المدير برهون حسن 00212661078323
صباح هذ اليوم الاحد 2 غشت 2020، تلقيت بصدمة كبيرة نبا وفاة فجرا استاذي النبيل الدكتور عبد الرحمان المودن بالدوحة بقطر، لم يكن من السهل علي وعلى الكثير من الاصدقاء الاساتذة والطلبة الباحثين تقبل الامر، ولكنها الحقيقة مهما كانت مرة وقاتلة، انه امر الله، ولا راد لقضاء الله وقدره، فقد انتشر الخبر علئ وسائل الاتصال الاجتماعي كالنار في الهشيم. ” الاستاذ عبد الرحمان المودن في ذمة الله. هكذا كتب اصدقاؤه من الاساتذة والطلبة الباحثين، عبد الرحيم بن حادة، عثمان المنصوري، خالد بن صغير، عبد العزيز الطاهري…..الخ.
في اتصالي به عبر الهاتف في الدوحة اكد لي الصديق الاستاذ عبد الرحيم بنحادة رفيق دربه في التدريس والبحث العلمي بشعبة التاريخ بكلية اداب الرباط النبا، وعلمت من خلاله انه كان يعاني صحيا في الفترة الاخيرة، واكد لي ان جثمانه سوف ينقل الئ المغرب.. استرجعت بصعوبة كبيرة امام هذا النبا الفاجعة شريط الذكريات مع هذ الرجل النبيل المتميز في كل شيئ: اخلاقا وتربية وعلم… انه احد مؤسسي المدرسة التاريخية المغربية في العصر الحديث، واطروحته الجامعية شاهدة على ذلك” البوادي المغربية ….. ” هو ايضا من الاوائل الذين اسسوا للبحث التاريخي المغربي العثماني في المغرب من خلال اطروحته حول العلاقة بين المغرب والدولة العثمانية باللغة الانجليزية….الخ.
تعود علاقتي بسي عبد الرحمان كما كان يناديه اصدقاؤه من الاساتذة الى نهاية التسعينيات من القرن الماضي وتحديدا سنة 1997، عندما قصدته الى شعبة التاريخ في كلية اداب الرباط لطلب اشرافه على مشروع دكتوراه الدولة في التاريخ ” الرحلة المغربية والشرق العثماني، محاولة في بناء الصورة “. لم تكن لي معرفة به من قبل، استقبلني بدون موعد مسبق بالترحيب وابتسامة عريضة وموافقة علئ الاشراف بنصائح وتوجيهات. كان هذا اللقاء العلمي منطلقا لعلاقة ستدوم لاكثر من اربعة عقود، من خلاله تعرفت على الصديق العزيز عبد الرحيم بنحادة وعبد الحفيظ الطبايلي… فتح لي المجال لمشاركته بعض المحاضرات لطلبة دبلوم الدراسات العليا في وحدة التكوين والبحث: المغرب والعالم المتوسطي. اسست معه رفقة سي عبد الرحيم بنحادة مختبرا للبحث العلمي مختص في المغرب والشرق المتوسطي. شاركت معه في عدة ندوات دولية بالرباط ومراكش في اطار برنامج كونراد اديناور. شاركت الى جانبه في مناقشة بعض الاطاريح الجامعية بكلية اداب الرباط. كان اخر لقائي به بمعهد الدراسات العليا بالدوحة حيث شاركت الى جانب بعض الباحثين من المغرب والجزائر وتونس وتركيا وفلسطين ولبنان والسودان… في ندوة دولية حول “المؤرخ ومصادره…”. كان من المنتظر أن اشراكه مناقشة تحت اشراف لولا الحجر الصحي…. طيلة هذه الفترة الطويلة وقفت على قيمة الاخلاق العالية التي كان يتميز بها سي عبد الرحمان ومدى حب اصدقاوه وطلبته له. قاد بجدارة الجمعية المغربية للبحث التاريخي وسهر على نجاحها وطنيا ودوليا. هدوء وسكينة وتواضع وابتسامة لا تفارق وجهه، صفاة كانت تميزه دائما، اجتهد في البحث التاريخي بعد فترة التقاعد بدون انقطاع او كلل بالمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب ومعهد الدوحة للدراسات العليا بقطر. لقد كان شغله الشاغل البحث العلمي والتكوين والتاطير للطلبة الباحثين.
لقد فقد المغرب والبحث التاريخي والمدرسة التاريخية المغربية باحثا كبيرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، انها خسارة كبيرة وفاجعة للبحث العلمي في المغرب والوطن العربي والاسلامي، ولا شك أن غيابه سيحدث فراغا كبيرا خاصة عند من عايشوه عن قرب من الاستاذة والطلبة.
هذه شهادتي في سي عبد الرحمان، ولا اعتقد ان احدا ممن عرفه ان يقول عكس ذلك. لقد حزت الاجماع. كنت دائما تختار الظل وتهرب من الاضواء تشتغل في صمت بنكران الذات، تعطي ولا تاخذ… مقابل ما قدمته للجامعة المغربية كنت تستحق اكثر ولكن الله)(لا يضيع اجر من احسن عملا). فمعذرة ان نحن قصرنا في حقك ولم نعطك قدر ما تستحق.
رحمك الله سي عبد الرحمان وجعل مثواك الجنة ورزقنا الصبر على فراقك. ولا حول ولا قوة الا بالله. انا لله وانا اليه راجعون.
د. مصطفى الغاشي