الأوروعربية للصحافة

حوار ضيف الجريدة المديرة الجهوية للصحة الرميلي: أقطـاب علاجيـة لمواجهـة الخصـاص

المديرة الجهوية للصحة بالبيضاء أكدت استعجالية تعديل القوانين لضمان تقديم العلاجات للمرضى ووفرة الأطقم الطبية اللازمة

أكدت نبيلة الرميلي، المديرة الجهوية للصحة لجهة البيضاء- سطات، أن وزارة الصحة لن تظل مكتوفة الأيدي أمام تداعيات احتجاجات وإضرابات الأطباء بالمستشفيات، إذ انطلقت الاقتطاعات أخيرا، وتراوحت بين 4000 درهم و5000 على الأجر الأساسي، موضحة أن مجموعة من الأطباء جروا المديرية الجهوية للصحة والوزارة إلى القضاء الإداري، بسبب قرارات تأديبية، مشددة في حوار مع “الصباح” على ضرورة مواجهة خصاص الموارد البشرية بتعديل القوانين، واللجوء إلى أقطاب صحية تضمن توفير العلاجات والأطقم الطبية اللازمة للمرضى، مشيرة إلى أن حل مشاكل نظام “راميد” يمكن أن يمر عبر تفويض بعض الخدمات العلاجية إلى الخواص. في ما يلي نص الحوار:

< كيف تعاملتم مع موجة الاستقالات والإضرابات التي شلت مستشفيات بالجهة؟
< أود في البداية توضيح أمر مهم، يخص الاستقالة الجماعية لأطباء خلال الفترة الماضية، ذلك أنها غير قانونية، ولا يمكن أخذها على محمل الجد، باعتبار أن هذا النوع من الاستقالات مخالف للقانون، كما أنها لم تتضمن ما يعبر بشكل شخصي عن نية ترك العمل من قبل كل طبيب على حدة، وبالتالي يتعين وضعها في إطار الأشكال الاحتجاجية فقط.

ولا شك أن الإضراب والتهديد بالاستقالة وسيلتا ضغط من أجل تحقيق مجموعة من المطالب، التي ترتبط في أغلبها بغياب شروط ممارسة العمل، إلا أنني أود أن أذكر جميع الأطباء بواجبهم تجاه المرضى والوطن، ذلك أنه قسم أبوقراط الذي يؤديه جميع الأطباء، لا يعترف بظروف أو شروط العمل، ذلك أن الواجب المهني يفرض توفير الخدمات العلاجية للمواطنين، بغض النظر عن أي إكراهات.

< لكن هناك إكراهات يعانيها الأطباء؟
< أود هنا الاعتراف بأن بعض المطالب مشروعة، خصوصا ما يتعلق بمعادلة الدكتوراه مع سلم الوظيفة العمومية، ذلك أن طبيبا دكتورا يتقاضى أجر موظف يحمل شهادة الماستر، إلى جانب الخصاص في الأطر شبه الطبية، ذلك أنه لا يمكن لطبيب جراح مثلا، أن يعمل بدون ممرضين. وبخصوص استمرار الإضرابات في ظل خصاص الموارد البشرية، فإن الوزارة لن تظل مكتوفة الأيدي، إذ انطلقت الاقتطاعات أخيرا، وتراوحت بين 4000 درهم و5000 على الأجر الأساسي، علما أن مجموعة من الأطباء جروا المديرية الجهوية للصحة والوزارة إلى القضاء الإداري، بسبب قرارات تأديبية.

< إلى أي حد استطعتم تدبير الخصاص في الموارد البشرية؟
< أستطيع القول بصراحة إن مستشفيات جهة البيضاء- سطات تسير عرجاء، بمعنى أنها تفتقد إلى الموارد البشرية اللازمة لضمان السير الطبيعي للمرفق، وتوفير الخدمات العلاجية اللازمة لعموم سكان الجهة، إلا أن القوانين والنظم المعمول بها حاليا، لا تساعد المديرية الجهوية للصحة من اجل اتخاذ المتعين من الإجراءات بشأن إعادة الانتشار مثلا، ذلك أن الدورية المؤطرة لهذا النوع من الإجراءات، تشترط موافقة المعني بالأمر، وبالتالي فإن أغلب الأطباء والممرضين، يرفضون الانتقال من فضاء صحي إلى آخر، ناهيك عن الجمود الذي يتسبب فيه القانون الإطار 34- 09، المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، الذي يشدد على توفر كل مستشفى إقليمي على جميع التخصصات الطبية اللازمة، بما فيها المستعجلات والجراحة وقسم الأطفال والولادة، وهي الالتزامات التي لا يمكن الاستجابة لها، بسبب العدد الحالي من الأطقم الطبية

< ما هو في نظركم الحل لمشكل نقص الأطقم الطبية؟
< أود الإشارة إلى أن جهة البيضاء- سطات تحوي 16 مندوبية، ومستشفى من المستوى الثاني مثل مولاي يوسف بالبيضاء، يستقبل ثلاثة آلاف مريض يوميا، من أصل 10 مستشفيات موجودة، ما يشكل ضغطا كبيرا على فضاءات العلاج، علما أن كل مستشفى يفترض أن يتوفر على أربعة تخصصات ضرورية، هي المستعجلات وطب الأطفال والجراحة والتوليد.

ويتعين أن يتوفر كل قسم على أربعة أطباء، الأمر الذي يعد صعبا جدا، ويحول دون استفادة المرضى من الاستشفاء ببعض التخصصات لدى عدد من المستشفيات، ونقترح في هذا الشأن إحداث أقطاب علاجية مرجعية، وتجميع تخصصات معينة في مكان واحد، إلا أن نجاح هذا المقترح رهين بالحوار الاجتماعي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بنقل موارد بشرية من منطقة إلى أخرى، وتفهم النقابات للمصلحة العامة في هذا الإجراء، الذي تتداخل فيه مجموعة من المصالح الداخلية والخارجية، ذلك أن نقل تخصص طبي من مقاطعة أو عمالة إلى أخرى، يفترض التنسيق مع السلطات، ومحاولة الوصول إلى نقطة تفاهم مشتركة.

< كيف تفاعلتم مع تزايد استهلاك العلاجات من قبل حاملي بطاقة “راميد”؟
< لا شك أن الجميع تابع باهتمام التعليمات الملكية الجديدة بشأن إصلاح نظام المساعدة الطبية “راميد”، الذي تسبب في مجموعة من المشاكل للمستشفيات العمومية، خصوصا في جهة البيضاء- سطات، باعتبارها تحتضن عددا كبيرا من المستفيدين، ذلك أن تحملات هذه الفئة من المرضى تكلف مستشفى مولاي يوسف مثلا، 900 مليون سنتيم سنويا، ما يستنزف قيمة الدعم المتحصل عليه من قبل الوزارة، الأمر الذي يفرض التفكير في حلول لتخفيف العبء عن الفضاءات الصحية العمومية، ذلك أنه لوحظ إفراط في استهلاك العلاجات من قبل حاملي بطاقة “راميد”، خصوصا ما يتعلق بـ”السكانير”، ما تسبب في طول آجال الحصول على مواعيد الفحوصات والعلاجات.

< ماهو الحل في نظركم؟
< انطلاقا من هذه المشاكل، يتضح أن الحل يمكن أن يمر عبر إصلاح إجراءات الحصول على بطاقة “راميد”، وإعادة النظر في معايير الاستفادة من نظام المساعدة الطبية، وكذا تفويض مجموعة من الخدمات إلى خواص من أجل تخفيض التكاليف والتحملات عن المستشفيات العمومية، خصوصا ما يتعلق بالفحص بالأشعة “السكانير”، ذلك أنه إذا كانت تكلفة الفحص بـ700 درهم، فيستحسن أن يتم تفويضها إلى الشركة المزودة بجهاز “السكانير” أو إلى مصحة خاصة، مع إلزامهما بدفتر تحملات صارم، يحملهما مسؤولية الصيانة وتوفير العلاجات الضرورية.

طبيب العائلة جاهز

< أين وصل مشروع طبيب العائلة في الجهة؟
< وصلت تجربة طبيب العائلة إلى مراحل متقدمة، انطلاقا من المركز الصحي ابن امسيك، بعد تخريج 9 أطباء جدد، متخصصين في طب العائلة، على مستوى جهة البيضاء- سطات، علما أن طب العائلة مبرمج من قبل وزارة الصحة، باعتباره مشروعا قائما بذاته، يستهدف تعزيز طب القرب، وإعداد سجلات بالوضعية الصحية لأفراد العائلات، وتتبع تواريخهم الصحية.

ويتابع طبيب العائلة الحالة الصحية للمواطن من الولادة إلى الموت، فيما يتركز عمله في المراكز الصحية، باعتبار قربها من المرضى. وعموما، فإن أغلب أطباء هذه المراكز حاليا، يعرفون جيدا مرضاهم وعائلاتهم وعناوينهم، ذلك أنه يتعين علينا ألا ننسى أهمية هذا المعطى، في برامج التلقيح ضد الأمراض المزمنة والمعدية، فمريض السل المرتبط بالعلاج بواسطة الحقن، تتم ملاحقته في حال عدم استكماله حصص العلاج.

أجرى الحوار: بدر الدين عتيقي –  عبد الحق خليفة

حسن برهون : المصدر جريدة  ” الصباح ” .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.