زلزلت الأرض، فأخرجت ما فينا من ألم وقوة ومغرب.
ماتت تحت أقدامنا وحفرت ألفي قبر لقلب واحد، قلب المغرب والمغاربة أجمعين الموحد بضمادات الألم ونبض الحب الكبير والصبر الكبير والجلد الكبير….
هنا فوق الأرض ما نقدمه للأرض من بلاغة في الحزن المشفوع بالصبر.
هنا، الى الله نرفع مناقير حزننا وصبرنا ونقول آمنا..
هكذا نحن، تميد بنا الأرض ولا نسقط ؛
تسقط الدمعة ومع ذلك يخضر حزننا؛
هكذا نحن، نواسي أنفسنا كلما زلزلت الأرض بحبنا للأرض،
يخرج المغاربة كلهم ليشيعوا إلى سماء الله أبناء أرضهم، ويهبون في طلعة واحدة مثل أغنية ومثل موال طويل حزين … وينظرون من وراء نافذة الدموع إلى العالم يشاركهم حزنهم، ويزداد حبهم للمغرب..
على كل شاهدة سنكتب ما قاله الله لنا وقت الحزن
ونكتب ما بعثه إلينا منذ الأزل
عن هذا الحزن الذي ظل يتربص بنا..
ونضيف منبت الأحرار وعاش الملك، الذي يلخص حزننا بصبره وكبريائه الملكي، بصلاة الغائب، بتنكيس الأعلام، بالسهر على الموتى
وعلى من نجوا كي يواصلوا معه رفع التحدي
وتحويل الحزن إلى هواء جديد في مراوح الحياة الجماعية. هكذا نحن نعض على ألم القلب ونتقدم صفا واحدا بصدور لم يرعبها الموت، عائلات بأكملها تتعانق تحت الدمار وبين الأنقاض، بجوار…. بساطتها ونحن نبكي ونصر على أن الأرض لنا والحياة أيضا..
طوابير الأخوة المغربية لأجيال تهُبُّ لتَهبَ دمها. هنا تعود الطفولة إلى الجميع، ترافقها الدعوات: سنحول فجيعتنا إلى درس في الأمل من جديد.
وعلى سلم را يشتر ، سنحب البلاد أكثر، وعليها نقيس محبة العالم لنا: أعلى وأعلى من درجات الزلزال يوجد حب العالم!
نشكر العالم ونمسح بكم القمصان دموعنا ونبتسم لأننا بهم ومعهم أحسن..
كل هذا الموت لم يشلَّنا ولن يشلنا
كل هذا الموت لن يوقف دورة الحياة في الدولة والافراد والجماعات. كل هذا الموت ونفسح المجال للحديث عن مؤسساتنا التي تمتحنها الفاجعة وتتأكد صلابتها..
في الحزن يصبح للدولة قلب رهيف، وسواعد صلبة لتحملنا وتعيد بناء ما انهار. قوات مسلحة أمن، قوات مساعدة، درك، الوقاية المدنية، أطباء مياومون ، بسطاء من كل جهات البلاد يتقدمون لينصروا الحياة على الأنقاض، يتقدمون بقلب واحد أيضا..