جريدة بريس ميديا الأوروعربية للصحافة PRESS Medias Euro Arabe
المدير برهون حسن 00212661078323

إنفجار الدستور و كشف المستور في زمن الجائحة: متى ستتحقق سلطة الشعب ؟

المغربية المستقلة // ابراهيم مهدوب المنسق العام للشبكة الأوروعربية للصحافة و السياحة

بعد الإنتشار المتسارع لفيروس كورونا إتخذت السلطات المغربية مجموعة من الإجراءات و التدابير قصد مواجهته و التصدي لإنتشاره جزء من تلك الخطوات اتخذت بناء على النص الدستوري و جلها غير مؤطرة دستوريا, رسمت ملامحها انطلاقا من جلسات العمل التي ترأسها الملك بتاريخ 27 يناير و 17 مارس 2020 بحضور شخصيات عسكرية و أمنية و بالرجوع إلى الدستور المغربي 2011 فهو لا ينص على صيغة هذه الجلسات كشكل من أشكال التواصل و إنما تكرست كعرف دستوري ينتج عنها قرارات ملزمة و في ظل غياب الأساس الدستوري لها فإن القيمة القانونية لمخرجاتها تبقى محل نقاش باعتبار أن الصلاحيات تمارس وفق ما هو محدد و منصوص عليه في القوانين كما أن نوع الشخصيات الحاضرة تثبت بالملموس المقاربة المعتادة التي تعتمدها الدولة المغربية في إدارة الأزمات و هي أيضا مؤشر يبين التموقع الحقيقي للسلطة الفعلية.

و إلى جانب هذا الخرق الدستوري هناك فراغ دستوري أيضا بحيث أن الدستور نص فقط على حالة الإستثناء و حالة الحصار لكنه لم ينص أبدا على حالة الطوارئ عكس الدستور المصري مثلا نص على ذلك صراحة و أمام هذا الفراغ استحوذت وزارة الداخلية على مراكز القرار كأنها سلطة فوق السلط و ربما إذا ما تم مستقبلا تعديل الدستور سنرى وجود سلطة الداخلية إلى جانب باقي السلط التقليدية و هنا يطرح السؤال من يمارس السلطة التنظيمية هل رئيس الحكومة المنتخب من طرف الشعب بمقتضى الفصل 90 من الدستور أم وزير الداخلية المعين من طرف الملك ?

إن الممارسة الفعلية للسلطة كشفت عجز الدستور عن تنظيمها بحيث أن وزارة الداخلية أصدرت بلاغا بتاريخ 18 مارس 2020 كان بداية حالة طوارئ غير معلنة بعد ذلك و بتاريخ 23 مارس 2020 تم إصدار مرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و إجراءات الإعلان عنها بمعنى أن المرسوم جاء بعد تنفيذ حالة الطوارئ بمقتضى البلاغ أي النص جاء لاحقا للفعل و عليه فالشروع في تنفيذ الطوارئ كان غير مؤطر بقانون و ما يفسر هذا الإرتباك في التعامل مع مثل هذه الظروف هو الفراغ الدستوري الذي استغلته الداخلية.

من يمارس السلطة ?
إن تكريس مبدأ الشعب مصدر السلطة يقتضي وجود القرار بيد الأشخاص المنتخبين ديمقراطيا لكن الممارسة أثبتت عكس دلك فبعد تغول وزير الداخلية رأينا انفراد ولاة الجهات و عمال العمالات و الأقاليم و الباشا و القواد بتدبير الشأن العام الجهوي و المحلي في غياب تام لدور المجالس المنتخبة متنازلة و جاهلة لصلاحياتها المخولة لها طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية.

جائحة كورونا فرصة ذهبية لإعادة إنتاج السلطة:

بعد صدور المرسوم رقم 2.20.293 بتاريخ 24 مارس 2020 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا سارعت المدرعات التابعة للقوات المسلحة الملكية في الانتشار بشوارع المدن الكبرى و كأن الامر يتعلق بحالة الحرب و هو ما أثار انتباه العامة و هل تنفيذ القرار دائما يحتاج الى الأداة الأمنية و هل الدولة أرادت فعلا احتواء الفيروس أم احتواء المواطن بالاضافة الى دلك تجاوز رجال الأمن العمومي لمهامهم أثناء فترة الحجر و ما خلف دلك من مس خطير بحقوق الانسان و حرياتهم الأساسية و استعمال العنف لإجبار المواطن عللى احترام التدابير المعلنة.

خلاصة القول لا يمكن أبدا الحديث عن الديمقراطية الحقيقية و حلم الجهوية المتقدمة في ظل سمو سلطة وزير الداخلية على سلطة رئيس الحكومة و هيمنة مؤسسة العامل على تدبير الشأن المحلي و رقابتها على المجالس المنتخبة.