المدير برهون حسن 00212661078323
من الردة الحقوقية ’’الخطيرة‘‘ إلى الانكماش الاقتصادي والهشاشة الاجتماعية ’’الغير مسبوقة‘‘، مرورا بالتوتر السياسي مع شركاء المغرب التقليديين على خلفية قضية الصحراء، وتوثيق العلاقات مع’’الشركاء الجدد‘‘، وصولا إلى التألق الرياضي في المونديال. شهد المغرب أحداث مفصلية طبعت سنة 2022، وكانت لها أثارها على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمغرب.
توتر بين الرباط وباريس
منذ وصول ’’إيمانويل ماكرون‘‘ إلى قصر الإليزيه سنة 2017 عرفت العلاقات المغربية الفرنسية أكثر من توتر وتصعيد (الصحراء، الاقتصاد، التأشيرات …)، ففي 28 سبتمبر 2021 أعلنت الحكومة الفرنسية تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس؛ بدعوى “رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين غير نظاميين من مواطنيها”. وتفاقم التوتر بين فرنسا والمغرب بعد انقطاع تبادل الزيارات الدبلوماسية بين البلدين منذ تلك الفترة. وزاد من وتيرة التوتر، اتهام صحف فرنسية الرباط في يوليوز من سنة 2021، باختراق هواتف شخصيات فرنسية عبر برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” وهو ما نفته الحكومة المغربية بل ورفعت دعوة قضائية ضد الصحف الفرنسية التي انفردت ينشر تلك الأخبار، بتهمة التشهير.
لكن في خلفية هذا التوتر كانت هناك قضية الصحراء، وهو ما كشف عنه خطاب الملك محمد السادس الذي اعتبر أن ’’قضية الصحراء‘‘ تعتبر بمثابة المنظار الذي يقيم به المغرب علاقته مع شركائه سواء التقليديين أو الجدد، وكان الإشارة واضحة إلى أن المعني بالشريك التقليدي هي فرنسا، كونها تتبنى موقفا ضبابيا، حسب القراءة الرسمية المغربية.
تصعيد ’’غير مسبوق‘‘ بين الرباط والجزائر
أعلنت الجزائر قراراً أحادياً بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بعد مرور أقلّ من أسبوع على تصريح الرئاسة الجزائرية أنها تعتزم ’’إعادة النظر‘‘ في علاقاتها مع جارتها الشرقية. وعلى الرغم من امتداد العداء والمنافسة بين البلدين على مدار عقود إلا أن التوترات التي طالما شهدتها العلاقات الثنائية دخلت منعرجاً جديداً في ديسمبر 2020 عندما أعلن المغرب تطبيع علاقاته مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادته على الصحراء، ما أدى إلى تصعيد نسبة التوتر بين المغرب والجزائر التي قررت إغلاق سمائها أمام الطيران المدني والعسكري المغربي، صيف العام المنتهي، تلاه رفضها تجديد عقد خط الغاز المغاربي الأوروبي الذي كان يحمل الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب.
تمديد مهمة بعثة ’’المينورسو‘‘
في شهر أكتوبر الماضي قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية بعثة ’’المينورسو‘‘عاماً إضافياً، وذلك حتى 31 أكتوبر 2023، وصوّتت للتمديد 13 دولة (أميركا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، والنرويج، والغابون، وغانا، والإمارات العربية المتحدة، والهند، وألبانيا، وأيرلندا، والمكسيك، والبرازيل) وامتنع بلدان عن التصويت(كينيا وروسيا) فيما لم يعارض القرار2654 أي بلد.
تكثيف التطبيع المغربي الإسرائيلي
تسارعت وتيرة التقارب بين المغرب وإسرائيل منذ التطبيع الدبلوماسي الذي تمّ بينهما في 10 ديسمبر 2020، في إطار اتفاقات أبراهام التي أبرمت بين اسرائيل ودول عربية عدّة، بدعم من واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي السابق ’’دونالد ترامب‘‘. تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب شهد محطات كبرى ومختلفة اختلافاً جذرياً عن الدول العربية الأخرى المطبعة، حتى مع من تربطها حدود برية أو جوية بإسرائيل، بل انتقل من التطبيع إلى ’’التحالف‘‘ عن طريق التعاون الأمني والاستخباراتي والعسكري.
فمنذ “عودة العلاقات‘‘ بين الرباط وتل أبيب، وقعا الطرفين أكثر من 30 اتفاقية واتفاقًا ومذكرة تفاهم تشمل قطاعات تتراوح بين الأمن والاستخبارات إلى الزراعة وإدارة المياه والتعليم. وترى الرباط هذا التطبيع ’’مكسبا‘‘ يوفر لها بالإضافة إلى تنويع شركائها الدوليين، إمكانية الحصول على أسلحة متطورة وهو ما تأتى لها بعد توقيع مذكرات واتفاقيات في مجال التعاون الاستخباراتي والدفاع.
انكماش اقتصادي وهشاشة اجتماعية غير مسبوقة
سجل عام 2022 وضعا اجتماعيا واقتصاديا هشا، متسم بارتفاع التضخم الذي بلغ 8.3 في المئة مسجلا أعلى مستوى منذ 1995، مما أدى إلى تفاقم غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة في تاريخ المغرب، رغم كل الاحتجاجات والنداءات التي عبر عنها المواطنون في مجموع وقفات احتجاجية شهدتها عدة مدن وقرى مغربية.
ردة حقوقية ’’خطيرة‘‘
شهدت السنة المنتهية ما يمكن وصفه بـ “الردة الحقوقية الشاملة”، ضربت في الصميم الحق في التنظيم والتجمع وقمعت العديد من أشكال الاحتجاج والتظاهر السلمي، وضيقت على حرية الرأي والتعبير عبر استمرار اعتقال صحفيين ونشطاء في مواقع التواصل الرقمي ونشطاء الحركات الاجتماعية وكل الأصوات التي تنتقد توجهات السياسات الرسمية للدولة… وجاء الزج بالمحامي ووزير حقوق الإنسان السابق محمد زيان ليختزل بتركيز شديد هذه “الردة” التي ما تزال مستمرة .
الفرحة تأتي بها الكرة
بهدف نظيف على نظيره البرتغالي تمكن منتخب المغرب وفي إنجاز تاريخي هو الأول من نوعه عربيا وأفريقيا من التأهل للدور نصف النهائي من كأس العالم في دورته التي أقيمت في قطر، وهو ما شكل فرحة شعبية عارمة هزت امغرب، وأنست المغاربة مشاكلهم إلى حين وهم يودعون سنة ويستقبلون أخرى على أمل أن تكون مليئة بالأفراح التي طيلة شهر المونديال.