاعلية الأخرى في مجالات نقل النصوص شبكيا ،ومن تطور قواعد البيانات وأستخدام الكومبيوتر في عمليات ماقبل الطباعة في بداية السبعينات من القرن الماضي ، ويقول شيدين “إن عام 1981 يمثل أول بداية حقيقية لظهور الصحافة الالكترونية الشبكية عندما قدمت كومبيوسيرف خدمتها الهاتفية مع 11 صحيفة مشتركة في الاسوسيتدبرس ، إلا أن هذه الخدمة توقفت عام 1982 بعد أنفضاض ألشراكة”[74]، تبع ذلك ظهور الخدمات الصحافية في قوائم الأخبار الإلكترونية Bulletin Board System – BBS   في سنوات 1985- 1988 .

صحافة الانترنت إذن هي نتاج لأمتزاج الإعلام بالتقنية الرقمية ، وهي برغم عمرها القصير إلا انها حققت في نحو عقد من الزمان ما حققته الصحافة المطبوعة في عشرات السنين . وتمكنت صحافة الانترنت من تقديم مكاسب عديدة للمهنة الإعلامية ولجمهور القراء وكذلك لمستويات أخرى من المستفيدين مثل المعلنين والطبقة السياسية ومروجي الافكار والدعاة وسواهم ، لكن هذه المكاسب ارتبطت ومازالت بتطور التقنية وانتشارها وفي طبيعة الجمهور الذي يستخدمها . وبرغم أن المؤشرات حول ذلك لاتزال غير مشجعة ،إلا أن كثيرا من الباحثين جنحوا مبكرا الى الحديث عن هزيمة الصحافة التقليدية ونهاية عصرها ، بل أن فيليب ميلر تنبأ بأن عام 2040 سيشهد هجرة آخر قراء الصحف الورقية المطبوعة إلى الصحافة الالكترونية .[75]

ومع عدم الجزم بمثل هذه التوقعات إلا انها تعبر عن الهاجس الفكري الذي ساد خلال السنوات الاخيرة مأخوذا بالانجاز التقني المعروف بالانرنت وما عبر عنه من تقدم علمي كان جزءا من ثورة تكنلوجية معلوماتية إنسانية جديدة غيرت من مفاهيم وقيم الثورة الصناعية ، كما انها تنطلق مما الهمته هذه الثورة من محفزات لتطوير الاداء المهني والافلات من قيود الصحافة المطبوعة ونمطيتها وعيوبها . ولكن ذلك سرعان ما اصطدم ايضا بعيوب الواقع الصحفي الجديد وهي عيوب لا تقتصر على حدود التقنية المتقدمة التي استحالت بشكل أو بآخر الى تقنية طبقية عالميا ومحليا ، بل ايضا بالمحتوى الصحفي الذي تنوعت اشكاله ومضامينه بشكل كبير .[76]

لقد كانت بداية ظهور الصحافة الالكترونية كما يرجعها سيمون باينز S.Bains “كثمرة تعاون بين مؤسستي بي بي سي BBC الاخبارية وإندبندنت برودكاستينغ أوثوريتي IBA عام 1976 ضمن خدمة تلتكست ، فالنظام الخاص بالمؤسسة الاولى ظهر تحت اسم سيفاكس Ceefax بينما عرف نظام المؤسسة الثانية بأسم أوراكل Oracle  . وفي عام 1979 ظهرت في بريطانيا خدمة ثانية أكثر تفاعلية عرفت باسم خدمة الفيديو تكست مع نظام بريستل Prestel قدمتها مؤسسة بريتش تلفون أوثوريتي BTA “.[77]

وعلى الرغم من ان محاولات هذه المؤسسات لم تلق النجاح المطلوب الا ان الأمر تغير كليا مع بداية التسعينات الذي حمل معه تطورات هائلة على جميع المستويات ، واذا كان نجاح خدمة Tele Text مرده الاعتماد على جهاز التلفزيون ، فإن نجاح الصحيفة الالكترونية مرتبط مباشرة بتوفر أجهزة الكمبيوتر وتطور البرامج التي تسهّل الوصول الى الانترنت والتعامل معها . وفي مرحلة التسعينات اصبح للانترنت دورا بارزا في نشر المواد الاعلامية بمختلف صورها واشكالها وبلغات عديدة ، واستفاد من ذلك العديد من وسائل الاعلام وعلى رأسها الصحف التي تزايد أعداد مواقعها على الانترنت بشكل كبير خلال عقد التسعينات .

“في عام 1992 أنشأت شيكاغو أونلاين أول صحيفة ألكترونية على شبكة أميركا أونلاين وبحسب كاواموتو فإن موقع الصحافة الالكترونية الاول على الانترنت أنطلق عام 1993 في كلية الصحافة والأتصال الجماهيري في جامعة فلوريدا وهو موقع بالو ألتو أونلاين Palo Alto وألحق به موقع آخر في 19 يناير 1994 هو ألتو بالو ويكلي لتصبح الصحيفة الأولى التي تنشر بإنتظام على الشبكة” .[78]  وتعد هذه الصحيفة أول النماذج التي  دخلت صناعة الصحافة الالكترونية بطريقة كبيرة ومتزايدة بخاصة مع توفير خدمة الانترنت مجانا في الولايات المتحدة وبلاد العالم المتقدم بحيث أصبحت الصحافة جزءا من تطور وتوزيع شبكة الانترنت . “وبدأت غالبية الصحف الاميركية تتجه إلى النشر عبر الانترنت خلال عامي 1994-1995 وزاد عدد الصحف اليومية الاميركية التي أنشأت مواقع ألكترونية من 60 صحيفة نهاية عام 1994 إلى 115 صحيفة عام 1995 ثم إلى 368 في منتصف عام 1996” .[79]

وتعد صحيفة “الواشنطن بوست”أول صحيفة أميركية تنفذ مشروعا كلف تنفيذه عشرات الملايين من الدولارات يتضمن نشرة تعدها الصحيفة يعاد صياغتها في كل مرة تتغير فيها الأحداث مع مراجع وثائقية وإعلانات مبوبة ، وأطلق على هذا المشروع أسم “(الحبر الورقي) والذي كان فاتحة لظهور جيل جديد من الصحف هي (( الصحف الالكترونية )) التي تخلت للمرة الاولى في تاريخها عن الورق والاحبار والنظام التقليدي للتحرير والقراءة لتستخدم جهاز الحاسوب وامكانياته الواسعة في التوزيع عبر القارات والدول بلا حواجز أو قيود  ولم يكن هذا المشروع الرائد سوى استجابة للتطورات المتسارعة في ربط تقنية الحاسوب مع تقنيات المعلومات ، وظهور نظم وسائط الاعلام المتعدد ( Multi media ) ، وماتحقق من تنام لشبكة الانترنيت عمودياً وأفقياً واتساع حجم المستخدمين والمشتركين فيها داخل الولايات المتحدة ودول اخرى عديدة خصوصاً في الغرب ، والبدء قبل ذلك بتأسيس مواقع خاصــة للمعلومات ، ومنها معلومات أخبارية متخصصة مثل الرياضة والعلوم وغير ذلك. “.[80]

وفي شهر نيسان عام 1997 “تمكنت صحيفتا اللوموند والليبراسيون من الصدور بدون أن تتم عملية الطباعة الورقية بسبب إضراب عمال مطابع الصحف الباريسية ، الصحيفتان صدرتا على مواقعها في الانترنت لأول مرة وتصرفت إدارتا التحرير بشكل طبيعي وكما هو الحال اليومي للاصدار الورقي ، كما أشارت المحطات الإذاعية لما نشرته الصحيفتان كما تفعل كل يوم ، كما مارس الصحفيون عملهم بشكل طبيعي إلا انهم شعروا بضرورة تقديم شيء جديد وإضافي وذلك لإحساسهم بأختلاف العلاقة مع القارىء هذه المرة “.[81]

وحول موضوع تزايد عدد الصحف الالكترونية وانتشارها في العالم  يقول الدكتور عبد الستار فيكي ” لقد تزايد الاتجاه في الصحف على مستوى العالم الى التحول الى النشر الالكتروني بسرعة كبيرة ،ففي عام 1991 لم يكن هناك سوى 10 صحف فقط على الأنترنت ثم تزايد هذا العدد حتى بلغ 1600 صحيفة عام 1996 وقد بلغ عدد الصحف عام 2000 على الانترنت 4000 صحيفة على مستوى العالم ، كما ان حوالي 99% من الصحف الكبيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة الاميركية قد وضعت صفحاتها على الانترنت”.[82]

أما بناء المحتوى الإخباري لصحافة الانترنت فقد تطور حسب Pavlik عبر ثلاثة مراحل ؛ ففي المرحلة الأولى كانت صحيفة الأنترنت تعيد نشر معظم أو كل أو جزء من محتوى الصحيفة الأم وهذا النوع من الصحافة مازال سائدا . المرحلة الثانية يقوم الصحافيون بإعادة إنتاج بعض النصوص للتواءم مع مميزات ماينشر في الشبكة وذلك بتغذية النص بالروابط والإشارات المرجعية وما إلى ذلك ، وهذا يمثل درجة متقدمة عن النوع الاول . أما المرحلة الثالثة فيقوم الصحافيون بإنتاج محتوى خاص بصحيفة الانترنت يستوعبوا فيه تنظيمات النشر الشبكي ويطبقوا فيه الاشكال الجديدة للتعبير عن الخبر .[83]

 

أنواع الصحف الالكترونية :

 

هناك نوعان من الصحف على شبكة الأنترنت :

 

1ـ الصحف الألكترونية الكاملة On-Line Newspaper وهي صحف قائمة بذاتها وإن كانت تحمل أسم الصحيفة الورقية . ويمتاز هذا النوع من الصحف الالكترونية أنه :

  • تقديم نفس الخدمات الإعلامية والصحفية التي تقدمها الصحيفة الورقية من أخبار وتقارير وأحداث وصور وغيرها .
  • تقديم خدمات صحفية وإعلامية إضافية لا تستطيع الصحيفة الورقية تقديمها ، وتتيحها الطبيعة الخاصة بشبكة الأنترنت وتكنلوجيا النص الفائق Hypertext  مثل خدمات البحث داخل الصحيفة أو في شبكة الويب بالاضافة إلى خدمات الربط بالمواقع الأخرى وخدمات الرد الفوري والارشيف .
  • تقديم خدمات الوسائط المتعددة Multimedia النصية والصوتية .

 

2 ـ النسخ الالكترونية من الصحف الورقية ونعني بها مواقع الصحف الورقية على الشبكة والتي تقصر خدماتها على تقديم كل أو بعض مضمون الصحيفة الورقية مع بعض الخدمات المتصلة بالصحيفة الورقية مثل خدمة الاشتراك في الصحيفة الورقية وخدمة تقديم الاعلانات والربط بالمواقع الأخرى.[84]

 

ويقسم الباحث صالح زيد العنزي الصحف الإلكترونية تبعا “لمدى أستقلاليتها أو تبعيتها لمؤسسات إعلامية قائمة والتي أسماها (المواقع الإعلامية التكميلية) إلى :-

  1. النشر الصحفي الموازي : وفيه يكون النشر الإلكتروني موازيا للنشر المطبوع بحيث تكون الصحيفة الإلكترونية عبارة عن نسخة كاملة من الصحيفة المطبوعة بإستثناء المواد الإعلانية .
  2. النشر الصحفي الجزئي : وفيه تقوم الصحف المطبوعة بنشر أجزاء من موادها الصحفية عبر الشبكة الإلكترونية ن ويعمد إلى هذا النوع بعض الناشرين بهدف ترويج النسخ المطبوعة من إصداراتهم .

ويتصل بهذين النوعين من الحف المواقع الإخبارية التي تملكها المؤسسات الإعلامية الإذاعية والتلفزيونية كالفضائيات الإخبارية “العربية” و “الجزيرة” وال “BBC ” و ال “CNN” .. ونحوها . وتتسم مثل هذه المواقع عادة بعدد من المواصفات منها الترويج للمؤسسة الإعلامية التي تتكامل معها وتدعم دورها ورسالتها ، وإعادة إنتاج المحتوى الذي تقدمه المؤسسة الأم بشكل آخر لتحقيق الغاية المنشودة من الرسالة . وغالبا فإن “هذا الشكل من الصحف لا ينتج أو ينشر مادة إعلامية أو صحفية غير منتجة في مؤسساتها الأصلية إلا في نطاق ضيق وغير رئيسي “.[85]

  1. النشر الصحفي الإلكتروني الخاص : وفي هذا النوع لا يكون للمادة الصحفية المنشورة الإلكترونية أصل مطبوع ، حيث تظهر الصحيفة بشكل مباشر من خلال النشر عبر الإنترنت فقط ، وهو ما يصدق على الصحف الإلكترونية التي تصدر مستقلة على الشبكة في إدارتها ، وطرق تنفيذها ، ومثال ذلك : صحف إيلاف ، الجريدة وغيرها .”[86]

 

سمات الصحافة الإلكترونية :

 

عندما تظهر وسيلة إعلامية جديدة يقوم روادها عادة بتقليد النمط الشائع في وسائل الإعلام التي سبقتهم قبل أن يقوموا بتطوير أنماطهم الخاصة التي يستغلون فيها القدرات الجديدة التي تضيفها لهم الوسيلة الإعلامية الجديدة.

حدث هذا عندما ظهر التلفزيون، فقد كانت أخباره في البداية تقليدا لأخبار الراديو الذي كان الوسيلة الإعلامية السابقة له، ولم يكن هناك فرق بين أن تستمع إلى الأخبار في الراديو أو التلفزيون سوى في أنك ترى المذيع وهو يقرأ، وبعد فترة بدأ رواد العمل التلفزيوني تدريجيا في الالتفات إلى أهمية تفعيل وتطوير الإمكانات الفريدة والمميزة للتلفزيون كوسيلة إعلام، فبدأ استخدام الصورة على نطاق واسع لتوصيل المعلومة ونقل المشاهد إلى جو الحدث، وتم تطوير تحرير الخبر ليناسب الكتابة للصورة المتحركة.

نفس الأمر حدث مع الصحافة الإلكترونية ولا سيما في العالم العربي، فقد كانت بواكيرها الأولى مجرد نسخ إلكترونية من الصحف الورقية، فهي تنشر في نفس وقت نشر الصحيفة الورقية، وتحرر بنفس صياغتها، وتتحكم فيها نفس السياسة التحريرية، وتهدف في الأغلب إلى مخاطبة ذات الجمهور.

و”مع مرور سنوات قليلة تطورت الصحافة الإلكترونية فأصبح:

  • لها دورية صدور مختلفة في الأغلب عن الصحف الورقية .
  • طورت جمهورها الخاص الذي يحمل بالضرورة أجندة مختلفة.
  • طورت سياستها التحريرية تبعا لتغير الجمهور وطبيعته وعاداته.
  • طورت تقنياتها الخاصة مستفيدة من إمكانات الكمبيوتر وشبكة الإنترنت التي تجمع بين مميزات الصحيفة والراديو والكتاب والتلفزيون المحلي والفضائيات.”[87]

وصارت الصحافة الإلكترونية بذلك تستخدم كل تقنيات وسائل الإعلام السابقة بشكل متكامل، وأضافت إلى ذلك كله ميزة “التفاعلية” التي تجعل القارئ شريكا إيجابيا في العملية الإعلامية إذ يمكنه دائما أن يعلق مباشرة على ما يقرأ “ليتحول الإعلام بحق إلى إعلام ذي اتجاهين (فالصحفي يعلم القارئ بالمعلومة وهو يعلمه برأيه)”[88]، كما بدأت بعض الصحف الأجنبية الشهيرة تجربة جديدة تتيح للقارئ أن” يعيد تحرير الخبر على طريقته وينشره عبر صفحات موقعها الإلكتروني ليقرأ الجمهور ذات الخبر بأكثر من صيغة.”[89]

ويوضح الدكتور عباس مصطفى ميزات الصحافة العربية في شبكة الانترنت بإنها ” حتى العام 2000 كانت قاصرة في استخدام أساليب وتكنلوجيات ومميزات النشر الالكتروني ولم يتبلور إدراك كامل لطبيعة الصحيفة الالكترونية وأنها في الحقيقة تمثل بداية مشروع في أطواره الأولى To go online ، كما أن ذهنية النشر الورقي مازالت هي السائدة في معظم هذه الصحف وأن غالبية هذه الصحف لا يتم تحديثها على مدار الساعة بل هي نسخة كاربونية للصحيفة الورقية ، وتفتقر معظم الصحف الالكترونية العربية الى خدمة البحث عن المعلومات ولا يوجد في الكثير منها ارشيف للمواد التي سبق نشرها”.[90]

ورغم العمر القصير للصحافة الإلكترونية مقارنة بالصحافة التقليدية إلا أن هذا العمر القصير شهد الكثير من الدراسات العلمية  والملاحظات التي أبرزت سمات متعددة مرتبطة بهذا النوع من الصحافة ، ويقول الدكتور محمود علم الدين” إن الصحافة الإلكترونية تمتلك مجموعة من المميزات يأتي في مقدمتها التغطية الخبرية للأحداث، وإجراء المقابلات مع الشخصيات ذات الصلة بها. بجانب التغطية الآنية للأحداث بالصوت والصورة من موقع الحدث، وهناك مميزات أخرى غير موجودة بالصحافة الورقية مثل سرعة تحديث الأخبار، وغرف الدردشة، وساحات الحوار والمنتديات “.[91]

 

و يمكن إيجاز سمات الصحافة الإلكترونية بالآتي :

 

1/ النقل الفوري للأخبار ومتابعة التطورات التي تطرأ عليها مع قابلية تعديل النصوص في أي وقت ، مما جعلها تنافس الوسائل الإعلامية الأخرى كالإذاعة والتلفزيون  بل أن الصحف الالكترونية باتت” تنافس هاتين الوسيلتين في عنصر الفورية الذي احتكرته، وبدأت تسبق حتى القنوات الفضائية التي تبث الاخبار في مواعيد ثابتة ، فيما يجري نشر بعض الاخبار في الصحف الالكترونية بعد أقل من 30 ثانية من وقوع الحدث. 24 [92]

2/  قدرة الصحف الالكترونية على أختراق الحدود والقارات والدول دون رقابة أو موانع أو رسوم ، بل وبشكل فوري ، ورخيص التكاليف ، وذلك عبر الانترنيت ، وبذلك فأن صحفاً ورقية مغمورة بات بمقدورها أن تنافس من خلال نسختها الالكترونة صحفاً دولية كبيرة أذا تمكنت من تقديم أشكال تقنية متقدمة ومهارات ارسال ، ونوعية جيدة من المضامين وخدمات متميزة. و”لإن الارسال عبر الانترنيت سيعني بالضرورة منح الصحف الالكترونية صبغة عالمية بغض النظر عن امكانياتها ولان المضامين هنا يجب أن تكون متوافقة مع هذه الصبغة العالمية ، فأن البعض بات يتساءل بجدية عما أذا كان يصح اطلاق صفة ( الصحيفة المحلية ) على الصحف التقليدية التي تصدر لها طبعات الكترونية  .”[93]

3/ التكاليف المالية البث الالكتروني للصحف عبر شبكة الانترنيت أقل بكثير مما  هو مطلوب لاصدار صحيفة ورقية ، فهي لاتحتاج إلى توفير المباني والمطابع والورق

ومستلزمات الطباعة ، ناهيك عن متطلبات التوزيع والتسويق  ، والعدد الكبير من الموظفين والمحررين والعمال “[94].

4/ “لجوء معظم الصحف الإلكترونية إلى التمويل من  خلال الاعلانات ، وقد   أصبح الاعلان المتكرر على كل صفحة في الصحيفة الالكترونية المسمى بأعـلان اليافطة ( Banner ) هو مصدر الدخل الرئيسي لهذه الصحف”[95].
“وكشف المختصون المشاركون في مؤتمر (أيفرا الشرق الأوسط) الثاني للنشر الصحفي الذي إستضافته مؤسسة الإمارات للإعلام في أبوظبي ، أن حصة الصحف من الإعلانات على مستوى العالم أكثر بإربعة أضعاف حصة التلفزيون والأنترنت. “[96]

5/ توفر تقنية الصحافة الالكترونية أمكانية  الحصول على احصاءات دقيقة عن زوار مواقع الصحيفة الالكترونية ، وتوفر للصحيفة مؤشرات عن اعداد قراءها وبعض المعلومات عنهم كما تمكنها من التواصل معهم بشكل مستمر .

6/ منحت تقنيات الصحافة الالكترونية عملية رجع الصدى ( Feed Back ) أمكانيات حقيقية لم تكن متوفرة من قبل بوسائل الاعلام ، وخصوصاً بالنسبة للصحافة ،وبات الحديث ممكنا عن تفاعل بين الصحف والقراء بعد أن ظلت العلاقة محدودة وهامشية طيلة عمر الصحافة الورقية. ويمكن أن يجد متصفح مواقع الصحف الالكترونية حقول خاصة في شتى الصفحات تتضمن الطلب من القارئ أن يبدي رأياً حول الموضوع المنشور أو يكتب تعليقاً عليه وفي حالة قيام المستخدم بذلك سيظهر تعليقه فوراً على موقع الصحيفة حيث يصبح بأمكان المستخدمين في أي مكان الاطلاع عليه ، وتشمل هذه الامكانية بطبيعة الحال رسائل القراء التي تنشر فورياً على صفحات الصحيفة الالكترونية.

7/ توفر الصحافة الالكترونية فرصة حفظ أرشيف الكتروني سهل الاسترجاع غزير المادة ، حيث يستطيع الزائر أو المستخدم أن ينقب عن تفاصيل حدث ما أو يعود الى مقالات قديمة بسرعة قياسية بمجرد أن يذكر أسم الموضوع الذي يريد ليقوم باحث الكتروني بتزويده خلال ثواني بقائمة تتضمن كل مانشر حول هـذا الموضوع في الموقع المعين ، في فترة معينة.

8/ فرضت الصحافة الالكترونية واقعاً مهنياً جديداً فيما يتعلق بالصحفيين     وامكانياتهم وشروط عملهم ، فقد اصبح المطلوب من الصحفي المعاصر أن يكون ملماً بالامكانيات التقنية وبشروط الكتابة للانترنيت وللصحافة الالكترونية كوسيلة تجمع بين نمط الصحافة ونمط التلفزيون المرئي ونمط الحاسوب ، وأن يضع في اعتباره ايضاً عالمية هذه الوسيلة وسعة انتشارها وما يرافق ذلك من اعتبارات تتجاوز المهني الى الاخلاقي في تحديد المضامين وطريقة عرضها .

 

ويعتبر محمود سامي عطا الله ان الصحافة الإلكترونية وسيلة من وسائل الإعلام فهي وسيلة نشر كالصحافة المطبوعة، والعلاقة بينهما هي علاقة” تكامل وليست صراع ، فتاريخ ظهور الوسائل الإعلامية المختلفة لا يشهد بظهور وسيلة تلغي الأخرى أو تقضي عليها ولكن توجد منافسة في أحيان أو تكامل في أحيان أخرى وتحاول كل وسيلة تطوير نفسها فتستطيع القول أن الصحافة الإلكترونية والورقية لا تطرد إحداهما الأخرى، ولكن يبقى المنافس الوحيد للصحافة الإلكترونية هو التلفزيون بمواده المختلفة.”[97]


التعامل الصحفي العربي مع الانترنت :

 

يرتبط انتشار الصحافة الالكترونية بنمو ظاهرة الانترنيت ووصولها الى اكبر عدد من المستخدمين في اماكن العمل والمنازل والمراكز الخاصة بالانترنت ، “وهو الامر الذي يفسر اسباب انتشار الصحافة الالكترونية في البلدان الغنية قبل الدول الاخرى وخصوصاً في الولايات المتحدة التي يشترك 70% من سكانها بشبكة الانترنيت.”[98] .
ومع النصيب المحدود جداً من حجم الانتشار العالمي للإنترنت في العالم العربي وتأثير ذلك بشكل تلقائي على محدودية انتشارالصحف الالكترونية فيه ، فإن هناك وجود حقيقي لصحافة الكترونية عربية ، حيث أسست معظم الصحف العربية اليومية والاسبوعية مواقع لها على الشبكة ، وفيها مواقع ذات اهمية معلوماتية شاملة مثل مواقع الصحف ( البيان ، الاهرام ، الحياة ، الشرق الاوسط ، … الخ ) ، غير أن “معظم الصحف العربية تكتفي اما ببث مضامينها المنشورة في الطبعة الورقية ، أو أنها تكتفي بوضع نصوص مختارة من هذه الطبعة على مواقعها الالكترونية دون أن تؤسس اقساماً أو ادارات تحرير مستقلة للنسخة الالكترونية كما فعلت صحف عالمية عديدة .”[99]

وكانت بدايات تعامل الصحافة العربية مع تقنية النشر الالكتروني الذي بدأ الحديث عنه “مع إطلاق شركة Apple لأول مرة نظام نشر ألكتروني متكامل عام 1985 لتتطور بعدها الامور بسرعة فيتغير معهاأسلوب النشر الصحافي بطريقة جذرية .

أما الصحف الالكترونية المنشورة عبر الانترنيت فقط فقد بدأ اصدارها في مطلع العام 2000 بصدور صحيفة ( الجريدة ) في أبو ظبي في الاول من كانون الثاني من ذلك العام ، وصدرت بعدها عدة صحف الكترونية اخرى ، من أهمها : اتجاهات

( السعودية ) ، باب وبوابة ( الاردن ) اسلام اون لاين ( مصر ) ، “لكن عدد هذه الصحف يبقى محدوداً وبعضها مجرد مواقع اخبارية أكثر من كونها صحفاً بالمعنى الذي استقرت عليه الصحف الالكترونية. وهذه الحقيقة لاتمنع القول أن النسخ الالكترونية لبعض الصحف العربية تميزت بتقديم كماً جيداً من المعلومات وخدمات ارشيف جيدة للمستخدمين مثل موقع جريدة البيان الإماراتية “[100].

 

مراحل تطور الصحافة الالكترونية العربية :

 

مرت الصحافة الالكترونية العربية بمراحل تطورت من خلالها إلى الشكل الفني والمهني التي هي عليه الآن ، وهذه المراحل  هي  :

 

  • مرحلة النشر من خلال الاقراص المدمجة :

وكانت اولى التجارب في إنتاج نصوص عربية كاملة وقد بدأته الصحف التالية :

  • صحيفة الحياة ، في 17 أكتوبر عام 1995 كان تاريخ إصدار الأول للصحيفة على قرص مدمج للأشهر الستة الأولى من نفس العام أطلق عليها إسم ارشيف الحياة الإلكترونية .” [101].
  • صحيفتي السفير والنهار اللبنانيتين ، في يوليو عام 1997 .
  • صحيفة الاهرام المصرية ، فبراير 1998 .
  • صحيفة الشرق الأوسط ، في 14 مايو 1998 “.[102]

 

2 – مرحلة إصدار النسخة الالكترونية :

تأخر ظهور الخدمات الصحفية العربية على شبكة الانترنت إلى نهاية التسعينات رغم إدراك الصحف العربية لأهمية الانترنت وضرورة تواجدها على الشبكة منذ انطلاق خدمات هذه الشبكة على المستوى العالمي عام 1990 . ويقول الدكتور عبد الأمير الفيصل ” أن الصحافة المكتوبة هي الأكثر أستفادة من بين وسائل الإعلام العربية من خدمات الانترنت ؛ فقد مكنتها هذه الشبكة بصورة أو بأخرى من تخطي الموانع السياسية وأيضا الإلتفاف على قوانين الإعلام التي أقل ما يقال بشأنها أنها زجرية ومقيدة للحريات في أكثر الأحيان وفي غالبية الأقطار العربية”[103].

 

3- مرحلة إصدار الصحيفة الالكترونية:

يمكن الإشارة إلى محاولتين عربيتين لإنتاج صحيفة ألكترونية على الأنترنت بشكل مباشر ، وهاتين المحاولتين كما يذكر الدكتور عماد بشير في ” يناير 2000 حيث أنطلقت من أبوظبي صحيفة الجريدة eljareeda.com  ، ثم في عام 2001 صحيفة إيلاف elaph.com . وإن هاتين الصحيفتين كانتا ألكترونيتين بالكامل دون نسخة ورقية وإن كانت هناك نشرات إخبارية News Letters تحمل اخبارا عن لبنان من وكالات الانباء ظلت موجودة طوال سنوات الحرب اللبنانية . كما أنشأت على مستوى الصحف الورقية صحيفة “الشرق الأوسط” لنفسها موقعا في 9 ديسمبر 1995 ، ثم تلتها صحيفة “الحياة” في الاول من يونيو عام 1996 فا”السفير” في نهاية العام نفسه “.[104]

 

مستقبل الصحافة الالكترونية العربية :

 

يرى د. محمود خليل أن مستقبل الصحافة الإلكترونية العربية ” في تقدم مستمر وستشهد طفرات مبهرة خلال الفترة المقبلة مما يساهم في نجاح التدفق العربي الإلكتروني في كسر احتكار الإعلام الغربي للمعلومات. وأن العاملين في هذا النوع من الصحافة في حاجة إلى وضع علاقة تنظيمية بالمؤسسة الصحفية لبيان موقفها القانوني، والتحدي الأكبر أمام مهنة الصحافة الإلكترونية أنها غير معترف بها من قبل الدولة مما يجعلها في موقع لا محل له من الإعراب بالنسبة للقوانين والتشريعات بفقد الهوية القانونية داخل المؤسسات التي يتعامل معها، كما تفقد الصحيفة الإلكترونية هويتها أيضاً بسبب عدم وجود قانون وتشريع لها مما يعرضها لغلق موقعها الصحفي ومداهمته ومصادرة أجهزته أو حجب الموقع عن المتلقي”.[105]

 

ولكن يرى آخرون أن الصحافة الالكترونية العربية تواجه جملة من التحديات حصرها عادل الأنصاري بعدم ” وجود صحافيين مؤهلين لإدارة وتحرير الطبعات الإلكترونية بما يعنيه ذلك من معرفة تامة بتقنيات الكومبيوتر والإنترنت ، ومن مشكلة قلة البرامج الداعمة للغة العربية وعدم وجود قاعدة مستخدمين واسعة وضعف التموين بالإضافة إلى الأمية الألكترونية والمعلوماتية “.[106]. كما إن الصحافة الألكترونية العربية تشهد تحديا على مواكبة التطور العالمي بالشكل الذي يجعلها تفرض نفسها كواقع محسوس في حياة المواطن العربي ، ومع ذلك فإن جهات عربية عديدة تسعى من أجل تدارك هذا الوضع من خلال معالجة التحديات وتدارك الوضع ، “فركزت دول عربية وخاصة دول الخليج العربي منها على توسيع قاعدة مقروئية الانترنت من قبل أفراد المجتمع وتوسيع قاعدة مقروئية هذا النوع من الإعلام “[107]. ومع تزايد الإقبال العالمي على أستخدام الانترنت للوصول إلى تحقيق الغايات المعرفية والإعلامية اصبحت الأنترنت في العالم العربي عالما لا مجال للالتفات عنه أو عدم الأهتمام له أو تجاهله وإلا تجاوزنا الواقع كمهنة وأصبحنا أمام واقع متخلف عن الركب العالمي الذي قد لا نجد بديلا عن التعامل معه والاستفادة مما يمكن تطويعه ليلائم أحتياجات الصحافة والجمهور العربيين .

 

4.المواقع الالكترونية المرتبطة بالفضائيات الإخبارية :

 

أتت الفترة التي أستغل فيها الإنسان الفضاء إتصاليا وإعلاميا لتمثل متغيرا كبيرا في حياة الافراد والشعوب والدول نتج عنه متغيرات عصفت بجميع وسائل الاعلام والاتصال ودعمت مركزية التلفزيون والصورة المرافقة للاحداث على مستوى العالم كله . “ومع مرور الوقت وإطلاق الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية المتخصصة بنقل الرسائل الإعلامية المصورة إلى مداراتها فقد ظهر التلفزيون الفضائي في كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية كما لحق بهذا الركب العديد من الدول الأخرى مثل فرنسا والصين واليابان”[108] .” .

وقد أدى تطور أقمار الأتصال وأقمار البث المباشر في الثمانينات إلى حدوث تغيرات ملموسة على الاتصال التفزيوني ، وهناك العديد من أقمار البث المباشر في أوربا منها القمر الفرنسي TDF ألذي أطلق عام 1988 ويبث إرسال القناة الفرنسية بلوس Canal Plus ، والقمر الألماني للبث المباشرTVs AT2  الذي أطلق عام 1988 والقمر الأوربي أولمبي Olympus ألذي أطلق عام 1989 والقمر البريطاني للبث المباشر BSB عام 1989 ويحمل خمس قنوات منها قناة للافلام وأخرى رياضية وواحدة للاطفال . وقد أستغلت الولايات المتحدة أقمار الاتصال في الاعلام الدولي وثبتت على اقمارها أهم محطة تلفزيونية إخبارية هي CNN من أطلانطا التي تبث على مدار الساعة وتصل لمعظم أنحاء العالم مستخدمة عدة أقمار صناعية . وفي آسيا تعد اليابان أكثر الدول لآسيوية أهتماما بنظام البث المباشر حيث تملك عدة أقمار مخصصة البث وانتقلت عام 1990 إلى السوق العالمية عندما وقعت عقدا كبيرا مع شركة هيوز الاميركية لصناعة الاقمار الصناعية لأجل اطلاق خدمات تلفزيونية مباشرة الى المشاهدين والتي تضم 100 قناة تشتمل على قنوات للافلام والرياضة وغيرها “.[109]

أما دخول البث الفضائي وأستخدام الاقمار الصناعية في الوطن العربي فقد بدأ أول الأمر في منطقة المغرب العربي ، “فقد أستفادت كل من المغرب والجزائر من البث التلفزيوني الاوربي كما سمحت تونس لهيئة التلفزيون الايطالي RAI بإقامة محطة تقوية في العاصمة تونس.”[110]. ويعد تاريخ 8 شباط 1985 معطفا إعلاميا وتكنلوجيا أتصاليا كبيرا في التاريخ العربي الحديث ؛إذ كان تاريخ إطلاق أول قمر صناعي عربي Arabsat A1 ثم تلاه في حزيران إطلاق القمر الصناعي الثاني Arabsat B1 . وفي عام 1990 شرع أتحاد إذاعات الدول العربية في الاستفادة من القناة 23 كأول قناة يتم استئجارها على عربسات وتسخر على مدار الساعة للخدمة التلفزيونية الاقليمية المتمثلة في نقل الاخبار والبرامج المتبادلة بين الهيئات التلفزيونية ، كما وقع اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري أتفاقا مع عربسات في حزيران 1990 لإستئجار القناة الغزيرة الإشعاع لمدة ثلاث سنوات ، وفي 12 كانون الاول 1990 بدأت القناة المصرية بثها المنتظم وكانت هذه الخطوات بمثابة نقطة البداية لإنطلاق الشبكة الفضائية العربية ، وقد تزامن هذا مع خطوات سعودية تمثلت في أستئجار القناة القمرية الثانية في الحزمة s وخصصت لبث برامج مركز تلفزيون الشرق الاوسط(MBC)  ، حيث بدأ بث برامجه من لندن في 18 أيلول 1991 “.[111]

وأدى أنتشار القنوات الفضائية بشكل كبير في بداية التسعينات والتي بلغت عام 2000:”( 452 تبث معظمها باللغات الاجنبية) ، إلى إعادة إعادة تشكيل عميقة للساحة التفزيونية العربية بتنويعها للعرض والمضمون البرامجي”[112]. وقد أدى ظهور وتطور تقنيات الإعلام والاتصال الرقمية الجديدة والتنامي العالمي للعرض الفضائي إلى إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية في ما يتعلق بالبث والانتاج والتقاط البرامج والافلام “ولم يعد المجال الفضائي مجرد سماء صافية بل بل مجالا للمنافسة التجارية والسياسية أبطل فاعلية استراتيجيات بعض الحكومات لضبط مجالها الوطني ، وكان هذا بداية لظهور فضائيات عربية نافست الحضور الاعلامي الأجنبي وأوجدت فضاءا عربيا مؤثرا في تجاهات الرأي العام العربي”. [113]

 

ورغم ان الكثير من الفضائيات العربية بمختلف أتجاهاتها قد ظهرت لتغزو شاشات التلفزيون إلا أن الفضائيات الإخبارية كانت الأبرز نتيجة للحواجز التي تغلف الواقع السياسي العربي والدور المحدد للتلفزيونات الوطنية العربية المملوكة للحكومات ،”وقدمت هذه الفضائيات الإخبارية نكهة تلفزيونية جديدة تمثلت بالاكثار من البرامج الحوارية وتلك التي تعتمد على الاتصال المباشر مع الجمهور ، وهو يعني إعطاء جمهور المشاهدين مكانة مهمة في الصلة مع الوسائل الإعلامية التي يرتقي أداؤها من خلال تواصلها المباشر وتعرفّها على رجع الصدى الفوري لجمهور المستقبلين لرسائلها الإعلامية “.[114] ويعتبر الدكتور تيسير أبو عوجة أن “الفضائيات الإخبارية قدمت للعمل الإخباري أشياءا جديدة تتمثل بما يلي :

– تقدم هذه القنوات نشراتها الإخبارية بهيكلية إخبارية تقوم على أساس أهمية الحدث وليس حسب التنظيم الهيكلي الروتيني الذي تلتزم به النشرات الإخبارية الرسمية العربية .

– تنوع النشرات الإخبارية بحيث تتضمن بالإضافة إلى الأخبار القادمة من الوكالات التقارير الوافية من المندوبين والمراسلين الخاصين الذين تعتبر رسائلهم الإخبارية إضافة خاصة تنفرد بها القناة الإعلامية .

– تتضمن حوارات مباشرة يتم إجراؤها أثناء تقديم النشرات سواء مع المراسلين أو مع الشخصيات المعنية بالاحداث .

– إضافة إلى ذلك إعطاء مساحة مهمة للأخبار الأقتصادية عبر نشرات متخصصة. هذا بالاضافة إلى مزايا أخرى تتعلق بالاسئلة الاستشرافية التي تدخل في باب التوقعات وقراءة المستقبل .”[115]

 

الأخبار عبر الأنترنت :

أصبح الأنترنت أداة ضرورية في القرن الواحد والعشرين تنافس وسائل الإعلام التقليدية في المعلومات والتثقيف والتسلية ، كما أن بإمكاناتها المتقدمة في الأتصالات وتعدد أوساطها إستطاعت أن تجمع إمكانيات التلفزيون والراديو والهاتف في وسط واحد , ويقول برودي “بينما يستمر التلفزيون في الوفاء بتوقعاته الماكلوهانية في كونه (النافذة إلى العالم) فإن الإعلام الرقمي وخاصة تلك الموصولة والمشبوكة عن طريق الأنترنت –تعمل في الحقيقة على وصل المستخدم بالعالم “[116]،

إن خصوصية الأنترنت من حيث تطوير تكنلوجيا الإعلام تقع أساسا في حقيقة أن مشاركة المستخدم هي أحد أسسه الرئيسية مما يعطي إنطباعات إضافية عن كيفية أستخدام هذه التكنلوجيا وتشكيلها حسب الحاجات والعادات الاستهلاكية للجماهير .

و بالرغم من الفوائد العديدة والاستخدامات العملية لتكنلوجيات الإعلام الجديد ، لم يغطي الإنترنيت كليا أدوار الإعلام التقليدية المرتبطة بالتلفزيون والإذاعة ، ويشير كاستلز إلى” قبول التلفزيون والفيديو كوسائل للتسلية بينما يحتفظ الراديو بدور المرافق بينما تعد أفضل استخدامات الانترنت خاضعة لمصالح المستخدمين .”[117] , ويوضح أيضا كيف أن الأخبار والمحتويات المتضمنة للمعلومات هي ” مجالات أثبت فيها كل من التلفزيون والأنترنت وجودهما ونجاحهما ، وبينما أتخذ الناس الأنترنت بشكل كثيف إل أنهم أبقوه بعيدا عن التلفزيون وبشكل عام لمعظم وسائل الإعلام العالمية فيما عدا التقارير الإخبارية “[118].

ومع التجارب العالمية التي كرست الحضور المتزايد للجمهور وأعتمد فيها على الانترنت كمصدر مباشر للمعلومات “الأنتخابات الأميركية عام 2000 التي كان 20 % من الأميركيين يحصلون على أخبارها من الانترنت ، وخاصة عند الأجيال الشابة ، كما أن ثلث شباب أميركا تحت سن الثلاثين يحصلون على أخبارهم عبر الشبكة مرة واحدة إسبوعيا على الأقل  “[119]. ويقول أليكساندر في ذات الموضوع

” عندما أندلعت الحرب في العراق في مارس 2003 فإن 17 % من الشعب الأميركي أستخدم الأنترنت كمصدر أساسي للأخبار في حين حصل 89 % منهم على تلك الأخبار من التلفزيون ، ومن الجدير بالذكر أن ال 17 % الذين كانوا يحصلون على الأخبار مباشرة من الأنترنت فإن المواقع الألكترونية التي كانوا يصلون إليها كانت على الأغلب مرتبطة بإعلام الأخبار ذات الأتجاه السائد مثل CNN و M SNBC “.[120]أساسي

 

ولعل ما ذهب إليه أليكساندر ينطبق على التلفزيون والأخبار المطبوعة ، فالأنترنت بات “أمرا ضروريا لإستمرارية وتوسع هذه الوسائل الإعلامية “[121]،ويرى ليستر أن الإعلام الجديد إذا واكب التفاعل مع وسائل الإعلام التقليدية فإن ذلك سيمنحه ” منطق أقوى لإنشغال المستخدم في نصوص الإعلام ، وعلاقة أكثر إستقلالا مع مصادر المعرفة ،وإستخدام وسائل الإعلام بشكل فردي وخيار أكبر للمستخدم ، وعندها تكون الطريقة التي يتعامل فيها الناس مع المصادر ألإخبارية على الأنترنت مباشرة ومشاركتهم الفعالة في تدفق المعلومات سبيل لمعرفة تأثير الأنترنت على البنية السياسية للمجتمع “.[122].

ان الأنترنت يعطي إنطباع المجال الحر لتدفق المعلومات والأخبار التي يتم تقديمها من خلال الوسط نفسه وخاصة أثناء الحروب والنزاعات السياسية ، وقد أوجد أختلاف الأخبار والمعلومات على الأنترنت تنافسا بين مزودي الأخبار المختلفين خارج الشبكة ، وتحديات إتباع الأنماط التقليدية للإعلام والأخبار مع تكنلوجيا الأتصالات لجديدة والأنترنت التي أصبحت ممكنة بين هذه المنظمات لإحداث وجود مميز وقوي لعالم الأنترنت المباشر على الشبكة العالمية WWW . وقد تمكن الأنترنت من إثبات وجود قوي للباحثين عن الأخبار والمعلومات والراغبين بالحصول على أخبار فورية وهو ما دفع اغلب وسائل الإعلام المرئية والمقرؤة والمسموعة إلى إنشاء مواقع ألكترونية تواكب هذه الرغبة وتماشي أمكانات الأنترنت في القدرة على التحديث والإضافة على الأخبار والتقارير الصادرة على مدار الساعة

 

المواقع الإخبارية :

 

خلال نهايات القرن الماضي ، تأثر الشرق الأوسط بالعولمة التي أفرزت متغيرات واضحة في مجال صناعة الإعلام والأتصالات ، وبدأت الحكومات التخفيف من رقابتها على المؤسات الإعلامية في الوطن العربي ، ووصف هنري وسبرنغبورغ ذلك بالقول ” إن أحد معايير القدرة السياسية لنظام ما في القرن الحادي والعشرين هو شفافيته وإنفتاحه على المصادر الجديدة للمعلومات “[123] . ويضيف “في العديد من دول الشرق الأوسط فإن التطورات السياسية لعبت دورا مهما في السماح بحرية التعبير والحصول على الأخبار من مصادر مرنة وتم إصلاح أجهزة رقابة وزارات الإعلام للسماح لوسائل الإعلام بممارسة سلطتها الذاتية ودورها الكامل في المجتمع “.[124]

ومن الظواهر التي صاحبت هذه المتغيرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والدول العربية على وجه الخصوص نمو القطاع الخاص مما هيأ الأجواء لإستقلال العديد من الهيئات الإعلامية عن مؤسسات الدولة فشهدت المنطقة تدفق الصحف والإذاعات والفضائيات المستقلة ذات المصالح التجارية والسياسية حتى بلغت في عام 1997 أكثر من 100 قناة فضائية كان أغلبها ذو طابع ترفيهي ، أما من ناحية مزودي الأخبار فقد ظهرت عدد من الفضائيات المتخصصة بالأخبار ، ولعل “القتاة الرائدة في هذا المجال والأكثر تأثيرا في الشارع العربي فيما تقدمه من مناظرات سياسية مفتوحة وحرية التعبير ونقل الأحداث دون تلوين أو مواراة هي قناة الجزيرة القطرية التي تقدم أخبارها على مدار 24 ساعة .”[125] والجزيرة قناة فضائية قطرية كانت بدايتها في شهر أبريل عام 1996م حيث كانت فرع عربي لقناة BBC الاخبارية البريطانية في قطر ثم تم أستملاكها بكامل معداتها وأجهزتها بدعم من الحكومة القطرية وبميزانية قاربت 50 مليون دولار.[126]

وقد أدى نجاح “الجزيرة” كفضائية عربية مزودة للأخبار( يشاهدها أكثر من 45 مليون مشاهد عربي)[127] إلى ظهور فضائيات أخرى مزودة للأخبار لعل أهمها قناة “العربية” التابعة الى MBC والتي بدأت بثها من دبي في الإمارات العربية المتحدة خلال الحرب على العراق عام 2003 م وقناة الإخبارية السعودية .، كما ظهرت قناة أخرى تعد نتاجا للوجود الأميركي في المنطقة وداعمة للسياسة الأميركية هي قناة “الحرة” . وتقول  دانيا أسماعيل أنه “ورغم وجود العديد من القنوات الفضائية الإخبارية في المنطقة إلا أن قناتا “الجزيرة” و”العربية” تميزتا بإتباع سياسات مختلفة من حيث أجندات التحرير ميزهما كل عن الأخرى وأضافا من خلالها تنوعا جديدا في صحافة الأخبار العربية.”[128]

 

ولتوزيع  الخدمة المقدمة من قناة “الجزيرة” ولغرض ألوصول إلى أكبر عدد ممكن من متحدثي اللغة العربية بأي مكان في العالم أنشأت الجزيرة نت كموقع إخباري، وظيفته الأساسية “استكمال الدور الريادي لقناة الجزيرة في تطوير الرسالة الإعلامية العربية وتمكين الجمهور العربي من المتابعة التفاعلية المتواصلة للأخبار وتحليلاتها على شبكة الإنترنت وتحقيق رؤية متوازنة وموضوعية وحيادية. ويقدم الموقع خدماته لعدد كبير من الزوار حيث بلغ حوالي الـ 85 مليون صفحة مشاهدة شهريا حسب إحصائيات عام 2003 أي مليار و14 مليون صفحة مشاهدة خلال عام 2003. ويأتي زوار الموقع من مختلف البلدان ومن خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة. كما يعرض موقع الجزيرة نت للبث الحي جميع البرامج الحية والمسجلة من قناة الجزيرة بالصوت والفيديو والنص ويتميز بعرض سريع للأخبار العاجلة، كما إن هناك العديد من الأقسام الأخرى مثل قسم الأخبار وقسم لآخر التطورات الاقتصادية، وقسم العلوم، وقسم الطب والصحة، وقسم الرياضة، وقسم الثقافة والفنون، إضافة إلى خدمات أخرى مفيدة لجمهورها العربي وهي متابعة الصحافة العربية والدولية في قسم جولة الصحافة، وقسم الملفات الخاصة الذي يعرض دراسات ومعالجات معمقة وموسعة لأبرز القضايا على الساحتين العربية والدولية.”[129]

أما موقع “العربية نت” فقد أفتتح في يونيو 2004 كوسيلة إخبارية عربية على الشبكة العالمية www  تدعيما لما تقدمه قناة “العربية” ، وتعود ملكية القناة والموقع إلى شركة المجموعة الدولية القابضة العربية السعودية ARA والتي تمتلك أيضا MBC . وكما هو حال “الجزيرة” فإن “العربية” موقعا وفضائية يعملان من مدينة الإعلام في إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة . موقع “العربية نت” يصدر صفحاته باللغة العربية و”تدرس إدارة الموقع حاليا إمكانية توسيع عملياتها ليكون الموقع باللغة الإنكليزية أيضا .”[130]

ومن الواضح  خلال تجربة “الجزيرة” و”العربية” كمواقع ألكترونية مولودة من رحم قنوات فضائية إخبارية” سوف تشهد مزيدا من التطور حيث تشير مراحل نمو وبناء هذه المواقع وتحميل الصوت والصورة والبرامج في صفحاتها إلى حسن أستخدام لتقنيات الأنترنت قياسا بمواقع ألكترونية عربية أخرى سواء كانت أمتدادا للتلفزيون أم لوسائل إعلام أخرى “.[131]

ورغم أن الفضائيات ألإخبارية العربية تستقطب أعداد كبيرة من متابعي الأخبار في العالم العربي إلا أن رغبة المواطن العربي في المشاركة في الإدلاء برأيه سواء في القضايا السياسية أو الإجتماعية أو سواها ، سواء كانت تلك المشاركة نقدا أو تحليلا أو كشفا لحقائق معينة ‘ جعلت من المواقع الإخبارية التابعة لتلك الفضائيات ساحة رحبة لتلقي تلك المشاركات وبالتالي مشاركة متابعو هذه المواقع والمشاركون فيها إغناء الموقع بمعلومات إضافية عن الأخبار والتقارير التي تقدمها الفضائية من على شاشة التلفزيون .

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.