المدير برهون حسن 00212661078323
حوار ضيف الجريدة البرلمانية خريجة الثانوية العسكرية الملكية بوفراشن: الحكومة لم تحسن الترويج للتجنيد
البرلمانية خريجة الثانوية العسكرية الملكية قالت إن 10 آلاف شاب سيتم تجنيدهم في 2019
دافعت حياة بوفراشن، البرلمانية في فريق الأصالة والمعاصرة عن قانون الخدمة العسكرية الذي صادقت عليه، أخيرا، لجنة العدل والتشريع. وقالت البرلمانية خريجة الثانوية العسكرية الملكية، إن الحكومة لم تحسن الترويج للقانون نفسه الذي فيه مزايا كثيرة، خصوصا لفائدة الشباب والشابات.
وفي مايلي نص الحوار:
أجرى الحوار: عبد الله الكوزي –عبد المجيد بزيوات
< كنت من أبرز أعضاء لجنة العدل والتشريع الذين أبدوا إيجابية وحماسا كبيرين خلال مناقشة القانون المتعلق بالخدمة العسكرية الإجبارية، هل من سبب في ذلك؟
< لأن المثل يقول من رأى ليس كمن سمع، وأنا رأيت وعشت مزايا التكوين والانتماء إلى المؤسسة العسكرية، واعتبر نفسي وكل الخريجات والخريجين من الثانويتين العسكريتين إفران (الإناث ) والقنيطرة (الذكور) محظوظين، لأننا تلقينا التعليم والتكوين وقيم المؤسسة العسكرية التي تزرع في الشخص الاعتماد على النفس وروح التنافس، والتكوين النظري والعلمي الصلب، واللياقة البدنية عبر التعود على ممارسة الرياضة، والانضباط للقواعد العامة والعيش المشترك التي كانت بمثابة الأسس التي جعلت أغلبيتنا تتفوق في دراستها وفي الحياة المهنية، وأن تتبوأ اليوم عدة مواقع مهمة وإستراتيجية في خدمة الوطن والمواطنين.
< تقدمين التكوين العسكري بشكل إيجابي ومشرق، عكس توقعات بعض الشباب الرافضة له بسبب الهلع والخوف اللذين أثارتهما طريقة تقديم الخدمة العسكرية؟
< دعني أقل لك، إن الحكومة فاجأت الجميع بقرار انفرادي يهم المجتمع برمته بدون سابق إنذار أو مقدمات، ويبدو أنها تجد صعوبة في التواصل مع المجتمع المغربي، وهي التي تتشدق بمناسبة وبغيرها بأنها تمثله وتمارس سياسة القرب .فعندما تتوجه لفئة الشباب بصفة خاصة وفي سن حرجة وتضعهم أمام الأمر الواقع بشكل فيه كثير من الترهيب والتهويل والإجبارية الفظة والسرعة المكوكية كالتي قدمت بها القانون، فطبيعي أن يرفضه الشباب وأولياؤهم فالقانون أظهر أن الحكومة لم تستحضر المقاربة السيكولوجية في تعاطيها معه، لأن الأسر المغربية غير مهيأة نفسيا لقبول الأمر والتأثير على الأبناء لأسباب ذاتية وموضوعية. وبما أن الفراغ ينتج عن غياب التواصل وتجاهل المعنيين بالأمر ، فان باب التأويل يفتح على مصراعيه، خصوصا في سياق الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتذبذبة التي جعلت عدد الوقفات الاحتجاجية ضد الحكومة وسياستها تصل إلى المئات، وبالتالي فالعنف اللفظي والجاف يفضي بالضرورة إلى السلوك نفسه ورد الفعل.
< أثير خلال مناقشة المشروع داخل لجنة العدل والتشريع، ضعف التواصل الحكومي بخصوص الموضوع، هل لديك حلول لإقناع الشباب بأهمية التجنيد الإجباري، وجعله مقبولا؟
< كان حريا بالحكومة أن تقدم الخدمة العسكرية في إطار عرض متكامل ضمن الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب، حلا لإفلاس مؤسسات التكوين والتربية والتأطير، وتشمل التكوين المهني، كما أمر بذلك صاحب الجلالة، والخدمة العسكرية للراغبين في ذلك، إضافة إلى عروض القطاعات الأخرى المعنية وكذا القطاع الخاص ، وأن يفتح نقاش مجتمعي، مؤطر من قبل قانونيين شباب ومختصين في التواصل الجمعوي وبرلمانيين شباب من الأغلبية ومن المعارضة كذلك، ملمين بالموضوع وقادرين على شرح ما سكت عنه القانون الذي اكتفى ب18 مادة تغرق في العموميات في انتظار صدور النص التنظيمي الذي من المفروض أن يدخل في التفاصيل، وذلك بوسائل التواصل الإلكترونية التي يتقنها الشباب ويعيشون داخلها ، ويقترحون حلولا، ويقدمون بدائل لفشل منظومة التربية والتكوين، والمؤسسات الكفيلة بإنعاش سوق الشغل الخاصة منها والعامة. هذا علاوة على برامج على قنوات القطب العمومي، والإذاعات المغربية الموجهة للشباب. وكم سيكون مفيدا، أن تخصص أمسيات يفتح فيها نقاش صريح وهادئ مع سماع صوت الأسر والآباء، فعندما نتبنى المقاربة التشاركية، فإن القبول بقرار ما، يكون أسهل من المباغتة والتعتيم والمراوغة.
< هل كل أبناء المغاربة معنيون بهذه الخدمة، كيفما كانت ظروفهم الاجتماعية والصحية ؟ وابتداء من أي سن؟
< يحدد سن استدعاء الأشخاص الخاضعين للخدمة العسكرية ما بين 19 سنة و25 ، غير أنه يمكن استدعاء من أعفي لسبب من الأسباب، عندما يزول المانع، في حدود سن الأربعين. طبعا ليس كل المغاربة معنييون، لان الأصل في الخدمة العسكرية هي الصحة البدنية واللياقة والسلامة العقلية، وكذا الاستعداد الدائم للتدخل الميداني كلما احتاج الأمر لذلك، سواء للذود عن أمن واستقرار الوطن، أو للمساعدة في حالة الطوارئ والكوارث الطبيعية، أو مساعدة الأهالي في المناطق ذات التضاريس والمناخ الصعب. إن السلامة الجسدية والعقلية، أمران ضروري توفرهما في الراغب في الالتحاق بالجندية .
الجيش يضمن مساعدة اجتماعية وطبية
< برأيك ماهي سبل التواصل حول هذا الموضوع بعد المصادقة عليه بمجلس النواب؟
< الخاص والعام يعرف أن للخدمة العسكرية والجندية والدرك والشرطة والقوات المساعدة، مكانة متميزة في القلوب والمتخيل الشعبي الجماعي ، لعدة اعتبارات، أهمها أن الجندي والدركي والشرطي، وكل من يرتدي زيا نظاميا، يبعث على الاحترام والهيبة والوقار، ويكون مفخرة لأسرته وحيه ومدينته أو قريته .
إن إدارة القوات المسلحة الملكية من الإدارات القلائل التي تضمن مساعدة اجتماعية وطبية للمجند وأسرته ووالديه، وتوجد عدة مؤسسات طبية، اجتماعية وشبه طبية متميزة يستفيد منها الجندي وأسرته في حياته وبعد مماته، كما أن الجندي يبعث على الثقة والأمان، ويعتبر حضوره مطمئنا للمواطنين .ومن هنا فالأسر المغربية مستعدة نفسيا لهذا الموضوع، وتعتبر انتماء أبنائها للمؤسسة العسكرية التي يعد ملك البلاد قائدها الأعلى، هي بمثابة ابن يشتغل إلى جانب أبيه، فهو قد يكون صارما تجاهه، ولكن يشعر معه بالأمان والاطمئنان للحاضر والمستقبل، دون نسيان البطالة بسبب فشل كثير من المنظومات التعليمية والتربوية في تأطير الشباب ومواكبته.
الإدماج في الجيش الرديف
< نريد معرفة بعض التفاصيل المتعلقة بالقانون، فكم هي مدة التجنيد، وهل يمكن للمجند بعد انقضاء الآجال أن يطلب التمديد؟
< بخصوص المدة الزمنية، فإن القانون حصرها في 12 شهرا، وفي حال الرغبة في البقاء، فالقانون يعطي إمكانية الإدماج في الجيش الرديف، إذا ثبتت استجابة الشخص المجند مؤقتا لضوابط الأنظمة والقوانين الجاري بها العمل، وتبعا لذلك من حقه الاستفادة من كل الضمانات والامتيازات التي تخولها المهنة.
الإجبارية لا تتناسب مع عقلية الشباب
< وماذا عن الظروف الاجتماعية للمجند؟
< إن المشرع كان متبصرا، ومراعاة لخصوصية وبنية الأسرة المغربية المبنية على التضامن والتآزر بين الآباء والأبناء، فإن القانون يعفي الأشخاص المعيلين لأسرهم، والمرأة المتزوجة والحاضنة لأطفالها، والطالب الذي لم يتمم دراسته ، ووجود أحد أفراد الأسرة في الجندية، فضلا عن بعض الموظفين أو المنتخبين الذين يزاولون مهامهم الوظيفية، كما يستثنى كل شخص له سوابق أو بصدد تنفيذ عقوبة حبسية تزيد عن 6 أشهر.
< ما هي هذه الامتيازات ؟
< طبعا سيستفيد المجند من أجر وتعويض معفى من الضرائب، وكذا توفير المأكل والملبس والتغطية الصحية والتأمين عن الوفاة والعجز، والحق في المساعدة الطبية والاجتماعية التي يعد نظامهما في المؤسسة العسكرية من أقوى الأنظمة التي تحمي المجند وأسرته حيا أو ميتا .
< لماذا هناك تخوفات عبر عنها الرافضون للقانون نفسه؟
< إدارة القوات المسلحة الملكية من الإدارات القلائل التي تضمن مساعدة اجتماعية وطبية للمجند وأسرته ووالديه، وتوجد بها عدة مؤسسات طبية اجتماعية وشبه طبية متميزة، يستفيد منها الجندي وأسرته . والمواطن المغربي بكل مستوياته السوسيواقتصادية وانتماءاته السوسيو ثقافية يتمنى أن يكون ضمن أبنائه جندي أو ضابط في القوات المسلحة الملكية، وهذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها أي مغربي لصيق بالواقع الاجتماعي المغربي، ويمارس سياسة القرب، ويحاور الناس بشكل اعتيادي ومستمر . المشكل كما قلت يكمن في الطريقة المفاجئة وغير البيداغوجية التي بلغت بها الحكومة عزمها على إصدار قانون الخدمة العسكرية ، إذ أن أسلوب التهويل والإجبارية والضغط لا يناسب عقلية الشباب ، فلو تم فتح حوار هادئ وصريح مبني على التواصل مع الشباب على مستوى الفضاء الأزرق، أو من خلال القنوات التلفزية والإذاعات الموجهة له، لكان رد فعل الشباب والأسر إيجابيا ومشجعا.
هذا ما ناقشه البرلمانيون
< كيف مر النقاش داخل لجنة العدل والتشريع الذي حرم الصحافيون من تتبعه، وماهي أهم التعديلات التي مست قانون الخدمة العسكرية؟
< طبعا في غياب نقاش مجتمعي ، فإن المواطنين حملوا البرلمانيين رسائلهم، وتخوفات الشباب وأسرهم، نظير أليست مدة 12 شهرا كثيرة ؟ ولم الإجبارية وليس الطوعية، خصوصا للإناث؟ ألا يشكل التدريب على السلاح للجميع خطرا على الشباب والمجتمع ؟ وهل من ضمانة لمعاملة كل أبناء المغاربة بشكل متساو أمام هذا القانون، مهما كانت انتماءاتهم السوسيو اقتصادية والسوسيوثقافية، وهل هنالك إمكانية تعلم حرفة أو عمل تقني؟ هذه الأسئلة وأخرى هي التي تم تداولها في لجنة العدل والتشريع، تمخضت عنها بعض التعديلات، أبرزها السماح للمجندين باجتياز مباريات الوظيفة العمومية خلال فترة التجنيد التي تدوم 12 شهراً. وضرورة التنصيص في المادة الـ32 من مدونة الشغل، على ضرورة عودة المجندين العاملين في القطاع الخاص بعد انتهاء فترة التجنيد الإجباري، ورفع المدة الحبسية المانعة للتجنيد إلى سنتين بدل ستة أشهر، لأن الخدمة العسكرية يجب أن تسهم في إعادة إدماج السجناء، خصوصا أن 80 في المائة من السجناء شباب.
وقد رفض عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، دعوة البرلمانيين إلى تعديل المادة الثانية من مشروع القانون، بما يسمح للمحكوم عليهم بعقوبة حبسية تزيد عن ستة أشهر من الاستفادة من التكوين العسكري. وينتظر أن تشرع وزارة الدفاع الوطني في تدريب وتكوين أول فوج من الشباب المستهدفين بمشروع الخدمة العسكرية ابتداء من شتنبر 2019. وسيشمل ما يناهز 10آلاف مستفيد سنويا، سيشكلون قوة احتياطية وقت الحاجة والأزمات.
في سطور
– نائبة رئيس مجلس النواب
– نائبة برلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب
– مستشارة جماعية بسلا
– رئيسة قسم شؤون المرأة والطفولة الصغرى بوزارة الشباب والرياضة
– أستاذة الخدمة الاجتماعية بالمعهد الملكي لتكوين الأطر .
– أستاذ ة زائر ة بكلية العلوم الاجتماعية والقانونية سلا الجديدة
– مديرة مشاريع بمؤسسة محمد الخامس للتضامن
-رئيسة المنظمة المغربية لإنصاف الأسرة .
حسن برهون : المصدر جريدة ” الصباح ” .