المدير برهون حسن 00212661078323
Radical.Arbi9@gmail.com
00212.604.721.112
نظمت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان والمركز المغربي للديمقراطية والأمن والجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب بقاعة غرناطة بمدينة تطوان مؤخرا، ندوة علمية حول موضوع ” الإرهاب والتطرف” حيث اجتمعت مختلف المؤسسات الرسمية للإدلاء بدلوها في هذا الشأن.
الندوة شارك فيها المدير الجهوي لإدارة السجون وإعادة الإدماج بجهة طنجة تطوان الحسيمة مصطفى الغدوسي وممثل الإدارة العامة للأمن الوطني لحكيم بن داوود عميد أمن ممتاز مكلف بالإرهاب والجريمة المنظمة في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمحامي بهياة تطوان محمد الهيني والفاعل الحقوقي أحمد الدريدي المنسق الوطني لجبهة مناهضة الإرهاب والتطرف و الأستاذ مصطفى المانوزي رئيس المركز المغربي للدمقراطية والأمن.
لحكيم بن داوود عرض في مداخلته الاستراتيجية الوطنية المغربية في مجال محاربة الإرهاب والمساهمات التي كانت للأمن المغربي في مجال محاربة الإرهاب على الصعيد الوطني و الدولي وكذلك الإرهاصات الأولى لظاهرة الإرهاب في المغرب والتي تعود بالأساس إلى الاعتداء الإرهابي الذي وقع سنة 1994 بفندق أطلس أسني بمدينة مراكش حيث أقدم مجموعة من الشبان من جنسية فرنسية و أصول مغاربية على إطلاق النار على رواد هذا الفندق مما تسبب في مقتل سائحين إسبانيين و إصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
التحريات التي أعقبت هذا الحادث أظهرت أن المجموعة الإرهابية التي ارتكبت هذا الفعل الإرهابي كانت على ارتباط بأحد المغاربة الأفغان الذين شاركوا في الجهاد الأفغاني ثمانينيات القرن الماضي عندما كان الأفغان يواجهون التواجد السوفياتي حيث تم إلقاء القبض عليه في فرنسا سنة 1997 وتم الحكم عليه بثمان سنوات قضى منها خمس سنوات و أفرج عنه ليمارس حريته مرة أخرى فوق التراب الفرنسي بشكل طبيعي رغم أن الحكم قضى بإبعاده عن فرنسا لعشر سنوات، هذا الأخير سيظهر إسمه مرة ثانية على سطح الأحداث الإرهابية مع الأحداث التي استهدفت فرنسا سنة 2015 وتحديدا خلال شهر نونبر و ثبتت علاقته بالإرهابي الفرنسي المصطفاوي عمر إسماعيل أحد الفرنسيين الثلاثة الذين استهدفوا مسرح البطاكلون وهي العملية التي خلفت 90 قتيل.
بعد هذه الواقعة لسنة 94 و التي ضربت المغرب وتحديدا بعد أحداث 11 شتنبر بالولايات المتحدة الأمريكية أصبح المغرب بدوره بحكم انخراطه في الحملة الدولية لمحاربة الإرهاب هدفا لمنظومة الإرهاب العالمي حيث تأكدت هذه المسألة تحديدا سنة 2002 عندما تمكنت المصالح الأمنية المغربية من تفكيك شبكة إرهابية يتزعمها ثلاث مواطنين عرب من دولة عربية كانوا يخططون لضرب بوارج حلف الشمال الأطلسي العابر لمضيق جبل طارق كما أنهم وضعوا ضمن أهدافهم ضرب مصالح حساسة داخل التراب الوطني المغربي.
في نفس السنة و أمام ارتفاع وثيرة اقتراف بعض السرقات و جرائم القتل تمكنت المصالح الأمنية المغربية من تفكيك خلية المدعو يوسف فكري التي اقترفت العديد من الجرائم كالاختطاف و السرقة و القتل، كلها ثبت بأنها تمت تحت غطاء خطاب ديني متطرف.
و من خلال هذه الأحداث المتوالية جعلت المغرب بطبيعة الحال يستشعر خطورة الوضع وحجم الخطر الذي أصبح تشكله هذه التنظيمات الإرهابية وتأكدت هذه المسألة عبر الأحداث الإرهابية التي ضربت مدينة الدار البيضاء سنة 2003 حيث كانت مؤشرا جعل من المغرب يستشعر كذلك الخطورة القصوى لهذه الجماعات المتطرفة وبالتالي جعلت المغرب يحس أنه ليس في مأمن من الضربات الإرهابية و أن أمن البلد مستهدف في اي حين مما جعله يستخدم تفكير استراتيجي جديد يصنف الإرهاب كواقع ملموس تتطلب محاربته وفق استراتيجية شاملة ومندمجة وعلى هذا الأساس انخرط المغرب في ورش كبير اعتمد فيه على مقاربة شمولية عمت مستويات متعددة.
على المستوى التشريعي والقانوني بدأ المغرب بالمصادقة على معظم الاتفاقيات و الآليات الدولية والإقليمية المتعلقة بمحاربة الإرهاب وحرص بهذا الخصوص على أن تكون النصوص التشريعية متناغمة مع مضامين هذه الاتفاقيات و الآليات وهكذا تم صدور سنة 2003 وتحديدا عقب أحداث الدار البيضاء أصدر القانون 03.03 المتعلق بمحاربة الإرهاب هذا القانون لم تتوقف عملية تحيينه وفق ما تشهده الجريمة الإرهابية من تطور.
فمثلا سنة 2015 وعقب انتشار ظاهرة التحاق المقاتلين ببؤر التوتر وتحديدا بسوريا تم تحيين هذا القانون وبالتالي تم إصدار قانون يتعلق بتجريم محاولة الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية.
أما على المستوى المؤسساتي اشتغل المغرب على أهم المنجزات التي جاء بها دستور 2011 وهي إحداث المجلس الأعلى للأمن الذي سيكون بمثابة هيأة استشارية أمنية للاستراتيجية الأمنية الداخلية و الخارجية للبلاد وتدبير الأزمات وضع الأسس لحكامة أمنية ناجعة وتدبير الملفات الأمنية الكبرى التي تعرفها البلاد.
كذلك في إطار الإصلاح المؤسساتي تم إحداث وحدات معالجة المعلومات المالية UTRF وهي الوحدة المغربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وهي وحدة معلومات مالية ذات طابع إداري ملحقة برئيس الحكومة حيث تم إحداثها بموجب مرسوم صادر بتاريخ 24 دجنبر 2008 تحت رقم 2-08-572 تطبيقا للمادة 14 من القانون 43 -05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وقد تم تنصيبها من طرف الوزير الأول بتاريخ 10يناير 2009 مهمتها هو المساهمة في حماية نزاهة الاقتصاد والنظام المالي المغربي من خلال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والشبكات المالية غير المشروعة.
ولحماية نظم المعلومات السيادية قرر إحداث “اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات” وهي لجنة تعمل تحت إشراف الوزارة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني. وتتكون هذه اللجنة، التي يترأسها عبد اللطيف لوديي، الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني من عدة قطاعات أمنية وعسكرية، من قبيل المدير العام للدراسات والمستندات (لادجيد) والمدير العام لمراقبة التراب الوطني (ديستي)، وكذا رئيس المكتب الخامس لأركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية (المخابرات العسكرية. ولتفعيل هذه اللجنة تم إحداث مديرية عامة لأمن نظم المعلومات مهمتها الأساسية هي ضع الاستراتيجية الخاصة بالدولة فيما يتعلق بامن نظم معلومات أمن نظم المعلومات و إعداد نظام اليقظة والرصد والإنذار المبكر بكل ما قد يمس نظم معلومات أمن الدولة.
على المستوى الديني تم إعادة هيكلة الحقل الديني من خلال التركيز على إسلام وسطي معتدل وذلك من خلال ترأس جلالة الملك للمجلس العلمي الأعلى وهي المؤسسة الوحيدة التي يرجع إليها الأمر بإصدار الفتاوى وذلك كإضافة نوع من الدبلوماسية الدينية التي تنهجها الدولة في السنوات الأخيرة موجهة أساسا لدول الجوار التي يتهددها التطرف الديني.
هذه الديبلوماسية ارتكزت بالأساس على تكوين الأئمة والمرشدات الدينيات ولم تستثني من هذه المقاربة أيضا المغاربة المقيمين بالخارج بحكم أهمية تواجدهم خارج أرض الوطن وذلك من خلال إحداث “المجلس الأوربي لعلماء المغرب” كهيأة مهمتها الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية لهذه الفئة من المواطنين دون إغفال المستوى المتعلق بالتنمية البشرية وما تم إنجازه في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
على مستوى منظومة حقوق الإنسان أضاف لحكيم بنداوود مع تحفظه للشرح اكثر كون جلوسه في مائدة النقاش بجانب حقوقيين لهم دراية تامة بهذا الشأن على أن المغرب جدد التأكيد في دستور 2011 تشبته التام باحترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا معتبرا أن الحق في الحياة والحق في الأمن وحرية التملك وحرية الفكر وغيرها من الحقوق الأساسية بمثابة حقوق لا يجب المساس بها أو بقدسيتها أيضا تم القطع النهائي مع بعض الممارسات التي أصبحت من الماضي وتم تجريم ممارستها و ارتكابها ونبذ المعاملة اللاإنسانية و المعاملة الحاطة من الكرامة.
فيما استهل مصطفى المنوزي رئيس المركز المغربي للدمقراطية والامن مداخلته بالتطرق لواقعة إمليل كونها تشكل تطورا في الجريمة الإرهابية على الساحة المغربية و ذلك ب:
1- غياب تنظيم بالمعنى المعروف حتى الآن في الخلايا الإرهابية: عدم وجود قيادة وقواعد وعلاقات سابقة بالبؤر الإرهابية الأم في العراق او سوريا او لببيا أو غيرها.
2- الأداء المفرد الناتج عن التأثر الذاتي والانخراط الطوعي غير المباشر في “القضية” الإرهابية لداعش؛ انها الأشكال المستجدة للفعل الإرهابي المعروفة “بالذئاب المنفردة” اشكال الموجة الثالثة من موجات الإرهاب. وهي موجة تطورت اثر تشديد الخناق الأمني على الأنشطة الإرهابية ونتيجة الضربات التي تلقتها داعش عبر العالم.
3- الاعتماد على أدوات ووسائل لوجيستيكية محلية وغير معقدة.
4- تخطيط بسيط وشبه بدائي وإن استعمل نفس الطقوس الوحشية المصورة المميزة لداعش، وهي كلها عناصر تبين قدرة العقل الاجرامي الارهابي على تكييف أدوات ووسائل استقطاب عناصر جديدة لمشاريعه الدموية.
5- نقل الفعل الاجرامي من الفضاءات المدينية ذات الكثافة السكانية العالية نحو المجالات القروية وهو ما يطرح على الاستراتيجات الأمنية تحديات جديدة والحاجة إلى التكيف مع الاشكال الجديدة للأخطار الإرهابية.
6- بروفايلات منفذي جريمة إمليل لها نفس بروفايلات منفذي الجرائم الإرهابية أي أشخاص ذوو تكوين تعليمي بسيط الى منعدم، ينحدرون من هامش المدينة وهامش الفضاء الاجتماعي ومن أوساط اجتماعية غاية في البؤس الاجتماي وقد يكونون من ذوي السوابق العدلية.
7- أزيد من 350 خلية إرهابية تم تفكيكها مند ملف ” يوسف فكري” وهوما يبين حجم المجهود الأمني الذي مكن من تجنب عشرات العمليات الإرهابية.
8- إذا كانت الاستراتيجية الأمنية في مواحهة الإرهاب المؤسسة على الاستباق وإصلاح الحقل الديني وتكييف المنظومة القانونية لكي تساعد على أداء فعال لمحاربة الإرهاب وتأطير البنيات المؤسساتية ( إحداث المكتب المركزي) وإنجاز عدد من مخططات التنمية الاجتماعية علاوة على تكتيف التعاون الدولي في مجال محاربة الإرهاب …إذا كانت هذه الاستراتيجية قد أبانت في العموم عن نجاعتها وخاصة في جوانبها المتعلقة بالأداء الأمني فإن عددا من أدرع هذه الاستراتيجية تحتاج إلى مزيد من الحزم لتجفيف منابع التطرف.
يضيف المانوزي في نفس السياق أن ” النجاح الأمني وحده لا يكفي وبالتالي يجب :
– قطع التردد في مجال إصلاح الحقل الديني ( ما معنى أن يكون 2 من منفذي عملية إمليل ” إمامين ” في مسجدين عشوائيين؟ ومن سمح بذلك؟) والتنفيذ الحرفي لمقصد المشرع الدستوري الذي اعتبر أن اختصاص تأطير التدين المغربي هو اختصاص حصري لأمير المؤمنين وللمؤسسة التي يشرف عليها ” المجلس العلمي ” والحرص على تنقية صفوفه من أنصار الوهابية والاخوانية وتفرعاتهما وأخواتهما والذين مهدوا الطريق نحو التدين العنيف والمتطرف بل والإرهابي هذا من جهة ومن جهة أخرى يجب القضاء على مخلفات السياسة الرسمية التي سادت مند أواسط سبعينيات القرن الماضي والتي عملت على تشجيع تنظيمات الإسلام السياسي قصد محاربة” المد الديمقراطي”وهي السياسة التي كانت من نتائجها ولو جزئيا الوقائع التي نشهدها اليوم.
– القطع مع التردد غير المفهوم في إصلاح منظومة التعليم. والمدرسة لوحدها قادرة على خلق مواطن سوي حر ومستقل وفق مدرسة مؤسسة على قيم العقل والتسامح والمواطنة والانفتاح كلها أمور قادرة على محاربة جذور التخلف وأسس التطرف.
– تكثيف المجهود التنموي للحد من تكاثر هوامش المدن الفقيرة والتي تنعدم فيها أدنى شروط الحياة الكريمة والتي عادة ما ينطلق منها مجرمو الإرهاب. وبالتالي فحواضن الإرهاب هي نفسها سيادة تدين غير متسامح واستشراء ظاهرة التكفير المبررة للكراهية وغياب مدرسة تعليم وطنية فعالة وحاملة لقيم الحداثة والديمقراطية والعصر وسياسات اجتماعية ناجعة في محاربة الفقر.
ختاما أضاف المدير الجهوي لإدارة السجون و إعادة الإدماج بجهة طنجة تطوان الحسيمة السيد مصطفى الغدوسي مداخلته المصورة التي حصلت عليها صدى تطوان وإشارته للبرنامج الذي تنهجه إدارة السجون مع النزلاء وخصوصا ذوي السوابق الإرهابية بحفظ كرامتهم وتوفير بنية استقبال جيدة و استفادتهم من البرامج التعليمية والتكوينية شأنهم شأن باقي سجناء الحق العام و محاصرة الفكر المتطرف داخل المؤسسات السجنية و محاربته بطرق حكيمة ومتفتحة تتناسب مع البرامج التي تنهجها المديرية العامة لإدارة السجون من مصالحة و تثقيف بالنظير و هي مقاربة منهجية تواصلية، أساسها فاعل جديد وهو “المثقف النظير”، تهدف بالأساس إلى إقدار المجموعات الهشة (vulnérables) على تغيير السلوكيات المولدة للخطر. وتكمن جدة هذه المقاربة في كونها تخالف المقاربات المعتادة المنتشرة، من قبيل وسائل التواصل الجماهيري، وسائل التواصل المحدودة وشبكات التواصل المؤسساتية، ذلك أن عملية تغيير السلوكات و الممارسات تسير بفعل التواصل عن كثب (قرب)، الشيء الذي يكفل شعور النظراء بالحرية والارتياح، مما يشجع على الحوار المفتوح، وكذا إعادة للإدماج و يتضمن هذا الورش مجموعة من البرامج الهادفة إلى تمكين السجناء من اكتساب مهارات حرفية وفنية وإبراز طاقاتهم الإبداعية وتوفير فرص عمل لهم بما يتيح تعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على الاندماج بالمجتمع بعد الإفراج. وكخطوة أولى في إخراج هذه المقاربة إلى حيز الوجود، تم تنظيم ندوات وطنية ونخص بالذكر الندوة التي عقدت مطلع سنة 2016 لدراسة حيثيات تفعيلها وجميع الجوانب المتعلقة بتحيين الإطار القانوني وملاءمته للممارسات الفضلى في هذا المجال. وذلك بشراكة وتنسيق مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، التي تضطلع بدور متميز من خلال تنفيذ عدة برامج تروم تأهيل المعتقلين أثناء فترة الاعتقال، وكذا تتبعهم والعناية بهم بعد الإفراج عنهم.
محمد العربي اطريبش