المدير برهون حسن 00212661078323
بالإضافة إلى ارتجالية القرارات، يعاب أيضا على الحكومة المغربية الحالية فشلها في إيصال المعلومة للمغاربة، لذلك فخلال اليومين المواليين لزلزال الحوز ظل المغاربة يقتاتون على المعلومات التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الدولية. هذا الفراغ في التواصل أفسح المجال أمام السيد وزير العدل ليخبط خبط عشواء من خلال تدافعه وتسابقه لإجراء اللقاءات الصحفية مع القنوات العربية الشهيرة كالجزيرة والعربية التي صرح من خلالها بما فُهم منه أن المغرب يرحب بالمساعدات الجزائرية للتخفيف من آثار الزلزال. وهو التصريح الذي أثار الكثير من ردود الفعل الغاضبة لأنه مخالف تماما للقرار الرسمي للملكة المغربية بخصوص قبول عرض الجزائر، وهو ما عبرت عنه لاحقا وزارة الخارجية المغربية. ليخرج بعدها وزير العدل مؤكدا أنه تم تحريف تصريحه، والحقيقة أن خطأ السيد وهبي ليس هو ما قاله في التصريح وإنما الخطأ في تجاوزه لتخصصه وتدافعه ليدلي بتصريحات غريبة في وسط كارثة إنسانية يمر منها البلد.
ليس وحده وزير العدل من استغل هذه الأزمة ليظهر بشكل شبه يومي على القنوات العربية الدولية، بل أطل علينا أيضا بعض أشباه الممثلين ومشاهير التي كتوك والانستاغرام بفيديوهات وصور فيها الكثير من القرف والاستغلال للحظة المؤلمة التي يمر منها سكان القرى التي ضربها الزلزال. هذا الاستغلال رافقه انتهاك وقح لخصوصية تلك المنطقة التي مازال سكانها يتسمون بالحشمة ولا استعداد لهم لقبول مظاهر الانحلال التي أبان عنها بعض هؤلاء الذين يسمون أنفسهم “مؤثرون”، ولعلنا جميعنا تابعنا فيديو تلك السيدة المحترمة من إحدى قرى الحوز وهي تؤدب بتخلق شابا يرتدي سروالا قصيرا جدا متجولا بين بقايا المنازل على مرأى من النساء والأطفال. هذه الانزلاقات تضعنا أمام حقيقة أن أغلب هؤلاء المؤثرين شباب دون المستوى الأدنى من التعليم، ففشلهم في تحقيق ذاتهم عبر مقاعد الدراسة أو عبر مقاعد التكوين… نقلهم إلى البحث عن تعويض ذلك النقص من خلال الشهرة الوهمية القصيرة المدى التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي. هذا النقص، الذي قلنا، عنه يظهر باديا في طريقة حديثهم، نوع المعجم الذي يستخدمونه، وأيضا يظهر في تركيزهم على “فضيحة الآخر” كموضوع أساسي. لذلك نقول وبإصرار أن الدولة ملزمة هذه المرة بأن تخرج للوجود قانونا مؤطرا ليحد من كل هذا العبث الذي أصبح يلطخ سمعة المغرب والمغاربة.
يجب أن نعترف جميعا أن الزلزال لحظة فارقة في تاريخ المغرب، أجل هو مأساة حقيقية ولكنه أيضا فرصة لتمييز المواطن المغربي الذي يحب هذا البلد من المغربي الذي ينتظر لحظته ليركب على أوجاع الوطن من أجل تحقيق مصالحه التي ترضي نفسيته المريضة. فليس من المنطقي أن تقف الدولة على نفس المسافة من وزير يتكئ على أريكته المريحة واضعا رجلا على رجل وسط فيلته ويحاور قناة الجزيرة في حين أن أبناء بلدته في تارودانت يوجدون تحت الأنقاض، ومن شيخ يحمل نصف كيس من الدقيق فوق دراجته يمنحه كتبرع لضحايا الزلزال ثم يغادر في هدوء غريب. ليس من المنطقي أيضا أن تقف الدولة على نفس المسافة من ممثلة تنشر صورة لطفل خائف يشرب من كيس حليب، ومن سيدة تريد أن تهب خاتمها الذهبي الوحيد لضحايا الزلزال. حان الوقت لتدرك الدولة من يحب هذا الوطن ومن يتاجر بهذا الوطن.