المدير برهون حسن 00212661078323
تشهد الأسواق الوطنية ارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية الأساسية، بشكل يفاقم من معاناة الأسر ذات الدخل المحدود التي باتت عاجزة عن اقتناء الأساسيات.
وتكفي إطلالة على مواقع التواصل الاجتماعي والأسواق في أحياء مختلف المدن المغربية، لتبين حجم السخط الذي تخلفه موجة الغلاء، في ظل الإنهاك الكبير لجيوب الأسر، حيث وصلت أسعار الخضر واللحوم وغيرها من المواد الأساسية إلى مستويات فوق القدرة الشرائية.
هذا الواقع، ما انفكت تنبه إليه العديد من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية، التي تسجل تدهور الأوضاع المعيشية، في ظل ضعف التدخل الحكومي، وغياب إجراءات حقيقية يمكن أن تخفف من وطأة الغلاء.
الحكومة، اعتبرت على لسان الناطق الرسمي باسمها أنها تتدخل بإجراءات هدفها ضمان التموين العادي للأسواق في ظروف جيدة وبالجودة والأسعار المناسبين، وتقوم بدعم المواد الأساسية والمحروقات لمهنيي النقل، إضافة إلى تعليق الرسوم الجمركية على القمح والقطاني ذات الاستهلاك الكبير، فضلا عن اللحوم التي باتت معفية أيضا من الضريبة على القيمة المضافة، للإسراع بتموين السوق.
هذه الإجراءات الحكومية لم تقلص من حدة الوضع، وتعتبرها العديد من الأصوات و الهيئات غير كافية ولا تتسم بالنجاعة، خاصة في ظل الفوضى التي يعيشها السوق بعيدا عن الضبط والمراقبة.
بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، سجل أن أسعار الخضر تخطت حاحز 10 دراهم، واللحوم حاجز 100 درهم، مبرزا أن الغلاء لا يمكن أن يعزى فقط للعوامل الخارجية، بل تساهم فيه العديد من العوامل الداخلية التي يمكن تدبيرها والتحكم فيها.
وأول الإشكالات التي توقف عليها الخراطي في تصريح لموقع “لكم”؛ حدة المضاربين والوسطاء، والذين يشكلون سببا أساسيا في ارتفاع الأسعار على حساب المستهلك والفلاح.
وأبرز الخراطي أن السوق المغربي غير متحكم فيه، وتغيب فيه مؤسسة تهتم بالاستهلاك وحماية المستهلك، وفي ظل غياب هذه المؤسسة ستبقى الفوضى متحكمة في السوق.
وإضافة إلى كثرة الوسطاء، نبه المتحدث إلى السلبيات العديدة للسياسة الفلاحية بالمغرب، والتي أدت إلى الوضع الحالي، حيث تغيب السيادة الغذائية، وبات الفلاحون يتجهون صوب المنتوجات التصديرية على حساب المنتجات المستهلكة محليا.
وأوضح الخراطي أن المغرب في ظل السياسة الفلاحية الحالية لا ينتج شيئا، بما في ذلك الخضر التي يعتقد البعض أن المغرب منتج كبير لها، مشيرا إلى أن بذور الخضروات يتم استيرادها، والمغرب يوفر الماء واليد العاملة، ثم يكون مفروضا عليه تصدير هذه المنتجات.
ولا يمكن، حسب الخراطي، الامتناع عن تصدير هذه المنتوجات رغم أنها نمت في تربة مغربية، لأن ذلك سيؤدي إلى وقف الإمداد بالبذور، وبالتالي توقف إنتاج هذه الخضروات، بما فيها الطماطم والفلفل وغيرها.
وهذا الوضع، يجعل المغرب غير متوفر على سيادته الغذائية، وهذه هي الكارثة في السياسة الفلاحية، حيث لم نحافظ على الثروة النباتية المحلية، ولم نكون أبناكا جهوية للبذور، لحماية الإنتاج الوطني وتكون لدينا سيادة غذائية، يضيف الخراطي.
كما أن السياسة الفلاحية توجهت نحو الفواكه التصديرية التي لها مردودية عالية، وتحتاج لمساحات كبيرة ولليد العاملة، ما دفع الفلاحة إلى التوجه إليها، وترك قطاعات أخرى أقل مردودية، كتربية المواشي، وهو ما نتج عنه نقص كبير في إنتاج اللحوم.
وأشار الخراطي إلى أنه ورغم إيجابية الفلاحة التصديرية في جلب العملة الصعبة، لكن جانبها السلبي يكمن في عدم الحفاظ على السيادة الغذائية وعلى تموين السوق المغربي لتلبية طلبات المستهلك بالمنتوج الداخلي المحض.
ومن الحلول التي اقترحها الخراطي، قيام الحكومة بالتدخل لدعم القطاعات التي عرفت ارتفاعا فاحشا في الأسعار، فالمادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة، يعطي للحكومة إمكانية التدخل لدعم القطاع المعني لستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة، سواء تعلق الأمر بقطاع المحروقات أو غيره.
كما شدد المتحدث على أن المستهلك بنفسه عليه أن يتحكل مسؤوليته ويقوم بواجبه لخفض الأسعار، فعليه اليوم أن يوقف التبدير، وشراء أكثر من حاجته ليلقيها في القمامة.
وأكد رئيس جامعة حماية المستهلك أن تقليل المواطنين من اقتناء المواد، سيساهم في وفرتها وسيدفع البائع لتخفيض السعر، وهو ما سيساهم في التخفيف من محنة المستهلك.