المدير برهون حسن 00212661078323
أثار قرار صادر عن قناة “تي في 5” الفرنسية الحكومية موجة انتقادات واسعة ضدها، يتعلق بتوبيخ أحد صحفييها من اصول مغاربية لأنه تجرأ بطرح أسئلة جرئية على ناطق عسكري إسرائيلي بخصوص استهداف الجيش الإسرائيلي إلى مستشفى الشفاء بغزة.
وأطلق صحفيون وناشطون حملة تضامن واسعة مع الصحفي الفرنسي ذي الأصول الجزائرية محمد قاسي، الذي تعرض للتوبيخ من إدارة قناة “تي في 5″، بسبب إحراجه الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن استهداف مستشفيات غزة.
وتعود بداية القضية إلى يوم 15 نوفمبر الجاري، عندما استضاف الصحفي بقناة “تي في 5″، محمد قاسي أحد المتحدثين باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو العقيد أوليفييه رافوفيتش، للحديث عن العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وكان التركيز على استهداف مجمع الشفاء الطبي.
ووفق المقطع المتداول على منصات التواصل الاجتماعي، يسأل الصحفي الناطق باسم جيش الاحتلال: “هل دخولكم إلى المستشفى يعني احترام القواعد والقانون الدولي، ولا سيما القانون الإنساني؟”، ليرد هذا العسكري الصهيوني بنبرة مستفزة: “هل استخدام المستشفى كقاعدة عسكرية يبدو طبيعيا بالنسبة لك؟ أنا أطرح عليك هذا السؤال.. هل ينبغي استخدام المستشفى كقاعدة عسكرية؟ الجواب هو لا، بالطبع”، قبل أن يستمر في استفزازه للصحفي: “هل تعرف حماس؟.. لقد رأيت ماذا فعلوا، لقد ذبحوا الأطفال، ونزعوا أحشاء النساء، وأحرقوا الناس، وأحرقوا المنازل، هل تعتقد أنّهم يتصرفون وفقًا للقانون الدولي؟ هل يتصرفون وفقًا للعدالة، وفقًا لاحترام حقوق الإنسان؟”.
ليسأله الصحفي محمد قاسي بهدوء: “إذن أنت تتصرف مثل حماس، هل هذا ما ستقوله لي هذا المساء؟”، ليثور العسكري الصهيوني ويخرج عن طوره صارخا في وده الصحفي: “أنت لا تتصرف الآن كصحفي، بل كشخص يتخذ موقفا سياسيا.. أطلب منك القليل من الاحترام، من فضلك! ما تقوله لي هو هجوم على دولة وجيش”، وهو ما اضطر الصحفي لإنهاء المقابلة.
وفي نفس اليوم أصدرت إدارة الفضائية بيانا فيه لهجة توبيخ للصحفي الذي أدار المقابلة بالتأكيد على “أنّ نهاية المقابلة لم يتم خلالها احترام القواعد الصحفية المطبقة على أي مقابلة”، مضيفة أنّ ذلك أعطى الانطباع، “بأنّ أساليب تدخل الجيش (الصهيوني) تعادل استراتيجية حماس، وهي منظمة تعتبرها العديد من الدول إرهابية، علاوة على ذلك، لم تنته المقابلة وفقًا لمعايير إجراء المقابلات على الهواء مباشرة، بل انتهت بشكل مفاجئ جدًا، وهو أمر يتأسف له بشدة قسم الأخبار في الفضائية”.
وفي جزئية بدت وكأنّها موجهة للسلطات الصهيونية، شدد البيان على أنّ “الفضائية حريصة منذ 7 أكتوبر (تاريخ اندلاع عملية طوفان الأقصى)، على تقديم معلومات واقعية ومتوازنة حول الوضع، دون الاستسلام للانفعال أو الضغط، مع إعطاء الكلمة لجميع الأطراف، كما تضاعف إدارة أخبار القناة مرة أخرى جهودها بشأن ما تبثه على الهواء أو عبر منصاتها وسنتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان هذا التوازن في ظل حالة التوتر الكبير الحاصلة”.
ولم تعلن الفضائية في بيانها عن إجراءات عقابية تجاه الصحفي محمد قاسي رغم ما تم تداوله بشأن وجود قرار بتوقيفه أو منع ظهوره على الشاشة.
وفور صدور البيان، انطلقت حملة تضامن واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي مع الصحفي الجزائري، والتي أجمعت على أنه لم يقم بأي تجاوز ، وإنما قام بدوره كصحفي في استجواب ضيفه لتنوير الجمهور بشأن ما يحصل في غزة.
وقدم العديد من الصحافيين تضامنهم مع زميلهم، فقد اعتبرت الصحافية الفرنسية روزا موساوي أن البيان القناة الفرنسية أمر مؤسف، قائلة: “الضحية الأخرى للحرب هي الحقيقة. إن دورنا كصحافيين لا يتمثل في بسط السجادة الحمراء للدعاية العسكرية من خلال نقل معلومات مُنعنا من التحقق منها”.
أما الإعلامي اللبناني بيار أبي صعب فكتب على حسابه بمنصة إكس: “لقد أصدرت ادارة بياناً تؤنب فيه بشكل علني أحد مقدميها، وهو الصحافي محمد قاسي لأنه طرح سؤالا نقدياً ومحرجاً على أحد ممثلي جيش العدو الذي كان مسترسلا في الترويج لجرائم كيانه”.
وأضاف أن “مهنية الصحافي التي يطعن فيها البيان ليست ابداً موضع شك، وهذا النوع من الاسئلة النقدية معتمد ومألوف في الاعلام الفرنسي، إذ يعيد الى الحلقة توازنها ويأخذ مسافة من البروباغوندا التي كان يمارسها الجندي الصهيوني. مثل آخر على الشرخ الهائل بيننا وبينهم، الذي سينتج عنه في المستقبل أكثر من قطيعة”.