الأوروعربية للصحافة

تأصيل العنف في المجتمع الامريكي

يقول المؤرخ البريطاني الشهير” ارنولد توينبيArnold Toynbee ” :” إن الشعب الأمريكي يكاد يكون الشعب الوحيد الذي قفز من مرحلة التخلف الى مرحلة الانحطاط دون أن يمر بمرحلة الحضارة” ، و تعبير الانحطاط هنا يدل على انحطاط الأخلاق و اتسام المجتمع بالنزعات الفردية الانعزالية و شيوع أعمال العنف و سلوكيات الانحراف و فقدان التوازن الاجتماعي.

ان المجتمع الامريكي يعد في حقيقة الأمر خليطا من شعوب عديدة توافدت الى القارة الامريكية بحثا عن الغنى أو هربا من الاضطهاد السياسي و الديني في أوربا. وكان لابد لهذا الواقع من أن ينعكس على نفسية الفرد الامريكي الذي بقي محتفظا في أعماقه بحب المغامرة و المنافسة ، و بميله الى التهرب و الانعزال. وقد تطورت هذه النزعة مع الوقت، فأصبحت المغامرة بالنسبة للأمريكي تعني البحث الدائم عن مصالحه لمادية، في حين تحول الانعزال الى نوع من عدم الاكتراث بمشاكل الآخرين و همومهم.وقد استمرت هاتان الصفتان: المغامرة و الانعزال تميزان المجتمع الامريكي حتى القرن الحالي. ورد الكاتب الفرنسي المعروف André Malraux اسباب ذلك الى  كون ” الانسان بنظرهم هو وسيلة و ليس غاية….. فهم يتكلمون عن الحرية في أيام الانتخابات، لكنهم لا يهتمون بالسياسة الا لحماية أعمالهم، يملكون القليل من الذوق و ليس لهم مزايا إطلاقا”.

و إذا كان الأمريكيون ينزعون الى المغامرة لتأمين مصالحهم المادية، فلا بد أن تقترن المغامرة بالعنف و القوة، و هذا ما حصل تاريخيا و يحصل حاليا. ففي القرن التاسع عشر لجأوا الى ” وسائل غير انسانية و عاملوا الطبقات الشعبية التي كانت بخدمتهم كأنها أجساد آلية”  وغايتهم هي واحدة: تأمين مصالحهم و أعمالهم و هي تبرر بنظرهم كل الوسائل المعتمدة….من قساوة و تهرب و اعتزال و عنف و إرهاب.

“إن قصة الولايات المتحدة الامريكية مع العنف و الارهاب ليست قصة حديثة ، إنها متأصلة في الضمير الأمريكي و معشعشة في المجتمع الامريكي السياسي و الاقتصادي و الفكري.فمند قدوم أول المغامرين الى هذه الأرض للبحث عن الذهب بدأ الإرهاب الداخلي في أمريكا بالنمو، حتى أصبح ظاهرة طبيعية مألوفة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.