صمود القوات المسلحة الملكية

يتابع الرأي العام الوطني بقلق واستياء أعمال البلطجة والاستفزاز التي تقترفها عناصر الجبهة الانفصالية ضد جنود القوات المسلحة الملكية المرابطة بالأقاليم الجنوبية.
بعد سلوكات الرعونة والفوضى بمنطقة الكركرات منذ أسابيع، وإقدامها على قطع طريق المعبر وشل حركة التنقل والتجارة، دفعت “البوليساريو” عناصرها لتنظيم وقفات بمنطقة أوسرد، في محاولة للاختراق، وأيضا لجر عناصر الجيش المغربي للرد والمواجهة، ومن ثم لخرق اتفاق وقف إطلاق النار.
تجري كل هذه البلطجة الانفصالية أمام أنظار عناصر بعثة “مينورسو”، التي عجزت أطقمها عن ضبط العناصر الانفصالية، ولم تتراجع “البوليساريو” رغم دعوات الأمين العام للأمم المتحدة، والتصريحات الأخيرة التي صدرت عن  عدد من أعضاء مجلس الأمن، وكلها شددت على أهمية صيانة الاستقرار ووقف الاستفزازات، وطالبت بعدم عرقلة التجارة والتنقل على مستوى معبر الكركرات، واحترام التزامات اتفاق وقف إطلاق النار.
الجبهة الانفصالية دفعها يأسها قبيل صدور القرار الأخير لمجلس الأمن إلى تكثيف ضغوطها على المنتظم الدولي، ولم تجد سوى أعمال البلطجة والرعونة، وأيضا توزيع التهديدات ضد كل الأطراف، وبعد التصويت على قرار مجلس الأمن أصيبت بالسعار، وأحست بالخيبة والهزيمة، وعبرت عن ذلك بمواصلة السير على طريق العصابات وقطاع الطرق، ويتفرج العالم كله اليوم على رقصتها الانتحارية الأخيرة.
القوات المسلحة الملكية، من جهتها، تدرك اليوم الدرك الذي توجد فيه الجبهة الانفصالية ودوافع جنونها وسعارها، ولذلك لم تنجر وراء استفزازاتها المتتالية، وبقيت سدا منيعا أمام بلطجية الانفصاليين، وتحلت بالكثير من الثبات والصمود والتعقل وضبط النفس.
من الواضح أن اللحظة دقيقة، وكل السياقات تضع الأمور في مرتبة مشتعلة بالحساسية، ولهذا يحضر واجب الإمساك بالعقل وبعد النظر، وفِي نفس الوقت الصمود والتصدي لكل مناورات الخصوم، وهذا ما تجسده اليوم عناصر القوات المسلحة الملكية المرابطة في تخوم الصحراء المغربية، وتدركه وتمارسه على أرض الواقع.
إن القوات المسلحة الملكية، في هذه الظروف، تستحق منا جميعا التحية والإشادة، والتعبير لها عن الامتنان والتقدير والمساندة، وأيضا مواكبة صمودها بفعل ديبلوماسي رسمي وشعبي وسياسي وإعلامي قوي وهجومي لوضع المنتظم الدولي والأمم المتحدة أمام مسؤوليتهما، وحثهما على العمل لوقف استفزازات الجبهة الانفصالية وتهديدها لاستقرار كامل المنطقة، والتصدي لبلطجيتها الميدانية.
إن محتوى القرار الأممي الأخير، الذي لم ينص على أي خيار آخر للحل عدا الحل السياسي الواقعي المتوافق عليه، ولم يشر إلى تنظيم الاستفتاء، والذي أبرز أيضا الدور الجزائري وسجل مسؤولية الجار الشرقي والتزاماته، يكشف على تنامي الوعي لدى المجتمع الدولي بخلفيات هذا النزاع المفتعل، وهو ما يستدعي اليوم جهدا أكبر لدفع خصوم المغرب للخروج من جمودهم، والسير نحو حل عادل ونهائي للنزاع.
ندرك أن ما تقترفه اليوم الجبهة الانفصالية من بلطجة ناجم عن إدراكها لوجود تحولات دولية وديبلوماسية وإقليمية واستراتيجية في غير صالحها، ولوصول مناورتها إلى نهايتها ودنو حتفها، ولكن، بالذات، هذا ما يتطلب وعيا أكبر من العالم لتقوية اليقظة وتفادي زعزعة السلم والأمن بالمنطقة.
أما بالنسبة للمغرب، فأكثر من أي وقت مضى، تعتبر اليوم مقولة “الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه” أكثر راهنية وأكثر واقعية وأكثر فعلية.
تحية الإشادة والتقدير للقوات المسلحة الملكية المغربية.

<محتات‭ ‬الرقاص

mahtat5@gmail.com