المدير برهون حسن 00212661078323
قبل أن تغوص عزيزي القارئ في عمق هذا المقال، أغمض عينيك وتخيل معي أنك صرت غنيا، ولك من الجاه والسلطة والقوة الشيء الكثير..!
قم بالتمرين وكرره 30 يوما… ثم دعنا نكتشف ماذا سيحدث في النهاية..!!
“تخيل أنك الآن غني”!!
لعلها أغبى الجمل التي يتم تداولها في كتب التنمية البشرية أو أثناء الدورات التي تقام في هذا السياق، شأنها شأن تمارين عدة كتلك التي تطلب منك إغلاق عينيك لتتخيل نفسك ناجحا وقد تغلبت على فشلك.. أو حصولك على الوظيفة التي تحلم بها، أو السيارة التي ترغب فيها، أو قدرتك الخارقة على تحدي العراقيل والسدود المنيعة…
لا أنكر أن التنمية البشرية، ساهمت في تطوير مهارات عدد كبير من الأشخاص، ونجحت في أن تدفع بعدد منهم إلى الأمام، كما عملت على تصحيح جملة من عيوبهم ونواقصهم على مستوى الشخصية..
فحينما يتعلق الأمر بالمحاضر والكاتب الجيد والمتمكن والواسع الخبرة، فإن النتيجة تكون مذهلة في حدود المعقول، لكن الوضع يخرج عن السيطرة بل ينجرف عن الطريق السليم.. حين يصير المفتاح بين يدي المتطفلين على المجال، أشخاصا عجزوا عن تسلق سلم الحياة بسلاسة فاختاروا السبيل الأسهل والخالي من العقبات، إذ قرأوا عددا من كتب الخبراء وحضروا دورات أغلبها على اليوتوب، ليدّعوا في نهاية المطاف العلم ويشرعوا في استقطاب الشباب المتعطش للنجاح والتغيير بمقابل مادي..
باعتبار الأمر تجارة مربحة، مدرة ولا تتطلب مجهودا ضخما.. وجهدا جهيدا.. فكيف لا تصبح غنيا أنت بعد إغلاقك لعيونك!!! لا بعد وأن الخلل فيك!!
حظيت كتب عديدة في هذا المجال بالشهرة والانتشار، فقمت بقراءتها استجابة للفضول الذي يسكنني .. قبل أن أُصدم برداءتها وتضارب عناوينها بالمضامين… حتى أنها لا تنفك عن تكرار مقولات الرواد في المجال وسرد قصصهم الناجحة.. إذ تكاد تشبه بعضها من شدة التطابق..
لأتساءل كيف استطاعت هذه المؤلفات أن تنعم بهذا النجاح الواسع.. في الوقت الذي لا زالت كتب خبراء “حقيقين” مركونة في رفوف المكتبات؟!!..
أظن أن الأمر لا يرتبط بفراغ المحتوى بل يتعلق بالانسياق الأعمى خلف السرب، إذ ينجرف الفرد منا خلف الجماعة دون أن يشعر ولا بد من أن الرغبة الجامحة في النجاح وتطوير الذات، تجعله يُلبّي دعوة أي عنوان يظهر أمامه يخبره أنه “سيستطيع”..
ليُبحر الشباب في أعماق الوهم، ويجري الحماس في عروقه ويتفرع، ظنا منه أن العزم على النجاح يُعد نجاحا ولا يتطلب منه خطوة أخرى لتحقيقه..
عزيزي القارئ.. افتح عينيك الآن واستمتع بالجمال الذي يحيط بك من كل حدب وصوب .. ثم دعني أخبرك أن الأحلام لا يمكنها أن تصبح واقعية إلا بالعمل الجاد والانغماس في معترك الحياة.. وأن الأمر لا ولن ينجح بالخيال والسفر الوجداني..
افتح عينيك، واغتنم فرصة اليوم الجديد واركض خلف أشعة الشمس نحو أهدافك.. لا ضرر في الحلم .. جميلة هي الأحلام، جميلة جدا.. تُنمي خيالنا وتساعده على الارتواء، لكن الأجمل يكمن في تصديقها ثم تسطير الأهداف، والعمل على تحقيقها…
افتح عينيك، وجرب أن تخطو الخطوة الأولى، وتصنع المفتاح بنفسك.. بعيدا عن الأوهام الكاذبة والوعود الفاشلة والأحلام الضائعة..
“افتح عينيك وانهض للعمل” هذه هي العبارة التي لطالما تمنيت أن يكتبها “المدرب” بعد كل عبارة “كاذبة” قالها.