المدير برهون حسن 00212661078323
– …ولا يقولن أحد: لسنا بحاجة إلى تطوع!
التطوع ضرورة حضارية.. إنسانية.. تنموية..
حتى الدول الأغنى في العالم، ينشط بها متطوعون كثيرون..
والتطوع لا حدود له..
ولا علاقة له بالغنى والفقر..
كل من يحس أنه مؤهل للتطوع، فليتطوع!
وفي العالم أنواع من التطوع، تنتقل من مكان إلى آخر..
التطوع كان ويكون، وسوف يكون..
هو رحال عبر أرجاء العالم..
والكل، في أضواء التطوع، مفيد ومستفيد..
وبلادنا مدعوة لبناء مجتمعها، وبنيتها التحتية، بعرق جبين بناتها وأبنائها..
ومداخيل التطوع يتم ترويجها، بفضل حقنها في شرايين الاقتصاد المجتمعي..
ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى تطوير “ثقافة التطوع”..
تطوع اجتماعي من أجل المجتمع..
– ومن المجتمع إلى كل البلد!
وبلدنا بحاجة إلى هذه الفضيلة..
“فضيلة التطوع” لم يخل منها تراثنا التعاوني التآزري المجتمعي، على امتداد تاريخنا الوطني..
مواطنون يتعاونون، وبالمجان، خلال أوقات وأمكنة، لبناء مسكن لمن لا مسكن له.. وضمان مدخول لمن ليس له مدخول…
ويتعاونون لإسقاط الزيتون، وحبوب التين، والتمور، وحصد القمح والشعير والذرى، وتمكين شباب بالغين من فتح منزل زوجي، وتمكين أطفال من حقهم في الدراسة..
– ومن الشغل، ولو بصفة موقتة، لمن لا شغل له!
البعض يتطوعون بالمال، والعاطلون يشتغلون.. ويتلقون أجورهم من صندوق التطوع..
وهؤلاء بدورهم يساهمون بما تيسر: مساهمة مالية ولو صغيرة، أو عمل مجاني لوقت قصير..
والأموال تدخل الترويج، عبر سلسلة التطوع..
وبلادنا غنية بشرايين التطوع..
وكل الحقول الاجتماعية لا تخلو من آفاق..
وعلينا بتطوير حركيات التطوع..
وأيضا تشجيع شبابنا وكفاءاتنا على أن يتطوعوا، وبمحض إرادتهم، إذا كان بمستطاعهم..
وعندها، لا يقتصر الناس على إنجاز أعمال تطوعية من أجل بعضهم، أو من أجل مساعدة جماعية لعابر سبيل، أو تمويل أسرة محتاجة، أو غير هذه من الاحتياجات..
وفي تاريخنا التراثي – أيضا – أعمال تطوعية قد تمت من أجل حماية الوطن، ومؤازرة المواطن، ومن أجل كل ما هو مصلحة عامة..
كل المجالات المشتركة عرفت في تاريخنا الوطني حركات تطوعية، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات، أو الجمعيات، أو المؤسسات، وغيرها…
التطوع دائما حاضر، ولو بجزء محدود في تكتلنا الاجتماعي الوطني..
وبفضله يشعر كل متطوع أنه مفيد ليس فقط لنفسه، بل أيضا لغيره ولكل البلد..
وأنه يتسم بحسن نية، وبأهمية الحياة المشتركة..
والمغاربة قد تطوعوا باستمرار من أجل المواطن والوطن..
وكان الإحساس بأن المرء يفعل ما يفيد الآخر، وهذا يشعره بأن في أعماقه محركا وطنيا واجتماعيا وإنسانيا، هو التطوع..
وبهذا ارتقى التطوع في بلدنا إلى قيمة وطنية هي “فضيلة التطوع”!
وصارت هذه الفضيلة تتفاخر بها وتتنافس عليها القبائل في كل زمان ومكان من تاريخنا..
ويقوم الإنسان بهذا العمل التطوعي، دون انتظار رد مماثل من الآخر..
ورغم الفقر هنا وهناك، كل الناس يتطوعون بما يستطيعون..
ويساهمون بما يستطيعون، بالتطوع في الثقافة، والرياضة، والعمل الاجتماعي، والدفاع عن الحقوق، والبيئة الطبيعية، والرياضة، وأماكن العبادة، وبناء المدارس، وغير هذه من المرافق العمومية الكثيرة…
المتطوع المغربي هو قد جاء بالاستقلال، وبنى مؤسسات البلد، بفضل ثقافة وطنية تطوعية..
– وكان التطوع فداءا للوطن!
وكل من يستطيع شيئا، لا يتردد!
بلادنا فوق كل اعتبار!
وكل فرد يبذل ما يستطيع من أجل الدفاع عن وحدة البلد..
وهذا قد عرفه تراثنا التطوعي، في ربوع بلدنا..
ورغم هذا المجهود التطوعي الموغل في تاريخنا المشترك، فقد عرفنا نحن أيضا – مثل غيرنا – حالات من الخلل..
والخلل لا يعني التعميم..
ولا يبرر أي تعميم..
المغاربة عاشوا التطوع.. ومارسوه.. ولم يترددوا في التطوع من أجل كل ما هو مصلحة عامة..
وهذه حال أغلبيتنا الاجتماعية.. وتبقى أقلية شاذة.. بعيدة عن أي تضامن وتآزر وتطوع..
وفي كل أرجاء العالم، يوجد من يدافعون – بالتطوع – عن الصالح العام، ومن لا تهمهم إلا أنفسهم..
ومع ذلك، عندنا فضيلة التطوع.. هي موجودة..
التطوع كان ويكون..
وفينا من لا زالوا يتطوعون مع بعضهم، من أجل مصلحة الجميع..
وهذه الثقافة بالذات، يتوجب أن نحميها.. ونشجعها.. ونتخذها لنا قدوة..
– ونعيدها إلى الحياة!
وعلينا بالتطوع من أجل حماية التطوع..
وبذل المجهود الممكن، وبلا مقابل، خدمة للرعاية الاجتماعية، ولإنسانية الإنسان في ربوع الوطن..
التطوع حماية من المخاطر..
ومن أية احتمالات..
وهذا تحفيز على إنعاش تعاون بين أفراد المجتمع الواحد، ومن ثمة التعاون مع الإنسانية جمعاء..
اليوم نتطوع من أجل الآخر، أيا كان، وغدا يتطوع الآخر من أجلنا.. ولا أحد يدري كيف تنقلب الظروف.. وليس فينا، بهذا الكوكب، من قد لا يتعرضون يوما لاهتزازات، وتقلبات الموارد الغذائية، وكوارث الطبيعة، وغيرها…
الحياة مد وجزر..
وكلنا بحاجة إلى بعضنا..
وأداتنا لمواجهة المفاجآت، هي أن نساعد بعضنا، ونتطوع من أجل بعضنا..
نقوم تلقائيا، وبدون مقابل، بإغاثة المشردين، وإيواء من لا مأوى لهم، وإسعاف من يحتاجون للإسعاف، وتشغيل من ليس لهم مدخول..
وما أكثر مواطن التطوع الإنساني!
والتطوّع يمكن أن يكون بالمال، والتبرّع، وبالعمل اليدوي، والنقل، والكتابة، والإشعار…
ويمكن أن يكون التطوع محدودا في الزمان والمكان..
وتطوعا بالوقت: ساعة في اليوم، مثلا، لمدة كذا…
وتطوعا بالفكر: التدريس، التقوية في الدروس..
وتطوعا للإعلام: التعريف بقضايا المحتاجين في كل مكان…
وتطوعا للمحامين: الدفاع عن حقوق الإنسان، بالمجان..
والعمل التطوعي، من الإنسان للإنسان، لا ينتج إلا ثمارا طيبة: راحة للنفس والضمير…
والتكافل الاجتماعي..
وتقوية الانتماء.. والهوية..
والقيم الإنسانية..
وترابط البلاد..
والمشاركة الجماعية في تقدمها وازدهارها..
– ولا أحد منا يستطيع أن يعيش بمفرده!
والأعمالُ التطوعيّة نبراس لكل خير.. مؤشر لأخلاق اجتماعية هي أساس لتنمية المجتمع، وتنمية البلد، والمساهمة الجماعية في إقرار سلم اجتماعي، ومن خلاله نشر فضيلة التطوع، من أجلنا جميعا..
– ونشر السلام والأمن والأمان، عندنا، وعند الآخر..
هكذا نكون قد قمنا بواجب إنساني يهمنا، نحن وغيرنا..
وإن آجلا أم عاجلا، نقطف جميعا، لنا ولغيرنا، ثمار هذه الفضيلة:
– فضيلة التطوع!
ifzahmed66@gmail.com