الأوروعربية للصحافة

دعما منها لقضايا الوطن : الكنفدرالية المغربية لناشري الصحف و الإعلام الإلكتروني تنتقد البرلمان الأوروبي

بيان الكونفدرالية ضد تقرير البرلمان الأوروبي (1) تحميل البيان

 

بيان للرأي العام

 

تابعت الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني باستغراب ما تضمنه التقرير المجحف، الذي أصدره البرلمان الأوروبي في شأن حرية الصحافة بالمغرب يوم 19 يناير 2023. وإذ نفند كل ما جاء في هذا التقرير المجانب للصواب، جملة وتفصيلا، ونحن ننتشي بما حققه المغرب في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان، فإننا بمجرد إلقاء نظرة على هذا التقرير المطعون في مصداقيته، يتضح لنا وللعيان ذوي النظرات الثاقبة والمحايدة، من أول إطلال الخلاصات التالية :

– 1 – اختيار هذا التوقيت بالذات، لإصدار هذا التقرير ينم على انحيازه إلى أطراف وجهات معروفة بعداءها للمملكة المغربية، حيث تزامن مع تصريحات مشبوهة مدفوعا لها مسبقا، للتشويش على المكتسبات الحقوقية والعلاقات الديبلوماسية والشراكات الاستراتيجية التي حققها المغرب، سيما منها في قضايا الوحدة الترابية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.

– 2 – الاتهامات التي تضمنها تقرير البرلمان الأوروبي في حق حرية الصحافة بالمغرب، هو انتهاك سافر في حق المؤسسات الإعلامية المهنية والصحافيين والصحافيات المغاربة بمن فيهم المعتمدين بالمغرب، الذين يمارسون مهنتهم بحرية ودون مضايقة، وفق الضوابط المهنية ومواثيق أخلاقيات المهنية، والقواعد الدستورية والقانونية المتعارف عليها عالميا.

– 3 – هذا التقرير ذو طابع سياسي صادر عن جهة غير معتمدة في تقييم المؤشرات والضوابط المتعارف عليه لدى المؤسسات المختصة النزيهة والمحايدة، حيث استند على قضايا منعزلة، لا تتعدى عد الأصابع، بالنظر لعدد المقاولات الإعلامية بالمغرب التي تتجاوز 900 مقاولة صحفية وزهاء 5000 صحافي وصحفية، وهي معادلة غير قابلة للقياس لاستصدار أحكام عامة وعادلة، وتعميم الاتهامات بحجم دولة وشعب بأكمله. مما يدل على أن هذا المكنى البرلمان الأوروبي قد فقد بوصلته الديمقراطية وحصانته البرلمانية.

– 4 – هذه القضايا المنعزلة، المرتبطة بمتابعة الصحافيين المغاربة المدانين بتهم جنائية بعيدة عن مهنة الصحافة، التي أثارها البرلمان الأوروبي وعممها بالرغم من قلتها، وأسقطها على عموم حرية الصحافة بالمغرب، عرفت محاكمات عادلة تم عرضها أمام أنظار منظمات الرأي العام والمجتمع الوطني والدولي، المعروفين بالمصداقية والحيادية. تم فيها انصاف أصحاب الضرر وإدانة أشخاص، يعتبرون في نظر القانون المغربي متهمين، سواء كانوا صحافيين أو ملائكة. على اعتبار أن الصحفي ليسا معصوما، ومثله مثل البشر، معرض لارتكاب الجرائم كأيها الناس. فالكل مهما كان شأنه أو مركزه الاجتماعي أو المهني، يعتبر مواطنا مغربيا أمام القانون سواسية.

– 5 – قضية الاتهام بالتجسس أصبحت مكشوفة ومفضوحة لدى الرأي العام الإقليمي والدولي، وأمست آلية ابتزاز متقادمة بفعل التطورات التقنية وتكنولوجيا الاتصال الرقمي، التي أصبحت تستند على الدليل الملموس والحجج المكشوفة، غير قابلة للاتهامات الشفوية أو الإدانات الافتراضية.

– 6 – المصوتون على هذا التقرير البرلماني الأوروبي نصبوا أنفسهم قضاة يكيلون الأحكام ويوزعونها حسب الطلب والابتزاز، بهدف الحصول على امتيازات سياسية أو اقتصادية. لا سيما في ظل المستوى المتدني للاتحاد الأوروبي الذي يعيش هذه الأيام أوضاعا اجتماعية وسياسية عصيبة، نتيجة للحرب في أوكرانية، وأزمات الغاز والبترول، وانعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد أو ما يعرف بالبريكست.

– 7 – فقدان الثقة في هذا البرلمان الأوروبي من طرف أغلب المجتمعات الدولية، نتيجة الانتقائية في معالجته لقضايا مشابهة، سيما عند تهجم إعلامه الأوروبي بدون وجه حق، على دولة قطر أثناء تنظيمها لكأس العالم. بكل وسائل التضليل وتزييف الحقائق والأخبار الكاذبة. منتهكا بذلك، بشكل سافر ومقصود، كل الأعراف والقيم وأخلاقيات مهنة الصحافة. دون أن يحرك هذا المسمى البرلمان الأوروبي أي ساكن لإدانة التهجمات الوحشية، وترويج العداء والكراهية، والاتهامات الزائفة الصادرة عن صحافته الأوروبية ضد الشعوب العربية.

إن الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني كهيئة مهنية، لا تنتظر من برلمان مهزوز فاقد للمصداقية، يعيش على خيرات شعوب مقهورة، ويبتز ثروات ومعادن دول مغلوب على أمرها، أن يعطي للصحافة المغربية دروسا في الأخلاق وحرية الإعلام وحقوق الإنسان.

 

بيان الكونفدرالية ضد تقرير البرلمان الأوروبي (1) تحميل البيان

بعد قرار التمديد : مطالب بإعلان تاريخ انتخابات المجلس الوطني للصحافة.

 

من ناحية أخرى و في سياق مرتبط إطلع المجلس الوطني للصحافة، على القرار الذي صوت عليه البرلمان الأوروبي حول ما أسماه “وضعية الصحافيين بالمغرب”، والذي دعا فيه السلطات إلى “وضع حد لمضايقة كل الصحافيين، وعائلاتهم ومحاميهم”، واستعرض في هذا الصدد حالة ثلاثة صحافيين مغاربة، تم الحكم عليهم بتهم لا علاقة لها بممارسة الصحافة، كما وجه أصابع الإتهام للسلطات المغربية، بادعاءات حول التجسس الإلكتروني على صحافيين.

و أعلن  المجلس الوطني للصحافة، بحكم الصلاحيات التي يخولها له القانون المحدث له، في متابعة موضوع حرية الصحافة، وانطلاقا من أدواره ووظائفه في حماية وتأهيل المهنة، وبناء على المعطيات التي يتوفر عليها، بحكم ممارسة اختصاصاته، واطلاعه عن قرب، على الوقائع والأحداث والملابسات، التي يشير إليها قرار البرلمان الأوروبي، فإنه يسجل أن هذا القرار تعمد في صياغته، تعميما غير مقبول، في حديثه عن “كل الصحافيين” و كذا في تقييمه لممارسة حرية الصحافة في بلادنا، مستندا على تقارير غير دقيقة، صادرة عن منظمات أجنبية، غالبا ما تكون منحازة و تتحامل بشكل منهجي على المغرب، في الوقت الذي تجاهل فيه، بالمطلق، تقارير ومواقف المنظمات والهيئات المغربية، وهو الأمر الذي لا يمكن السكوت عنه، لأنه يمثل تبخيسا مقصودا، لهذه المنظمات والهيئات الوطنية، المنبثقة عن الشعب المغربي، و لا يحق لأي كان أن يتعامل معها بغطرسة عفا عنها الزمن.

إن مضمون قرار البرلمان الأوروبي، يكشف عن أحكام جاهزة، ضد المغرب، فهو من جهة، يعتبر أن كل ما يصدر عن قضائه، فاسد وغير عادل، معتمدا، باستمرار، على تقارير المنظمات الأجنبية، وفي نفس الوقت، يدين لجوء السلطات المغربية، لقضاء إسبانيا، ضد صحافي من هذا البلد، إدعى أنه تعرض للتجسس الإلكتروني من طرف المغرب، معتبرا أنه مجرد “تضييق” على حريته، مما يثير العجب حقا، في منطق كاتبي القرار والمصوتي

و في هذا الإطار يعبر المجلس الوطني للصحافة عن استغرابه الشديد، تجاه المنهجية التي تعامل بها القرار، مع قضايا عرضت على القضاء المغربي، حيث تبنى وجهة نظر أحادية ومسبقة، هي تلك التي روجتها منظمات أجنبية، تطعن في مصداقيتها حتى جهات أوروبية، لم تلتفت أبدا، خلال أطوار المحاكمات، نهائيا، للأشخاص الذين تقدموا بشكايات، ولم تستمع إليهم أو إلى محاميهم، بل تعاملت معهم، منذ البداية، كمتهمين متواطئين، في الوقت الذي كان عليها، وكذا على البرلمان الأوروبي، أن يحترموا حق المشتكين في اللجوء إلى العدالة، أو على الأقل إعمال مبدإ قرينة البراءة تجاههم، والنظر في حججهم، قبل إصدار أحكام عليهم، مع الإشارة إلى أن تهم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، تحظى بعناية خاصة، من طرف الهيئات والدول الأوروبية، لكن هذا لم يطبق في حق من تقدم بشكايات في المغرب.

بالإضافة إلى هذه الملاحظات، يتساءل المجلس الوطني للصحافة عن الظرفية التي استدعت استصدار هذا القرار من البرلمان الأوروبي، في قضايا تم البت فيها من طرف القضاء، في 2021 وبداية 2022، علما أن بلادنا تعيش أوضاعا عادية، لا تبرر أي تدخل سياسي أجنبي، سواء في مجالات حرية الصحافة أو حقوق الإنسان، حيث تدافع كل جهة عن مواقفها وتناضل من أجلها وتترافع حولها، وتنتقد السلطات، وغيرها من مؤسسات وشخصيات، وتطالب بإصلاحات، ضمن إطارات وفضاءات وطنية، داخل منظومة من التعدد في الرأي والحق في الاختلاف.

وإذا كان البرلمان الأوروبي يعتبر أن من حقه ممارسة هذا التدخل السافر والمرفوض، فإن ما يدعو إلى الريبة والشك، في نواياه تجاه المغرب، أنه تجاهل بشكل مثير، ما يحصل من انتهاكات فظيعة ضد الصحافيين وحرية الصحافة وحرية التعبير، في دول عديدة، منها تلك التي تقع في منطقة شمال إفريقيا.

لهذه الأسباب، يعتبر المجلس الوطني للصحافة، أن قرار البرلمان الأوروبي، لا يمت بصلة لحقوق الإنسان، بل هو محاولة يائسة للضغط الديبلوماسي على المغرب، لخدمة أجندة جيواستراتيجية، لصالح جهات أوروبية، ما زالت تحن إلى الهيمنة والماضي البائد، في الوقت الذي ينبغي لمثل هذه الممارسات أن تحفز بلادنا لمواصلة الإصلاحات، بمرجعية وطنية وبقوى الشعب المغربي، الذي أثبت للجميع، في الماضي والحاضر، يقظته وقدرته على مواجهة كل التحديات.

______________________________________________________________________________________

 

من داخل برلمان المغرب صور وكلمة رئيس مجلس النواب و رئيس الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والاعلام الإلكتروني الحراق عبد الوافي
من داخل قبة البرلمان على هامش تنظيم يوم  دراسي  في موضوع الإعلام والمجتمع يوم الأربعاء 21 دجنبر 2022
بحضور   رئيس مجلس النواب الطالبي العلمي و  وزير الاتصال ورئيس المجلس الوطني للصحافة والأستاذ الحراق عبد الوافي رئيس الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والاعلام الإلكتروني وبعض أعضاء الكونفدرالية
ومجموعة من الصحافيين والاعلاميين المهنيين
تحميل :

دعوة السيد عبد الوافي الحراق

كلمة  رئيس مجلس النواب

بمناسبة اللقاء الدراسي الذي ينظمه مجلس النواب

تحت شعار “الإعلام الوطني والمجتمع: تحديات ورهانات المستقبل

السيد الوزير،

السيدات والسادة مسؤولي هيئتي الضبط والمنظمات المهنية،

السيدات والسادة رؤساء الفرق والمجموعة النيابية،

السادة الأساتذة الكرام،

الزميلات والزملاء،

السيدات والسادة،

قبل عشر سنوات، احتضنت المؤسسة التشريعية “الحوارَ الوطني حول الإعلام والمجتمع”، بغاياتٍ ورهاناتٍ وطنيةٍ كبرى يُمْكِن تلخيصُها في طموحِ تقويةِ حقلٍ لا مَحِيدَ عن مساهمتِه في ترسيخِ البناءِ المؤسساتي وتعزيزِ الديمقراطية ونشرِ ثقافتِها وتيسيرِ الانفتاح وتكريسِ الاختلاف، وبالأساس، الدفاع عن القضايا الحيوية لبلادنا.

واسمحوا لي قبل أن أعودَ إلى أهَمِّ مُخْرَجاتِ هذا الحوار، والتي ماتزال تكتسي راهنيةً كبرى اليوم، وإلى غاياتِ لقائنا هَذَا، أن أُرَحِّبَ بكم وبِكُنَّ جميعًا وأُثْنِيَ على استجابتكم لدعوة رئاسةِ مجلس النواب من أجل نقاشٍ هادئٍ نَتَوَخَاهُ مُنتِجًا لخلاصاتٍ قابلةٍ للتنفيذ تُسْعِفُ في تطوير حقلِنَا الإعلامي، تنظيمًا ونموذجًا اقتصَاديًا، ومحتوًى تحريريًا.

وقد اسْتَحْضَرْنا، عندما كُنَا نُفَكِّرُ في تنظيم هذا اليوم، فلسفةَ وروحَ التوافق والإنضاج التي طبعت دَوْمًا منهجيةَ الإصلاح في بلادنا، والتي رَسَّخها
صاحبُ الجلالةِ الملك محمد السادس أعزه الله في مختلف الإصلاحات والأوراش المُهيكلة. أَعْنِى بذلكَ بلورةَ محتوى دستور المملكة، وقَبْلَه مدونةُ الأسرة، وتقرير الخمسينيةَ والجهوية المتقدمة، وإصلاح التعليم، والنموذج التنموي الجديد.

وقد سار” الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع” على هذه المنهجية وتَمَثَّلَها، سواء في ما يرجعُ إلى تركيبةِ هيئةِ الحوار الوطني التي تشكلت من ممثلي المهنة، والفاعلين السياسيين ممثَّلين في الفِرق البرلمانية، والوزارة الوصية، وفي ما يرجع إلى جلسات الحوار والاستماع ذاتُها والأطرافُ المشاركةُ فيها، والتي أشْرَكَت المهنيين والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات المتدخلة في اقتصاد الإعلام والصحافة والاتصال وفي التكوين.

وقد كانت مدةُ حوالي سنة من النقاش العمومي، ضروريةً للتوافق حول خريطة طريق لإصلاح القطاع، وحول أكثر من 300 توصية (303 بالضبط)، وعدد من الدراسات الميدانية ذاتِ الصلة بحقلِ الإعلام وأهمُّها دراسةٌ سوسيولوجيةٌ حول انتظارات الشباب المغربي من وسائل الإعلام ومراكز اهتمامه إعلاميا.

ونعُودُ اليومَ إلى خلاصاتِ وتوصياتِ هذا التَّمرينِ الوطني، لاَ مِنْ أَجْلِ الاحتفال بالذكرى، ولكن لأن السِيَّاقَ والتحديات التي تعملُ بلادُنا على رفعِها، والتحديات التي يواجهها القطاع ذاتُهُ، تفرضُ العودةَ إلى حصيلة الحوار الوطني ومُخرجاتِه باعتبارِها رصيدًا مشتركًا تَمَّ التوافق بشأنه، واكتسبَ شرعيةً ديمقراطيةً بشرعيةِ الأطراف المشاركة فيه.

وإذا كنا نعيشُ اليوم سياقاتٍ جديدةً، بتحدياتٍ جديدةٍ، فإنه ينبغي التذكيرُ دَوْمًا، بأن الصحافةَ والاعلام في المغرب، لَعِبَا دورًا حاسمًا في التحرر من نظام الحماية، وبناء الاستقلال، وترسيخ ركائز الدولة الوطنية والديمقراطية، وحماية التعددية. وعلى الرغم من بعضِ الفترات الصعبة التي عاشتها بلادُنا، فإنها توفرت دائما، في كل الأوقات، على صحافة حرَّة، ناقدةٍ، تعدديةٍ عاكسةٍ لطبيعة المجتمع المغربي المتنوع والمتعدد والمُوَحَّدِ الهوية. وعندما يتعلقُ الأمرُ بقضايا الوطن، تكونُ الصحافةُ الوطنية على اختلاف مشاربِها واتجاهاتِها معبأةً، للدفاع عن مصالح المغرب وإبرازِ مواقفه والتعريف بها.

وتستدعي التحدياتُ التي تتعبأُ بلادُنا، خلفَ جلالةِ الملك لرفعها اليوم، تقويةَ حقلِنا الإعلامي، من حيث التنظيمُ والضبطُ والنموذجُ الاقتصادي، وأساسًا من حيث المحتوى. وفي محيط إقليمي مُتَمَوِّج، غير مستقر وغير آمِن، أحيانًا، يُثِيرُ استقرارُ ونجاحاتُ بلادِنا، سياسيًا ومؤسساتيًا، وصعودِها اقتصاديا وتماسُكِها اجتماعيا، حُنْقَ البعض، ويجعلُ بلادَنا مَحَطَّ استهدافٍ من بعض وسائل الإعلام الأجنبية، التي تتعمد التغليطَ والخلطَ والتضليل، مِمَّا يُلقي بمسؤولياتٍ كبرى على إعلامِنا الوطني.

وتزيدُ الثورةُ الرقميةُ من حجمِ هذه التحديات لما تُتيحُه من إمكانياتٍ لنشرِ الأخبار دون قيد أو شرط مهني، إلى الحد الذي يمكن أن نَصِفَ معه حالةَ استعمالاتِ التكنولوجيا الرقمية في تَدَفُّقِ الأخبار على المستوى الدولي، بالفوضى. وتطرحُ هذه التكنولوجيا عدة تحديات أمام المقاولات الصحفية الورقية التي تخوضُ معركةَ البقاء بحكم تراجع المبيعات وموارد الإشهار وارتفاع كلفة الإنتاج.

على خلفيةِ هذه التحديات، وسعيًا إلى تجاوزِها نَلْتَئِمُ اليوم في إطار حوار نتوخى منه بلورة مخارجَ نعتمِدُها من أجل ضبطِ حقلِنا الإعلامي وتقويته وجعله أكثرَ مهنيةً. إن الأمرَ يتعلقُ برهاناتٍ أودُّ أن أتقاسمَها معكم كمحاورَ عامة للنقاش.

يتعلق الرهان الأول بتأهيل الإعلام الوطني المكتوب، والمرئي والمسموع، والرقمي، ليكون مواكبًا للتموقع الجديد لبلادنا كقوة ديمقراطية، وركيزةَ استقرار إقليمي وقاري ودولي، وقوةً صاعدةً اقتصاديا، منخرطةً في رفعِ التحديات الدولية المشتركة بما في ذلك محاربة الإرهاب وبناءُ السلم، ومواجهةُ انعكاسات الاختلالات المناخية، وربحُ رهانِ الانتقال الطاقي ومعالجةُ إشكالياتِ الهجرة، والدفاعُ عن قضايا قارتنا الإفريقية، وتحقيق العدالة الدوائية والمناخية للقارة.

ويتعلق الرهان الثاني بالتعبئة من أجل ربحِ ِرهَانِ الانتقال الرقمي بالنسبة لصحافتنا الوطنية، والحيلولة دون استغلال الإمكانيات الكبرى التي تتيحها لنشر الأخبار المضللة والتشكيك في مصداقية المؤسسات أو المس بالأمن العام لبلادنا، أو التشهير والتشنيع بالآخرين. وينبغي على العكس من ذلكَ، الاستفادةُ من الفرص الهائلة التي تُتِيحُهَا التكنولوجيا الرقمية لنشر المعرفة وتمكين الرأي العام من الأخبار الصحيحة.

ويتعلق الرهان الثالث، باسترجاع الدور الاستراتيجي للإعلام الوطني في بناء الرأي العام الواعِي، المدرِك لقضايا بَلَدِه بما يُيَسِّرُ المشاركة في الشأن العام، اقتراعًا، وتحملاً للمسؤوليات، وتقييمًا للأداء العمومي، وفق ما يَكفُلُه الدستور. وفي علاقة بذلك، ينبغي أن نُثنِي على دورِ ومساهمةِ الإعلام الجادِّ والمسؤول والمواطِن في حماية الحريات والحقوق المكفولة في الدستور، وهي رسالة اضْطَلَعَ بها الإعلام الوطني، وساهمت في بناء التوازن في المجتمع وتقوية المؤسسات الديمقراطية.

إننا، في علاقةٍ بهذا الرهان، إِزاءَ مَهَامِّ التَنشئةِ الاجتماعية والتربية والتأطير، والتثقيفِ ونشرِ قِيَمِ الوطنية والانفتاح والمشاركة والاعتدال والمواطنة والايمان بالحق في الاختلاف، والحرية، ومعادلة الحقوق والواجبات.

أما الرهان الرابع، وهو آلْتِقَائِي، فيتعلقُ بالمصداقية والجدية في الممارسة الصحفية والإعلامية، في علاقتها بأخلاق المهنة وأدبياتها، وَبُنْذِ الضمير، وبالاستقلالية التحريرية ( علمًا بأنني لا أقصد بذلك الحياد)، وإعمال شعار ” الخبر مقدس والتعليق حر”، الذي كان جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه قد اختاره شعارًا لوكالة المغرب العربي للأنباء في 1959.

ويعني الرهان الخامس، سلطات الضبط Autorités de régulation السمعية البصرية والمكتوبة (الورقية والرقمية). ودون المس بحرية الرأي والتعبير، يتعين الانضباط لقرارات المؤسسات الموكولِ إليها ممارسةُ هذه السلطة وفقَ القانونِ والقرارات ذات الصلة. وإنَّني من المقتنعين بأن رصيدَ وممارسةَ وآلياتِ اشتغالِ الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ودورَها المُوَاكِبِ لتحرير الأَثِيرِ، وتنوع المشهد السمعي البصري، من قنوات تلفزية وإذاعات عمومية وخاصة، يُعتبر رصيدًا وممارسةً يمكن البناءُ عليها، والاقتداءُ بها لممارسةِ الضبط في حقل الإعلام المكتوب، الرقمي بالخصوص. وما من شكٍّ في أن المجلس الوطني للصحافة والهيئات المهنية الحاضرة معنا اليوم، تتوفر على التصميم والإرادةِ اللَّذينَ يُمَكِّنَانِها من التصدي للانحرافات المهنية وللاختلالات والممارسات التي تَنْتَهِكُ حقوق المجتمع والأشخاص والمؤسسات في سياقِ ممارسةِ التضليل والخلط والتشهير، وفي عدد من الحالات، الابتزاز السياسي.

وما من شَكٍّ، أيضا، في أن ممارسة الضبط سَيُسَاهمُ في تقويةِ وحمايةِ الممارسات الجادة، والمؤسسات الإعلامية الورقية والرقمية الرائدة، التي ينبغي أن نفخَر بإداء عدد كبير منها وبالمهنية التي تَتَّصِفُ بها وبدورها الاجتماعي والتوعوي ومساهمتها القَيِّمَةِ في إثراء النقاش العمومي وتحريكه.

ويتعلق الرهان السادس بالتكوين واستكمال التكوين، ودور مؤسسات التكوين في مهن الصحافة والاتصال والإعلام وتقنياتها، العمومية والخاصة. وبجانب التكوين الأساسي الذي ينبغي أن يكونَ شرطًا لولوج المهنة، يتعين تمكينُ المهنيين من التكوين المستمر في التحرير، والصورة، والفيديو، والراديو والرقميات، والمونتاج والكاريكاتِير. ويتَعين أن يكونَ التَّكوينُ في مجال قانون الصحافة والنشر، وأخلاقيات مهنة الصحافة، آلْتقائيا في منهاج التكوين إذ ينبغي أن يَتَوَازى الرفعُ من القدرات المهنية، بالتحلي بأخلاقيات المهنة.

السيدات والسادة،

ثَمَّةَإشكاليةٌ لا تقلُّ أهميةً عما سبق. ويتعلق الأمرُ بما يمكنُ أن نُسَمِّيهِ سوءَ الفهم بين السياسي والإعلامي / الصحفي. والحالُ أن سوءَ الفهمِ هذا، ليس بين حَقْلَيْنِ أو ممارستين متكاملتين، ولكن بين فاعلين أو بالأحرى بعضٌ من الفاعلين.

وتَجَاوزُ سوء الفهم هذا، هو واحدٌ من أهداف هذا اللقاء. فالسياسي مُطالبٌ بالانفتاح على وسائل الإعلام، وتوفير المعلومات والأخبار القابلة للاستعمال وللتحليل وللتعليق، والنشر المسبق والتلقائي للأخبار، وجعلِها مُتَيَّسِرَةَ الولوج لدى المصادر الموثوقة والمعروفة والمأذُونِ لها. وفي المقابل، ينبغي للفاعل الإعلامي أن يَثِقَ في ما تُصدِرهُ المؤسسات والفاعلون المؤساستيون والسياسيون من أخبار واستعمالها على النحو الذي يُفِيدُ المجتمع، ويَرفعُ من مستوى النقاش العمومي. وفي حالة مجلس النواب، الذي يعتبر مصدرا هاما للأخبار وفَضَاءً النقاشات العموميةً والتفاعل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويُنْتج وثائقَ هامة تصلُ في المعدل، (إذا اعتمدنا أرشيف المجلس المُرقمن)، حوالي 260 صفحة يوميا بين مداولات في الجلسات العامة وأشغال اللجان، وما يحتضنه المجلس من فعاليات ( مؤتمرات وأيام دراسية وندوات ومناظرات)، نعتقدُ أننا مصدرٌ يوميٌ غنيٌ للأخبار لا نبخل بجعلها رهن إشارة المستعملين. وعوض الأخبار المثيرة، أعتقد أن التحليل النقدي والاحترافي لأداء المؤسسات ومردوديتها وإنتاجاتها، هو مَا يُمْكن أن يفيدَ الرأي العام في تقديرِ وتقييمِ مردوديةِ المؤسسات، علمًا بأن بعض نَزَعَات مناهضةِ البرلمانات والديمقراطية لن تُسْعِفَ أبدا في تَقَدُّمِ المجتمعات.

السيدات والسادة،

يكتسي إعلامُ القرب أهميةً خاصة في السياق الراهن المتسم، في المغرب، بإِعمالِ ورشِ الجهوية الموسعةَ. ويفتح هذا السياق آفاقَ واسعةً أمام إعلامِ وصحافةِ القرب، الجهوية بالتحديد، مما يتطلب النهوضَ بمؤسساتٍ إعلاميةٍ جهوية، تواكبُ الديناميات الجهوية والمحلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، بالموازاة مع تشجيع الإعلام الجمعوي في سياقٍ يَكْفُلُ فيه دستورُ المملكة حقوقَ أساسية للمجتمع المدني من باب الديمقراطية التشاركية والمواطنة.

في هذا الصدد، ينبغي أن نُقَدِّرَ حجمَ التَّحولات الهيكلية والتقدم الهائل، والنهضة التي تتحقق بأقاليمنا الجنوبية. إنها قصة نجاح، وتصميمُ أمَّةٍ على ترسيخ حقوقها الترابية، تستحق المواكبة الإعلامية المتواصلة، من جانب إعلام وطني وجهوي محترف وقوي من حيث المحتوى ويتوفر على مواصفات مهنية.

وترتبط هذه القوة، في جزء منها، بالتَّمويل ومَصَادِره، وخاصة الإشهار والتَّوزيع، والتحفيز على القراءة واستهلاك الأخبار. وينبغي لنا كسلطتين تشريعية وتنفيذية وممثلين للمهنيين وهيئات ضبط أن نَنْكبَّ على إيجاد المخارج الناجعة واعتماد السياسات التي تكفَلُ تقويتَها واستدامتَها كمقاولة خاضعة للحكامة الجيدة. وينبغي في هذا الصدد، الحرصُ على ربطِ التَّمويل والوصول إلى موارد الإعلانات، بالمهنية واحترام شروطها واحترام قوانين تشغيل المهنيين.

السيدات والسادة،

في سياقٍ دولي مطبوع بعودة الأفضليات الوطنية، وازدهار الأنانيات، وخطابات الانطواء، يتعينُ العملُ معا على تحفيز الإعلام الوطني على الاشتغال على أساس منطق الأمة La Nation والانتماء الوطني، خاصة وأن حروب اليوم لا تشبه حروب الأمس، فَوَسَائِلُها متعددةٌ، والإعلام واحدٌ من هذه الأسلحة الجديدة.

لقد نجحنا في المغرب في ربح رهان الاستقرار وبناء المؤسسات وترسيخ الديمقراطية والتعددية، وحسمْنا الإشكاليات السياسية بفضل حَصَافَةِ وبُعْدِ نظر ملوك المغرب : جلالة المغفور له الملك محمد الخامس وجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراهما، وصاحب الجلالة الملك محمد السادس أطال الله في عمره. ومطروح علينا اليوم ترسيخُ تموقعنا قوةً ديمقراطية إقتصادية محورية صاعدة. ولست في حاجة إلى إعادة التأكيد على دور الإعلام في هذا البناء، وفي الدفاع عن مصالح المغرب الاستراتيجية والحيوية، وفي الرفع من مستوى النقاش العمومي. من أجل كل ذلك، أؤكد لكم استعدادنا الدائم في مجلس النواب للحوار، ولاعْتماد التشريعات التي من شأنها أن تسعفُ في تقوية الإعلام الوطني وإغنائه وتأطيره.

شكرا على إصغائكم.

1 39 - EUROMAGREB.COM

2 32 - EUROMAGREB.COM

3 29 - EUROMAGREB.COM

4 23 - EUROMAGREB.COM

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.