جريدة بريس ميديا الأوروعربية للصحافة PRESS Medias Euro Arabe
المدير برهون حسن 00212661078323

حوار ضيف الجريدة رئيس المجلس الوطني للصحافة مجاهد: صورة الصحافي خُدشت

رئيس المجلس الوطني للصحافة أكد أن تأهيل المقاولة مرتبط بتحصين المهنة

أكد يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، أن من صلاحيات المجلس التصدي للانحرافات التي يعرفها الحقل الإعلامي، وهناك انتظارات قوية من الجسم الصحافي ومن فئات واسعة من المجتمع، حتى يلعب المجلس دورا كبيرا في مواجهة الخروقات الأخلاقية التي تمارس في الصحافة. وأوضح مجاهد أن ورش تأهيل المقاولة له ارتباط قوي بتحصين المهنة وتخليقها، مؤكدا أن الهدف هو مقاولات ورقية وإلكترونية مزدهرة، وليست هشة، لأن الهشاشة لا يمكن أن تنتج سوى الرداءة. في ما يلي نص الحوار:

أجرى الحوار: برحو بوزياني

< شرع المجلس الوطني في مزاولة مهامه. ما هو تشخيصكم لواقع الصحافة، وهل ستحرصون على تطهير المهنة من الدخلاء والذين حصلوا في ظروف غير واضحة على البطاقة؟
< لقد نجحت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، في ولاية الفقيد الأستاذ محمد العربي المساري، وكانت تضم آنذاك غرفتين، واحدة للصحافيين والأخرى للناشرين، في التفاوض مع وزارة الداخلية والإعلام، حول قانون أساسي للصحافيين، يضمن الولوج إلى المهنة، بضمانات ومكاسب ضرورية، من قبيل الحصول على شهادة العمل والتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأن يكون أجر الصحافي الرئيسي من العمل الصحافي. وينبغي التنبيه هنا إلى أن هذا لم يكن حاصلا من قبل. بالإضافة إلى كل المكتسبات الأخرى التي تم تحقيقها، والتي تتجاوز ما هو منصوص عليه في مدونة الشغل، مثل التعويض في حالة الطرد وأيضا العطلة السنوية.

< هل كانت هذه الضمانات كافية؟
< ظهر بعد ذلك أن هذه الضمانات للولوج للمهنة، في حاجة إلى تطوير، وهنا يمكن العودة للنقاش الذي عرفه الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، الذي أصدر توصيات، في 2010، من بينها ضرورة ربط الولوج للمهنة بالتكوين في مجال الإعلام.

نحن اليوم أمام تطورات جديدة، تقتضي مزيداً من المعايير التي تمنع التسرب إلى المهنة، بدون التوفر على الشروط الضرورية، سواء من حيث التكوين أو الحصول على شهادات أو التوفر على حد أدنى مقبول من الأجر، وغيرها من المقاييس التي سنحرص على احترامها حتى يحصل على البطاقة المهنية من يستحقها فعلاً.

< هل لديكم تصور أولي للعمل الذي ستقومون به؟
< سيتواصل هذا المجهود دون كلل أو ملل، مع اعتماد اتفاقية جماعية جديدة، لأن مسؤوليتنا هي حماية هذه المهنة، كما يحدث في البلدان المتقدمة، حيث يعتبرها المجتمع مهنة نبيلة ومحترمة. لا يمكن أن نقبل من مقاولات أن تشغل صحافيين بأجور زهيدة وبأوضاع هشة. كل مقاولة تريد الاستثمار في هذا المجال عليها أن تكون قادرة على ضمان كرامة الصحافي والقدرة على الاستمرار.

< فتحتم مشاورات واسعة من أجل إعداد ميثاق الأخلاقيات. هل يعني ذلك أن التخليق يشكل أولوية اليوم لمحاصرة الممارسات المخلة بالمهنة، والتي تعمقت أكثر مع الصحافة الإلكترونية؟
< ينبغي أن نؤكد هنا على أمرين، الأول هو أن خرق أخلاقيات المهنة لم يظهر مع بروز الصحافة الإلكترونية، فقد كان سابقاً لذلك. طبعاً لقد عملت الصحافة الإلكترونية على النفخ فيه وتضخيمه. ثانياً، إن الأغلبية من الصحافيين والناشرين حريصون على احترام الأخلاقيات. هناك أقلية من هذين الصنفين، تسيء للمهنة. وكما هو واضح في القانون المحدث للمجلس، فإن من صلاحياته التصدي لهذه الانحرافات، وهناك انتظارات قوية من الجسم الصحافي ومن فئات واسعة من المجتمع، حتى يلعب المجلس دوراً كبيرا في مواجهة الخروقات الأخلاقية التي تمارس في الصحافة.

< ما هي الإجراءات التي قمتم بها لإخراج هذا الميثاق إلى الوجود؟
< نحن بصدد التشاور الواسع من أجل وضع ميثاق للأخلاقيات، وقد فتحنا هذه الإمكانية للصحافيين عبر بريد إلكتروني، حتى يقدموا اقتراحاتهم، كما خاطبنا المنظمات الثقافية والحقوقية المعنية بهذا الموضوع، حتى تقدم مساهماتها، بالإضافة إلى اقتراح خاص بالهيآت التمثيلية للصحافيين والناشرين، حتى ينظموا مشاورات واسعة، عبر تنظيماتهم، مع أكبر عدد من المهنيين, بالإضافة إلى كل هذا هناك شخصيات اشتغلت على هذا الموضوع، سيتم التشاور معها.

وأريد أن أشير هنا إلى أن موضوع ميثاق للأخلاقيات ليس جديداً في المغرب، فقد قامت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بإعداد ميثاق في منتصف تسعينات القرن الماضي، كما أسست، إلى جانب الفدرالية المغربية لناشري الصحف، الهيأة المستقلة لأخلاقيات المهنة وحرية التعبير، في بداية القرن الحالي، بمساهمة منظمات حقوقية وثقافية وشخصيات، وكان يرأسها الأستاذ محمد مشيشي العلمي، ووضعت ميثاقا مفصلا مازالت أغلب بنوده صالحة إلى اليوم.

المجلس يقتضي التفرغ

< يطرح تحملكم مسؤولية المجلس الوطني، مسألة التجرد من الصفة السياسية والنقابية، وتدشين تجربة جديدة في تأطير المهنة. ما هو تصوركم لطبيعة العلاقة التي ستطبع المجلس مع باقي الهيآت النقابية والمهنية؟
< ليس هناك في القانون المحدث للمجلس، ما يفرض على الأعضاء التجرد من صفاتهم السياسية والنقابية، ما هو مطروح عليهم جميعا، هو الحياد والنزاهة والموضوعية، وهو أمر يصح كذلك على مجالس أخرى مشابهة، غير أني باعتباري رئيسا، ألتزم بأن أتفرغ لعمل المجلس، وهذا يفرض علي الابتعاد ما أمكن عن المسؤوليات الأخرى، وهو أمر سبق أن صرحت به.

مخطط لتطوير قراءة الصحف

< تواجه الصحافة الورقية تحديات كبيرة. كيف تنظرون في المجلس الوطني إلى إكراهات المقاولة. وما هي رؤيتكم للإصلاحات الضرورية من أجل تجاوز هذه الوضعية؟
< هذا ورش رئيسي في عمل المجلس، من خلال لجنة تأهيل المقاولة الصحافية، وكذا لجنة الدراسات والتعاون والتكوين، وسينال كل الاهتمام اللازم، لأن تطوير الصحافة، سواء الورقية أو الالكترونية، مسألة ضرورية، للتجاوب مع متطلبات المجتمع الذي يتطلع إلى صحافة جيدة، ولن يتم هذا إلا بمقاولات قوية قادرة على الاستمرار، وعلى توفير شروط محترمة لعمل الصحافيين، لذلك هناك عدة مشاريع، يشتغل عليها المجلس، مثل مخطط وطني لتطوير قراءة الصحف، ومعالجة مشاكل التوزيع، وعدد من القضايا تهم الورق ومسائل صعبة أخرى تواجه الصحف، بالإضافة إلى كل ما يتعلق بربط الدعم بدفاتر تحملات للصحافة الورقية والإلكترونية… وباختصار إن ورش تأهيل المقاولة له ارتباط قوي بتحصين المهنة وتخليقها، ما نريده هو مقاولات ورقية وإلكترونية، مزدهرة، وليست هشة، لأن الهشاشة لا يمكن أن تنتج سوى الرداءة.

< يطرح تأهيل المشهد الإعلامي إلى جانب تطوير المهنة الاهتمام بأوضاع المهنيين، وفي المقدمة الوضع الاجتماعي. كيف سيعالج المجلس هذه القضايا لتصحيح صورة الصحافي في المجتمع؟
< لا أعتقد أن صورة الصحافي في المجتمع تحتاج إلى تصحيح، رغم أنها خدشت في السنوات الأخيرة، بفعل بعض الممارسات المشينة، من قبل بعض السفهاء، وهم حاضرون في كل المهن، ووجدوا دائماً في كل زمان ومكان.

واجبنا هو أن نلعب دورا للمساهمة في معالجة العديد من الصعوبات الاجتماعية، التي يعانيها الصحافيون، ولدينا برنامج في هذا المجال، على رأسه أمران اثنان، الأول، تفعيل مشروع تعاضدية للصحافيين، تتكلف بعدة ملفات في ميدان الحماية الاجتماعية، وغيرها من المتطلبات، الثاني، هو دعم اتفاقية جماعية، تلبي مطالب الزيادة في الأجور والتعويضات وتنظم العلاقات بين العاملين والإدارة.

مقاولات بدون برامج وهياكل

< يطرح موضوع التأهيل مسألة التكوين المستمر للصحافيين من أجل مواكبة مستجدات المهنة في ضوء التطور التكنولوجي. ما هي الأوراش التي ترون ضرورة انكباب مختلف المؤسسات المهنية على معالجتها؟
< من المؤسف أن نلاحظ تخلفا ملفتا للانتباه في هذا المجال، على مستويين، الأول هو أن الأغلبية الساحقة من المقاولات، لا تتوفر على برامج وهياكل وميزانيات للتكوين المستمر. الثاني هو أن شبكة معاهد التكوين تعرف اختلالات كبيرة، فباستثناء البعض منها، خاصة المعهد العالي للإعلام والاتصال، هناك ضرورة لمراجعة ما تقدمه من تكوين.

وسيعمل المجلس على هذين المستويين، من أجل تصحيح الوضع، لأنه لا يمكن تصور مهنة بدون تكوين جيد وتكوين مستمر، ويمكن النظر في التجارب المتقدمة في العالم، حيث نجد أن هناك اهتماما كبيرا بالتكوين، سواء من حيث وجود معاهد وكليات بمستويات عليا، أو بتخصيص ميزانيات داخل المقاولات والمؤسسات للتكوين المستمر. وهنا لابد أن نذكر بأنه خلال الحوار الوطني الإعلام والمجتمع، نظمنا لقاء مع مسؤولي المعاهد العمومية والخاصة، بحضور ممثلين عن وزارة التربية الوطنية واليونسكو، وخلصنا إلى توصيات هامة في هذا المجال، غير أنها لم تر النور لأن السلطات العمومية، لم تول لهذا الورش ما يستحقه من اهتمام.

< يشكل موضوع حرية الصحافة أهم شرط لتطوير المهنة، وهو ما يطرح سؤال الحق في الولوج الى المعلومة، ومحاربة الأخبار الكاذبة. ما هو تقييمكم لواقع الحرية اليوم، في ظل وجود مضايقات ومتابعات لصحافيين ومحاكمتهم؟
< لا يمكن للمجلس الوطني للصحافة أن يتحول إلى منظمة نقابية أو هيأة للناشرين أو منظمة حقوقية، فهذا ليس من صلاحياته، لكن هذا لا يمنع من تقديم تقييمنا في تقرير سنوي، سنقدمه بعد التشاور والتداول بين مكونات المجلس، كما ينص على ذلك القانون.

في سطور
– صحافي في الاتحاد الاشتراكي
– رئيس المجلس الوطني للصحافة
– الأمين العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية
– عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي

حسن برهون : المصدر جريدة  ” الصباح ” .